انطلاق محادثات الشراكة بين تونس والاتحاد الأوروبي

تمثل مرحلة جديدة في العلاقات مع بروكسل

TT

انعقدت، أمس (الاثنين)، في بروكسل الجلسة الأولى من نوعها لمجلس الشراكة الأوروبي التونسي، منذ قيام الثورة في يناير (كانون الثاني) 2011، وقال بيان صدر عقب الاجتماع، إنه يمثل مرحلة جديدة في العلاقات بين الجانبين، مما يعكس الدينامية الجديدة والطموحات التي تولدت بعد قيام الثورة في تونس، وبداية عملية التحول الديمقراطي في البلاد. وشارك في الاجتماعات من الجانب التونسي وزير الخارجية رفيق عبد السلام، ووزير الاستثمار رياض باطيب، ومن الجانب الأوروبي ايراتو ماركوليس وزير الخارجية القبرصي، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية الحالية للاتحاد الأوروبي، وكاثرين أشتون منسقة السياسة الخارجية، وستيفان فولي مفوض سياسة الجوار والتوسيع، وجرى الإعلان في ختام الاجتماع، على اتفاق سياسي بشأن شراكة مميزة بين تونس والاتحاد الأوروبي، من خلال خطة عمل جديدة، تتضمنها وثيقة مشتركة جديدة للشراكة في إطار سياسة الجوار، وتحدد الأولويات المشتركة للتعاون الثنائي والإطار الاستراتيجي لدعم عملية الإصلاح والتحول الديمقراطي، التي سيقوم بها الاتحاد الأوروبي، كما تعكس رغبة تونس في تطوير الإصلاحات في كل المجالات، وقال البيان إن الاجتماع عرف تقييم الأوضاع والإنجازات التي تحققت طوال الـ20 شهرا الماضية، ومراجعة الخطوات المقبلة، وبشكل عام، جرى التطرق إلى القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وأبلغ الجانب التونسي الاتحاد الأوروبي بآخر التطورات في عملية صياغة الدستور، وجرى استعراض الخطوات المقبلة، والانتخابات المقبلة، واتفق الجانبان على أهمية تعزيز العلاقات الثنائية من خلال تنفيذ شراكة مميزة، وطالبت تونس من الاتحاد الأوروبي تعزيز الدعم السياسي والاقتصادي، وأيضا التجارة وحرية التنقل.

من جانبه، تعهد الاتحاد الأوروبي بدعمه الكامل للعملية الانتقالية، مع تسليط الضوء على أهمية تعزيز حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية وسيادة القانون ودور المجتمع المدني في إنجاح العملية الديمقراطية، وجرى استعراض الإدماج التدريجي لتونس في الأسواق الأوروبية الداخلية واستئناف المفاوضات لتحرير التجارة الزراعية، وتحقيق تقدم سريع في المفاوضات بشأن ملف الطيران والسماء المفتوحة، وتحسين ظروف التنقل للمواطنين من خلال اتفاق مشترك لحرية التنقل.

وعلى هامش الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة التونسية حمادي الجبالي إلى بروكسل الشهر الماضي، التقت «الشرق الأوسط» بالوزير رضا الصعيدي المكلف بالشؤون الاقتصادية والاجتماعية في مكتب رئيس الحكومة، وخلال الزيارة، وقع الاتحاد الأوروبي اتفاقيتين بقيمة 37 مليون يورو لدعم القطاع الصحي والخدمات الاجتماعية وجهاز القضاء في تونس.

