تململ في منطقة اليورو.. وفنلندا لا تريد تحمل أخطاء الآخرين

بينما تدافع مدريد «المتعثرة» عن خططها الاقتصادية.. سلوفاكيا تتوقع تغير شكل المنطقة

منطقة اليورو وعملتها الموحدة على المحك
TT

أكد رئيس الوزراء الفنلندي، جيركي كاتينين، أنه رغم أن بلاده لا ترغب في دفع ثمن «أخطاء الآخرين»، فإنها مستعدة لتقديم مساعدة للدول المتعثرة ولكن بشروط. من جهته، جدد رئيس وزراء سلوفاكيا، روبرت فيكو، الإعراب عن مخاوفه حول إمكانية بقاء منطقة اليورو بتشكيلتها الحالية، ورأى أنه «من الواضح أن دولة واحدة أو أكثر سوف تضطر إلى الخروج من مجموعة (الدول السبعة عشر) العملة الأوروبية الموحدة» نظرا لأزمة الديون السيادية، بينما المفوضية الأوروبية تقف على أهبة الاستعداد في حال طلبت مدريد حزمة إنقاذ مالي، حيث إن الاقتصاد الإسباني يخضع لضغوط قوية في السوق، وذلك في وقت سجلت فيه معدلات البطالة في منطقة اليورو أرقاما قياسية خلال شهر أغسطس (آب) لتبلغ أكثر من 18 مليون عاطل عن العمل؛ أي 11.4% من القوة العاملة، بحسب ما أفاد به تقرير وكالة الإحصاء الأوروبية الصادر هذا الاثنين. وقد سجلت إسبانيا أكبر نسبة للبطالة في أوروبا 25.1%. وبالتزامن مع ذلك، شهدت بلجيكا اضطرابا شديدا في حركة النقل، سواء بالنسبة لوسائل النقل الداخلية أو على الطرق السريعة، بسبب الازدحام الشديد الذي تسبب فيه إضراب، توقفت فيه قطارات السكك الحديدية عن العمل منذ العاشرة مساء الثلاثاء وحتى مساء الأربعاء.

من جانبه، أكد رئيس الوزراء الفنلندي، جيركي كاتينين، أنه رغم أن بلاده لا ترغب في دفع ثمن «أخطاء الآخرين»، فإنها مستعدة لتقديم مساعدة للدول المتعثرة ولكن بشروط، وقال رئيس الوزراء الفنلندي المحافظ في مقابلة مع صحيفة «لو فيغارو» الفرنسية: «نرغب في المساعدة حال وجود ضرورة ملحة، ولكن لا يوجد سبب لمطالبة مصرف في حالة جيدة بتمويل آخر متعثر، أو مطالبة دولة بدفع ثمن أخطاء جيرانها».

وشدد على أن فنلندا تطالب منذ الموافقة على حزمة المساعدات الثانية لليونان بضمانات محددة لـ«الحد من المخاطر»، مبينا أن بلاده دائما ما انتقدت أداء أوروبا تحت معايير اقتصادية لا تشمل «التشكك حيال الاتحاد الأوروبي». وأشار كاتينين إلى أنه لا يعتقد أن إسبانيا ستطلب برنامج إنقاذ كامل، لأنها ترغب في استمرارها في الأسواق، مؤكدا أن باقي الشركاء الأوروبيين ينبغي أن يدعموها في ذلك. وصرح: «بخصوص إسبانيا، أشعر بأنني أكثر تفاؤلا عما كنت عليه قبل شهر. لقد قامت بكثير من الإصلاحات، وستكون أكثر تنافسية، كما أن إجراءاتها التقشفية معقولة». واعتبر أن التكهن بشأن طلب المساعدة سيزيد الوضع سوءا، ولكنه أكد أن «أوروبا ينبغي أن تكون مستعدة إذا احتاجت إسبانيا»، وفي هذه الحالة، ينبغي أن تدرس أوروبا الأمر «بعناية»، كما أن فنلندا ستطرح بعض الشروط، على حد قول كاتينين. وأكد رئيس الوزراء الفنلندي، الذي اجتمع مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاندا، اعتقاده أن أوروبا باتت «أقرب لحل أزمة منطقة اليورو». على النقيض من هذه النظرة التفاؤلية، جدد رئيس وزراء سلوفاكيا، روبرت فيكو، الإعراب عن مخاوفه حول إمكانية بقاء منطقة اليورو بتشكيلتها الحالية، ورأى أنه «من الواضح أن دولة واحدة أو أكثر سوف تضطر إلى الخروج من مجموعة (الدول السبعة عشر) العملة الأوروبية الموحدة» نظرا لأزمة الديون السيادية، وأضاف في تصريحات تناقلتها وسائل إعلام أوروبية: «أعتقد أنه سوف يأتي الوقت الذي لن تتمكن خلاله بعض الدول من الحفاظ على وتيرة استقرار المالية العامة الوطنية والوفاء بالتزاماتها»، وأردف رئيس حكومة سلوفاكيا، الدولة العضو في منطقة اليورو منذ مطلع عام 2009: «ربما لن تبقى في منطقة اليورو دولة أو دولتان»، مشيرا إلى أن اليونان - الدولة المرشحة للخروج من المجموعة، ويأتي ذلك بينما سجلت معدلات البطالة في منطقة اليورو أرقاما قياسية خلال شهر أغسطس لتبلغ أكثر من 18 مليون عاطل عن العمل؛ أي 11.4% من القوة العاملة، بحسب ما أفاد به تقرير وكالة الإحصاء الأوروبية الصادر ببروكسل. وقد سجلت إسبانيا أكبر نسبة للبطالة في أوروبا بـ25.1%، بينما سجلت البرتغال نسبة بطالة بلغت 15.9%، أما النمسا فقد سجلت أدنى نسبة 4.5%. قطاع التصنيع شهد بدوره تراجعا حادا في منطقة اليورو خلال الأشهر الثلاثة الماضية، يعود ذلك، وفق المحللين، إلى استفحال الأزمة المالية في أوروبا وما رافق ذلك من تبني سياسات تقشفية، أثرت بدورها على القدرة الشرائية للمواطنين.

