خبير اقتصادي يتوقع طفرة اقتصادية سعودية ثالثة خلال الأعوام المقبلة

أسامة جابر حمودة: «ثري إم» تتجه نحو التوسع الصناعي وتطوير الشباب السعودي

أسامة جابر حمودة المدير العام لشركة «ثري إم» السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

توقع خبير اقتصادي أن تشهد الأعوام المقبلة نموا متسارعا في وتيرة الاقتصاد السعودي، مبينا أنه من أكثر الاقتصاديات في العالم جاذبية للاستثمار الأجنبي في المرحلة الحالية، وعزا ذلك لعدة أسباب، منها تمتع السعودية باستقرار على كافة الصعد، يأذن بحدوث طفرة ثالثة في تسارع النمو الاقتصادي.

وقال أسامة جابر حمودة المدير العام لشركة «ثري إم» السعودية في حوار خاص لـ«الشرق الأوسط»: «الاستثمارات الحكومية المتنامية في كافة المجالات، تنسجم مع خطة الحكومية لتقليل الاعتماد على البترول والبتروكيماويات مع التوسع في مجالات أخرى كثيرة، وهي عناصر بناء اقتصادي بشكل منسجم ومتلائم مع خطط (ثري إم) الاستراتيجية».

وتابع أن خطط «ثري إم» في المستقبل تركز على بحث وتطوير الجديد من المنتجات، والتعامل مع مستخدمي المنتجات في السعودية، مع تطوير المنتجات الموجودة، بالإضافة إلى الاتجاه نحو التوسع في مجال التصنيع في حدود ما يتم في مجال التطوير والتوسع عبر الأعوام، مع الاهتمام بتطوير أداء عمل الشباب السعودي وقدراته بجانب توظيفهم.

فإلى تفاصيل الحوار الذي أجرته «الشرق الأوسط» مع «ثري إم السعودية» في مكتبه بالعاصمة السعودية الرياض..

* بداية حدثنا عن فكرة عن هذه الشركة «ثري إم» من حيث الأهداف والإنجازات..

تأسست «ثري إم» في أميركا قبل نحو 110 أعوام، وبدأت أعمالها في مدينة سانتبول في ولاية ميناسوتا بأعمال لها علاقة بالتعدين، وانطلقت بعدها في اتجاهات مختلفة حتى 1954. حيث انطلقت من أميركا إلى جميع دول العالم، وتعمل حاليا في أكثر من 70 دولة في العالم ولها مكاتب، إذ إن منتجات «ثري إم» تصل إلى نحو 200 دولة في العالم، وتتنوع منتجات هذه الشركة وحلولها بشكل عام في نحو ستة مجالات أو أسواق مختلفة، أولها الكهرباء والاتصالات والإلكترونيات، وثانيها أشغال لها علاقة بالصناعات المتعددة والمختلفة والنقل، وثالثها الرعاية الطبية سواء الصحية للأشخاص أو للأسنان، ولدينا قسم للمنتجات الاستهلاكية سواء للمكاتب أو البيوت، كما لدينا الأعمال المتعلقة بلوحات الطرق ولوحات الإعلانات ولوحات سلامة النقل المروري، ولنا أعمال متعلقة بأمن وسلامة الوثائق وسلامة وأمن الأشخاص.

* وماذا عن وجود شركة «ثري إم» في السعودية؟

في السعودية تجاوز وجود شركة «ثري إم» حدود الثلاثين عاما، حيث بدأت بمكتب صغير لا يتجاوز عدد موظفيه خمسة أشخاص، وكنا نعمل من خلال موزعين تجاوز عددهم الآن أكثر من 100 موزع في السعودية، ونعمل في قطاعات الاقتصاد المختلفة فيها، في مجال البترول وفي البتروكيماويات والصناعات بشكل عام، في المجال الطبي أو الأسنان أو المستلزمات المكتبية أو البيوت، الاتصالات والكهرباء، إلى آخره، ولدينا هدف أن يكون لدينا موزعون سعوديون في كل شيء؛ لأنهم الأقرب للسوق المحلية والأقرب للمستهلك الوطني، بما يخدم الشركة وانتشارها في السعودية، وهدفنا بطبيعة الحال ألا نكتفي فقط بالمدن الرئيسية، بل نتوسع في غير المدن وفي كافة أنحاء السعودية، فالتطور في الشركة في السعودية مستمر منذ 30 عاما وحتى الآن.

