شركات إدارة أسهم أميركية تمتلك أموالا أكبر من قدرتها على التصرف فيها

لعبة إدارة الأسهم الخاصة تساوي تريليون دولار

TT

إنها لعبة تساوي تريليون دولار: فإما أن تربح أو أن تخسر. إن عالم إدارة الأسهم الخاصة يمتلك في خزائنه ذلك المبلغ المكون من 13 رقما، في ما يطلق عليه العاملون في هذا المجال اسم «المسحوق الجاف»، وإذا لم ينفقوا مخزون الأموال الموجود لديهم قريبا في صفقات استحواذ، فربما يضطرون إلى إعادته إلى مستثمريهم. وهناك نحو 200 مليون دولار من الأموال التي تم جمعها خلال عامي 2007 و2008 وحدهما لا بد من إنفاقها خلال الأشهر الـ12 القادمة وإلا فسوف يتعين ردها. وبعد أن وقف مسؤولو شركات إدارة الأسهم الخاصة ساكنين معظم السنوات العديدة الماضية وسط حالة من الغموض الاقتصادي - متذرعين غالبا بـ«الصبر» - بدأ القلق يساورهم بشأن ضرورة التحرك والقيام ببعض التسوق. وهناك شركتان على الأقل من شركات إدارة الأسهم الخاصة، وذلك طبقا لاثنين من المسؤولين المشاركين في المناقشات، عقدتا جلسات متعلقة بالاستراتيجية الداخلية خلال الأسابيع الأخيرة لمناقشة كيفية التعامل مع الموعد النهائي الذي بدأ يلوح في الأفق.

وقد قامت بعض شركات إدارة الأسهم الخاصة بإخطار مصارف «وول ستريت» برغبتها في الخروج «لصيد الأفيال» - أي البحث عن صفقات كبيرة بقيمة تصل إلى 10 مليارات دولار - واستعدادها لدفع مبالغ سخية مقابل جلب أهداف لصفقات استحواذ. وهناك على الأقل شركة واحدة ذهبت إلى حد البدء في التفكير في أن تطلب من مستثمريها - ومن بينهم أكبر صناديق تقاعد في البلاد - تمديد الموعد النهائي حتى يمكن إنفاق الأموال، في مقابل التنازل عن بعض الرسوم (وهم بالطبع لا يعيدون الرسوم التي تم تحصيلها حتى الآن).

وكتب هوغ ماك آرثر، رئيس إدارة الأسهم الخاصة في شركة «باين آند كومباني»، في تقرير عن حالة هذا المجال «الساعة تدق بصوت مرتفع بالنسبة لهذه الأموال». وبالتالي فقد بدأ السباق، لكن هناك مشكلة بالطبع، حيث أضاف ماك آرثر «إن التخلص من المسحوق الجاف القديم سوف يؤدي في الغالب إلى أن يكون هناك قدر كبير جدا من رؤوس الأموال التي تطارد عددا قليلا جدا من الصفقات طوال عام 2012». وهذا يعني أنه من الممكن أن نرى سلسلة من الصفقات السيئة التي تدر عائدات أسوأ بكثير. وقد قامت شركات إدارة الأسهم الخاصة في الولايات المتحدة بالفعل بإنفاق الكثير من الأموال في هدوء، حيث استهلكت خلال الربع الثالث وحده 45 مليار دولار، بارتفاع عن 17.1 مليار دولار في الربع السابق، وذلك طبقا لشركة «كابيتال آي كيو» التي تتابع بيانات الصفقات. وكانت شركة «كارليل غروب» - التي أجرت الطرح العام الأولي لأسهمها في شهر مايو (أيار) الماضي - أكثر الشركات انشغالا هذا العام، حيث أبرمت 11 صفقة بقيمة 12 مليار دولار تقريبا.

