مسؤول ليبي لـ «الشرق الأوسط»: الأموال المجمدة والمهربة من البلاد تصل إلى 220 مليار دولار

أكد وجود دراسات لتهيئة البيئة تهدف إلى الدخول في شراكات مع السعودية في «البتروكيماويات»

جانب من اللقاء الذي نظمه مجلس الغرف السعودية للوفد الليبي برئاسة رئيس المؤتمر الليبي أمس (تصوير: خالد المصري)
TT

أوضح الدكتور محمد يوسف المقريف رئيس المؤتمر الوطني الليبي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنه بحث مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، جميع القضايا على مختلف الصعد، وعلى مستوى شامل يغطي الرؤية الثنائية حول قضايا المنطقة، مشيرا إلى أن هناك تطابقا كاملا في رؤيتي البلدين حول القضايا الدولية والإقليمية، فضلا عن القضايا الثنائية.

وقال: «إننا في السعودية نعمل على تدشين مرحلة مقبلة مبشرة، طابعها التعاون والتكامل، وذلك من خلال شراكة حقيقية استراتيجية على كافة الصعد، تتجاوز المصالح المشتركة إلى تبادل المصالح والمنافع بين البلدين لمواجهة كل التحديات التي تواجهها»، مؤكدا توفر إرادة سياسية سعودية - ليبية لتفعيل كل ما طرح وتم بحثه.

ومن ناحية أخرى، أكد رئيس المؤتمر الوطني الليبي، أن الاستثمارات السعودية التي توقفت في ليبيا مع اندلاع الثورة الليبية الأخيرة، ستنطلق بقوة مضاعفة أضعاف ما كانت عليه في السابق، مشيرا إلى اعتزام توظيف إرادة السياسية في كل من السعودية وليبيا لصناعة آلية فعالة، لتنفيذ كافة ما تم الاتفاق عليه.

وعلى صعيد آخر، أكد المقريف أن خادم الحرمين لبى رغبة ليبيا العام المنصرم وذلك بزيادة الحصة الليبية من الحجيج، مستدركا أن رغبة الليبيين تطمح إلى المزيد، داعيا لزيادة الحصة الليبية من حجيج العام المقبل.

وفي حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، أكد محمد عبد العزيز وزير التعاون الدولي بليبيا، أن تقديرات حجم الاستثمارات والعقود التي وقعها النظام الليبي البائد وضاعت في مهب الريح بعد زوالها، تفوق كل التصورات، مبديا أسفه لواقع الاستثمار الليبي، ومبينا أن سياسة ليبيا كانت في السابق سياسة معتمة، حيث إنها مارست شكلا من أشكال التعتيم الكامل عن كل ما يدخل في حصة الدخل القومي الليبي وما يخرج منه.

وقال: «للأسف لم يتسنَّ لنا حتى هذه اللحظة معرفة حجم الاستثمار الليبي الموجود في الخارج»، مبينا أن هناك نوعين من الأموال الليبية، الأول الأصول المجمدة، موضحا أن الدول الأوروبية تكرم بإعطاء الحكومة الليبية معلومات عن هذه الأموال المجمدة، ومؤكدا أنها على استعداد للعمل معها على استردادها. غير أن الرقم المخيف من الأموال الليبية الضائعة، وفق وزير التعاون الدولي الليبي، لا تعرف لها الجهات الليبية المسؤولة الآن أي وجهة، ويقصد بها الأموال التي هربتها عائلة القذافي وأركان النظام البائد وأعوانه من المسؤولين والمقربين منه. بالإضافة إلى ذلك فهناك بعض الأموال والاستثمارات الكبيرة والتي تم توظيفها تحت أسماء أجنبية، ليس للحكومة الليبية أي علم بحجمها وبوجهتها، مشددا على ضرورة تعزيز نوع من التعاون بين ليبيا وبين الدول الصديقة والدول الشقيقة، بهدف استكشاف هذه الأموال، ومن ثم معرفة الآلية المناسبة لاستردادها للميزانية الليبية وحقنها في تنمية ليبيا وإعادة بنائها.

وفي هذا الصدد قال عبد العزيز: «عبرت كافة الدول، سواء الأوروبية والآسيوية، التي لديها أموال مجمدة وأرقام استجابة لقرار مجلس الأمن، عبرت تعبيرا كاملا عن أنها على استعداد كامل على التعاون مع ليبيا في استرداد أموالها المهربة»، مشيرا إلى أن هناك فرقا بين الأموال المجمدة المعروفة، والأموال المهربة غير المعروفة، والأخيرة يلعب فيها الوقت دورا مهما في عملية استردادها.