* كيف تنظر إلى السعودية كاقتصاد وقوة سوقية؟ ولماذا؟

الاقتصاد السعودي من أكثر الاقتصاديات في العالم جاذبية في المرحلة الحالية، ومن المتوقع أن تحدث طفرة ثالثة لعدة أسباب، منها تمتع السعودية باستقرار على كافة الصعد، أسفر عن تسارع في النمو الاقتصادي، فهناك الاستثمارات الحكومية المتنامية في كافة مجالات الاقتصاد، كما نعلم أن للحكومة السعودية خطة لتقليل الاعتماد على البترول والبتروكيماويات مع التوسع في مجالات أخرى كثيرة، وهي عناصر بناء اقتصادي بشكل منسجم ومتلائم مع خطط «ثري إم» الاستراتيجية؛ لأننا نعمل في كل مجالات الاقتصاد والسوق بشكل عام، ما يعني تواؤما بين خطط الحكومة السعودية في مجالات الاقتصاد وأهداف «ثري إم» بشكل عام.

* بالأرقام والتقديرات.. ما إنجازات شركة «ثري إم»؟

في العادة لا تعلن شركة «ثري إم» الأرقام في الدول المختلفة، وذلك لأنها من إحدى الشركات الثلاثين التي تساهم في مقياس «داوجونز إندكس»، فهي تعلن كل نهاية فترة ربعية من العام النتائج الربعية لكافة أعمال الشركة في كافة العالم كأرقام واحدة، ولكن أؤكد أن الشركة بشكل عام تشهد تطورا ونموا مستمرين في مبيعاتها في السعودية، غير أننا نحاول إنجاز عمل شاق وكبير جدا، ونتطلع إلى استثماراتنا فيها لنعزز وجودنا فيها بالشكل الذي يناسبنا.

* ما خطة عمل شركة «ثري إم» الاستثمارية في السعودية؟

بالنسبة لاستثماراتنا في السعودية، فإن الشركة في طور إعداد ما يسمى بالخطة الخمسية لعمل الشركة في السعودية، ونحن نتطلع لعدة مجالات لتطوير وجودنا فيها من حيث الاستثمارات في المستقبل، حيث بالإمكان أن نتجه نحو التصنيع لمنتجات الشركة وللمنتجات الطبية والصحية والمنتجات الاستهلاكية بشكل عام، ولذلك لدينا توجهات تحت الخطط، وهي في طور التطوير، وستبرز ملامحها خلال أربعة أشهر من الآن، وطبعا بعدما نقوم بتطويرها محليا سنقوم بإرسالها لرئاسة الشركة بأميركا، ومن الصعوبة بمكان تحديد المخصصات المالية لهذه المستهدفات قبل التصديق عليها من الرئاسة.

* أليس من هدف محدد لـشركة «ثري إم» لتحقيق رقم معين من مبيعاتها في السعودية؟

حقيقة نطمح إلى أن تحقق مبيعاتنا أكثر من مليار ريال (270 مليون دولار) في السعودية خلال 5 إلى 10 أعوام، ولكن حتى الآن من الصعوبة بمكان تحديد حجم الاستثمار بشكل دقيق، فنحن نحتاج لاختبار السوق المحلية، ومن ثم تسريع عملية الإنتاج التي تتواكب مع حجم السوق ومتطلباتها، خاصة أن شركة «ثري إم» من الشركات المتحفظة، التي تبدأ بالاستثمار في مجال ضيق لتقوم بعدها بالتوسع في حال كانت النتيجة إيجابية، حسب النجاحات التي نحققها، والتي تنقلنا من مرحلة إلى مرحلة أخرى مقبلة.. وهكذا دواليك.

