صندوق النقد يرسم خارطة للإصلاحات الاقتصادية ويؤكد تباطؤ النمو العالمي

رئيس البنك الدولي يدعو لمضاعفة العمل للقضاء على الفقر المطلق

مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد ورئيس البنك الدولي جيك يونغ كيم خلال اجتماعات الصندوق والبنك في طوكيو (إ. ب. أ)
TT

رسم صندوق النقد الدولي خارطة طريق من الإصلاحات للاقتصاديات المتقدمة، تتمثل في إجراء إصلاحات هيكلية لتعزيز النمو وتوظيف العمالة على المستوى الوطني، إضافة إلى إقامة اتحاد مصرفي ومالي يتسم بالفعالية والقوة لتعزيز قدرة الاتحاد النقدي على مواجهة الصدمات.

ودعا الصندوق من خلال بيان اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية في اجتماعها السادس والعشرين المنعقد في طوكيو، الولايات المتحدة الأميركية إلى حل مشكلة المنحدر المالي، وزيادة الحد الأقصى للديون، وإحراز التقدم نحو وضع خطة شاملة لضمان استمرارية أوضاع المالية العامة، كما طالب اليابان بتأمين التمويل اللازم لميزانية العام الجاري وتحقيق المزيد من التقدم في تنفيذ التقشف المالي على المدى المتوسط.

وحول خفض العجز في الميزانيات، قالت مديرة الصندوق كريستين لاغارد وفقا لـ«رويترز» إن نقاشات كثيرة جرت في هذا الشأن هذا الأسبوع في طوكيو. لكنها أضافت «في الواقع ما اعتبر في بعض الأحيان خلافا» بين صندوق النقد الدولي وبعض البلدان «هو الرؤية التي نكونها» عن هذا الموضوع.

وتابعت «نعترف بأن تصحيحات ميزانية تتمتع بمصداقية ضرورية في كل الاقتصادات المتقدمة، لكن وتيرة ونوعية الإجراءات يجب أن تحدد بدقة لكل بلد على حدة».

إلى ذلك أكد صندوق النقد الدولي على أهمية ضمان مواصلة التعافي من الأزمة، حيث أدت زيادة التيسير النقدي إلى جعل الأوضاع المالية أكثر إيجابية، لافتا إلى أنه يظل تنفيذ خطط التقشف المالي الموثوقة على المدى المتوسط مطلبا بالغ الأهمية في كثير من الاقتصاديات المتقدمة، وشدد على ضبط خطط المالية العامة على النحو الملائم لتكون داعمة للنمو قدر الإمكان.

ودعا الأسواق الصاعدة والبلدان النامية إلى أن تكفل المرونة في تنفيذ السياسات لدعم النمو تماشيا مع عملية استعادة التوازن العالمي، وقالت اللجنة «ينبغي توفي المراقبة الوثيقة للآثار التي يمكن أن تترتب على ضخامة التدفقات الرأسمالية ألعابرة للحدود وتقلبها».

وأشار الصندوق إلى زيادة دعمه لبلدان التحويل العربي على أن يواصل تعاونه مع السلطات في هذا البلدان لإعداد استراتيجيات إصلاح وطنية لتحقيق النمو الشامل للجميع وتوفير فرص العمل، مطالبا المجتمع الدولي إلى تقديم دعم واسع النطاق لهذه المنطقة، مرحبة بزيادة مشاركة الصندوق مع الدول الصغيرة ويتطلع الصندوق لمواصلة عمله في هذا المجال.

ولفت إلى أن النشاط الاقتصادي واصل تباطؤه في اقتصاديات الأسواق الصاعدة والاقتصاديات النامية، مما يرجع إلى زيادة ضعف الطلب الخارجي والمحلي وفي بعض الأحيان تشديد السياسة النقدية لمواجهة الضغوط التضخمية، إضافة إلى أن المخاطر تتفاقم في بعض البلدان بسبب تراجع أسعار السلع الأولية غير الغذائية والضغوط الرافعة للأسعار، التي تتعرض لها بعض السلع الغذائية.

