دول الثورات العربية تفشل في إعادة الثقة إلى نفوس المستثمرين الخليجيين

فيما استثنى مسؤول خليجي تونس

TT

فشلت الدول العربية التي شهدت ثورات خلال الأعوام الماضية في إعادة الثقة إلى نفوس المستثمرين الخليجين مجددا، حيث قادت أحداث الثورات العربية وما تبعها إلى توقف الخليجيين عن ضخ أموالهم في كل من سوريا، واليمن، وليبيا خلال الفترة الأخيرة، مقابل تراجع كبير جدا في حجم هذه الاستثمارات في جمهورية مصر العربية، إلا أن تونس باتت هي أكثر تلك الدول تحسنا في حجم الاستثمارات الخليجية.

وأوضح الدكتور عبد العزيز العويشق الأمين العام المساعد للحوارات الاستراتيجية والمفاوضات في الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن ثقة المستثمرين الخليجين في الدول التي تعرضت إلى أحداث ربيع عربي باتت «مهزوزة»، وقال: «على هذه الدول أن تسعى إلى تحسين مستويات ثقة المستثمرين، حتى تنجح في زيادة عملية النمو الاقتصادي للبلد».

وأشار الدكتور العويشق إلى أن تونس، هي الدولة الوحيدة التي تعرضت لأحداث ربيع عربي ونجحت في إعادة جزء من الثقة إلى نفوس المستثمرين الخليجيين، مضيفا «انخفض النمو الاقتصادي للدول التي تعرضت إلى أحداث ربيع عربي بشكل كبير جدا، كما أن سوريا باتت تمر بمرحلة انكماش اقتصادي خلال الفترة الحالية».

وأكد الأمين العام المساعد للحوارات الاستراتيجية والمفاوضات في الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج، أن أحداث الربيع العربي قادت إلى زيادة حجم التجارة البينية بين دول الخليج، وقال «كما ساهمت الأزمة المالية العالمية، وتراجع معدلات الجاذبية الاستثمارية في الدول العربية، وانطلاقة السوق الخليجية المشتركة، في زيادة معدلات التجارة البينية بين دول منطقة الخليج».

وذكر الدكتور العويشق أن مصر كانت هي الوجهة الاستثمارية الأولى أمام الخليجيين خلال السنوات الماضية، وقال: «إلا أن أحداث الثورات العربية قادت إلى تراجع كبير جدا في حجم استثمارات الخليجيين في جمهورية مصر العربية، ولا بد أن تسعى مصر إلى إعادة الثقة مجددا إلى نفوس المستثمرين بشكل عام».

وشهدت دول عربية ثورات خلال العام الماضي والجاري، تسببت في تسييل الصناديق السعودية المستثمرة في أسواق الأسهم العربية ما نسبته 56 في المائة، من حجم استثماراتها التي كانت عليها في عام 2010.

يأتي ذلك في الوقت الذي رفعت فيه الصناديق الاستثمارية السعودية حجم أصولها الاستثمارية في الأسواق الأميركية خلال عام 2011 بنسبة 1.1 في المائة، مقارنة بما كانت عليه في عام 2010، أوضح ذلك التقرير السنوي الأخير الصادر عن هيئة السوق المالية السعودية.

ولفت التقرير في الوقت ذاته إلى أن استثمارات الصناديق السعودية في الأسهم الأوروبية تراجعت خلال عام 2011 بنسبة 16.6 في المائة مقارنة بالعام الذي يسبقه، يأتي ذلك في وقت تعاني فيه الأسواق الأوروبية من تراجعات متتالية عانت منها خلال الفترة الماضية بسبب الأزمة اليونانية، وما أعقبها من تبعات.

وأوضح التقرير أن حجم استثمارات الصناديق السعودية في الأسواق العربية انخفضت إلى 107.1 مليون ريال فقط (28.56 مليون دولار)، فيما انخفضت استثمارات هذه الصناديق في الأسواق الأوروبية إلى 1.84 مليار ريال (490 مليون دولار)، بينما ارتفعت استثمارات الصناديق السعودية في أسواق الأسهم الأميركية إلى 1.17 مليار ريال (312 مليون دولار).

وأمام هذه الأرقام، أرجع الدكتور سالم باعجاجة أستاذ المحاسبة في جامعة الطائف والخبير المالي خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» قبل نحو 3 أشهر، انسحاب جزء كبير من السيولة الاستثمارية للصناديق السعودية من أسواق الأسهم العربية إلى أحداث الثورات العربية التي اجتاحت عددا من دول المنطقة خلال الفترة الماضية.

وقال الدكتور باعجاجة: «تبحث الصناديق الاستثمارية عن الأسواق المستقرة والجاذبة للاستثمار، لذلك من الطبيعي أن تسيل الصناديق الاستثمارية جزءا من استثماراتها في أسواق المال غير المستقرة بحثا عن الأسواق الآمنة، وهذا الأمر حدث من خلال انسحاب السيولة بشكل كبير من الأسواق العربية والأوروبية خلال الفترة الماضية».

وأشار باعجاجة إلى أن أسواق الأسهم في معظم دول العالم شهدت خلال السنوات الأربع الماضية أداء متذبذبا أربك توجهات المستثمرين، موضحا أن «الاستقرار» يعد أهم عنصر يدعم النتائج الإيجابية لأسواق المال في جميع بلدان العالم.

من جهة أخرى كشف تقرير هيئة السوق المالية السنوي، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، عن تراجع إجمالي حجم أصول صناديق الاستثمار بالأسهم عامة بنسبة 14 في المائة عام 2011، مقارنة بما كانت عليه في عام 2010، جاء ذلك نتيجة طبيعية لتراجع حجم أصول هذه الصناديق في الأسواق الأوروبية والعربية بشكل ملفت.