عشية القمة الأوروبية في بروكسل.. روما تخشى تداعيات طلب مدريد للمساعدة المالية

الملياردير سوروس يحذر من أن كابوس أزمة اليورو قد يدمر الاتحاد الأوروبي

منطقة اليورو وعملتها الموحدة على المحك
TT

عشية القمة الأوروبية المقررة في بروكسل التي تنطلق غدا وتستمر لمدة يومين، حذرت روما من تداعيات أي طلب للمساعدة المالية قد تتقدم به مدريد لأن خطة الإنقاذ الإسبانية المحتملة قد تزيد من الأزمة الإيطالية، هذا ما رجحه وزير الاقتصاد الإيطالي فيتوريو غريللي.

وأوضح أنه في حال تلقت إسبانيا حزمة إنقاذ تزيد عن 100 مليار يورو، فإن إيطاليا ستخسر نقطة ونصف النقطة من ناتجها القومي المحلي. غريللي أعرب عن تخوفه كذلك من احتمال مطالبة اليونان بتمديد المهلة المخصصة للوفاء بالتزاماتها المالية. من جانبه قال وزير الاقتصاد الإسباني لويس دي غيندوس إنه لا يتوقع حدوث «تدهور إضافي كبير» في اقتصاد بلاده في الربع الثالث من العام الجاري.

من جهته قال الملياردير جورج سوروس إن «كابوس» أزمة اليورو قد يدمر الاتحاد الأوروبي وإن على ألمانيا تحمل مسؤولية إنقاذ العملة الموحدة. وقال سوروس الذي اشتهر بمراهناته الضخمة على انخفاض الجنيه الإسترليني في 1992 إن البديل الآخر هو انسحاب ألمانيا أكبر اقتصاد في منطقة اليورو من العملة الموحدة.

وأوضح دي غيندوس في تصريح صحافي أن توقعاته تمثل مستجدات مهمة وغير منتظرة لا سيما بعد أن توقع البنك المركزي الإسباني في سبتمبر (أيلول) الماضي استمرار تراجع وتيرة الاقتصاد بشكل كبير خلال الربع الثالث من العام الجاري مدفوعا بارتفاع أسعار تمويل إسبانيا وتوتر الأسواق المالية وتراجع الطلب المحلي.

وأوضح الوزير أنه على الرغم من عدم إمكانية إعطاء أرقام محددة فإن جميع المؤشرات الاقتصادية تبين أن أداء الاقتصاد الإسباني سيكون مماثلا للربع الثاني مشيرا إلى أن هناك «قدرا من الاستقرار». وأوضح أن ذلك يتعارض مع ما يحدث في أوروبا التي من المتوقع أن تشهد أوضاعها الاقتصادية تراجعا كبيرا خلال الربع الثالث من هذا العام.

وكانت بيانات رسمية نشرت في 28 أغسطس (آب) الماضي كشفت عن تراجع الناتج المحلي الإجمالي لإسبانيا بنسبة 0.4 في المائة في الربع الثاني من العام الجاري ليواصل الاقتصاد الإسباني انغماسه في ركود عميق مراكما 12 شهرا من النمو السلبي على خلفية الهبوط الكبير في الاستثمارات وضعف الطلب المحلي. يذكر أن وكالة «ستاندرد أند بورز» العالمية كانت أعلنت في وقت سابق وعلى نحو غير متوقع تخفيض تصنيف الديون السيادية الإسبانية بمعدل درجتين من (بي بي بي موجب) إلى (بي بي بي سالب) لتكون على بعد درجة واحدة من تصنيفها (سندات غير مرغوب بها) الأمر الذي اعتبرته حكومة مدريد بالأمر «المؤسف». يأتي ذلك في الوقت الذي يحتفل فيه الاتحاد الأوروبي بمرور 20 عاما على تأسيس السوق الموحدة، وتحت عنوان معا من أجل السوق الموحدة جاء الاحتفال بحضور شخصيات أوروبية رفيعة المستوى.

من جهته قال رئيس الوزراء الإيطالي ماريو مونتي إن «السوق الموحدة جزء أساسي من عملية التكامل الأوروبي، وهي مشروع طموح طويل المدى».