ودافع رئيس الوزراء الإسباني، ماريانو راخوي، الأربعاء، خلال زيارته للمغرب، عن الإصلاحات الاقتصادية التي تنفذها حكومته لتجاوز الأزمة. وأشار راخوي خلال تدشين مؤتمر رجال الأعمال، الذي ينظم بالتوازي مع القمة العاشرة بين قادة حكومتي البلدين، إلى أهمية هذه الإصلاحات للتعافي من الأزمة، مؤكدا «عدم وجود طريق آخر». وأوضح رئيس الحكومة الإسبانية أن تعزيز العلاقات بين مدريد والرباط من شأنه أن يسهم في توفير مزيد من فرص العمل. وتعهد راخوي أمام نحو 100 من رجال الأعمال الإسبان والمغاربة، في الرباط، باستمرار بذل مزيد من الجهود من أجل تجاوز الأزمة من خلال تضحيات وجهود «غير مسبوقة»، بهدف إعادة توازن الاقتصاد وجعله أكثر مرونة وتنافسية، يأتي ذلك بينما تقف المفوضية الأوروبية على أهبة الاستعداد في حال طلبت مدريد حزمة إنقاذ مالي، حيث إن «الاقتصاد الإسباني يخضع لضغوط قوية في السوق»، هذا ما صرح به المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية، أولي رين، خلال لقاء جمعه برئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي، في مدريد. واعتقد البعض أن تستعد إسبانيا لطلب حزمة إنقاذ مالي، بعد أن أعلن وزير الموازنة كريستوبال مونتورو أن مهمة الحكومة هي تبديد المخاوف حيال إسبانيا. من جهة آخرى، تستمر المظاهرات التي يقوم بها الآلاف من الإسبان في العاصمة مدريد ومدن أخرى للاحتجاج على الإجراءات التقشفية الحكومية، فقد نصبت الشرطة الإسبانية حواجز أمام البرلمان لمنع المتظاهرين من اقتحام المبنى أثناء جلسة مناقشة الميزانية لعام 2013. يشار إلى أن وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني كانت قد أعلنت إمكانية تعرض المقترضين لخطر فقدان ثقة المستثمرين وهم يواجهون صعوبات متزايدة في التمويل، كما أن الزيادة الحادة في عبء الديون قد تتسبب خلال الأسابيع المقبلة في تخفيض التصنيف السيادي لإسبانيا - رابع أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، غير أنها تعاني اليوم ضغطا كبيرا من الأسواق وبعض شركائها الأوروبيين لطلب حزمة إنقاذ مالي، لكن الحكومة لا تزال مترددة في اتخاذ هذه الخطوة، خوفا من الشروط الصارمة التي قد تفرض عليها في المقابل، واعتبر نائب رئيس المفوضية الأوروبية الزائر، أولي رين، إسبانيا قادرة على خفض عجزها العام إلى 3.‏6% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد مع نهاية العام الحالي وفق ما كانت تعهدت به أمام الشركاء الأوروبيين. وأعرب رين، المعني بالشؤون الاقتصادية، في تصريح صحافي عقب اجتماعه مع رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي في مدريد، عن ثقته بأن الحكومة الإسبانية ستبذل كافة جهودها لتحقيق هدفها بضبط العجز وتحقيق النمو الاقتصادي وتعزيز التنافسية. وشدد على ضرورة عدم تأثير المساعدة المالية، التي ستقدمها أوروبا لإعادة هيكلة البنوك الإسبانية، على العجز العام الإسباني، مشيرا إلى ضرورة توحيد موقف جميع الدول الأوروبية لجعل ذلك ممكنا. وأشاد رين بالسياسات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة الإسبانية خلال الفترة الأخيرة، مشيرا إلى أن مشروع الموازنة العامة لعام 2013 يعد خطوة كبيرة لتوسيع وتعميق الإصلاحات الهيكلية في البلاد. وبعد وقت قصير من اللقاء، قالت الحكومة في مدريد إن إسبانيا لن تطالب بحزمة إنقاذ نهاية هذا الأسبوع، وجاء ذلك بعد أن اجتمع راخوي برؤساء الحكومات المحلية السبعة عشر للتباحث حول الإجراءات المزمع اتخاذها لتخفيض نسب العجز في الميزانية. وقال راخوي عقب هذا الاجتماع إنه «تم التوصل إلى اتفاق حول تدعيم القوانين الجبائية لاستعادة الثقة ببلدنا».

