السعودية: حيرة المستهلك وتأخر بعض طرازات 2013 يخفضان مبيعات السيارات الجديدة

إعادة رسم هيكلة سوق السيارات في المملكة

TT

أدت عدة أسباب مختلفة إلى إعادة رسم هيكلة سوق السيارات في السعودية، حيث بدا جليا انخفاض في مبيعات الجديد منها على الرغم من القوة الشرائية، التي كانت السوق تتمتع بها في فترات سابقة، عندما كان الحجز والانتظار سمة أساسية عند شراء بعض الطرازات، إلا أن ما يحدث حاليا في القطاع النشط سالفا من ركود أربك حسابات تجار السيارات، وأجبرهم على إعادة ترتيب أوراقهم.

وتنوعت أسباب العزوف إلى أمور متعددة، ما بين تأني بعض الوكالات في طرح طرازات موديلات 2013، حتى انتهاء ما تبقى من الموديل الحالي، والتنافس المحموم بين شركات السيارات والذي دفع المستهلك إلى الانتظار لحين اكتمال عقد العام وتقديم الشركات جميع سياراتها الجديدة، والبعض أوعزها إلى ارتفاع طفيف في الأسعار طالها الأيام الماضية، إلا أن الشركات اتحدت لتقلص المبيعات بحسب شهادة العديد من العاملين في القطاع.

وأكد حمد الدوسري، الذي يدير معرضا لبيع السيارات الجديدة، أن هناك حالة غريبة من الترقب والانتظار يعيشها المستهلك، فالحيرة تبدو جلية على العديد منهم، الذي رفض الشراء حاليا، والانتظار حتى طرح جميع الشركات سياراتها الجديدة موديل 2013، والتي تتحفظ العديد من الوكالات عليها ولم تطلقها في الأسواق بعد، لافتا إلى أن بعض السيارات مضى على موعد نزولها عدة أسابيع ولم تنزل بعد، إلا أن الشركة الأم تصر على التحفظ لأسباب لم توضحها.

وفي تحقيق أجرته «الشرق الأوسط»، على وقت نزول العديد من أنواع السيارات في الأسواق، خلال الأعوام الماضية ومقارنتها بالعام الحالي، لوحظ تأخر إصدار بعض الموديلات خلافا لموعدها العتاد، وأن هناك تهربا من معرفة الأسباب الحقيقية للتأخر لدى معظم الوكالات، وأن العذر المعتاد هو تأخر المصنع الأم وإجراءات الشحن والاستيراد.

وحول انعكاس تكدس بعض الأنواع في المخازن وأثره على تريث الشركة في إطلاق موديلاتها الجديدة، كشف الدوسري أن هناك طرازات تتكدس وبأعداد كبيرة في المخازن، وأن الشركة رفضت بتاتا طرح السيارة الجديدة لحين بيع موديلات 2012 أو تقليصها على الأقل، مبينا أن بعض الوكالات تخشى أن ينعكس طرح الجديد من السيارات على قيمة السيارات القديمة التي أصبحت شوكة في عنق بعض المستوردين.

من جانبه، أبان «أبو محمد»، الذي فضل عدم ذكر اسمه، وهو مستورد معتمد لإحدى الوكالات اليابانية، أن هناك تنافسا كبيرا بين الوكالات في طرح أحدث الأنواع، وأن هذا التنافس دفع المستهلك إلى الحيرة والتريث والتفكير بعمق، عن السيارة التي سيشتريها، مبينا أن هذه الدوامة تسببت في تأخر شراء العديد من العملاء، الذين يحتارون في نوع السيارة التي سيشترونها، وأن البعض منهم تاه في عالم السيارات الذي اختلف وبشكل نوعي عن السابق، حيث كان التنافس فيه محسوما لصالح ثلة من الوكالات المعروفة.

وأضاف «تقلصت مبيعاتنا بسبب انتظار العملاء وتشعبهم في مختلف السيارات، التي تشهد تنافسا محموما، انعكس وبشكل مباشر على قرار المشتري في الشراء، وأنه أمر سلبي يلقي بظلاله عليهم بشكل غير مباشر»، مشيرا إلى أن هناك انخفاضا ملموسا في المبيعات، وأن اتخاذ قرار شراء السيارة والانتظار للتفكير له علاقة واضحة في انتعاش السوق.

يشار إلى أن عقلية المستهلك السعودي قد تبدلت كثيرا في الفترة الأخيرة، عند قرار شراء السيارات الجديدة، في ظل التنافس الشرس بين العديد من الوكالات، وأن العديد من الشركات الجديدة أو حديثة العهد بدأت في اقتسام أجزاء كبيرة من السوق، بعد أن كانت السوق محصورة على شركات معينة، وأن تعدد خيارات الشراء أصبح أمرا واقعا للجميع عند الرغبة في الشراء. وفي صلب الموضوع، اتهم عبد الله القحطاني، الذي يدير معرضا للسيارات الجديدة في الرياض، الغلاء والارتفاع الذي حصل مؤخرا بالتسبب في شبه التوقف الذي يعيشه القطاع.

وأوضح القحطاني أن «استمرار موجة العزوف سيلقي بظلاله مستقبلا على أداء معارض السيارات الجديدة، في الوقت الذي كانت فيه السوق تسجل عجزا جليا في توفير جميع الطلبات المقدمة، نظرا لارتفاع الطلب في الأوقات السابقة بمراحل تفوق العرض، إلا أن المعادلة العامة للسوق تغيرت معالمها بسبب قفزات الأسعار».

وحول النسبة المسجلة في زيادة أسعار السيارات، أبان القحطاني أن الارتفاعات تتفاوت من نوع لآخر، وقال «ارتفاع الطلب على ماركة السيارة يشكل ضغطا عند تعميد سعرها، خصوصا أن بعض الأنواع تشهد عجزا جليا»، موضحا أن للمصنع الأم دورا مهما في تحديد قيمتها. وأضاف القحطاني «هناك ضغوط متعددة ترسم سياسة وضع الأسعار، إلا أن متوسط الأسعار قفز بنسبة 5 في المائة، خلال الأشهر الأخيرة، بنظرة إجمالية خلال السنوات القريبة الماضية، وهي نسبة كبيرة لم تعهدها السوق مطلقا».

وزاد «يعد قطاع السيارات من القطاعات الاقتصادية المهمة محليا، نظرا لاعتماد الفرد السعودي على المواصلات الخاصة في تنقلاته، مما يجبره على متابعة التطورات المتلاحقة في أداء سوق السيارات، باعتبارها أولوية لا يمكن الاستغناء عنها، خصوصا أنها الوسيلة الوحيدة للمواصلات في السعودية، وتلامس بشكل مباشر الميزانية الخاصة للأفراد».