جدل في مصر إثر اعتزام الحكومة استيراد الغاز الطبيعي من الخارج

خبراء يشككون في احتياطي البلاد من الغاز ويطالبون بوقف التصدير

إحدى منشآت الغاز الطبيعي في مصرغير بعيدةعن أحد الحقول الريفية («الشرق الأوسط»)
TT

أثار عزم الحكومة المصرية استيراد الغاز الطبيعي من الخارج جدلا في مصر، بعد الإعلان عن طرحها المسودة النهائية لعملية الاستيراد خلال أيام، وذلك لمواجهة الطلبات المتزايدة على الغاز الطبيعي سواء للمصانع أو لمحطات الكهرباء التي تواجه أزمة كبيرة.

وقال وزير البترول المصري أسامة كمال في تصريحات صحافية إن بلاده تسعى لاستيراد ما يتراوح بين مليار و1.5 مليار قدم مكعب غاز يوميا لتلبية الاحتياجات الزائدة لمحطات الكهرباء ومصانع الحديد والإسمنت. وبحسب مسؤولين في الحكومة فإن الاستيراد سيكون لصالح القطاع الخاص الراغب في ذلك على أن يتم نقل كميات الغاز التي يحتاج إليها عبر خطوط الشبكة القومية للغازات ومقابل رسوم يحصل عليها القطاع.

وتواجه البلاد أزمة كبيرة من انقطاع التيار الكهربائي، وهو ما عزاه مسؤولون إلى ضعف ضخ الغاز الطبيعي وعدم توافر المواد البديلة للتوليد، مثل المازوت، وهو ما اضطر الحكومة في الآونة الأخيرة إلى اتخاذ قرارات أرقت الشارع المصري مثل إلزام المحال التجارية والمطاعم بإغلاق أبوابها الساعة 10 مساء، إلى جانب تخفيضها إمدادات الغاز والوقود لعدد من المصانع كثيفة الاستهلاك للطاقة، وذلك لإعطاء الأولوية لمحطات توليد الطاقة الكهربائية التي ارتفع استهلاكها من الوقود بنسبة 14 في المائة عن الفترة نفسها من العام الماضي.

وقال مراقبون إن قرار الحكومة المصرية باستيراد الغاز الطبيعي من الخارج يثير تساؤلات حول حقيقة احتياطي البلاد من الغاز الطبيعي، وحقيقة ما يتم تصديره إلى الخارج.

وبحسب إحصائيات رسمية صادرة عن مركز تابع لمجلس الوزراء المصري ارتفعت صادرات البلاد من الغاز الطبيعي ومشتقاته خلال السبعة أشهر الأولى من العام الحالي بنسبة 3.83 في المائة لتصل قيمتها إلى مليار و267 مليون دولار. وجاء ذلك مقابل مليار و220 مليون دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي 2011، لترتفع بمقدار 47 مليون دولار.

وارتفع معدل إنتاج الغاز الطبيعي خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى يوليو (تموز) 2012 بنسبة طفيفة بلغت 0.05 في المائة ليصل إلى 26883 ألف طن مقابل 26869 ألف طن خلال الفترة نفسها من العام الماضي. وأوضحت الإحصائيات أن الاستهلاك المحلي من الغاز الطبيعي زاد خلال الفترة بنسبة 8.76 في المائة مسجلا 22880 ألف طن مقابل 21038 ألف طن خلال السبعة أشهر الأولى من 2011، كما ارتفعت نسبة استهلاك الكهرباء من الغاز الطبيعي المستهلك خلال تلك الفترة من العام بنحو 1.9 في المائة لتسجل 56.3 في المائة مقابل 54.4 في المائة خلال الفترة نفسها من 2011.

وقال عمرو حمودة الخبير في شؤون الطاقة لـ«الشرق الأوسط» إن مصر مرتبطة بعقود بأسعار متدنية إلى عدة دول، والحكومات بعد الثورة قالت إن تلك العقود تمثل التزامات ولا يمكن التخلي عنها، مشيرا إلى أنه من الأولى الآن لمصر أن تقوم بإلغاء تلك العقود للوفاء بمتطلبات السوق المحلية.

وأشار إلى أن إلغاء العقود في بعض الحالات التي يكون فيها إجحاف شديد لأحد الطرفين سيكون قانونيا خاصة أن فيه استنزافا للموارد البترولية للبلاد، وتنص على ذلك معاهدة فيينا التي تنظم تلك العمليات.

ويرى حمودة أن لجوء الحكومة إلى الاستيراد يثير التساؤلات حول احتياطي البلاد من الغاز الطبيعي. وتابع: «توقعنا كخبراء عام 2005 أن تقوم مصر باستيراد الغاز الطبيعي من الخارج بحلول عام 2012 وحددنا احتياطي البلاد من الغاز بنحو 33 تريليون قدم مكعب، لكن الحكومة وقتها أكدت أن احتياطي الغاز الطبيعي وصل إلى 78 تريليون قدم مكعب، والآن لم تفصح الحكومة عن احتياطيها من الغاز الطبيعي».

وأضاف حمودة أن الحكومة الحالية تقوم باستيراد المازوت لاستخدامه في محطات الكهرباء بدلا من الغاز، وتدفع 13 دولارا بما يوازي استهلاك كل مليون وحدة حرارية من الغاز.

وقال محمد عبد المطلب الخبير الاقتصادي لـ«الشرق الأوسط» إن قيام الدولة باستيراد الغاز الطبيعي من الخارج نيابة عن القطاع الخاص دون أن تتحمل أي تكلفة يعني أن الشركات التي ستستورد الغاز ستتحمل تكاليف إضافية كبيرة، خاصة بعد قيام الحكومة برفع سعر الغاز الموجه إلى المصانع كثيفة الاستهلاك إلى 4 دولارات، ولقليلة الاستهلاك إلى 3 دولارات. وأشار إلى أن الشركات بذلك ستحصل على الغاز بالسعر العالمي وليس بالسعر المدعم جزئيا من الحكومة المصرية الآن، بالتالي سيؤثر على أسعار منتجاتها وعلى ربحيتها.