لكنه «يجازف بالعودة إلى الوراء والتفكك» وفي رسالة فيديوية لحلقة دراسية في البرلمان الأوروبي احتفالا بالذكرى السنوية العشرين لصدور التوجيهات الأولى حول السوق الموحدة عام 1992، أشار رئيس الوزراء إلى أن «السوق الموحدة كانت جزءا هاما من حياتي المهنية، أولا من ناحية التزامي كمفوض أوروبي، ومن ثم كمشرف على إعداد تقرير بتكليف من رئيس المفوضية الأوروبية خوسية مانويل باروسو»، مذكّرا بأن «السوق الموحدة مشروع يمكن أن تلتقي من حوله ثقافات سياسية مختلفة ونماذج اجتماعية واقتصادية متباعدة» في وجهات النظر ولفت رئيس الحكومة الإيطالية إلى أنه «في الأشهر الأخيرة شهدنا كيف أن الأزمة أصبحت عنصر تجزئة للسوق على المستوى الوطني». وبالتالي «عودة الحمائية التقليدية»، مشيرا إلى «ضرورة العمل على زيادة تكامل الأسواق المالية، وخلق آلية وحيدة للإشراف تتكامل في مرحلة ما من خلال قواعد منسقة لضمانات للودائع المصرفية، وحلول أزمة المصارف»، أما بشأن الأزمة، فقد قال «إننا بحاجة إلى حلول محددة لمشكلات كل بلد على حدة، وأن تكون منفتحة أيضا على مساهمات كل من يريد المشاركة» فيها.

ويمكن للسوق الداخلية الموحدة أن تساعد الاتحاد الأوروبي على الخروج من الأزمة المالية في حال مشاركة المجتمع المدني بنشاط أكثر في تطويرها وتعزيزها. جاء هذا في بيان اعتمده نهاية الشهر الماضي البرلمان الأوروبي بمناسبة الذكرى العشرين لإنشاء السوق الأوروبية الموحدة. فالتحدي الذي يواجه الاتحاد أكثر من أي وقت مضى هو الاستفادة من الإمكانات الموجودة لتعزيز النمو وخلق فرص عمل.

ومن أجل تحقيق هذه الأهداف جاءت المرحلة الثانية من السوق الداخلية الموحدة، والتي تتضمن اثني عشر مقترحا، وقدمها بمقر المفوضية الأوروبية في بروكسل ميشال بارنييه، المفوض الأوروبي المكلف بالسوق الداخلية والخدمات. ويتوقع بارنييه أن يتم اعتماد خمسة مقترحات من أصل اثني عشر مقترحا، بحلول نهاية العام الجاري، إذا كانت هناك إرادة سياسية، على حد تعبيره. ويرى خبراء أنه من الضروري ضخ نفس جديد في السوق الداخلية الموحدة مع التركيز على الاهتمام بالمواطنين، لإزالة الفجوة بين التوقعات والواقع مع مواطنين وشركات ما زالوا يواجهون عقبات في ممارسة حقوقهم يأتي ذلك فيما تنتظر الأسواق، القمة الأوروبية المزمع عقدها يومي 18 - 19 من الشهر الجاري، وذلك في ظل حالة الضبابية التي تسيطر على الأسواق مع غياب أي قرارات جادة أو جديدة نحو الوصول إلى حل جذري لأزمة الديون السيادية البالغ عمرها ثلاث سنوات حتى الآن. المواضيع ذات الأولوية لدى الأسواق والتي يأمل أن يتم مناقشتها خلال القمة تتمثل في هل من الممكن أن تطلب إسبانيا رسميا المساعدة الدولية خلال تلك القمة لا سيما بعد خفض التصنيف الائتماني للديون السيادية طويلة الأجل وكذا قصيرة الأجل. وحتى الآن تمثل إسبانيا محور اهتمام المستثمرين خاصة أنها الأقرب إلى طلب المساعدة لكن حتى الآن ما زالت الحكومة تتمنع في طلب المساعدة والخضوع لشروط المقرضين الدوليين وإن كانت تقارير تفيد بأن إسبانيا قد لا تستطيع مقابلة المستهدف بتخفيض العجز خلال العامين المقبلين وذلك على حسب تصريحات صندوق النقد الدولي. وينتظر أيضا خلال هذا الأسبوع رد فعل الأسواق عند قيام إسبانيا بطرح سندات لأجل 2015 و2016 و2022 يعني سندات لأجل ثلاث وعشر سنوات وبالتالي سوف يكون التركيز على العائد على السندات. وأيضا من ضمن المواضيع الهامة التي سيتم مناقشتها خلال القمة الأوروبية مشروع إنشاء «اتحاد البنوك» وتوحيد السياسة المالية لدول منطقة اليورو بجانب التمويل المباشر للبنوك من خلال آلية صندوق الاستقرار الأوروبي. وعلى الجانب الآخر ما تزال اليونان أيضا من ضمن الأولويات التي قد يتم طرحها أثناء القمة.