* حدثنا عن نجاحات وإنجازات ملموسة لـشركة «ثري إم» في السعودية؟

نعتبر أن أكثر المجالات التي نجحت فيها شركة «ثري إم» في السعودية هو المجال الطبي، ولذلك نعمل بشكل وثيق مع وزارة الصحة ومع مستشفيات مثل الحرس الوطني ومستشفيات حكومية أخرى، حيث نساعد هذه الجهات وغيرها في إحداث نقلة في مستويات التعقيم فيها إلى أعلاها، والحصول على شهادات تصنيف أعلى في عدة مجالات داخل المستشفيات، وحاليا نعمل وفق برنامج مع وزارة الصحة، وسنتوسع فيه أكثر لأهمية هذا القطاع، كما أننا نعمل في مجال التعليم حاولنا أن ننقل المعرفة والعلم، كما أننا نجحنا في مجال إدارة السلامة المرورية، حيث إننا نعمل مع وزارة النقل على رفع مستويات مواصفات لوحات الطرق داخل السعودية، ونقدم أحدث المنتجات بجانب آخر ما توصلت إليه المعرفة والعلم للمختصين، سواء كان من ناحية المقاولين أو الاستشاريين، أو حتى مع مهندسي الوزارة عن قرب، وهناك أمر مهم جدا، وهو مجال برزت فيه الشركة بشكل كبير، وهو مجال السلامة العمالية، وهو برنامج يعنى بسلامة العمال في مواقع العمل، خاصة في الأماكن التي تكون بيئتها ملوثة ومضرة بصحة الإنسان، حيث لدينا حلول متكاملة بخدمات الصحة، خاصة المتعلقة بالكمامات المتخصصة على عدة مستويات، سواء على صعيد المواد الكيماوية أو الغازات أو البيئات المعينة، ولدينا في هذا المجال تعاون كبير في بعض الشركات السعودية العملاقة، مثل «سابك» و«أرامكو»، ومن خلالها أسهمنا في رفع معدلات السلامة للعمال والموظفين في البيئات الصعبة.

* ألا يمثل عدد الموظفين المؤهلين من السعوديين تحديا في تطبيق خطة عملكم؟

إن جزءا من الخطة الخمسية للشركة يعنى بالموارد البشرية، حيث نطلع على نوعية الوظائف ونوعية المهن التي نريد شغلها، وفي المناصب المشغولة داخل الشركة، ولذلك نحن لا نتحدث عن العدد المشغول من الموظفين بقدر ما نبقى ملتزمين باستباق نظام «نطاقات» من خلال مضاعفة النسبة التي يفرضها لشغل وظائف بالسعوديين في عدة مجالات، سواء في مجال التسويق أو الإدارة، وسواء قطاع العلاقات العامة مع الجهات الحكومية أو مديري إدارات داخل الشركة.

* ما مدى الاستفادة المتبادلة بين السعودية وشركة «ثري إم» في تطوير عمل المشاريع الحكومية الرئيسية في قطاع البنى التحتية لا سيما قطاع السكك الحديدية؟

طبعا شركة «ثري إم» عند الدخول في مشروع السكك الحديدية في السعودية ركزت على ضرورة اغتنام هذه الفرصة الكبيرة كما في غيرها من الفرص الكبيرة، وفي عدة مجالات سواء من خلال الحلول التي نقدمها للاتصالات أو الكهرباء، أو برامج السلامة، إلى آخره، وهذه المشاريع واضحة للعيان، ولكل الشركات التي لها علاقة بشكل أو بآخر بخدمات ذات صلة بهذه المشاريع، وفي هذه الحالة همنا أن نكون موجودين في مثل هذه المواقع من خلال متخصصين في نقل المعرفة والخبرات في هذه المجالات، حتى نحظى بحصتنا من السوق، فمثلا العام المقبل نرغب في التوسع والدخول في مشاريع في المنطقة الشرقية، وفي الدمام تحديدا، وبالتالي لا بد لنا أن يكون لدينا متخصصون في مجال البتروكيماويات والسكك الحديد، ومن ثم تقديم حلول تدعم الجهات المعنية في تنفيذها، بخلاف ما عليه الحال في المنطقة الغربية مثلا، وبالتالي لا بد أن تكون لها شراكات مع الجهات المعنية في هذا الصدد لنوفر الخبرات وأصحاب التخصص للمجال المعين، كما يهمنا التعاون في مجال الأبحاث والتطوير، إذ لدينا مختبرات في أميركا لبحث الحلول الجديدة لكل مشكلة جديدة، عموما نحن نعمل من خلال القطاع الخاص للوصول إلى المستهلك النهائي، الذي قد يكون جهة حكومية أو فردية أو قطاعا خاصا.. إلى غير ذلك.

