شركات وطنية سعودية تصارع للبقاء وأخرى على مشارف إشهار إفلاسها بسبب القروض التمويلية

توقعات بنموها إلى 90 مليار دولار بنهاية العام

TT

توقع اقتصاديون وخبراء في التعاملات البنكية أن يرتفع حجم القروض التمويلية مع نهاية العام إلى أكثر من 90 مليار دولار, ليصل إجمالي ما قدمته البنوك إلى أكثر من 330 مليار دولار, واستحوذت الشركات على أكثر من 220 مليار دولار.

واستند الاقتصاديون على ما تم تسجيله في النصف الأول من العام الحالي, من ارتفاع حجم القروض التمويلية إلى نحو 35 مليار دولار دولار, مقارنة بالنصف الأول من العام الماضي, وهي مؤشرات يعتبرها الاقتصاديون دليلا على قوة الاقتصاد السعودي ونموه خلال الطفرة الحالية التي تشهد انتعشا, على الرغم من الانكماش الاقتصادي الذي يضرب العالم.

وهنا يقول الدكتور سعيد شيخ, كبير الاقتصاديين في البنك الأهلي, إن إجمالي حجم القروض التمويلية في المملكة تجاوز 300 مليار دولار, استحوذت الشركات بمختلف قطاعاتها على قرابة 220 مليار دولار, وما تبقى قدم كقروض للأفراد, مشيرا إلى أن النصف الأول من العام الحالي بلغ إجمالي القروض المقدمة من البنوك نحو 80 مليار دولار, وهو ما يعطي مؤشرات إلى ارتفاع حجم القروض خلال الفترة المقبلة.

وفي ذات السياق، علمت «الشرق الأوسط» من مصادر طلبت عدم الإفصاح عنها, أن إحدى الشركات الكبرى معرضة لإشهار إفلاسها في حال لم يتم الاتفاق مع البنك مقدم القرض التمويلي للشركة والمقدر بأكثر من 40 مليون دولار, واستمر الخلاف على السداد وإحالة القضية إلى «لجنة المنازعات المالية» في مؤسسة النقد.

وتتعثر عدد من الشركات الوطنية, في سداد القروض التمويلية, خلال الفترة المحددة بين الطرفين, مما استلزم، وفقا للمختصين، دخول البنوك الممولة في حوارات مع هذه الشركات، التي تزيد على الـ7 لمعالجة أوضاعها السوقية, والاطلاع على بياناتها الداخلية, فيما ترفض أخرى تدخل البنوك, التي تتجه مباشرة إلى القضاء.

وهنا عاد الدكتور سعيد شيخ ليقول إن الشركات التي تتعثر في سداد قروض التمويل, لديها خلل في داخل الشركة, ويتمثل في عدم القدرة على التقدير, أو ربما تكون السوق مع استلام القرص, تغيرت معطياته, ولم تأخذ الشركة احتياطاتها اللازمة لمواجهة تغيرات السوق, الأمر الذي ينتج عنه تعثر الديون.

واستطرد الشيخ أن غالبية البنوك تتجه إلى خيار المفاهمة, قبل اللجوء إلى «لجنة تسوية الخلافات» في مؤسسة النقد, إن تبين لها أن هذه الشركة تمر بظروف استثنائية, يمكن معالجتها, وإعادة الجدولة, وإعطاء هذه الشركات مهلة تعيد فيها ترتيب أوضاعها الداخلية, فيما يتعلق باستراتيجيتها, واطلاع البنوك على أداء الشركة خلال فترة تحسين الأداء, مع فتح سجلات المحاسبة للاطلاع من قبل البنوك, فإنها لا تتجه في هذه اللحظة للقضاء.

وأشار كبير الاقتصاديين, إلى أن البنوك التي تقدم القروض التمويلية للشركات, تعمد إلى مراقبة القوائم المالية, وحجم المبيعات, كما تراقب أداء الربحية, مع معرفة حجم المديونية على الشركة, وهذه مؤشرات إن تم التيقن منها, تعطي البنوك ضمانا على أن هذه الشركة أو تلك أداؤها مناسب وجيد.