وأضاف: «نحن عانينا كثيرا خاصة فيما يتعلق بالأموال الهاربة، التي يصل حجمها إلى 160 مليار دولار أموالا مجمدة، بالإضافة إلى ما لا يقل عن 60 مليار دولار عبارة عن أموال مهربة لا نعرف موقعها ووجهتها حتى الآن، وبالتالي بادرت الحكومة الليبية المؤقتة إلى إنشاء لجنة لاسترداد هذه الأموال، بحيث يكون لدينا تشاور ثنائي على مستوى الحكومات، وأيضا مع الشركات المهتمة بإنجاح عملية استرداد هذه الأموال حتى نتمكن من التعرف عليها».

وفيما يتعلق بسياسة الحكومة الليبية الجديدة، خاصة في الجانب الاستثماري، أكد أن الحكومة الليبية تعمل في إطار إعداد قانون استثماري متقدم، مبينا أنها حاليا تشرع في إعداد آلية لتنفيذ هذا القانون، وفي الوقت نفسه لبداية نوع من التعاون الاستثماري مع الدول الشقيقة والدول الصديقة، حتى تتمكن من الدخول في خطى سريعة في إعادة بناء الاقتصاد وفتح الاستثمار.

وزاد عبد العزيز أنه من الأهمية بمكان أن تكون هناك اتفاقية مشتركة بين هذه الدول فيما يتعلق بحماية الاستثمارات، مبينا أن الزيارة التي يقوم بها الوفد الليبي الرفيع للسعودية، تأتي في إطار الاستفادة من رؤية السعودية فيما يتعلق بالتنمية، باعتبارها رائدة في هذا المجال.

وقال: «نحن على دارية بالرؤية السعودية العميقة، وسنكون في موقع من يستفيد من هذه الرؤية ومن النجاحات والأخطاء الماضية، حتى نتلافى هذه الأخطاء، ونعتمد، بعد الله، على الإخوة الخبراء في هذه المجالات في السعودية، سواء كان على المستوى الحكومي أو المستوى الخاص، بحيث تكون هناك شراكة تضامنية بدلا من شراكة المصالح».

وفيما يتعلق باعتزام الحكومة الليبية بحث وإحياء استثمارات سعودية في قطاع البتروكيماويات، بحكم أنها تمتلك طاقة كبرى في هذا المجال، أكد عبد العزيز أن السعودية رائدة في هذا المجال، ولذلك تم ما يفيد بتعزيز حجم التعاون بين البلدين.

وقال: «نحن نتطلع إلى شراكة حقيقية مع السعودية في مجال البتروكيماويات، نظرا لخبرتها الكبيرة، حيث إن المسؤولين بصدد تنفيذ آلية لإرادة سياسية قوية بين البلدين، بهدف فتح المجال واسعا في قطاع الصناعة في مجال البتروكيماويات».

وعليه يعتقد الوزير الليبي أنه من الأهمية بمكان إقحام رجال الأعمال السعوديين فيما يتعلق بتنويع الاقتصاد الليبي، متطلعا إلى الأفضل، غير أنه أكد أن الحكومة الليبية ما زالت تتشاور بسقف حجم هذه الاستثمارات بالنسبة للبلدين، ذلك لأن ذلك يعتمد على خلق بيئة مواتية لهذه الاستثمارات، على حد قوله.

إلى ذلك، أكد المهندس عبد الله المبطي رئيس مجلس الغرف السعودية في اللقاء الذي نظمه المجلس أمس السبت، مع الدكتور محمد يوسف المقريف رئيس المؤتمر الوطني الليبي العام، على عمق وقدم العلاقات السعودية - الليبية، مبديا ثقته بتطوير العلاقات الثنائية، وخاصة التجارية والاقتصادية.

غير أن المبطي استدرك بأن العلاقات التجارية بين السعودية وليبيا في الماضي، لم ترتقِ حتى الآن إلى طموحات القطاع الخاص في البلدين، حيث لم يتجاوز إجمالي قيمة التبادل التجاري مبلغ 51.2 مليون دولار عام 2011.

ودعا الجانب الليبي إلى تقديم كافة أنواع التسهيلات والدعم لرجال الأعمال السعوديين، وإلى البدء في تأسيس مجلس أعمال سعودي - ليبي مشترك، مؤكدا قدرة القطاع الخاص السعودي على المشاركة الفاعلة في مشاريع إعادة الإعمار الليبية.