المصانع الوطنية تعرقل قرار السماح للشركات الأجنبية بالمنافسة على المناقصات الحكومية في السعودية

تسببت في انقسام آراء مسؤولي وزارة التجارة والصناعة في البلاد

السعودية التزمت لمنظمة التجارة العالمية بدراسة فتح المناقصات الحكومية أمام الشركات الأجنبية من مشاريع مختلفة («الشرق الأوسط»)
TT

عرقلت المصانع الوطنية في السوق السعودية مشروع وزارة التجارة والصناعة في البلاد، المتعلق بالسماح للشركات الأجنبية بالدخول كمنافس جديد على المناقصات والعقود الحكومية خلال الفترة المقبلة، وفقا لالتزام المملكة باتفاقية المشتريات الحكومية تجاه البلدان الأعضاء في منظمة التجارة العالمية.

وتسببت المصانع الوطنية في انقسام جديد في آراء مسؤولي وزارة التجارة والصناعة السعودية، حول مدى جدوى الموافقة على توصية منظمة التجارة العالمية المتعلقة بفتح المناقصات والعقود الحكومية أمام الشركات الأجنبية، حيث يرى القسم الأول أنه من الأفضل دعم المصانع الوطنية وعدم السماح للشركات الأجنبية بالدخول كمنافس لها، فيما يرى القسم الثاني أنه من الأجدى الالتزام التام بأنظمة منظمة التجارة العالمية، وزيادة حدة المنافسة بين الشركات الأجنبية والسعودية.

وفي ظل هذه المستجدات، أكد مصدر مطلع في وزارة «التجارة والصناعة السعودية» لـ«الشرق الأوسط» أمس أن بلاده لم تلتزم أمام منظمة التجارة العالمية بفتح المناقصات والعقود الحكومية أمام الشركات الأجنبية، وقال «السعودية التزمت بعملية دراسة هذا النظام، ولم تتعهد بتطبيقه». وأشار المصدر ذاته (طلب عدم كشف اسمه) إلى أن الانقسام الحالي حول مدى السماح للشركات الأجنبية بالدخول كمنافس جديد على المناقصات والعقود الحكومية من عدمه بلغ مرحلة متقدمة، مضيفا خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أمس «الانقسام في الآراء ما زال يعرقل من تطبيق النظام، لكنني أعتقد أنه من الأفضل التروي قبل الإعلان عن الالتزام بقانون منظمة التجارة العالمية المتعلق بفتح المناقصات والعقود الحكومية أمام الشركات الأجنبية من عدمه».

وأمام هذه التطورات، أبدى مسؤول رفيع المستوى في إحدى الشركات السعودية قلقه من إمكانية السماح للشركات الأجنبية بالمنافسة على المناقصات الحكومية، وقال «الصناعات الوطنية تحتاج للدعم، ولسنا بحاجة إلى تجربة دخول شركات أجنبية للمنافسة، كما حدث في قطاع المقاولات خلال السنوات القليلة الماضية».

يشار إلى أن مسؤولا رفيع المستوى في وزارة التجارة والصناعة السعودية كان قد كشف أن بلاده تعتزم جذب رؤوس أموال أجنبية للمنافسة على العقود والمناقصات الحكومية، مشيرا إلى أن هذا الأمر يأتي من باب التزام المملكة باتفاقية المشتريات الحكومية تجاه البلدان الأعضاء في منظمة التجارة العالمية. وأوضح الدكتور بدر البصيص، مستشار قوانين التجارة الدولية والملكية الفكرية في وزارة التجارة والصناعة السعودية، لـ«الشرق الأوسط» قبل نحو 4 أشهر، أن التزام المملكة بنظام المشتريات الحكومية سيقودها إلى تغيير أنظمة وقوانين النظام الحالي، بما يتوافق مع الأنظمة العالمية المتفق عليها.

وقال الدكتور البصيص «نعتزم أيضا جذب رؤوس أموال أجنبية بفتح المجال أمامها للمنافسة على المناقصات والعقود الحكومية»، مشيرا إلى أن هذا الأمر يأتي كنتيجة طبيعية لالتزام المملكة باتفاقية المشتريات الحكومية تجاه البلدان الأعضاء في منظمة التجارة العالمية.

يشار إلى أن الدكتور توفيق بن فوزان الربيعة، وزير التجارة والصناعة السعودي، كان قد أكد أن بلاده إحدى الدول الأساسية في منظمة التجارة العالمية. وقال عقب افتتاحه الندوة الوطنية للتعريف باتفاقية التجارة في الخدمات بالعاصمة الرياض الأسبوع الماضي «تم تقديم أول مراجعة لدخول المملكة في منظمة التجارة العالمية قبل 6 أشهر، وكانت هذه الخطوة ناجحة بكل المقاييس». وفي كلمته الافتتاحية قال الدكتور الربيعة «السعودية حريصة كل الحرص على الوفاء بالتزامها تجاه منظمة التجارة العالمية والدول الأعضاء، إيمانا منها بأهمية العمل والتعاون المشترك، ورغبة منها في تعظيم مكاسب الانضمام بما يحقق مزيدا من التنمية ويدعم متانة الاقتصاد الوطني»، مبينا أن اتفاقية التجارة في الخدمات تعد إحدى أهم اتفاقيات منظمة التجارة العالمية، نظرا لأن قطاع التجارة في الخدمات يقوم بدور مهم وحيوي في عملية التنمية الاقتصادية، وذلك لإسهامه المباشر في الإنتاج وموازين المدفوعات في العالم بأكمله. وبين وزير التجارة السعودي أن أهمية تجارة الخدمات في الاقتصادات الوطنية لا يمكن قياسها من خلال المؤشرات الكمية، مضيفا «الأهمية الأساسية للخدمات تنبع من صلتها المشتركة مع القطاعات الاقتصادية الأخرى، ومن أثرها على المنافسة الدولية، وكذلك من ارتباطها المتزايد بالتقدم التكنولوجي، وبالتالي لا بد من فهم عميق لطبيعة الاتفاقية وهيكلها وجوانبها الفنية لتعظيم الاستفادة منها ولدعم النظام التجاري متعدد الأطراف». وأكد الدكتور الربيعة أن السعودية تعد من الدول القليلة الرائدة التي قدمت التزامات كثيرة في عدة قطاعات خدمية فرعية مختلفة، وقال في هذا الجانب «قدمت السعودية التزامات في 120 قطاعا خدميا فرعيا من إجمالي 160 قطاعا فرعيا حسب التصنيف المركزي للمنتجات المعد من قبل الأمم المتحدة والمعتمد العمل به في إطار اتفاقية التجارة في الخدمات، لنظرة المملكة الحاضرة والمستقبلية لأهمية تحرير التجارة في الخدمات، حيث إنها تقوم بدور المحرك الرئيسي للتجارة البينية بين الدول».