نقاشات وتحركات أوروبية متواصلة لمواجهة أزمة اليورو.. وتجدد الضغوط على اليونان

ترقب لقرار الدستورية الألمانية حول صندوق الإنقاذ.. ومدريد تنتظر شروط المساعدة

منطقة اليورو وعملتها الموحدة على المحك
TT

استمرت النقاشات داخل البرلمان الأوروبي، حول الاتحاد المصرفي الأوروبي ومواجهة الأزمة في منطقة اليورو، ومن المقرر أن تستأنف الأربعاء من خلال لجنة الشؤون النقدية والاقتصادية. وقبل ساعات من إعلان المفوضية الأوروبية عن مقترحات لتشريعات بشأن الاتحاد النقدي والمراقبة المالية، يلقي رئيس المفوضية اليوم الأربعاء خطاب حالة الاتحاد، أمام أعضاء المؤسسة التشريعية الأوروبية الذين يعقدون جلساتهم الأسبوع الحالي في ستراسبورغ، وهو خطاب سنوي يتناول آخر التطورات التي يشهدها الاتحاد الأوروبي، والجهود التي تقوم بها المفوضية بصفتها الجهاز التنفيذي للتكتل الموحد. وفي مدريد، أكد رئيس وزراء إسبانيا، ماريانو راخوي، أنه لم يتخذ حتى اللحظة قراره بشأن طلب حزمة إنقاذ مالية شاملة من الاتحاد الأوروبي بانتظار معرفة الشروط، التي سيفرضها البنك المركزي الأوروبي. وفي ألمانيا منذ السبت الماضي، يتظاهر المئات من الألمان أمام مقر المحكمة الدستورية الألمانية في مدينة كالشرو للتعبير عن رفضهم لصندوق الآلية الدائمة للاستقرار الأوروبي ولقرار البنك المركزي الأوروبي شراء سندات لدول تشهد أزمات مالية داخل منطقة اليورو. المحكمة الدستورية ستنظر اليوم الأربعاء في دستورية دعم الحكومة الألمانية لصندوق الآلية الدائمة للاستقرار الأوروبي. ورفضت المحكمة طلبا لتأجيل النظر في الملف، وفي لشبونة انتهت ترويكا الجهات الدائنة، المكونة من المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، من خامس فحوصاتها أمس الثلاثاء لبرنامج التقشف البرتغالي، وسط جدل كبير بخصوص التدابير الاقتصادية الأخيرة التي أعلنت عنها الحكومة. ومن المتوقع أن يعلن رئيس الوزراء البرتغالي بدرو باسوس كويليو بعد أربعة أيام عن «تضحيات» جديدة، وفقا لما قالته وسائل إعلام محلية، في إشارة إلى المزيد من إجراءات التقشف. ويتوقع المحللون أن تنتهي زيارة الترويكا التي استمرت نحو أسبوعين بنظرة إيجابية للتدابير والإصلاحات التي اتخذتها الحكومة، ذات الطابع المحافظ، وبينما يزداد التوتر الاجتماعي تفاقما في اليونان، تمارس الترويكا التي تمثل الجهات الدائنة لأثينا ضغوطا على الحكومة لحملها على إنجاز خطة جديدة نصف سنويةلخفض النفقات، تمهد الطريق لتعويم البلاد وإبقائها في منطقة اليورو. المحادثات التي جرت الاثنين بأثينا واستمرت لساعتين بين الممثلين الثلاثة للترويكا، وهم: الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي، وصندوق النقد الدولي، ووزير المالية اليوناني، يانيس ستورناراس حول خطة خفض النفقات الجديدة - فشلت في التوصل إلى توافق يرضي الطرفين.