ولفت كبير الاقتصاديين إلى أن مستوى الديون المتعثرة للشركات المقترضة انخفض في 2010 ليصل إلى دون 3 في المائة, وهذا الانخفاض جاء لتفهم البنوك وقدرة الشركات للتوصل لحلول تخرجها من وضعية التعثر للسداد, فيما ظلت شركات متعثرة لخلل في منظومة الشركة, أو تقديراتهم, أو أن السوق تغير عليهم, دون أخذ الاحتياطات اللازمة لمواجهة التغيرات في السوق.

وبحسب المادة الأولى من «اللائحة التنفيذية لنظام التسوية الواقية من الإفلاس»، تتولى لجان تشكل بقرار من وزير التجارة والصناعة, كل لجنة من 3 أعضاء وعضو احتياطي يتولى أحدهم رئاسة اللجنة، وتكون نفقاتها على حساب التاجر (شركة أو فرد)، بطلب إجراء الصلح الودي كتابة إلى اللجنة المشكلة ويبين أوضاعه المالية, من واقع الميزانيات المعتمدة عن السنتين السابقتين على تقديم طلب التسوية، مع إيضاح أسباب اضطراب تلك الأوضاع، والطريقة المقترحة لتسوية الديون, وقيمة الديون المستحقة في ذمته وأسماء دائنيه وأماكن إقامتهم, وقيمة الديون المستحقة له قبل الغير، والإجراءات المتخذة للمطالبة بها, والضمانات التي يقدمها لجدية طلبه وسداد ديونه.

ووفقا للمادة الرابعة, يجوز أن يتضمن الصلح الودي جدولة ديون التاجر أو تقسيطها، أو تأجيل مواعيد استحقاقها، أو الإبراء من جزء منها، أو اتخاذ الإجراءات التي يتفق عليها الأطراف بشأن إدارة أعمال طالب الصلح التجارية أو الإشراف عليها، أو هذه الأمور مجتمعة، أو غيرها.

وهنا يرى إسماعيل الصيدلاني، المستشار القانوني, أن القروض البنكية تتعدد صورها, وتصدر عن البنوك الممولة أو المقرضة, كإحدى عملياتها البنكية, وهذه العلاقة بين العميل المقترض, والبنك المقرض, تنتظم داخل عقد يسمى عقد التمويل, وتدور بنوده حول عقد القرض, وهذه في العلاقة أصلها تحمل التزامات مالية, وأن الطرف المقترض لم يكن ليتقدم بهذا القرض, إلا بسبب ملاءته المالية, وعليه فالبنوك المقرضة دائما ما تطلب عدة ضمانات, وذلك من أجل الاحتياط, لسداد المبالغ المستحقة على العميل في وقتها، مثل رهن العقارات, أو تحرير سندات لأمر.

وأردف الصيدلاني أن الرهن له أحكامه الشرعية, وإجراءاته القانونية, ويكون لدى جهة مختصة, أما السندات لأمر, فهي تأخذ طابعا مميزا, وأحكاما خاصة, تختلف عن سندات الدين العادية, أو سندات الإثبات الأخرى، وحيث إنها تخضع لأحكام قانون الصرف، وتقوم على مبدأ «الكفاية الذاتية», وهو يعني أن السند كاف بذاته لإثبات الحق.

وأكد المستشار القانوني أنه، في ظل هذه العلاقة، فالأمر غير متروك للبنك للتصرف أو الممارسة المخالفة للإجراءات المتبعة, فما تقوم به بعض البنوك الآن, من تحرير سندات لأمر على بياض, في مواجهة المقترض, يتوافق مع المبدأ القانوني المستقر عليها, من نظامية التوقيع على بياض, إذ إن التوقيع على بياض على الورقة التجارية (سند لأمر) يعد تفويضا من محرره إلى حاملة لاستكمال البيانات الناقصة, إلا أنه - وبحسب مصدر مطلع - فإن هناك توجيهات لمؤسسة النقد بالتعميم على البنوك، باستكمال بيانات «سداد لأمر», قبل توقيعه من العميل المقترض.