واتفق الطرفان على عقد مجلس الشراكة بينهما في شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، وهو الأمر الذي تحقق، وقال رئيس المفوضية الأوروبية، إن الاتحاد الأوروبي يدعم منح تونس وضعية الشراكة المتقدمة، ولكن خلال الحوار مع «الشرق الأوسط»، كشف الوزير أن الوفد التونسي أبلغ الأوروبيين ملاحظات بشأن بطء العملية التفاوضية، وحول توقعاته بالنسبة لنتائج الزيارة ومردودها على المواطن التونسي، قال الوزير: «نتوقع نتائج جيدة للزيارة في إطار دعم التعاون والاندماج بين الجانبين، بعد أن جرت لقاءات على مستويات عالية مع البرلمان الأوروبي والمفوضية، ونحن في مرحلة مفاوضات لتحرير التجارة وتحرير قطاع الخدمات بين الجانبين، فعلاقتنا عريقة مع الاتحاد الأوروبي، وهناك سياسات سابقة تم تدعيمها وهناك علاقات تعاون تم تدعيمها بعد الثورة، ونأمل أن ترتقي علاقتنا الجديدة مع التكتل الأوروبي الموحد إلى مستوى الشريك المميز، ونريد النفاذ إلى الصناديق السيادية الأوروبية، ودعم الاقتصاد التونسي، وفتح المجال للاقتصاد التونسي للاندماج في الاقتصاد الأوروبي، وفتح المجال للتمتع بالامتيازات التي تخولها القوانين الأوروبية، إلى جانب كثير من الاستثمارات من دول الاتحاد الأوروبي، وأيضا نأمل في دعم التعاون المالي بين تونس والتكتل الموحد في مجال دعم ميزانية الدولة، في إطار الدعم المالي المعتاد، فهناك دعم للفترة مابين 2011 إلى 2013 بقيمة 400 مليون يورو، وتفاوضنا لمضاعفة هذا الدعم في السنوات المقبلة، وخاصة أن تونس ما بعد الثورة تحتاج إلى كثير من الدعم أمام الطلبات المتزايدة على مستوى الجهات والفئات، والانتظارات كبيرة، ولكن المفاوضات تسير على أعلى المستويات بين الجانبين، ونأمل أن تفضي إلى نتائج إيجابية لصالح الطرفين، وخاصة الجانب التونسي الذي يعيد بناء اقتصاده لجعله أكثر متانة، وأكثر انفتاحا، وأكثر قدرة على التوسع والاندماج في الفضاء الاقتصادي العالمي، والأوروبي بشكل خاص، لأن الجانب الأوروبي يستأثر بثلثي مبادلات تونس التجارية، وحول مدى رضا الحكومة التونسية عن سير المفاوضات مع الجانب الأوروبي، وماذا حدث بعد عام من التوقيع على تشكيل مجموعة العمل المشتركة بين تونس والاتحاد الأوروبي، التي تهدف إلى مرافقة تونس على طريق التنمية الاقتصادية والتحول الديمقراطي، قال الوزير: «هناك بطء في تطبيق الاتفاقيات، وأيضا هناك بطأ في المفاوضات، ولقد سجلنا هذا الأمر في محضر جلسات الاجتماعات مع الجانب الأوروبي خلال الزيارة، وبالنسبة للمفاوضات على المستوى التجاري، يمكن أن تتواصل عاما أو عامين، ولكن على المستوى السياسي هناك دعم أوروبي واضح للتحول الديمقراطي، لأن تونس وجنوب المتوسط بشكل عام، عمق استراتيجي للتكتل الأوروبي الموحد، وأيضا يجب أن نعترف بأنه بالنسبة لتونس هناك بعض الصعوبات، مثل التعقيدات الإدارية لتصريح التمويلات، والدعم المالي فيه بعض البطء، ونعمل من خلال هذه اللقاءات المشتركة على تسهيل هذه الأمور، كما أن هناك دعما للإصلاحات في تونس، فقد انطلقنا للقيام بإصلاحات جوهرية لمراجعة مجالات الاستثمار، والصفقات العمومية، والمجالات التجارية، وهناك مراجعات كثيرة، وإصلاح شامل للمنظومة الاقتصادية عموما ومنظومة الاستثمار بشكل خاص، وهناك تعاون مع الجانب الأوروبي على المستوى الفني والتقني، والتشريعات، وذلك من أجل جعل التشريعات الاقتصادية قادرة على تيسير عملية اندماج الاقتصاد التونسي في الفضاء العالمي.

وفي ختام الزيارة، أعلن الجبالي التزام السلطات التونسية بتنفيذ مختلف مراحل المرحلة الانتقالية وحماية الحريات الأساسية، وحقوق المرأة، وإرساء دولة القانون، والتمسك بخريطة طريق الفترة الانتقالية، وبمختلف جوانبها. كما أعلن استعداد بلاده لتوقيع اتفاقية السماء المفتوحة مع أوروبا، التي تسمح لمؤسسات الطيران الأوروبية بالعمل بشكل حر في الأجواء والمطارات التونسية. وطالب رئيس الحكومة التونسية المسؤولين الأوروبيين بالإسراع في وتيرة تنفيذ خطط الدعم المقدمة إلى بلاده، وقال إن على الاتحاد الأوروبي أن يحذو حذو ألمانيا التي حولت الديون المستحقة على تونس إلى مشاريع تنموية داخل البلاد.يذكر أن الاتحاد الأوروبي وقع مع تونس اتفاقا لتشكيل مجموعة عمل مشتركة لدعم البلاد في مرحلة التحول الديمقراطي وتقديم الدعم المالي والاقتصادي اللازم في هذا الصدد، وأعقب ذلك تشكيل مجموعة عمل مماثلة مع الأردن، وأخيرا مع مصر.