مصر: نجاح طرح أول سندات حكومية متغيرة العائد.. والطلبات فاقت قيمتها بـ2.5 مرة

البنوك تسحب 3.3 مليار دولار من أرصدتها المستثمرة في الخارج

TT

قالت وزارة المالية المصرية أمس إنها نجحت في طرح أول سندات حكومية ذات عائد متغير بقيمة مليار جنيه (164 مليون دولار)، وأشارت إلى أنها تلقت عروضا بقيمة 2.5 مليار جنيه لتغطية تلك السندات، أي أعلى من ضعف قيمتها.

ويأتي هذا الطرح في الوقت الذي تبحث فيه الحكومة المصرية عن سبل لتقليص الفائدة التي تقترض بها من السوق المحلية، فبلغ متوسط العائد على سندات الخزانة التي طرحتها الحكومة لأجل 10 سنوات أول من أمس نحو 16.3 في المائة، في حين بلغ متوسط العائد على أذون الخزانة لأجل 91 يوما نحو 13.7 في المائة.

وقال محللون إن هذه الخطوة من جانب الحكومة للاستفادة من مواصلة تراجع العائد على السندات وأذون الخزانة، وتسمح للمستثمرين بتخفيض مخاطر أسعار الفائدة إلى الحد الأدنى.

وقالت وزارة المالية أمس، إن هذا الطرح يأتي استجابة لطلبات الكثير من شرائح المستثمرين، والتي تحجم عادة عن الاستثمار في أدوات الدين ذات الدخل الثابت، كما ستتيح للبنوك لتنويع أدوات الإقراض للتوفيق بين الأصول والالتزامات بمحافظها المالية.

وقال الوزارة إن إصدار تلك السندات والتي بلغت قيمتها مليار جنيه يعد تمهيدا لقيام الدولة بإصدار صكوك التمويل الإسلامية، وإن وزارة المالية تعتزم إصدار آجال مختلفة من أدوات الدين متغيرة العائد لخلق سلسلة من الإصدارات لتفعيل أدوات الدين العام بمراعاة أن تكون تكلفة خدمة هذا الدين دائما تحت النظر حرصا على تخفيض أعباء الموازنة العامة للدولة، ولم تحدد وزارة المالية المعايير التي يتم على أساسها تغيير سعر الفائدة على السندات متغيرة العائد.

وعلى صعيد متصل، تواصل البنوك المصرية سحب أرصدتها المستثمرة في الخارج بحسب ما أظهره التقرير السنوي للبنك المركزي المصري، حيث استردت البنوك 20 مليار جنيه (3.3 مليار دولار) من أرصدتها المستثمرة في الخارج خلال العام المالي 2011/ 2012، فيما يعد السحب الأكبر لها طوال السنوات الماضية، ليصل إجمالي أرصدتها المستثمرة في الخارج إلى 75.905 مليار جنيه (12.5 مليار دولار) في يونيو (حزيران) الماضي.

واعتبر الخبير المصرفي محمد النادي أن سحب البنوك لجزء من أرصدتها قرار سليم وتأخر كثيرا، وذلك لحاجة السوق المحلية إلى تلك الأموال في الوقت الحالي وعدم جدوى استثمارها في الخارج، بسب تدني معدل التوظيف والتقلبات الاقتصادية التي تشهدها معظم الأسواق الدولية. وطالب النادي برفع معدل توظيف الودائع إلى الإقراض في مصر، الذي وصل بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني) إلى حالة الانكماش في بعض الشهور، وذلك لامتصاص تلك الأموال التي كانت تستثمر في الخارج على الرغم من التدني الكبير لأسعار الفائدة هناك، مؤكدا أن «تخوف البنوك الأجنبية والعربية من الأوضاع بمصر تجعلها تزيد من إيداعاتها في الخارج».

في السياق ذاته، قال أحمد سليم، الخبير المصرفي، إن التحوط من تقلبات أوضاع السوق المحلية كان الدافع الأساسي لزيادة الأرصدة في الخارج، لكن مع تزايد مشكلات الأسواق الخارجية، وارتفاع الفائدة على السندات الحكومية، اعتبرت البنوك المصرية أن توظيف أموالها داخليا أفضل، معتبرا أن وضع النقد الأجنبي في مصر ما زال في حدود آمنة، والبنوك قادرة على تنفيذ عمليات فتح اعتمادات للمستوردين رغم فقدان الاحتياطي ما يزيد على 22 مليار دولار. ووسط مؤشرات تؤكد على التعافي من خلال التسهيلات المقدمة من بعض الدول مثل السعودية وقطر وتركيا.

كان البنك المركزي المصري قد أدخل ضوابط تتعلق بالتوظيف الخارجي لأموال البنوك، وتصنيف المخاطر بحسب الدول ووضعها الاقتصادي، بعد الصعوبات التي واجهت الاستثمار في مناطق كثيرة من العالم بعد الأزمة المالية في 2008 التي ضربت الأسواق الأميركية، وما تبعتها من أزمات في منطقة اليورو.

ولا يستبعد مصدر مصرفي رفيع المستوي أن تكون البنوك الحكومية الأكبر في السوق قررت خفض استثماراتها في الخارج بقرار حكومي، وسط الحاجة الشديدة إلى سيولة داخلية في ظل المشكلات التي تبعت ثورة 25 يناير. وهو ما جعل البنك المركزي يخفض الاحتياطي القانوني للبنوك من 14 إلى 10 في المائة.

وتحتاج البنوك حسب نفس المصدر، إلى سيولة داخلية تقوي من مراكزها المالية في ظل مخاطر السوق والأوضاع السياسية المحلية، بالإضافة إلى حاجتها إلى أموال تساعدها في تطبيق معايير بازل 2 التي دخلت حيز التنفيذ في شهر مارس (آذار) الماضي، وهو ما يجعلها تسحب من أرصدتها في الخارج.