واشنطن تسعى لإنقاذ برنامجها لحماية البيئة من براثن الاحتيال

يستغله البعض لتحقيق ملايين الدولارات

وطبقا لبرنامج هيئة حماية البيئة، الذي تم تدشينه عام 2009. يحصل كل منتج يصنع وقود الديزل من زيوت نباتية ودهون حيوانية على شهادات طاقة متجددة عن كل غالون يصنعه (أ.ب)
TT

ينتظر رجل في ولاية ميريلاند الحكم على خلفية تهمة ربما تبدو غير عادية وهي بيع شهادات طاقة متجددة (تثبت توليد الوقود من مصدر طاقة متجدد) زائفة واستخدام 9.3 مليون دولار حققها بشكل غير قانوني في شراء مجوهرات وأسطول من السيارات الفاخرة. في حالة مماثلة في تكساس، واجه رجل اتهاما ببيع شهادات زائفة بقيمة 42 مليون دولار. واشترى عقارات وسيارة «بنتلي» وطائرة «غولفستريم». وبحسب تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» نتيجة لانتشار هذه الحالات، تتجه هيئة حماية البيئة نحو إعادة تجهيز برنامج يقوم على تلك الشهادات من أجل تشجيع استخدام وقود ديزل نظيف في المحركات. على الجانب الآخر، ركزت صناعة التكرير على هذه الأمور كحجة للقول بأن ما تفرضه الحكومة فيما يتعلق بالوقود لا يجدي نفعا وينبغي أن يتم التخفيف من صرامة القوانين أو إلغائها كليا.

وطبقا لبرنامج هيئة حماية البيئة، الذي تم تدشينه عام 2009. يحصل كل منتج يصنع وقود الديزل من زيوت نباتية ودهون حيوانية على شهادات طاقة متجددة عن كل غالون يصنعه. ويمكن للمنتج أن يعيد بيع هذه الشهادات إلى شركات تكرير، يدفعون ملايين الدولارات بأمر من الحكومة لدعم الحد الأدنى من الإنتاج. ويحدث هذا البيع للشهادات في إطار إذعان الشركات لهذا بموجب قوانين البيئة الفيدرالية. المشكلة هي وجود ثلاث شركات تبيع شهادات زائفة من دون إنتاج أي وقود ديزل حيوي بحسب تصريح هيئة حماية البيئة العام الماضي. ورفض مسؤولو الهيئة التعليق على الأمر في هذا المقال. ولا يمكن تأكيد عدد الشهادات الحقيقية. وحتى هذه اللحظة تم اكتشاف شهادات زائفة تفوق قيمتها المائة مليون دولار بحسب تقديرات العاملين في مجال التكرير. ويمثل هذا العدد 5% من الشهادات التي تم إصدارها منذ عام 2009 تقريبا، لكن هذه النسبة قابلة للزيادة في ظل التحقيقات الحالية الخاصة بمنتجين آخرين.

ويعد تزوير هذه الشهادات أسهل من تزوير ورقة مالية فئة المائة دولار. لا يوجد شكل محدد للشهادات ذات الـ28 رقما والتي تعرف بـ«أرقام هوية متجددة» ويتم تداولها عبر الوسائط الإلكترونية. من ضمن الشركات التي ابتاعت هذه الشهادات المزيفة «إيكسون موبيل» و«ماراثون» و«سونوكو». في شهر أبريل (نيسان) الماضي، أعلنت هيئة حماية البيئة عن تسويات مع شركات نفط قدمت بأرقام غير صحيحة باعها منتجان من ثلاثة منتجين محتالين. وتراوحت الغرامات، التي تصل إلى 30 سنتا لكل غالون من الوقود الحيوي، بين بضعة آلاف من الدولارات و350 ألف دولار. وطلبت الهيئة من هذه الشركات تقديم شهادات سليمة بدلا منها. مع ذلك لا يزال العاملون في الصناعة يرون أن الجزاءات غير عادلة، حيث يرون أن البائعين عديمي الضمير كانوا يقومون بذلك بموافقة الهيئة التي أدرجت أسماؤهم على قائمة المنتجين على موقعها الإلكتروني. ولم تمح الهيئة أسماءهم حتى بعد بدء التحقيقات الفيدرالية عن الشركات الثلاث، كما أوضح بوب غريكو، مدير مجموعة «معهد النفط الأميركي» لشؤون عمليات الصناعة، في مؤتمر صحافي مؤخرا.

وتعمل الهيئة حاليا على وضع قانون يوضح تفصيلا ما ينبغي على شركة التكرير فعله من أجل التحقق من سلامة شهادات الطاقة المتجددة التي تشتريها. ووعدت الهيئة بتحديد نسخة بحلول نهاية العام، لكن تريد الصناعة من الهيئة التحرك على نحو أسرع من ذلك في إشارة إلى ضرورة منح التشريع فرصة النقاش المجتمعي حتى يخرج في صورته النهائية. وتريد شركات النفط، التي كانت قد اعتادت لفترة طويلة الدخول في صراعات مع الهيئات التنظيمية في واشنطن، من الهيئة ضمان عدم توقيع جزاءات على شركات التكرير في حال شرائها لشهادات يتبين فيما بعد أنها زائفة. وأشارت هيئة حماية البيئة إلى استعداداها للقيام بذلك، شريطة تيقظ وحرص شركات التكرير عند شرائهم الشهادات أي كان القانون الذي تعتمده الهيئة.

