قطاع الطاقة الشمسية يستعير استراتيجية التسويق بالحفلات

منهج جديد لإقناع المستهلك بأنها منتج للطبقة المتوسطة أيضا

جانب من الحملات الترويجية الجديدة للوحات الشمسية في الولايات المتحدة
TT

تجمع الجيران في باحة مزرعة خيول لفحتها أشعة الشمس في مقاطعة غوديير، وهم متشوقون إلى سماع صاحبي الحفل وهما يتحدثان عن منتجاتهما وكيف أمكنهما تحسين حياتهما، ولكن بدلا من الترتيب القديم الذي يتضمن استعراض أواني تخزين بلاستيكية أو أدوات تجميل على مائدة توزيع القهوة، كان الزوجان يستعرضان مجموعة من نوع مختلف: إنها 32 لوحا شمسيا مثبتة فوق سطح المنزل.

وقالت بات بيبر، زوجة صاحب الحفل، للجمهور المحتشد بينما كانت ترتشف الشاي المثلج وعصير الليمون وتلتقط قطع الكعك وشرائح الخضراوات الرفيعة «إنه أمر رائع أن نحقق كل ذلك الوفر في الفواتير التي ندفعها». وأضاف زوجها جيم «لدينا جار في المنزل المجاور يبلغ متوسط فاتورة الكهرباء التي يدفعها 350 دولارا شهريا من دون الطاقة الشمسية، أما إذا أمكنه استغلالها فسوف يتمكن بالتأكيد من خفض ذلك المبلغ، ربما بمقدار الثلثين».

وقد دأب المهتمون بشؤون البيئة والمسؤولون الحكوميون ومندوبو المبيعات منذ عقود على محاولة حمل الأميركيين على التحول إلى استعمال الطاقة الشمسية، لكن دون نجاح يذكر، فرغم كل هذا الجهد الجهيد، ما زالت الطاقة الشمسية تمثل أقل من 1 في المائة من نشاط توليد الكهرباء في الولايات المتحدة. ويعتبر الكثير من المستهلكين أن تركيب الألواح الشمسية المنزلية - التي يبلغ ثمنها عادة 25 ألف دولار أو أكثر - هو ملعب الأغنياء أو المثاليين. لذا فقد بدأت شركات الطاقة الشمسية في انتهاج طريق سبق أن ارتادته شركة «توبر وير» لأول مرة قبل عقود، وهو يعتبر أن أفضل رجال المبيعات هم في الغالب مستهلكون متحمسون على استعداد لتبادل خبراتهم مع الأصدقاء والجيران، وربما تحصيل رسم إحالة على أي مبيعات تترتب على ذلك.

وفي ولاية أريزونا، حققت شركة تسويق غير هادفة للربح تدعى «سمارت باور» نجاحا مدهشا في إقامة شبكات من الجيران الذين يقومون بتركيب ألواح شمسية في منازلهم ثم ينشرون الخبر في تجمعات ترويجية مثل ذلك الحفل الذي أقامه آل بيبر. وتضع شركات الطاقة الشمسية - مثل شركتي «صن وايز تكنولوجيز» و«سولار سيتي» - برامج خاصة بها لإقامة الحفلات، مما يجعل من الأسهل والأرخص بالنسبة لها أن تعثر على عملاء جدد. وتتبدى فعالية هذا الأسلوب التسويقي في منطقة بيبل كريك، وهي المجتمع المحلي المسور الخاص بكبار السن والذي تعيش فيه عائلة بيبر. وقد قام نحو 10 في المائة من إجمالي 6 آلاف منزل تقريبا في هذه المنطقة - التي تقع غرب مدينة فينيكس مباشرة - بتركيب ألواح شمسية، وهناك عدد أكبر على وشك الانضمام إلى القائمة.