كما يرجح أن ترتفع أسعار الاستحواذ بشدة بسبب «كثرة الشركات المتقدمة بعروض في الصفقات الظاهرة نفسها»، حسب ما ذكره ألاستير جيبونز - وهو شريك رئيسي في شركة «بريدج بونيت كابيتال» - لشركة «ترياغو» - وهي شركة لخدمات جمع الأموال تصدر نشرة إخبارية ربعية تحظى بمتابعة واسعة النطاق «نظرا لوجود مسحوق جاف يقترب من مستوى قياسي عالميا، فمن المعقول تماما أن نرى زيادة كبيرة في الإقبال على تقديم العروض». وأكد ريتشارد بيترسون، وهو محلل في مجموعة «استخبارات الأسواق العالمية» التابعة لشركة «إس آند بي كابيتال آي كيو»، أن شركات إدارة الأسهم الخاصة تنفق بالفعل مضاعفات قيمة «الأرباح قبل خصم الفائدة والضرائب والإهلاك والاستهلاك» (التي تعرف اختصارا باسم «إيبيتيدا») تبلغ 10.6 هذا العام، بارتفاع عن 10.3 العام الماضي. وأشار إلى أنه من الجدير بالذكر أن الكثير من أنجح الصفقات في مجال إدارة الأسهم الخاصة تم شراؤها مقابل 6 إلى 8 أضعاف قيمة «الإيبيتيدا»، لكنه لمح إلى أنه نظرا لقدرة الشركات على الاقتراض بأسعار فائدة متدنية إلى حد غير مسبوق «فإن هذا قد يمنحها ثقة أكبر كي تدفع ما هو أكثر قليلا».

وربما في علامة على اليأس، تزايد انخراط الكثير من شركات إدارة الأسهم الخاصة في لعبة «كراسي موسيقية»، حيث تقوم شركة ببيع شركة إلى شركة أخرى، في ما يعرف بالصفقة الثانوية. ويقول بيترسون إن هذا المجال بالوتيرة الحالية يتوقع أن ينفق رقما قياسيا يبلغ 22.3 مليار دولار هذا العام في مجرد شراء شركات من بعضه البعض، بدلا من شراء شركات من البورصات أو من الملاك من القطاع الخاص خارج مجال الأسهم الخاصة.

كما يثير بيترسون سؤالا كثيرا ما يتردد همسا لكنه نادرا ما يعلن بصوت مسموع «إن الكثير من هذه الشركات تتداول أسهمها في البورصة الآن، فإلى أي درجة إذن تتحرك هذه المعاملات المالية من منطلق أهداف ربحية؟». والكثير من الشركات الكبرى لإدارة الأسهم الخاصة - مثل شركات «أبوللو غروب» و«كولبيرغ كرافيس روبرتس» و«بلاكستون غروب» و«كارليل غروب» - تتداول أسهمها في البورصة، ولأول مرة أصبح من الممكن أن تتباعد مصالح المساهمين في البورصة عن مصالح المستثمرين في صناديق الاستحواذ، على الأقل على المدى القريب.

وإذا لم تنفق شركات إدارة الأسهم الخاصة الأموال التي كانت قد جمعتها بالفعل، فمن المستبعد أن تتمكن من جمع المزيد في السنوات القادمة، وقد ازداد اعتماد هذه الشركات على رسوم الإدارة ليس من أجل الاستمرار في العمل فحسب، بل من أجل توسيع أنشطتها إلى مجالات أخرى، وأحد أسباب ذلك هو التنويع، الذي كان جزءا من الخطاب الموجه إلى المستثمرين في البورصة، مما حول كبرى الشركات إلى مؤسسات لتجميع الأصول.

وقال تيم فريدمان، مدير قسم أميركا الشمالية في شركة «بيركين»، التي تتابع نشاطات وصفقات جمع الأموال المتعلقة بالأسهم الخاصة «باختصار، فإن 95 في المائة من الصناديق سوف تتأثر وتشهد انخفاضا كبيرا في الدخل من الرسوم على أساس عدم استثمار كل رأس المال المخصص». وأوضح أنه لا يتوقع أن تبرم الشركات صفقات «لمجرد إبرام صفقات»، إلا أنه نبه أيضا إلى أن الشركات «واقعة تحت ضغوط كبيرة». إذن فلتبق عيناك مفتوحتين انتظارا للمانشيتات التي تتحدث عن إبرام صفقات ضخمة، ثم انظر ما إذا كانت ستحقق الأسعار نفسها عند بيع الشركات أم لا.

* خدمة «نيويورك تايمز»