السعودية: البيروقراطية تعرقل قطاعا حجمه 80 مليار دولار عن النمو

إلى جانب عوامل كبرنامج «نطاقات» وشح التمويل

أحد المشاريع في السعودية (تصوير: خالد الخميس)
TT

على الرغم من أن قطاع المقاولات والإنشاءات من القطاعات الرائدة، التي تنمو بنمو الميزانية في السعودية والتي شهدت نقلة كبيرة في العامين الأخيرين، من خلال ضخ المليارات من الدولارات في سبيل التنمية العمرانية، وتنفيذ الدولة لمشاريع البنى التحتية، مع تقديرات خبير عقاري بأن حجم هذا القطاع يتجاوز حاجز الـ80 مليار دولار (300 مليار ريال)، قابل للزيادة أضعافا مضاعفة، إلا أنه يواجه معضلات وتحديات جسيمة، أحجمت مساهمته المطلوبة في الاقتصاد الوطني.

وفي حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»: أوضح الدكتور عبد الله المغلوث، مقاول ورئيس مكتب «الدكتور للدراسات»، أن التحديات التي تواجه هذا القطاع، تكاد تقعده عن حضوره الفعلي، مبينا أن أبرزها تنامي البيروقراطية في الدوائر الحكومية بشكل مزعج، بجانب شح التمويل والذي سبب تعثرا كبيرا في تنفيذ بعض مشاريع الشركات العاملة في هذا المجال، بسبب عزوف البنوك التجارية عن تقديم التمويل والتسهيلات اللازمين، ورهنه بشرط تعجيزية.

ولفت إلى أن بعض المقاولين يتعرضون إلى مضايقات، تتمثل في تأخير بعض المستخلصات عند صرف الرواتب والذي يترتب عليه توقف الأيدي العاملة عن العمل، ما يتسبب بشكل مباشر في توقف أعمالهم ويعطل شركاتهم ومشاريعهم، فضلا عن تعثرهم عند شراء المعدات ومواد البناء والتي تتطلب تمويلا مريحا من البنوك، في ظل عدم وجود ميزانيات وتنظيم هيكلي للشركات.

وتابع المغلوث: أنه لا توجد مرجعية للمقاولين يمكن التخاطب معها لتشخيص مشكلات الشركات ومن ثم المساهمة في معالجتها، وليست هناك قائمة واضحة تميز القائمة السوداء والتي تعني المتعثرين والفاشلين، عن القائمة البيضاء، ناهيك عن عدم وجود مركز معلومات متخصص، يمكن من لدى الجهات الرسمية والبنوك، يمكن الرجوع إليها لمعرفة قوة ومتانة وضع الشركات، ما أزم مشكلات المقاولين بشكل واضح.

وزاد بأن هناك مشكلات تتعلق بآلية الحصول على التأشيرات من مكتب العمل، بسبب قرار «نطاقات» الذي يسعى للسعودة، والذي يعتقد أنه ظلم المقاولين وسبب لهم تحديا جديدا، ذلك أن هذا القطاع لا يوجد فيه سعوديون يمتهنون فيه، ما يعني أن قرار الوزارة عطل هذا القطاع أكثر من أن يسهم في إنعاشه.

ويرى المغلوث أنه لا مناص للمقاولين وشركات الإنشاءات من حلول في الوقت الراهن غير أن يتبعوا سياسة الاندماج، وذلك بأن تتجه كل أربع أو خمس شركات على الأقل للاندماج لزيادة رأسمالها، لتصبح شركات عملاقة وتتحمل أوزار وزارة العمل، مقترحا بأن لا يقل رأس المال العامل في هذه الحالة عن محصلة المجموعة المندمجة الواحدة عن 533 مليون دولار إلى 800 مليون دولار (2 إلى 3 مليارات ريال)، حينها يمكن أن تكون مسألة توطين الوظائف وفق وزارة العمل أمر يمكن تحمله وذلك بأن يطبق القرار دون الحاجة لعمل السعوديين حال توظيفهم.

