جدل بعد إعلان مبكر عن نتائج «غوغل» المحبطة

سهم الشركة فقد 69 دولارا قبل أن توقف بورصة «ناسداك» التعامل به

تراجع صافي دخل الشركة إلى 2.18 مليار دولار أو 6.53 دولار كأرباح على السهم بعد أن كان 2.73 مليار أو 8.33 دولار كأرباح على السهم (أ.ف.ب)
TT

أصدرت شركة «غوغل» تقرير أرباح مثيرا للإحباط أول من أمس، أدى إلى انخفاض سعر السهم وسلط الضوء، بحسب تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» على التحديات التي تواجهها الشركة في عالم تحقيق أرباح من خلال عالم الهواتف الجوالة. ويمثل عالم الهواتف الجوالة بالنسبة إلى «غوغل» نعمة ونقمة في آن واحد، فالهواتف الذكية والأجهزة اللوحية تجذب مستخدمين جددا ويتبعهم المعلنون، لكن الإعلانات التي تعرض على الهواتف الجوالة أقل سعرا من تلك التي تعرض على الكومبيوتر.

وذكرت الشركة أن السعر الذي يدفعه المعلنون من أجل نقرة على الإعلان المعروض على الكومبيوتر انخفض بنسبة 15 في المائة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي. لقد كان هذا هو رابع ربع على التوالي ينخفض فيه السعر حتى مع ارتفاع عدد النقرات على الإعلان بنسبة 33 في المائة. ومن أسباب ذلك مشاهدة المستخدمين لإعلانات «غوغل» على هواتفهم الجوالة أثناء استراحة الغداء أو في السرير، لا على أجهزة الكومبيوتر الخاصة بهم. مع ذلك لم يكن تحدي تحقيق أرباح من خلال الإعلانات المعروضة على الهواتف الجوالة هو السبب الوحيد لتراجع صافي عائدات «غوغل» والأرباح على السهم إلى مستوى أدنى من توقعات المحللين، حيث تخسر شركة «موتوريلا موبيليتي» المتداعية، التي تعمل في مجال تصنيع الهواتف الجوالة والتي استحوذت عليها «غوغل»، كثيرا من الأموال مؤخرا.

مع ذلك، أوضح التقرير أن «غوغل» تحاول جاهدة حل لغز عائدات الهواتف الجوالة. وليست شركة «غوغل» وحدها هي التي تواجه هذه المعضلة، فشركات تعمل في مجال التكنولوجيا مثل «فيس بوك» و«أبل» و«مايكروسوفت» تواجهها أيضا.

ومثلما أحدث الإنترنت تغييرا وتحولا كبيرا في نماذج العمل التقليدية للمطبوعات الورقية منذ ما يزيد على العقد، تعيق الهواتف الجوالة الآن العمل على الإنترنت. وقال كولين غيليس، محلل في «بي جي سي بارتنرز»: «تخلق كل هذه الأجهزة الجوالة عالما من النقرات أقل قيمة بالنسبة للجهات المعلنة»، مشيرا إلى أن سعر النقرات على الإعلانات، التي تُعرض على الهواتف الجوالة، أقل من سعر الإعلانات التي تعرض على أجهزة الكومبيوتر.

وأضاف: «العرض يسير على ما يرام، لكنه سيستمر في النمو أكثر وأكثر وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى انخفاض قيمة المخزون». وكان من المفترض أن تصدر شركة «غوغل» التقرير الخاص بأرباحها بعد انتهاء التداول، لكن نظرا لخطأ من جانب الناشر المالي، قدمت الشركة التقرير بالخطأ إلى لجنة الأوراق المالية والبورصة قبل عدة ساعات من الموعد المحدد. وسرعان ما انخفض سعر السهم بنسبة تزيد على 9 في المائة أو 68 دولارا، قبل أن توقف بورصة «ناسداك» التعامل في السهم في وقت مبكر من فترة ما بعد الظهيرة. وانخفض سعر السهم عند الإغلاق بنسبة 8 في المائة، ثم عاود الارتفاع بنسبة واحد في المائة عند التداول بعد ساعات العمل الرسمية.

وبذل مسؤولو «غوغل» التنفيذيون جهدا كبيرا يوم الخميس خلال مؤتمر صحافي أمام محللين هدفه طمأنة المستثمرين والتأكيد لهم على استعداد الشركة لمواجهة التحديات التي يمثلها عالم الهواتف الجوالة وتوجهها نحو إحداث تحول في نموذج العمل الخاص ليتماشى مع الوضع.

