وقف للموسيقى

علي المزيد

TT

الوقف مشروع إسلامي بدأ مع ظهور الإسلام، حيث يقوم الفرد بالوصية بجزء من ماله بما لا يتجاوز الثلث لأعمال الخير قد يحدد مصارفها بالوصية وقد يتركها بيد الوكيل، وعادة ما يتم إيقاف الأموال في عصور الازدهار حيث الرخاء والنمو الاقتصادي.

وعانى الوقف في العصر الإسلامي الحديث من عدم التنظيم وأيضا من المصارف التقليدية للوقف التي تشبع بها المجتمع، ونادرا ما نرى وقفا غير تقليدي مثل وقف يخصص لتعليم الطلبة سواء كانوا من الأيتام أو من الفقراء، أو وقف يخصص للعلوم النادرة التي يحتاج إليها المجتمع مثل تخصيص منحة للمتفوقين بحيث يدرسون العلوم النووية، أو وقف يخصص للمستشفيات، والمصارف غير التقليدية كثيرة ولست بصدد حصرها.

الغريب في الأمر أن الوقف الإسلامي مر بمراحل غير تقليدية مثل تخصيص وقف للمسرين عن المرضى في عصر الدولة الأيوبية، ويقصد بالمسرين عن المرضى أولئك الذين خصصوا أوقاتهم لزيارة المرضى ورفع معنوياتهم لمواجهة المرض، فهؤلاء انتبه لهم الأثرياء وخصصوا لهم وقفا. وأنتم تعرفون أن الحكمة يمانية، لذلك أوقف الثري اليمني في العصور الماضية وقفا للحمير العرج والحمير الخارجة من الخدمة بحيث يصرف عليها حتى تموت، كما أن الثري المسلم أوقف وقفا للكلاب الضالة.

وفي السعودية وفي منطقة القصيم، وتحديدا في مدينة عنيزة، هناك وقف غير تقليدي أوقف قبل نحو 80 عاما، حيث أوقف صاحبه عددا من أشجار الأثل، وهو شجر صحراوي ليس له ثمر وإنما يستفاد من خشبه المهم. إن صاحبنا أوقف الأثل بحيث تستخدم عصيانه لقرع الطبول المستخدمة في «العرضة» و«السامري» و«الهجيني»، وهي أنواع من أنواع الغناء في الجزيرة العربية. هذا الوقف غير التقليدي للموسيقى ألا يقودنا نحن للأوقاف غير التقليدية؟! ودمتم.

* كاتب اقتصادي