سلطنة عمان تعول على القطاع الخاص لتوظيف الشباب

دعت إلى زيادة الأجور وظروف العمل لجذب الخريجين

TT

قال مسؤولون عمانيون إن سلطنة عمان تعول على قطاعها الخاص لتوفير الآلاف من الوظائف للشباب الذين قد يشكلون في المستقبل تحديا للحكومة التي واجهت العام الماضي احتجاجات واسعة لإيجاد وظائف وزيادة الأجور. وكما في سائر دول الخليج، يعد القطاع العام أكثر جذبا للمواطنين الذين يفضلون الابتعاد عن القطاع الخاص الذي يقدم أجورا أكثر انخفاضا، إلا أن القطاع العام بات يبدو عاجزا عن استيعاب الداخلين إلى سوق العمل.

وقال وزير العمل العماني الشيخ عبد الله بن ناصر البكري لوكالة الصحافة الفرنسية: «نعمل ما بوسعنا ليقوم القطاع الخاص باستيعاب الآلاف من الشباب في هذا القطاع الباحث عن نوعية محددة من العاملين، ولكن المشكلة تكمن في أن المستويات التعليمية للباحثين عن عمل لا تتناسب مع احتياجات القطاع الخاص، والحكومة تسعى لتدريبهم وتأهيلهم وتوظيفهم».

وأضاف البكري: «سنعلن قريبا عن 20 ألف وظيفة في شركات ومؤسسات القطاع الخاص المتجاوب، ولدينا خطة جاهزة لذلك»، مضيفا أن «القطاع الخاص استوعب عام 2011 وحتى منتصف هذا العام 92 ألف مواطن مقابل 80 ألفا خرجوا من هذا القطاع خلال نفس الفترة».

ويتزامن خروج هذا العدد الكبير من القطاع الخاص مع قيام الحكومة بتأمين وظائف في القطاعين المدني والعسكري، وبرفع الأجور فيهما، بعد مظاهرات واحتجاجات عمت عدة مدن عمانية طالبت بإيجاد وظائف للعاطلين.

وأشارت إحصائيات رسمية إلى أن قطاع الخدمة المدنية قام بتعيين نحو 21 ألف عماني منذ بداية العام الماضي وحتى منتصف هذا العام، وآلاف آخرين في القطاع العسكري، بينما بلغ إجمالي عدد العمانيين العاملين في شركات ومؤسسات القطاع الخاص حتى نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي 214 ألف عامل.

وبدأت الهيئة العامة لسجل القوى العاملة في أكتوبر حصرا للباحثين عن عمل من خلال تخصيصها 89 مركزا في كافة أنحاء السلطنة في إطار خطة وطنية لاستيعاب الباحثين عن عمل وإنشاء قاعدة بيانات عن الأرقام الفعلية لأعدادهم ومؤهلاتهم وجنسهم. ويتوقع البكري «أن يكون هناك نحو مائة ألف مواطن باحث عن عمل أغلبهم يحملون مؤهلات تعليمية متدنية». ويبلغ عدد مواطني السلطنة العمانيين نحو مليوني نسمة.

وقال السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان الأسبوع الماضي في كلمته السنوية في اجتماع لمجلس عمان (غرفتي البرلمان) إن «الدولة بأجهزتها المدنية والأمنية والعسكرية ليس بمقدورها أن تظل المصدر الرئيسي للتشغيل، فتلك طاقة لا تملكها، ومهمة لن تقوى على الاستمرار فيها إلى ما لا نهاية».

وأضاف السلطان أنه «على المواطنين أن يدركوا أن القطاع الخاص هو المجال الحقيقي للتوظيف على الأمد البعيد»، ودعا إلى «تعديل نظام الأجور في القطاع الخاص، لا سيما في المستويات الوظيفية الدنيا والمتوسطة، واعتبار ذلك مهمة وطنية».

وقال المهندس سالم بن سعيد الغتامي رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس الدولة إن «مشكلة الباحثين عن عمل ظلت هاجسا خلال السنوات الماضية لدى الحكومة، خاصة في ظل وجود قطاع خاص لديه الكثير من المشكلات، ومن بينها ضعف الأجور ومخرجات تعليمية كبيرة لا تتناسب وسوق العمل».

وذكرت النشرة الإحصائية الشهرية التي تصدر عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات أن هناك 126 ألف عامل عماني من إجمالي عدد العمانيين في القطاع الخاص يتقاضون أجورا أساسية تقل عن 300 ريال عماني (780 دولارا)، مما يجعل هذا القطاع «غير مستقطب للقوى العاملة الوطنية»، بحسب الغتامي.

وشهد قطاع النفط وبعض المناطق الصناعية، كمنطقة صحار الصناعية الرئيسية في شمال البلاد، إضرابات العام الماضي، واحتجاجات للمطالبة بتعديل الأجور، وإيجاد حوافز ووظائف، سويت بتدخلات من الحكومة، وذلك في خضم احتجاجات الربيع العربي. وأضاف الغتامي أن «على القطاع الخاص العماني، وهو قادر على ذلك، إجراء تغيير في سياساته لاستقطاب العمانيين، خاصة ما يتعلق برفع الأجور، وزيادة الحوافز، وإيجاد سلم للتدرج الوظيفي، وبرامج لتطوير مهارات العاملين».

وأوضح أن «عزوف الشباب عن الالتحاق بهذا القطاع ناتج عن عدم وجود مثل تلك الأساسيات للترغيب في الالتحاق به». وأشار إلى أن «الحكومة دعمت لسنوات طويلة هذا القطاع، ومنحته تسهيلات مالية واستثمارية مجزية، وعليه الآن مسؤولية وطنية ستغدق عليه عوائد جيدة إذا ما أحسن استغلالها».

وأضاف أن «على القطاع الخاص العماني كذلك أن لا يبقى ممثلا يروج لمنتجات شركات عالمية، وعليه الاستفادة من مئات الملايين من الريالات لدى صناديق الاستثمار والتقاعد التي تحصل حاليا على عوائد قليلة، والاستفادة من السيولة لدى البنوك التجارية واستثمارها في قطاعات مهمة كالصناعة والسياحة، لتوفير آلاف الفرص الوظيفية، وعليه أيضا أن يبحث عن شركاء استراتيجيين لإقامة مشاريع تستغل موقع السلطنة الاستراتيجي والبنية الأساسية الجيدة المتوفرة».

وتسعى خطة التنمية الخمسية الثامنة (2011 - 2015) إلى التوسع في توفير الفرص لقوى العمل الوطنية، حيث يتوقع أن توفر ما بين 200 ألف إلى 275 ألف فرصة عمل جديدة خلال فترتها، وبواقع 40 ألفا إلى 55 ألف فرصة عمل سنويا في المتوسط.

وقالت النشرة الشهرية التي تصدر عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات إن هناك مليونا و114 ألف وافد يعملون في القطاع الخاص يحملون مؤهلات تقل عن الدبلوم، ومائة ألف و500 عامل يحملون الشهادة الجامعية، و33249 وافدا يحملون شهادة الدبلوم من إجمالي عدد العاملين الوافدين العاملين في هذا القطاع البالغ عددهم، حسب النشرة، مليونا و254 ألف عامل.