* ما أبرز التحديات التي تواجه عمل شركة «ثري إم» في ظل نظام وزارة العمل السعودية؟

من حيث التحديات، أعتقد أن الصورة لدينا مختلفة في شركة «ثري إم» نوعا ما، حيث إن السعودية حينما أصدرت نظام «نطاقات» الذي يمثل حاليا تحديا كبيرا لغيرنا من الشركات، كنا قد استحدثنا على الفور برنامجا للسعودة، فمثلا إذا كان مطلوبا تطبيق سعودة 10 في المائة فنحن تلقائيا رفعنا هذه النسبة مضاعفة، وبالتالي الشركة بها أكثر من 20 في المائة من قوتها العمالية من السعوديين، وهدفنا أن نظل مطبقين سعودة بنسبة مضاعفة تماما، فالخطة حاليا أننا نوظف شبابا سعوديا في عدة وظائف مختلفة، وكنا عندما أسسنا مكتب العلم لـ«ثري إم»، لم نكن قد استعنا بوسيط من مكاتب المحاماة، إذ قمنا بتأسيسه دون وسيط، وافتتحنا كذلك مكتبا في جدة قبل أيام قليلة.

* وما التحديات التي تواجه شركة «ثري إم» على صعيد المنافسة السوقية؟

يمكن أن يكون هذا هو التحدي الحقيقي، ذلك أن شركة «ثري إم» تتمتع بحلول مستحدثة ومستوعبة لأي تغير في ظل التسارع التقني والتكنولوجي، وبالتالي التنموي، ولذلك منتجاتنا تتسم بصفة التطوير، وتكون بالتالي متقدمة، ولذلك كلما كان وجود الشركة في مكان يتمتع بمستوى عال من التقدم، حققت نجاحا أكبر بحكم أن ذلك ينسجم تماما مع ما تقدمه «ثري إم» من خدمات ومنتجات، حيث إن الحلول التي تقدمها على درجة عالية من التقدم الذي يخدم تنظيم العمل في كافة المجالات، خاصة في القطاعات الحكومية، ما يرفع درجات الأداء، ويخدم مصلحة كافة الأطراف، بما في ذلك الشركة والمجتمع الذي تعمل فيه، ولذلك فإن القطاعات والوزارات التي تقوم بتقديم مقادير كبيرة خارج المدن الرئيسية، والتي يكون مستوى التقدم فيها بطيئا، تشكل تحديا فعليا لنا في الشركة في كيفية توفير خدماتنا لمناطق بعيدة لتغطيتها، وعندها تكون مسألة تغطية خدماتنا لهذه الجغرافيات البعيدة تحديا يتطلب تسارعا ينسجم مع تسارع الخدمات الحكومية.

* ما استراتيجية وخطة عمل الشركة المستقبلية؟

بشكل عام فإن خطط «ثري إم» في المستقبل تركز على بحث وتطوير الجديد من المنتجات، والتعامل مع مستخدمي المنتجات في السعودية، مع تطوير المنتجات الموجودة، بالإضافة إلى الاتجاه نحو التوسع في مجال التصنيع في حدود ما يتم في مجال التطوير والتوسع عبر الأعوام، كما سنعمل على تطوير أداء عمل الشباب السعودي وقدراته بجانب توظيفهم، وبالتالي سيكون هناك انعكاس إيجابي لمساهمتنا في رفع المستوى المعيشي بشكل عام في السعودية، بجانب ما نقوم به حاليا من خدمات كنت قد ذكرتها في حيثيات هذا الحوار.