وقال لاري بيدج، الرئيس التنفيذي لشركة «غوغل»: «لا تمثل أرباح عالم الهواتف الجوالة سوى جزء ضئيل جدا من الأرباح التي نحققها من الإعلانات على أجهزة الكومبيوتر». وأوضح أن الشركة تسعى إلى الوصول لطرق جديدة من أجل تحقيق المزيد من الأرباح مع تزايد استخدام الناس للهواتف الجوالة والأجهزة اللوحية، إضافة إلى أجهزة الكومبيوتر العادية أو بدلا منها، مشيرا إلى أن الشركة مستعدة لخوض هذه المرحلة الانتقالية وتحقيق الأرباح منها. وقال بيدج: «لست قلقا على الإطلاق من هذا الأمر على شركتنا، فهو فرصة كبيرة لنا».

وصرحت الشركة بأنها في طريقها لتحقيق أرباح قدرها 8 مليارات دولار من الهواتف الجوالة بما في ذلك الإعلانات ومبيعات التطبيقات، وإن لم يوضح تفصيلا النسبة التي سيتم تحقيقها من الإعلانات، مكتفيا بالقول إنها نسبة كبيرة.

ولم تكن إعلانات الهواتف الجوالة هي السبب الأوحد لتراجع سعر النقرة على الإعلان على حد قول باتريك بيتشيت، المسؤول المالي في شركة «غوغل»، لكن هناك عدد من العوامل الأخرى التي لها علاقة بالأمر، ومنها تقلبات أسعار صرف العملات والتوازن بين أسواق الدول المتقدمة وذات الاقتصادات الناشئة وعدد الإعلانات على مواقع «غوغل» مقابل المواقع الأخرى على شبكتها، فضلا عن التغيرات في نوعية الإعلانات.

مع ذلك، يمثل التزايد الكبير في عدد مستخدمي الهواتف الجوالة صعوبات، حيث تبلغ حصة «غوغل» من سوق الإعلانات على الهواتف الجوالة 55 في المائة، وتبلغ 95 في المائة من إعلانات البحث على الهواتف الجوالة، بحسب شركة «إي ماركتر» التي تعمل في مجال أبحاث الإعلانات الرقمية.

مع ذلك، من أسباب تراجع سعر الإعلان عدم اقتناع المعلنين بأن الإعلانات على الهواتف الجوالة تحدث التأثير نفسه الذي تحدثه الإعلانات على الكومبيوتر. ينقر الناس على الإعلانات على الهواتف الذكية أكثر مما ينقرون على الإعلانات التي تعرض على أجهزة الكومبيوتر، حيث تبلغ نسبة الأولى 5.1 في المائة، بينما تبلغ نسبة الثانية 2.4 في المائة وفقا لبيانات شركة «مارين سوفتوير»، التي تعمل في مجال التكنولوجيا التي يستخدمها المعلنون في شراء إعلانات على «غوغل» و«بينغ» و«فيس بوك» ومواقع أخرى.

ويعزى هذا إلى كبر مساحة الإعلانات على شاشة الهاتف الجوالة، وإجابتها عن الأسئلة الفورية التي يتم طرحها من خلال الأجهزة الجوالة على شاكلة «أين تقع أقرب حانة من استاد ملعب بيسبول» على حد قول غاغان كانوار، مدير الأبحاث والشراكة في شركة «مارين».

وتبلغ نسبة المستخدمين الذين يشترون بعد النقر على إعلانات على أجهزة الكومبيوتر 4 في المائة، في حين تبلغ نسبة المستخدمين الذين يشترون بعد النقر على إعلانات على الهواتف الجوالة 2 في المائة، لذا يقل سعر الإعلان على الهواتف عن سعر الإعلان على أجهزة الكومبيوتر.

مع ذلك يرى كانوار أن هذا يتغير مع ابتكار شركة «غوغل» وشركات أخرى أنواعا جديدة من الإعلانات، مثل التي تدفع الناس إلى النقر على رقم هاتف محمول في إعلان على الهاتف المحمول من أجل الاتصال بشركة ما، فضلا عن طرق أخرى جديدة من أجل معرفة ما إذا كان الإعلان يدفع الناس إلى الشراء، مثل «غوغل أوفرز» التي تستخدم كوبونات على شاكلة التي تستخدمها شركة «غروبون». وقال: «لقد بدأت الهوة تضيق، لذا من المتوقع أن نرى تزايدا في الطلب على إعلانات الأجهزة الجوالة من قبل الجهات المعلنة على المدى الطويل».

