ميزانية الاتحاد الأوروبي «تفجر» قمة قادته في بروكسل

أجل البت فيها إلى بداية العام المقبل

TT

انتهت القمة الأوروبية على فشل، وعلق رئيس الوزراء السويدي فريديريك رينفيلد قائلا: «نحن بحاجة إلى المزيد من المباحثات الجانبية إذا كنا نرغب بالحصول على موافقة كل دول الاتحاد ولا أستغرب تأجيل القرار إلى مطلع العام المقبل فالميزانية تدخل حيز التنفيذ في عام 2014 ولدينا حتى ذلك الحين متسع من الوقت». وفيما اعتبرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أنه «لا يوجد ما يدفع إلى التسرع في التوصل إلى اتفاق» قال الرئيس الفرنسي إن هذه القمة «كانت مفيدة». وهناك تعليق آخر على القمة جاء فيه «لم أجد أحدا من القادة يفكر من أجل أوروبا، إنهم يفكرون في المصالح الوطنية، وهذا من حقهم، ولكن عليهم أيضا أن يدركوا جيدا أن الحفاظ على المصالح الوطنية يمكن أن يتم في إطار أوروبا قوية»، هذا ما قاله هانز سوبودا رئيس ثاني أكبر الكتل الحزبية داخل البرلمان الأوروبي، وهو تكتل الديمقراطيين والاشتراكيين، في رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط» قبل دقائق من اعتماد البيان الختامي لقمة قادة دول الاتحاد الأوروبي ببروكسل مساء الجمعة، وأضاف المسؤول الأوروبي بالقول «إن فشل القمة يعني توجيه رسالة سلبية للغاية إلى المواطن الأوروبي»، وظهر واضحا من خلال البيان الختامي عدم استخدام كلمة الفشل، ولكن على هامش القمة استخدمها عدد من المسؤولين للتعبير عن تخوفهم من الفشل بسبب التصلب البريطاني في المواقف، وهو ما ذكره رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز.

وفي النهاية اعترف الجميع بالفشل في إقرار الميزانية الاتحادية الأوروبية في اجتماعات قمة استمرت يومين بين القادة الأوروبيين وجرى تكليف رئيس المجلس الأوروبي هرمان فان رومبوي بمواصلة «العمل للتوصل إلى توافق» وفي مؤتمر صحافي قال فان رامبوي إنه سيباشر المشاورات منذ مطلع الأسبوع المقبل وإنه من الممكن التوصل إلى اتفاق مطلع العام المقبل، وتوجد بين المتفاوضين درجة كافية من التقارب في وجهات النظر».

فان رومبوي اتهم بعدم الإعداد جيدا للقمة مما أدى إلى صعوبة زائدة بالمفاوضات. ومن جانبه اعتبر رئيس الحكومة البريطاني ديفيد كاميرون أنه «لم يتحقق قدر كاف من التقدم».

وقال «ليس الوقت مناسبا للترقيع، والموضوع ليس بنقل المال من موازنة إلى أخرى. لا بد لنا من خفض النفقات التي لم يعد جائزا أن تبقى كما هي».

