جوزيف طربية: قانون جبي الضرائب من إيداعات مواطني أميركا سيطال جميع المصارف العالمية

قال إن عدم التعاون سيكلف المؤسسات المالية اقتطاع 30 % من تحويلاتها في الولايات المتحدة

TT

تتسارع التحركات المصرفية العربية الهادفة إلى اعتماد أفضل القنوات القانونية، التي تحمي خصوصيات البنك والمودعين وإدارة الأموال والاستثمارات، مع التزام مطلب وزارة الخزانة الأميركية الخاص بتحصيل الضرائب من المودعين الأميركيين خارج بلادهم، الذي يفترض البدء بتطبيق حيثياته خلال العام 2013 المقبل على أن تبدأ عمليات التحصيل الفعلي في العام 2014.

ويؤكد مسؤولون مصرفيون لـ«الشرق الأوسط»، أن خيار الالتزام الطوعي والتعاقدي مع الإدارة الأميركية المعنية لم يعد موضع جدل أو نقاش، بعدما تأكد أن هذا الاستحقاق يطال كل المؤسسات المالية حول العالم. فيما يقود اعتماد خيار الرفض أو التملص إلى أزمة حقيقية جراء التعرض لعقوبة تقضي باقتطاع 30 في المائة من إجمالي عملياته عبر السوق الأميركية، والأسوأ إمكانية تعرض البنك الرافض لتضييق منهجي يفضي إلى خروجه من النظام المالي العالمي.

ويلفت مسؤول مالي فضل عدم الكشف عن اسمه إلى «أن المناقشات مع مسؤولين في الإدارة المالية الأميركية أظهرت جدية مطلقة في تطبيق القانون الضريبي الذي يطلق عليه اختصارا FATCA في المواعيد المحددة، وثمة رفض لعلاقة تعاقدية تتولاها البنوك المركزية أو وزارات المال في كل بلد نيابة عن المؤسسات والشركات المالية والاستثمارية المعنية. فهم يعتبرون أن العقود الإفرادية المباشرة هي الصيغة الأنسب للتطبيق والمراقبة وبالتالي المحاسبة والتغريم في حال المخالفة».

وأكد رئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب، الدكتور جوزيف طربية، أن«هذا القانون يحتمل وجهين: الأول، توقيع اتفاق بين المصرف ومصلحة الضرائب الأميركية (IRS) التابعة لوزارة الخزانة، يصرح بموجبها المصرف عن عملائه حاملي الجنسية الأميركية وحساباتهم لتقوم الإدارة الضريبية باقتطاع المبلغ المترتب على هؤلاء وفق القانون. أما الوجه الثاني، فيتمثل في حال عدم التعاون، إذ يسمح القانون لمصلحة الضرائب الأميركية باقتطاع 30 في المائة من التحويلات الجارية بواسطة المصارف الأميركية من حسابات المصرف الذي لا يلتزم بالتصريح عن عميله حامل الجنسية وفق لوائح الخزانة الأميركية».

وحث المؤسسات المالية العربية على المبادرة لدراسة هذا التشريع الأميركي بأسرع وقت، «لأن تنفيذه قد يتطلب بعض التعديلات التشريعية والتنظيمية، مع الأخذ بعين الاعتبار أهمية إجراء التعديلات اللازمة على نظام (اعرف عميلك) لتتناسب مع متطلبات القانون. ووضعنا، كاتحاد، خارطة طريق تساند المصارف العربية في التعامل مع هذا القانون، حفاظا على مصالح المصارف في علاقتها مع النظام المصرفي الأميركي الذي هو ممر رئيسي للتحويلات والعمليات المالية التي تجري في السوق الدولية».

وأشار طربية، أمام مسؤولين مصرفيين من دول عربية يشاركون في ورشة عمل خاصة تستضيفها بيروت حول القانون ومقتضياته، «يبرز في هذا المجال مخاطر عدة، من بينها قصر المدة الزمنية المتاحة أمام المصارف لتحضير معلوماتها بشأن عملائها الأميركيين، ومدى جهوزية البنية المعلوماتية لهذه البنوك العربية لجهة إنشاء دوائر جديدة، وبرامج معلوماتية جديدة خاصة بآليات هذا القانون تقنيا وقانونيا، ومدى تأمين التمويل اللازم لدعم تحديث أو حتى إنشاء هذه الدوائر، بالإضافة إلى توفر الخبراء والمختصين في هذا المجال».

وكشف أن هذا القانون «يلزم المصارف الأجنبية إضافة إلى المؤسسات المالية الأخرى مثل شركات الضمان وصناديق الائتمان ومؤسسات الصرافة وصناديق الاستثمار، بالتصريح عن أي عملاء لهم علاقة بالولايات المتحدة ويخضعون للضرائب الأميركية وتزيد أرصدة حساباتهم عن 50 ألف دولار للأفراد ومبلغ 250 ألف دولار للشركات، كما يلزمها بالإبلاغ عن مساهمات المكلفين، التي تزيد على 10 في المائة من رأسمال الشركة الأجنبية. وانطلاقا من هذه الآلية، ستقوم المؤسسات المالية في البلدان الأجنبية بالتوقيع على اتفاقيات خاصة تقدم بموجبها معلومات سنوية عن الحسابات المالية لعملائها الأميركيين أو الحسابات الخاصة بالشركات التي يمتلك المكلف الأميركي جزءا من أسهمها وذلك لمصلحة الضرائب الأميركية (IRS)، حيث ستعمل وزارة الخزانة الأميركية ومصلحة الضرائب عن كثب مع الشركات والحكومات الأجنبية لتنفيذ هذا القانون».

وفي شأن المواعيد والمهل، أوضح طربية، أن «السلطات التشريعية الأميركية أصدرت في عام 2010، قانون الامتثال الضريبي على حسابات الأميركيين الخارجية (FATCA)، الذي سيدخل حيز التنفيذ عام 2013 تمهيدا لبدء التحصيل الفعلي للضرائب مطلع عام 2014، ويخول هذا القانون السلطات الضريبية الأميركية والمتمثلة في مصلحة الضرائب (IRS) ملاحقة المكلفين خارج حدود الدولة، باستخدام النظام المصرفي العالمي وغيره من الكيانات التجارية للقيام بدور المتابع والمحصل للضرائب من حسابات الأميركيين خارج الولايات المتحدة أسوة بحسابات المواطنين والمقيمين داخل الدولة».

وأما الفئة المستهدفة بالقانون فهي المواطن الأميركي حامل الجنسية أو من لديه إقامة قانونية (Green Card) أو إقامة واقعية في الولايات المتحدة الأميركية، وغير ذلك من الأشخاص الذين لهم صلة بصورة أو بأخرى مع الولايات المتحدة ويخضعون نتيجة لذلك للضريبة الأميركية بفعل احتفاظهم بحسابات مالية مفتوحة في الخارج لدى مؤسسات مالية أجنبية من مصارف وغيرها. كما يستهدف هذا القانون أيضا الكيانات التجارية الأجنبية من شركات وغيرها، والتي يكون لأميركيين مساهمات فيها تتجاوز نسبة معينة من رأسمالها، مما يوجب على المصارف والمؤسسات المالية الأجنبية التعاطي مع هذه الكيانات باعتبارها خاضعة للضريبة في الولايات المتحدة الأميركية، وخاضعة لموجب التصريح عن أصولها ومداخيلها «أيا كان نوعها».