مصر: الحكومة تعود للاستعانة بمواطنيها لدعم الاقتصاد وتمويل مشاريع استثمارية

تسعى لطرح صندوق استثماري 60% منه للمصريين و20% للعرب

TT

عادت الحكومة المصرية للاستعانة بمواطنيها للمرة الرابعة بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير (كانون الثاني) عام 2011م لدعم اقتصادها، وهذه المرة تسعى للاعتماد على أموالهم في إقامة مشاريع استثمارية كبرى عبر صندوق استثماري يتم الاكتتاب فيه. يأتي ذلك في وقت يتوقع فيه خبراء عدم نجاح أي مبادرات حكومية لدعم الاقتصاد المصري بمساندة المواطنين، بسبب عدم الاستقرار السياسي في البلاد.

وتعتزم الحكومة المصرية إطلاق صندوق للاستثمار برأس مال تسهم فيه الدولة بنسبة 20 في المائة والمستثمرون العرب بنسبة 20 في المائة، بينما تكون النسبة الباقية وهي 60 في المائة للمستثمرين والمواطنين المصريين في الداخل والخارج. وقال وزير الدولة للشؤون القانونية والبرلمانية المصري الدكتور محمد محسوب، خلال لقاء في لندن نظمه اتحاد المصريين في أوروبا، إن «مساهمة الدولة ستكون عينية في شكل أراض يتم توفيرها للمشاريع التي يدخل فيها الصندوق الذي سيتم منحه وضعية متميزة بالنسبة للاستثمار في جنوب قناة السويس كنواة لاستثمارات هائلة يتم الإعداد لها على ضفتي القناة لتصبح منطقة منافسة على مستوى العالم».

وأضاف أنه «سيتم الاكتتاب بين المصريين في الداخل والخارج وأن الدولة ستضمن رأس مال هذا الصندوق، وهو إجراء غير مسبوق فلا توجد أي ضمانات من الدول لمثل هذا النوع من الصناديق، إلا في هذا المشروع المصري».

وأوضح أن الدولة ستضمن حدا أدنى من الأرباح، كما ستلتزم بوضع حصة عينية ويشترط أن من يدير الصندوق لا يكون من بين المساهمين فيه، بل شركة إدارة متخصصة، والدولة ستعطي أولوية لهذا الصندوق بالاستثمار في المناطق المتميزة في المشاريع حول قناة السويس وشرق التفريعة.

وبعد ثورة 25 يناير، حاولت الحكومات المتعاقبة الاستفادة من مدخرات المصريين، ففتحت أول حكومة بعد الثورة بابا لقبول التبرعات من المصريين، وقال وزير المالية وقتها سمير رضوان، إن «قيمة التبرعات التي تلقتها بلاده جاءت أقل بكثير من التوقعات». وبعد نزيف احتياطي البلاد من العملة الأجنبية، قامت الحكومة المصرية بإصدار شهادات دولارية للمصريين في الخارج بعائد يصل إلى 4 في المائة بهدف جمع نحو 2.5 مليار دولار، إلا أنها حصلت على 110 ملايين دولار رغم ارتفاع العائد على تلك الشهادات. وقامت مؤخرا بطرح أراض للمصريين في الخارج يتم تحصيل ثمنها بالدولار، إلا أن الإقبال على تلك الأراضي بدا ضعيفا جدا مما جعل الحكومة تقدم تيسيرات جديدة تشمل تخفيض أسعار الأراضي وتيسيرات في طرق السداد.

وقال عمرو سليمان، رئيس مركز الدراسات بالاتحاد العام للمصريين بالخارج، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الاستثمار عادة يتطلب استقرارا سياسيا واقتصاديا وأمنيا، وهذا لم يتحقق حتى الآن في مصر، فمصير نظام الحكم بالبلاد جعل المحاولات التمويلية محاطة بجزء كبير من التشكك في نجاحها».

وأضاف سليمان أن «المصريين في الخارج لا يثقون في تعاملاتهم مع الحكومة، وهو ما جعل البلاد لا تستفيد من تحويلاتهم التي تتجاوز دخل قناة السويس مرتين ونصف المرة».

وأشار سليمان إلى أن هناك تجارب ناجحة للتعاون مع المصريين في الخارج، ففي عام 1984 تم تأسيس كيان اقتصادي خاص للمصريين بالخارج، وتم تأسيس شركة باسم المصريين في الخارج وقتها، وحققت الشركة نجاحا كبيرا، وخرجت من عباءة الشركة عدة شركات أخرى مثل «المصريين للإسكان» و«المصريين لإدارة المحافظ» وغيرهما، وتعتبر تلك الشركة من المحاولات الناجحة للاستفادة من تحويلات المصريين في الخارج.

وأضاف سليمان أن «ما يتشكك فيه المصريون الآن، هو مدى قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها في ظل الأزمات التي تمر بها حاليا، وحتى يتم التعاون بين المصريين والحكومة يجب القضاء على الفساد ووضع رؤية اقتصادية واضحة للبلد وتحقيق استقرار سياسي، فلا يمكن الحديث عن مشاريع تنموية وأنت لا تعرف ما إذا كانت اللجنة الموضوعة لصياغة الدستور ستستمر أم لا»، مشيرا إلى أن المصريين في الخارج يسعون بكل السبل لمساعدة البلاد، لكنهم يخشون من كمية الفساد في البلاد، وأعطى سليمان مثالا على ذلك بمبادرة أطلقها المواطنون في الخارج، أطلقوا عليها «مبادرة لدعم التعليم الفني والصناعي لبناء مائة مدرسة»، واشترطوا أن يتم صرف الأموال من خلال فتح حساب في البنك المركزي ويتم الصرف عبر فواتير المقاولين.