لمَ تتكرر أزمة أسعار الأضاحي؟!

سعود الأحمد

TT

في كل عام ومع قرب عيد الأضحى المبارك تتعالى الشكاوى من قفزات أسعار الأضاحي. والنقص المفتعل في المعروض! لكنها شكاوى لا تجد لها مجيبا. ويقف خلفها تجار محتكرون انتهازيون لحاجات الناس الموسمية! فأين مكمن المشكلة وسبل معالجتها والمتسبب فيها؟ وهل من محاسبة؟! مثل هذه القضية، ينتظر من الجهات المعنية (في كل دولة) أن تتحمل مسؤوليتها، لتجيب عن هذه الأسئلة حيالها. إذ لا بد أن تتحرك الجهات المعنية مثل وزارة التجارة والصناعة ووزارة الشؤون البلدية ووزارة الشؤون الإسلامية ووزارة المالية ووزارة الاقتصاد ووزارة الزراعة ووزارة الصحة.. ينتظر منها أن تشكل لجنة تدرس هذا الواقع وتقدم الحلول المناسبة له. فلا يكفي من وزارة التجارة أن تطلق مؤشرا لمتوسط أسعار الأضاحي، وتطلق التصريحات لوسائل الإعلام بأن أسعار الأضاحي تقفز لتتجاوز 2000 ريال، فمؤشرات الأسعار (في الأصل)، شأن إحصائي يفترض أن تقوم به مصلحة الإحصاءات العامة! لماذا لا تنظر الوزارة إلى السلع البديلة والمكملة؟ وبما أن مشكلة قفزة أسعار الأغنام تتكرر في موسم عيد الأضحى المبارك بوجه خاص، فلماذا لا يغطى الطلب بتوفير الأعداد الكافية من الأنواع التي تحتاجها السوق؟! بدلا من هذا التكرار للمشكلة الذي أثر سلبا حتى على أسواق الدول المجاورة والدول المصدرة؟! ومن الأسباب المنظورة لهذا الارتفاع الجنوني لأسعار الأغنام أن المضحين مجمعون (تقريبا) على شراء أضاحيهم قبل العيد وذبحها (في وقت واحد تقريبا) بعد صلاة العيد مباشرة. لأن السبب وراء عدم شراء أضاحيهم بوقت مبكر قبل العيد، أنها تحتاج إلى حظائر خاصة لحفظها وإطعامها ورعايتها فيها. وهذا يعني أن الغالبية العظمى تتجه للأسواق لشراء أضاحيها في وقت قصير لتقفز بالأسعار كل عام! وهذه المشكلة يمكن حلها بتشجيع الباعة من أصحاب الحظائر بالتسليم في الوقت الذي يرغب فيه الزبون خلال أيام العيد الأربعة. والنقطة الثانية أن البعض واتباعا للسنة يؤجل الحلق إلى أن يذبح أضحيته، مع أن الأمر فيه فسحة. مع أنه يمكن تأجيل الشراء والحلق إلى اليوم الثاني والثالث والرابع لتلافي ضغط الطلب على أسواق المواشي بوقت قصير.

ولا أنسى التحذير من خطورة فوضى الجزارين المتجولين أيام العيد، والذين منهم عمالة غير نظامية ليس لهم مرجعية. وما قد يحملونه من أمراض معدية: من وباء كبدي وأمراض تنفسية وجلدية وحساسية.. وأمراض أخطر كالإيدز والهربز وإنفلونزا الخنازير وغيرها، مما ينتقل عن طريق الدم، خصوصا مع عرضة الجزار للجروح أثناء الذبح. إضافة إلى ارتفاع أسعارهم وتدني مستوى مهاراتهم! مثل هذه المشكلة يمكن حلها بتوفير مسالخ متنقلة في عربات بعمالة مؤهلة صحيا وفنيا، بحيث تؤمن لهم مواقع في الأحياء المختلفة بالمدن الرئيسية وتشرف عليها الجهات الرسمية المختلفة، شأنها شأن المسالخ الكبيرة. وتستغل بقايا هذه المواشي من جلود وصوف وغيرها بشكل أفضل مما هي عليه الآن! أختتم بالقول: أعتقد أن الوقت الآن مناسب لمواجهة هذه الظاهرة. فلا ننتظر قرب العيد المقبل ونبحث عن الحلول السريعة المتعجلة! فالعيد المقبل آت لا محالة. ثم لماذا نغفل الدور الحيوي للجامعات ومراكز البحث العلمي، فمثل هذه الظواهر يجب أن يكون للجامعة رأي فيها وللبحث العلمي المستقل دور في معالجتها. فليس دور الجامعات في المجتمعات الحضارية مقصورا على طباعة وتدريس العلوم أو التلقين بها!

* كاتب ومحلل مالي [email protected]