وعن البلدان منخفضة الدخل قال الصندوق إن النمو لا يزال قويا في معظم البلدان، وقد أصاب الضعف المراكز المالية ومراكز الاحتياطيات لتلك البلدان، في الوقت الذي أصبح فيه من الضروري استعادة الاحتياطيات الوقائية، وعلى المدى القريب، يتوفر لدى الصندوق ما يكفي من موارد لتقديم دعم مالي إضافي للبلدان منخفضة الدخل، إذا ما قضت الحاجة.

وأشار البيان إلى ترحيبه بقرار المجلس التنفيذي حول استخدام المبلغ المتبقي من الأرباح الاستثنائية من حصيلة مبيعات الذهب وقدرها 2.7 مليار دولار، في إطار استراتيجية لضمان استمرارية التسهيلات التمويلية الميسرة في الصندوق في الأجل الطويل، حيث إن هذا القرار يأتي إلى جانب الحصول على التأكيدات اللازمة لاستخدام مبلغ قدره 1.1 مليار دولار من الموارد المرتبطة بأرباح الذهب لتعزيز موارد الصندوق الاستئماني للنمو والحد من الفقر على المدى القريب، داعيا البلدان الأعضاء إلى تعجيل التصريح بهذا التمويل.

وأكد صندوق النقد الدولي التزامه نحو تعزيز مصادر النمو المحلية في اقتصادات الفائض وزيادة المدخرات الوطنية في بلدان العجز مع تعزيز صادراتها التنافسية وتشجيع زيادة المرونة في أسعار الصرف، مجددا التزامه بتجنب أي شكل من أشكال الحمائية في التجارة والاستثمار.

كما أكد الصندوق على التزامه في المضي قدما نحو إصلاح عملية الحصص في الصندوق داعيا الدول التي لم تستكمل الخطوات الأساسية لأن يقوموا بها، مؤكدا استكمال المراجعة العامة الخامسة عشر للحصص بحلول يناير (كانون الثاني) 2014.

وبالعودة إلى لاغارد رئيسة صندوق النقد الدولي التي أكدت حسب «رويترز» أن هوة الخلاف بين الدولة بشأن كيفية تنفيذ السياسة ضاقت في محاولة للتهوين من شأن الخلافات بين الصندوق وألمانيا فيما يتعلق بوتيرة خفض دول مثقلة بالديون مثل اليونان ميزانيتها، وأضافت «لم يصدر اعتراض على التوصيات التي قدمناها للدول الأعضاء وهي المطالبة بالتحرك». وتابعت «ربما لا نتفق على كل شيء ولكن أعتقد أنه يوجد إجماع على أن التحرك الجماعي سيفرز نتائج».

إلى ذلك دعا جيم يونغ كيم رئيس مجموعة البنك الدولي إلى مضاعفة الجهود الهادفة للقضاء على الفقر المطلق حول العالم، مشيرا إلى أن العالم يتضمن حاليا أكثر من مليون إنسان يعيشون في فقر مطلق.

وحازت دعوة رئيس مجموعة البنك الدولي جيم يونغ كيم إلى مضاعفة الجهود الرامية إلى القضاء على الفقر المطلق على مساندة واسعة من البلدان الأعضاء في البنك الدولي في ختام الاجتماعات السنوية في طوكيو أمس السبت.

وقالت لجنة التنمية المؤلفة من 188 عضوا إنها تساند رؤية الدكتور كيم لمجموعة البنك الدولي باعتبارها مؤسسة «تركز على الأثر وتقدم المساعدة المستندة إلى شواهد.. وتعزز السلع العامة العالمية».

بدوره، قال الدكتور كيم في المؤتمر الصحافي الختامي للاجتماعات السنوية في العاصمة اليابانية طوكيو: «لا نزال نعيش في عالم يعيش فيه أكثر من مليون إنسان في فقر مطلق. علينا جميعا أن نعمل معا لضمان أن المكتسبات المتميزة التي حققتها أميركا اللاتينية وأفريقيا وآسيا خلال الجيل الماضي لن تضيع الآن. ففي السنوات الأخيرة الماضية، شكل النمو الذي حققته البلدان النامية أكثر من نصف النمو العالمي».