ويعتقد أن هناك ضرورة ملحة لأن تتجه الدولة لزيادة دعمها لهذا القطاع، والعمل على زيادة وتوسيع قطاعات تدريب وتأهيل الشباب السعودي مع زيادة الدعم لهذا القطاع، وإلى ذلك الحين يعتقد المغلوث، أن على الوزارة العدول عن قرار السعودية الخاص بهذا القطاع تحديدا، مع أهمية انفتاح البنوك على المقاولين والشركات التي تعمل في هذا المجال مع ضرورة تبادل الثقة في هذه الأطراف لتجاوز جميع التحديات المذكورة آنفا.

من ناحية أخرى، ينطلق الأحد المقبل مؤتمر «قمة المشاريع الكبرى في السعودية» والذي تنظمه «ميد إيفينتس» بمشاركة عشرات الشركات الدولية والمحلية المختصة في مشاريع البنية التحتية، ويستمر الملتقى ثلاثة أيام بدءا من 16 سبتمبر (أيلول) الحالي، ويسلط الأضواء بشكل مكثف، على مشاريع البنية الأساسية في كثير من القطاعات في السعودية، وذلك بهدف إطلاع المشاركين على أكبر سوق للمشاريع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ووفقا لتوقعات «ميد» فإن عقودا تبلغ قيمتها أكثر من 80 مليار دولار في السعودية ستمنح خلال عام 2013، مشكلة زيادة قدرها 36 في المائة، ما كان عليه عام 2011، و10 في المائة بالمقارنة مع المشاريع المرصودة خلال 2012. وتركز قمة المشاريع العملاقة السعودية، على تطوير المشاريع الكبرى في السعودية، التي تعتبر أكبر قطاع للإنشاءات في المنطقة؛ حيث يتم التركيز على دراسة أهم القطاعات، التي تدفع بالنشاط التنموي، خاصة مشاريع البنية التحتية التي تعمل في قطاع النقل، مثل الطرق والسكة الحديد والطيران، ومشاريع البنية الأساسية الاجتماعية مثل التعليم والعناية الصحية ومشاريع بنية المنافع، مثل الطاقة والمياه، والتحلية والمشاريع القابلة للتجديد والعناية بالنفايات.

وتركز أنشطة المؤتمر خلال اليوم الأول على السكة الحديد في السعودية أما اليومان الآخران؛ حيث يكون التركيز في هذه الحالة على مداولات المؤتمر الذي يتطابق مع الأسبوع العالمي للبيت الأخضر الذي يوافق الفترة من 17 إلى 24 من سبتمبر الحالي. ومن المقرر أن يخصص اليوم الأول من الملتقى للسكة الحديد، ويتم خلاله تقديم رؤية عميقة لهذا القطاع في المملكة والفرص المتاحة في هذا المجال للمقاولين الأجانب والمحليين بالإضافة إلى المستشارين والمتخصصين في خدمات السكة الحديد.

ويؤكد فيصل الفضل مؤسس مجلس البيت الأخضر السعودي ورئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر أهمية الجهود العالمية في تحول صناعة البناء ومشاريعها الكبرى إلى مشاريع صديقة للبيئة، مشيرا إلى أن أهمية الملتقى، تكمن في تسليط الأضواء على الدور الأساسي للبناء، في المحافظة على المصادر وتوفير المال وخلق فرص وظيفية، وفى الوقت نفسه توفر أماكن صحية للعيش والعمل.

ويشير أدموند أوسولييفان رئيس «ميد إيفينت» إلى أن المؤتمر يمثل فرصة لإضافة خطوة أخرى نوعية لرفع مستوى التوعية فيما يختص بكفاءة البنية الأساسية للطاقة عن طريق تلقي المعرفة التي تتعلق بذلك. ويضيف أن الدعم لأسبوع البيت الأخضر العالمي هو على درجة عالية من الأهمية لأنه سيعزز نتائج المؤتمر من خلال الربط بين المشاريع الكبرى مع البيت الأخضر أو تكنولوجيا البنى التحتية للطاقة ذات الكفاءة العالية.