القادة الأوروبيون خرجوا بعلامات عدم الرضا من قمتهم التي أجلت البت بميزانية الاتحاد إلى مطلع عام 2013 واكتفوا ببيان مقتضب يشير إلى تكليف كل من رئيس الاتحاد هيرمان فان رومبوي، ورئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو، متابعة التنسيق مع الدول الأعضاء من أجل البحث عن حلول وسط، تؤدي إلى الاتفاق على الموازنة للفترة المذكورة، وفي هذا السياق، وصف كل من فان رومبوي وباروسو المفاوضات بـ«المعقدة والصعبة ولكن البناءة»، معبرين عن تصميمهما على الاستمرار في العمل لإقرار موازنة تركز على دعم النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل، ومن جهته، أشار رئيس الاتحاد إلى أن الخلافات كانت حادة وجدية، «ولكننا حاولنا تلبية طلبات الكثير من الدول عبر تقديم موازنة تقل بمقدار 80 مليار يورو عن المبالغ المقررة سابقا، وأعتقد أننا نستطيع فعل المزيد خلال الفترة المقبلة»، وعبر عن قناعته بإمكانية التوصل إلى تحقيق توازن بينما تطالب به مختلف الدول الأعضاء وبين ما تطالب به المؤسسات الأوروبية من أموال ومشاريع، «يجب العمل على إعادة توزيع الأموال بشكل لا يؤذي الأهداف الأوروبية المعلنة»، أما رئيس المفوضية الأوروبية، فقد أعلن عن تمسكه بمقترحات الجهاز التنفيذي السابقة والتي تحدثت عن موازنة تزيد بقليل عن 1000 مليار يورو، وهو أمر أزعج الكثير من دول أوروبا، «يجب تأمين موازنة تضمن استمرار العمل الأوروبي وتطويره»، ولكنه أضاف قائلا «إن المفوضية الأوروبية تتقدم باقتراحات وتدافع عنها ولكنها ليست صاحبة القرار، فهو، أي القرار، رهن إجماع الدول الأعضاء وموافقة البرلمان» وعبر عن أمله في إمكانية التوصل إلى حل وسط باعتباره «الأفضل من اللاحل، إذ إن عدم إقرار موازنة سيكون له آثار شديدة الضرر على الاتحاد والمواطنين الأوروبيين»، ومن المقرر أن يعود زعماء الدول الأعضاء إلى الاجتماع مطلع العام المقبل لبحث مسألة الموازنة مجددا في ظل استمرار الخلافات الحادة حول المبالغ الواجب ضخها وطرق توزيعها وتحديد المجالات التي يجب الاقتطاع منها أكثر من غيرها وتلا فان رومبوي بيانا مشتركا من قادة الاتحاد الأوروبي جاء فيه أنه «يجب أن نكون قادرين على تجاوز الخلافات القائمة في وجهات النظر» مؤكدا أن «الميزانية الأوروبية مهمة لتماسك الاتحاد وتحقيق نمو في الوظائف في جميع البلدان الأوروبية». وانقسم الاتحاد الذي يضم 27 عضوا إلى معسكرين واحد يرغب في زيادة أو على الأقل الحفاظ على ميزانية الاتحاد الأوروبي في حين أن الآخر يسعى للتخفيض فيها.

وتسعى البلدان الرئيسية المساهمة مثل المملكة المتحدة إلى تخفيض مساهماتها في الميزانية في حين تتخوف البلدان الفقيرة في الاتحاد الأوروبي من أنهم سيحصلون على أموال أقل إذا تم تخفيض الميزانية من جهته وصف زعيم تحالف الليبراليين والديمقراطيين في البرلمان الأوروبي غي فيرهوفستاد مفاوضات قادة الاتحاد الأوروبي بشأن الميزانية بـ«البازار التركي» في إشارة إلى عدم التوصل لاتفاق حول ميزانية الاتحاد للسنوات السبعة المقبلة.

وقال فيرهوفستاد وهو رئيس الوزراء السابق البلجيكي في بيان «دعونا نكن صادقين إن ميزانية الاتحاد الأوروبي السنوية كاملة في الوقت الحاضر ليست سوى 140 مليار يورو مقارنة مع 6300 مليار يورو قيمة ميزانيات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مجتمعة». وأضاف أن «المبالغ التي جرى حولها جدل في بروكسل ضئيلة بالمقارنة مع ما تنفقه الدول الأعضاء على إداراتها العامة ما يعد بمثابة البازار التركي حيث المقايضة هي جزء من اللعبة».

وأشار زعيم كتلة الليبراليين وهي ثالث أكبر مجموعة سياسية في البرلمان الأوروبي إلى أن «ميزانية الاتحاد الأوروبي لا تزال تمثل واحدا في المائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي في الاتحاد الأوروبي رئيس مجموعة النواب الليبراليين في البرلمان الأوروبي غي فرهوفشتاد قال لـ«يورونيوز»: «القمة مثيرة للسخرية بخلافاتها بين الدول الأعضاء ذلك أنهم يناقشون ميزانية تقدر بمائة وأربعين مليار يورو سنويا بينما ميزانية الدول مجتمعة تبلغ ستة آلاف وثلاثمائة بليون يورو أي خمسين مرة أكثر فكل هذا الاختلاف ليس جديا».

ومن وجهة نظر البعض من المراقبين «إن القادة الأوروبيون حاولوا الإبقاء على جو تفاؤلي بناء متجنبين القرارات المتسرعة التي قد تؤثر على علاقة الاتحاد ببريطانيا خاصة، على الأقل حاليا».