وأضاف: «نحن جميعا متفقون حول ضرورة المضي في هذه الطريق لتخفيض نسب العجز في الموازنة». من جهته، أكد رئيس الحكومة السابق خوسيه ماريا أثنار أن إسبانيا ليست بحاجة إلى حزمة مساعدات أوروبية لإنقاذ اقتصادها، وقال: «إسبانيا لديها القدرة على الخروج من هذه الأزمة. أرجو أن يتم اتخاذ قرار قوي وشجاع كي نستغني عن الحاجة للحديث عن حزمة إنقاذ للاقتصاد الإسباني». الحكومة الإسبانية التي اضطرت العام الماضي إلى توفير 18 مليار يورو لمساعدة الحكومات المحلية على تجاوز أزمتها المالية، تواجه تحديات على أكثر من صعيد، لعل أهمها الارتفاع التاريخي لمعدلات البطالة التي بلغت نحو 25% من القوة العاملة. وكان رين اجتمع أيضا مع محافظ بنك إسبانيا المركزي لويس لينده ووزير الاقتصاد الإسباني لويس دي غيندوس، لبحث التطورات الاقتصادية في إسبانيا ودراسة التقارير حول احتياجات المصارف الإسبانية لإعادة هيكلتها بهدف استعادة ثقة المستثمرين. وكانت الحكومة الإسبانية صدقت الأسبوع الماضي على مشروع الموازنة لعام 2013 الذي يشمل استقطاعات بقيمة 40 مليار يورو بهدف ضبط العجز العام وخفضه إلى 5.‏4% مع نهاية عام 2013. يذكر أن إسبانيا أعلنت أيضا يوم الجمعة الماضي عن حاجتها إلى 7.‏53 مليار يورو لإعادة هيكلة قطاعها المالي وفق الدراسة التي أعدتها شركة (أوليفر وايمن) الدولية المكلفة تقدير التكلفة الإجمالية المطلوبة لإعادة هيكلة البنوك الإسبانية بالتنسيق مع البنك الإسباني المركزي، بينما رفعت تلك القيمة إلى 3.‏59 مليار يورو ما لم يتم الأخذ في الاعتبار عمليات الاندماج السارية. من جهة أخرى، دخل قطاع السكك الحديدية في بلجيكا في إضراب منذ الثلاثاء على الساعة العاشرة ليلا لمدة 24 ساعة رفضا لصيغة إصلاحه، مما أدى إلى شل حركة النقل بالقطارات داخل البلاد، وامتد تأثير الإضراب إلى الرحلات الدولية التي تنطلق من بلجيكا إلى فرنسا وأيضا إلى بريطانيا عبر «اليوروستار».

وقال فيليب بيرس أحد المسؤولين النقابيين المنظمين للإضراب: «الإضراب ناجح حتى الآن في بروكسل وقد التحق به 80 إلى 90% من العمال. الكثير من المضيفين والمضيفات مضربون أيضا.