زعيم حزب باسوك الاشتراكي، إيفانجيلوس فينيزيلوس، أعرب عن تحفظات قوية بشأن الإجراءات، التي تتضمن خفض المعاشات والرواتب، قائلا إنه كان يجب أن تطالب اليونان بوقت إضافي. واجتمع مسؤولون من الترويكا أمس الثلاثاء مع رئيس الوزراء اليوناني، أنطونيس ساماراس، بهدف وضع اللمسات الأخيرة على التدابير الرامية إلى توفير أكثر من 11 مليار يورو في عامي 2013 و2014، وهو ما تعهدت اليونان بتحقيقه مقابل عملية إنقاذها المالي، لكن حكومة الائتلاف، التي تشكلت في يونيو (حزيران) الماضي، تواجه صعوبة في بلوغ ذلك، بسبب حجم التضحيات المفروضة والتجاذبات بين أعضائها. وتصدرت التصريحات التي أدلى بها رئيس الحكومة الإسبانية ماريانو راخوي في أول مقابلة تلفزيونية يجريها منذ توليه مهام منصبه قبل أكثر من ثمانية أشهر، الصحف الإسبانية، بينما تباينت الآراء حول تقييمها. وذكرت صحيفة «الباييس» أن راخوي لم يأت بجديد خلال هذه المقابلة التي أجريت الليلة الماضية، بينما أبرزت بعض الصحف تأكيداته عدم المساس بالمعاشات. وتركز اهتمام الصحف الإسبانية على السؤال الخاص بإمكانية لجوء مدريد لطلب حزمة مساعدات من الاتحاد الأوروبي لإنقاذ اقتصادها، في ظل الزيادة المطردة في العجز الخاص بالموازنة بجانب ارتفاع معدلات البطالة. ولكن راخوي أكد أنه لم يتم التوصل لقرار حاسم في هذا الصدد، حيث يجري في الوقت الراهن دراسة الوضع لمعرفة ما إذا «كان من الأنسب لنا طلب المساعدة أم لا»، إلا أنه أوضح أن إسبانيا لن تطلب مساعدة من دون معرفة الشروط التي ينبغي لها تطبيقها في المقابل والتحقق من أنها تتناسب مع مواطني البلاد. وفي حالة طلب إسبانيا لمساعدات أوروبية، فإنها ستكون الثانية بعد تلك التي وافقت عليها بروكسل وكانت بقيمة 100 مليار يورو لإنقاذ القطاع المصرفي الإسباني المتضرر من أزمة الرهن العقاري. وفي هذا الصدد، قال راخوي إن البنك المركزي الأوروبي اتخذ قرارا بالغ الأهمية بموافقته على شراء ديون الدول المتعثرة من الأسواق الثانوية. وأشار راخوي في الوقت نفسه إلى أن الشروط التي يتم فرضها مقابل أي حزمة مساعدات تأتي من الاتحاد الأوروبي وليس من البنك المركزي، مؤكدا أنه لا يمكنه قبول فرض سياسات بعينها لخفض العجز في البلاد، ورفض الكشف عن الخطوط الحمراء التي لن يوافق على المساس بها في حالة طلب مساعدات من أوروبا، مبرزا ضرورة التحلي بالحكمة عند اتخاذ أي قرار. وعلى الرغم من ذلك، فإن رئيس الحكومة الإسبانية أكد أنه لن يتم المساس بالمعاشات «لأن أصحاب المعاشات بمثابة الناس العزل الذين يعانون صعوبة أكبر لعدم قدرتهم على البحث عن وظيفة جديدة». ويرى راخوي أن أهم شيء في الوقت الراهن هو الالتزام بهدف خفض العجز في الموازنة المحدد عند 6.3 في المائة خلال العام الحالي، مع استمرار خفضه ليصل إلى 2.8 في المائة في 2014. وعند سؤاله عن إمكانية إجراء تصويت على الثقة في حكومته حال تصديقها على حزمة إجراءات تقشفية جديدة لم ترد في برنامجه الانتخابي، صرح راخوي بأن هذا الأمر ليس له داع في الوقت الراهن، ودافع عن السياسات التي تطبقها حكومته. وأضاف أن حكومته اتخذت إجراءات لم تكن في الحسبان، وذلك