ومن التحديات الأخرى المتعلقة بعالم الإعلان على الهواتف الجوالة، التي تواجهها «غوغل»، هي أن أغلب البحث عبر الهاتف الجوالة يتم من خلال أجهزة «أبل»، التي تدفع «غوغل» لها نصيبا من العائدات، بحسب قول جوردان روهان، محلل في «ستيفل نيكولاس».

وذكرت الشركة أن عائداتها خلال الربع الثالث بلغت 14.1 مليار دولار، بزيادة نسبتها 45 في المائة عن الربع السابق. وبلغ صافي العائدات، بعد اقتطاع ما يتم دفعه لشركاء الإعلانات 11.33 مليار دولار، بزيادة قدرها 7.51 مليار دولار. مع ذلك، تراجع صافي دخل الشركة إلى 2.18 مليار دولار أو 6.53 دولار كأرباح على السهم، بعد أن كان 2.73 مليار أو 8.33 دولار أرباحا على السهم.

المفاجئ في هذه الأرقام التي فاقت كل التوقعات كان ارتفاع سعر السهم خلال ربع السنة بشكل كبير، حيث بلغت نسبة ارتفاعه 35 في المائة عن الربع الماضي بفضل الأداء القوي في المجال الجديد مثل الإعلانات التي تظهر بجانب المحتوى على شبكة الإنترنت، وتراجع أداء شركات منافسة مثل «فيس بوك».

أصبحت شركة «غوغل»، التي ظلت لفترة طويلة تحتل مكانة بارزة في مجال الإعلانات بحصة من السوق بلغت 75 في المائة، تشغل حاليا موقع القيادة في أشكال أخرى من الإعلانات الرقمية سواء على الإنترنت أو على الهواتف الجوالة، بحسب تصريح «إي ماركتر». قبل المؤتمر الذي عقد مؤخرا، تراجع سعر السهم بسبب القلق من فقدان ثقة المستثمرين والتحقيقات الخاصة بالخصوصية التي يجريها المنظمون في الولايات المتحدة وبلدان أخرى، فضلا عن مباعث قلق أخرى تجاه شركة «موتوريلا»، واحتمال دخول «غوغل» في استثمارات جديدة لمواجهة تباطؤ نمو إعلانات البحث.

وكان أول ربع يتم احتساب فيه أرباح شركة «موتوريلا موبيليتي» هو الربع الأول، وأضاف أداؤها إلى نتائج «غوغل». لقد خسرت الشركة خلال الربع الحالي 527 مليون دولار، على الرغم من الخفض الكبير في النفقات وتسريح العمال. وتعد لجنة التجارة الفيدرالية توصية لمقاضاة «غوغل» بسبب ارتكاب مخالفات تدعو إلى فقدان الثقة فبل نهاية العام. وحذر المنظمون الأوروبيون خلال الأسبوع الحالي من تعرض «غوغل» لعقوبات في حال ما إذا رفضت تعديل سياسة الخصوصية التي تتبعها. وحمّلت «غوغل» شركة «دونيلي أند سانز»، التي تولت النشر، مسؤولية نشر تقرير الأرباح مبكرا. وصرحت شركة «دونيلي» بأنها تحقق في أمر هذا الخطأ.

وكانت «غوغل» تستعد لإطلاق مفاجأة كبيرة على الإنترنت يوم الخميس. ووصل تقرير الأرباح في الوقت الذي كان يتجمع فيه الصحافيون لحضور المؤتمر الصحافي لتدشين جهاز الكومبيوتر المحمول الجديد الذي يعمل بنظام تشغيل «كروم». وعندما بدأ الصحافيون يتهامسون ويسربون الحدث، أعلنت شركة «غوغل» أنها نشرت أيضا على الإنترنت بطريق الخطأ الإعلان عن أجهزة المحمول الجديدة قبل الموعد المحدد. في وقت لاحق من ذلك اليوم، وصل موقع «يوتيوب» إلى بعض المستخدمين قبيل استعداد «غوغل» للإعلان عن أرباحها على «يوتيوب».

كان تقرير الأرباح مسودة مبدئية حيث وضعت الشركة عبارة «اقتباس بيندينغ لاري» في المساحة التي كانت تعتزم فيها الشركة كتابة اقتباس لبيدج. وسرعان ما ظهر حساب مزيف على موقع «تويتر» باسم بيندينغ لاري وعليه رسائل، مثل: «أعني أنها الرابعة والنصف في مكان ما في العالم، أليس هذا صحيحا؟».