وكان الدكتور كيم قد عرض يوم أول من أمس الخطوط العريضة لخطته الرامية إلى تحويل البنك الدولي إلى «بنك للحلول» يستخدم الشواهد والتجربة في التعامل مع مشكلات التنمية ويحدد أهدافا طموحة للقضاء على الفقر وتعزيز الرخاء الشامل للجميع، وذلك من بين إجراءات أخرى لتحديث المؤسسة.

وأقر الدكتور كيم في افتتاح الاجتماعات بأن العالم «في زمن صعب» يتسم بارتفاع أسعار الأغذية وتقلبها، وضعف النمو في البلدان المرتفعة الدخل، وبطء النمو في البلدان النامية التي كانت تمثل قاطرة النمو في الاقتصاد العالمي.

بدورها، دعت لجنة التنمية في بيانها الختامي البنك إلى العمل مع المنظمات الأخرى لتسريع وتيرة الجهود الرامية إلى مساعدة منطقة الساحل الأفريقية، حيث «يهدد الجوع أرواح 19 مليون شخص واستقرار المنطقة». وينبغي أن تتضمن جهود الاستجابة حلولا تتيح للمنطقة «النجاة إلى الأبد من دائرة معونات الطوارئ، والوصول إلى مستقبل أكثر مرونة واستدامة على الأجل المتوسط».

وأضافت اللجنة أن «غياب الأمن الغذائي وتقلب أسعار الأغذية ما زالا يشكلان تهديدات للتنمية على العموم ويتطلبان مزيدا من الاهتمام».

وقدم المانحون في اجتماعهم الذي عقد على هامش الاجتماعات السنوية تعهدات بالمساهمة في البرنامج العالمي للزراعة والأمن الغذائي (إيه) الذي أسسه البنك الدولي عام 2008 بطلب من زعماء مجموعة العشرين. وتعهدت الولايات المتحدة بالمساهمة بدولار واحد إضافي مقابل كل دولارين من مساهمات المانحين الآخرين ليصل إجمالي المساهمة الأميركية إلى 475 مليون دولار، الأمر الذي حفز كلا من اليابان وكوريا للمساهمة بمبلغ 30 مليون دولار، ومؤسسة «بيل ومليندا جيتس» للإشارة إلى أنها ستضاعف ارتباطاتها. وقال كيم «هذه الارتباطات الجديدة ذات أهمية بالغة لجهودنا الرامية إلى القضاء على الجوع».

كما شددت اللجنة على أنه ينبغي لمجموعة البنك الدولي أن تواصل مساعدتها لمختلف البلدان لتدعيم الظروف المواتية لنمو فرص العمل. وفي هذا الصدد، قالت اللجنة «الأزمات المالية التي وقعت مؤخرا تعني انخفاض فرص العمل في حين تنشأ الحاجة إلى الملايين منها». وأضافت قائلة إن مؤسسة التمويل الدولية، ذراع البنك الدولي المعنية بتمويل القطاع الخاص، والوكالة الدولية لضمان الاستثمار ستمثلان «أهمية بالغة في مساندة القطاع الخاص»، وشجعت مجموعة البنك الدولي على الاستفادة من تقرير عن التنمية في العالم 2013 بشأن الوظائف، والذي صدر في مطلع شهر أكتوبر (تشرين الأول) الجاري.

وطلبت لجنة التنمية من البنك الدولي أن «يسهم إسهاما نشيطا» في وضع مجموعة من الأهداف الإنمائية العالمية يبدأ تطبيقها بعد حلول الأجل النهائي لتطبيق الأهداف الإنمائية للألفية عام 2015. وقالت إنه على البنك تعزيز عمله في الدول الهشة، معربة عن إدراكها لما حققه البنك من تقدم في مجال المساواة بين الجنسين.

وكما دعت البنك الدولي أيضا أن يقدم مساندة للبلدان التي تريد استخدام حسابات رأس المال الطبيعي وهو أسلوب لتقييم الموارد والظواهر الطبيعية التي كان يتم إغفالها في الغالب في الموازنات الوطنية، وقالت «نشعر بالتفاؤل لأن الشراكة العالمية من أجل المحيطات، والتي تساندها مجموعة البنك الدولي، قد اجتذبت أعضاء جددا، ولأنها خلقت إحساسا بالعجلة بشأن ضرورة التحرك لإعادة الصحة الإنتاجية والمائيات المستدامة إلى المحيطات».