بسبب الوضع الاقتصادي الراهن في البلاد. ومن المعروف أن راخوي اتخذ منذ توليه رئاسة حكومة إسبانيا بعد فوزه على الاشتراكيين في الانتخابات المبكرة التي أجريت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، سلسلة إجراءات تقشفية لخفض العجز في الموازنة، ويبرز من بين هذه الإجراءات زيادة ضريبة القيمة المضافة وخصم مكافآت أعياد الميلاد من موظفي الدولة، في الوقت الذي يتواصل فيه ارتفاع معدلات البطالة بشكل مطرد في البلاد، حيث وصلت إلى 25 في المائة من المواطنين، بينما تصل نسبتها بين الشباب إلى 50 في المائة. يأتي ذلك في الوقت الذي أعلن فيه الحزب الاشتراكي المعارض عن أن راخوي لم يوضح أي شيء خلال هذه المقابلة، مبينا أن ظهور رئيس حكومة على شاشة التلفزيون في وقت ذروة المشاهدة كان يقتضي قول شيء جديد وتوضيح سياسات الحكومة. وفي ألمانيا منذ السبت الماضي، يتظاهر المئات من الألمان أمام مقر المحكمة الدستورية الألمانية في مدينة كالشرو للتعبير عن رفضهم لصندوق الآلية الدائمة للاستقرار الأوروبي ولقرار البنك المركزي الأوروبي شراء سندات لدول تشهد أزمات مالية داخل منطقة اليورو. المحكمة الدستورية ستنظر الأربعاء في دستورية دعم الحكومة الألمانية لصندوق الآلية الدائمة للاستقرار الأوروبي. يأتي هذا مع تواصل الجدل داخل الائتلاف الحاكم بشأن مظلة الإنقاذ الأوروبي والميثاق المالي الأوروبيين. وفي السياق نفسه، أشارت استطلاعات للرأي أجراها «معهد يوجوف» إلى أن 45 في المائة من الألمان يريدون إجراء مراجعة قانونية لقرارات البرلمان الألماني (البوندستاغ) بشأن آليات إنقاذ منطقة اليورو التي تمثل بالنسبة للكثيرين خرقا للدستور وللسيادة المالية الألمانية. وفي روما، تراجع حجم الأنشطة الاقتصادية في إيطاليا في الربع الثاني من العام بنسبة 0.8 في المائة مقارنة بالربع الأول من العام الذي سجلت فيه نموا بنسبة 0.7 في المائة، كما سجلت الأنشطة الاقتصادية نسب نمو سنوية بلغت 2.6 في المائة بتراجع بلغ 0.1 في المائة مقارنة بالتوقعات الحكومية. ويعود هذا التراجع، وفق المعهد الإيطالي للإحصاء الذي نشر هذه المعطيات، إلى الصعوبات التي تواجهها الحكومة في التقليص في حجم الديون، حيث تمر إيطاليا بفترة ركود حادة منذ منتصف العام الماضي. وإذا ما جاءت النتائج إيجابية كما هو متوقع، فإن الترويكا ستسمح بتحرير جزء جديد من حزمة المساعدات البالغ قيمتها 78 مليار يورو، التي منحت للبرتغال في مايو (أيار) 2011. ويعتبر أكبر تحديات البرتغال هذا العام تنفيذ الالتزامات التي وقعت عليها لشبونة لتقليل العجز العام إلى 4.5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، وهو ما يعد أمرا صعبا، خاصة بعد تراجع الإيرادات الضريبية في يوليو (تموز) بنسبة 3.5 في المائة. هذا ومن المتوقع أن تصدر الترويكا تقريرها بحلول نهاية الشهر الحالي أو أوائل الشهر المقبل. وكان آلاف اليونانيين قد تظاهروا السبت في سالانيك، ثاني أكبر مدينة في اليونان، للاحتجاج على جولة جديدة من تخفيضات الأجور ومعاشات التقاعد طالب بها المقرضون الدوليون مقابل تقديم مساعدات مالية، لتجنب إفلاس البلاد.