تذبذب مؤشر سوق الأسهم السعودية يدفع كبار المتداولين إلى تبديل مراكزهم الاستثمارية

المؤشر العام ينجح في الإغلاق على ارتفاع أمس

جانب من تحركات الأسهم السعودية (تصوير: خالد الخميس)
TT

قادت التراجعات التي أصابت سوق الأسهم السعودية خلال تعاملات الأسبوع الجاري بعض كبار المتداولين إلى تبديل عدد من المراكز الاستثمارية بهدف البحث عن الفرص الاستثمارية المتاحة، والهروب من بعض أسهم الشركات التي قد تعاني خلال الفترة المقبلة من أداء سلبي. وفي الوقت الذي طغى فيه اللون الأحمر على مؤشر سوق الأسهم السعودية خلال تعاملات الأسبوع الجاري، نجح مؤشر السوق يوم أمس في تعويض جزء من خسائره التي مني بها من جهة، وبث نوع من الارتياح لدى نفوس المتداولين من جهة أخرى، نتيجة للارتفاع الذي حققه.

وكسب مؤشر سوق الأسهم السعودية أمس نحو 70 نقطة، بنسبة ارتفاع بلغت 1.09%، وسط سيولة نقدية متداولة بلغت 5 مليارات ريال (1.3 مليار دولار)، ليغلق بذلك عند مستويات 6533 نقطة كإغلاق يومي وأسبوعي، مقارنة بالإغلاق عند مستويات 6609 نقاط في نهاية تعاملات الأسبوع الماضي.

وبرز اسم المستثمر يوسف صالح الراجحي كأكثر المتداولين الأفراد في سوق الأسهم السعودية تحركا خلال تعاملات هذا الأسبوع، حيث ظهر الراجحي كأحد كبار ملاك أسهم شركات «ولاء للتأمين»، و«الصقر للتأمين»، حيث يتيح نظام السوق المالية السعودية الكشف عن أسماء كبار ملاك أسهم الشركات التي يستثمرون 5% وأكثر من أسهم الشركة الواحدة.

وذكر خبراء اقتصاديون لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن أداء سوق الأسهم السعودية الحالي «غير واضح»، مشيرين إلى أن التذبذب الحاد الذي يصيب مؤشر السوق من فترة لأخرى، يربك تحركات المستثمرين الأفراد ويدفعهم إلى اتخاذ قرار البيع أو الشراء بصورة غير مدروسة.

وفي هذا السياق، قال فيصل العقاب الخبير الاقتصادي والمالي لـ«الشرق الأوسط» أمس: «يبدو أن تداولات سوق الأسهم السعودية خلال الفترة الحالية باتت تعاني من الغموض وعدم وضوح الاتجاه، وهذا الأمر يقود إلى قرارات غير مدروسة قد يتخذها المستثمرون الأفراد سواء أكانت هذه القرارات تتعلق في عمليات البيع، أو حتى عمليات الشراء».

ودعا العقاب الشركات المالية وبيوت الخبرة إلى تعزيز أدوارها لتقييم أسهم الشركات المدرجة في السوق المالية السعودية، مشيرا إلى أن التقييم العادل يقود إلى وضع الأمور في نصابها الصحيح، مما قد يدفع مؤشر السوق إلى تحقيق مكاسب منطقية، يعكس من خلالها الأداء السلبي الذي بدأ يسيطر عليه خلال الآونة الأخيرة.

من جهة أخرى، أكد الدكتور سالم باعجاجة الخبير الاقتصادي لـ«الشرق الأوسط»، أن سوق الأسهم السعودية تفتقد إلى المحفزات التي تقودها نحو الارتفاع وتحقيق المكاسب، مرجعا الأداء السلبي الذي بدأ يسيطر على تعاملات السوق إلى ضعف حجم السيولة النقدية المتداولة من جهة، وعدم استقرار الأوضاع السياسية في المنطقة من جهة أخرى. وتمنى الدكتور باعجاجة أن ينجح مؤشر سوق الأسهم السعودية في تجاوز منطقة الـ6700 نقطة مجددا، مؤكدا على أن استمرار الأداء السلبي على أداء تعاملات السوق بشكل عام، قد يقود إلى خروج مزيد من محافظ المستثمرين من تعاملات السوق بشكل غير مدروس.

وكان قد حذر مختصون من أن يقود الضعف العام الذي يسيطر على سوق الأسهم السعودية إلى «الجمود» والعودة إلى نقطة «الصفر» مجددا، يأتي ذلك في الوقت الذي تمنى المتعاملون في سوق الأسهم السعودية أن ينجح مؤشر السوق من تجاوز حاجز 7 آلاف نقطة، والاستقرار فوقه مجددا.

وعزا خبراء اقتصاديون تراجع معدلات السيولة النقدية المتداولة في سوق الأسهم السعودية خلال الأشهر القليلة الماضية إلى عدم جدوى الاستثمار في هذه السوق، إضافة إلى تراجع معدلات الثقة في تعاملات السوق اليومية، نتيجة للأزمات المتتالية.

وأشار هؤلاء إلى أن النشاط لن يعود إلى سوق الأسهم السعودية مجددا في ظل الظروف الحالية، مطالبين هيئة السوق المالية بابتكار طرق وأدوات من شأنها التحفيز على الاستثمار في هذه السوق من جديد، يأتي ذلك في وقت شهدت فيه سوق الأسهم السعودية خلال الأعوام 2003 و2004 و2005 نشاطا يعد الأقوى على مر تاريخ هذه السوق. وقال فضل بن سعد البوعينين الخبير الاقتصادي والمالي لـ«الشرق الأوسط» الشهر الماضي: «هيئة السوق المالية تسعى إلى أن تكون سوق الأسهم السعودية سوقا استثمارية، ولكنها للأسف لم تنجح في تحويلها لسوق مؤسسات واستثمار كالسوق الأميركية، كما أنها لم تساعد في أن تكون صبغة السوق خليطا بين المؤسسات والأفراد، مما قتل تعاملات السوق اليومية».

وأكد البوعينين أن الصناديق الاستثمارية السعودية لم تنجح في تدعيم عمق السوق المالية السعودية، وقال: «دورها غير المكتمل قاد إلى بعض المضاربات غير الصحية في عدد من شركات التأمين، حتى تجاوزت بأسعارها، المناطق السعرية لجميع الأسهم القيادية الرابحة، وهذا غير صحي على الإطلاق».

وحذر البوعينين من أن تصاب سوق الأسهم السعودية بنوع من «الجمود» في حال استمرارها على أدائها الحالي خلال الأشهر المقبلة، وقال: «للأسف مؤشر سوق الأسهم السعودية لا يعكس قوة ومتانة اقتصاد البلد، هو يقدم صورة مختلفة جدا عن الاقتصاد السعودي المتين».

وضرب البوعينين مثالا في السوق الأميركية كإحدى الأسواق المالية الناجحة، مشيرا إلى أن لديها صناع سوق قادرين على تحقيق التوازن والإيجابية، مضيفا: «كل ذلك يأتي بسبب أن السوق الأميركية تعد سوق مؤسسات من الدرجة الأولى، كما أنها سوق استثمارية ولكنها لا تخلو من المضاربة التي لا يمكن حجبها في أسواق الأسهم على الإطلاق».