مع ذلك لم يتضح بعد ما إذا كانت الهيئة سوف تخضع لمطلب آخر من شركات التكرير ومنها التنازل عن شرط تقديم الشركات شهادات بديلة في حال ما تبين زيف ما معها من شهادات. وترى شركات النفط أنها إذا كان عليها تقديم شهادات بديلة عن الشهادات المزيفة، من المحتمل أن يحدث عجز في الشهادات ذات أرقام الهوية المتجددة في بداية العام المقبل. أقامت شركات النفط دعاوى قضائية ضد شركة «أوشن كونيكت» في وايت بلينز بولاية نيوجيرسي، والمتخصصة في شراء الشهادات ذات الأرقام المتجددة من صغار المنتجين وبيعها بكميات كبيرة، حيث اشترت تلك الشركات شهادات تبين لاحقا أنها مزورة. وقال إيريك روبيري، رئيس الشركة، إنه حتى في حال تنازل هيئة حماية البيئة عن الغرامات، سيقل عبء التعويض عن هذه الشهادات الزائفة ولن ينتهي. وأوضح قائلا: «سيقولون لنا لا بأس لن نفرض عليكم غرامات بمئات الآلاف من الدولارات، لكن سيتعين عليكم شراء من 6 إلى 8 ملايين بطاقة ذات أرقام متجددة. ستكون الغرامة الحقيقية هي مزيج من كل ذلك».

كان لقضية الاحتيال في هذا المجال أصداء في الكونغرس، حيث وجه أعضاء الحزب الجمهوري في لجنة الطاقة والتجارة في مجلس النواب، أسئلة عن إشراف الهيئة على البرنامج. وفي خطاب إلى النائب عن ولاية ميتشيغان، فريد آبتون، رئيس اللجنة، أوضح مساعدان إداريان في الهيئة، أن الهيئة تبنت نهجا توعويا لمشتري الشهادات مفترضة أن شركات النفط ستكون قادرة على الوصول إلى المنتجين الشرعيين. مع ذلك أوضحت الهيئة أنه في ضوء «التطورات الأخيرة»، في إشارة إلى حالات الاحتيال الثلاثة التي حدثت مؤخرا، تتفهم الهيئة ضرورة إعادة تقييم هذا النهج.

ويقول منتجو الوقود الحيوي الشرعيون والمصرح لهما بممارسة هذا العمل، والذين لا يملكون ميزانية كبيرة للحشد، إن القوانين الجديدة الخاصة بالاحتيال سوف تضرهم. وتبتعد الكثير من شركات التكرير عن عدد من المنتجين الصغار لصالح الموردين الكبار الذين لهم أسماء لامعة في السوق منذ الاعتراف بانتشار عمليات احتيال في أمر الشهادات في نهاية العام الماضي.

وقال بين إيفانز، المتحدث باسم اللجنة القومية لوقود الديزل الحيوي: «إذا كان أمامهم منتج صغير لم يسمعوا به من قبل، بالتأكيد سيترددون في شراء الشهادات منه». وبعد حديث الهيئة عن تورط شركتين في عمليات الاحتيال، تم الابتعاد عن صغار المنتجين على حد قول ليف فورير، شريك في «بيدمونت بايوفيولز» التي تعمل في مجال إنتاج وقود الديزل الحيوي في وسط ولاية نورث كارولينا. وأضاف: «لم نتمكن من بيع شهادات ذات أرقام متجددة رغم قولنا إننا سنبيعها بسعر مقبول لم تسمع الشركات به من قبل». وأوضح أنه حتى الآن تحصل شركة «بيدمونت»، التي تنتج نحو مليون غالون سنويا فقط، على نحو 68 سنت مقابل كل بطاقة، في حين أن سعر الشهادات التي تبيعها الشركات الكبيرة 80 سنت. وأوضح فورير أنه قبل شراء الشهادات تعين شركة النفط حاليا مدقق للعمل مع الشركة المنتجة. وتعد تكلفة التحقق من إنتاج شركته الصغيرة الباهظة بالنسبة لشركة التكرير مثل تكلفة الشركات الكبيرة التي ستشتري الشركة منها المزيد من الشهادات مما يعني أن شركة التكرير سترغب في دفع مبلغ أقل. إذا كان سيتم فرض على شركات التكرير الاستعانة بمدقق للتأكد من سلامة التعاملات مع شركته، بموجب القوانين الجديدة حسبما يتوقع فورير، سيزداد الوضع سوءا.