ويقول تيد ليندهورن، وهو ضيف ممن حضروا الحفل الذي أقامه آل بيبر في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي وكان يفكر في شراء تلك الألواح «ربما تصدق رجل المبيعات أو لا تصدقه، لكن إذا كان صديقا أو جارا ليس لديه أي شيء يكسبه من ذلك، فإنك ستصدقه». ولكن في كثير من الحالات يكون لدى هؤلاء الأصدقاء والجيران حقا شيء يكسبونه، حيث يمكنهم الحصول على مكافآت مجانية مقابل إرشاد العملاء إلى شركات التركيب، فشركة «سولار سيتي» مثلا تعرض 400 دولار لكل إحالة خاصة بوحدة سكنية، في حين تعلن مؤسسة محلية في أريزونا تدعى «SolarParty.org» عن دفع مبلغ 250 دولارا. وبالنسبة لشركة «سمارت باور» - التي تحصل على الجزء الأكبر من دخلها من منح المؤسسات والعقود الحكومية وعقود المنفعة العامة - فإن الحفلات تمثل جزءا من الجهد الذي تبذله من أجل الترويج للطاقة المتجددة وكفاءة استعمال الطاقة. وبعد إطلاق برنامج استطلاعي في ولاية كونيكتيكت، تحدت الشركة 13 بلدة في ولاية أريزونا عام 2011 بتركيب ألواح شمسية في 5 في المائة من المنازل التي يسكن فيها أصحابها بحلول عام 2015، والبلدة التي تصل إلى ذلك الرقم المستهدف تحصل على علامة تبين أنها ضمن «مجتمع أريزونا الشمسي»، وهي جائزة يقصد بها تشجيع الروح المجتمعية وأيضا المنافسة خارج حدود المجتمع المحلي. ثم قامت الشركة، تحت توجيه نائب رئيس مجلس إدارتها توني بوشارد، بإنشاء موقع لها على شبكة الإنترنت واستقدام مدربين في مجال الطاقة الشمسية، وهم خبراء محليون يمكنهم تقديم النصح للعملاء في ما يتعلق بشركات التركيب التي يمكنهم الاستعانة بها وعروض الأسعار التي تعظم من الوفورات التي يحققونها في فواتير الكهرباء، كما يساعد هؤلاء المدربون في تجنيد سفراء للطاقة الشمسية مثل آل بيبر، وذلك من بين الأهالي العاديين الذين يمتلكون ألواحا شمسية ولديهم استعداد لتنظيم الحفلات من أجل تشجيع أصدقائهم وجيرانهم على أن يفعلوا ذلك هم أيضا.

وقد تجاوز نصف تلك البلدات تقريبا مستوى الـ5 في المائة المستهدف من استعمال الطاقة الشمسية بالفعل، بل وتجاوزت بلدة غوديير و3 بلدات أخرى نسبة 10 في المائة. وتعمل شركة «سمارت باور» حاليا على التوسع في برنامجها داخل ولاية نيو إنغلاند، حيث يقول برايان كين، رئيس مجلس إدارة الشركة «إن الوصول إلى الناس على الأرض جنبا إلى جنب مع التواصل عبر الإنترنت هو ما يصنع الفارق حقا هنا. لا بد أن تلتقي بالناس داخل المجتمعات المحلية التي يعيشون ويعملون ويلعبون فيها». وقد كان نموذج تنظيم الحفلات في المعتاد يستهدف السيدات، من خلال بيع المنتجات الخاصة بالمنزل وغرفة النوم والعناية بالجسم، بداية من حقن «البوتوكس» وصولا إلى سلال «لونغابرغر»، أما حفلات الترويج للطاقة الشمسية هذه فيقصد منها بيع أشياء باهظة الثمن وإغراء الناس أيضا.

ومثلما فشلت شركة «توبر وير» في تحريك منتجاتها من على أرفف المتاجر من دون رجل مبيعات يبين للعملاء كيفية استعمال الأوعية المفرغة من الهواء، وهو ما استوحي منه نموذج تنظيم الحفلات، فإن الألواح الشمسية غالبا ما تتطلب عرضا توضيحيا وشرحا تفصيليا من أجل إتمام عملية البيع. ويقول برايان بولينغر، وهو أستاذ مساعد في التسويق لدى «كلية ستيرن للأعمال» بـ«جامعة نيويورك»، قام بدراسة أنماط الإقبال على استخدام الطاقة الشمسية «إذا كان يمكنك التحدث مع شخص سبق له التعامل مع ذلك الأمر وكان لديه رأي إيجابي، فإنه قد يعمل حقا على تبديد بعض المخاوف». وقد توصل بولينغر إلى أن احتمال أن يقوم الناس بتركيب ألواح شمسية يزداد بمجرد أن يفعل جيرانهم الشيء ذاته، وهو يشير إلى أن السبب وراء هذه الظاهرة - التي تعرف باسم «تأثير الأقران» - غير واضح، إلا أنه قد يكون طريقة واضحة للحفاظ على البيئة جنبا إلى جنب مع قوة الدفع التي تشكلها الأحاديث الشخصية.

وقد كانت تلك الديناميكية قوية للغاية في منطقة بيبل كريك، التي توجد بها شبكة نشطة عبر الإنترنت يقدم فيها الأهالي الإحالات والنصائح. ويقول جو والاس، وهو أحد ضيوف الزوجين بيبر «الناس هنا هائلون في ما يتعلق بالإحالات»، مشيرا إلى أنه سبق أن فكر هو وزوجته لفترة طويلة في تركيب ألواح شمسية، إلا أنهما قررا ألا يخوضا هذه التجربة إلا بعد معرفة المزيد عنها من جيرانهما. وذكر درو بيكون، وهو مدرب طاقة شمسية سابق يعيش في منطقة بيبل كريك ويعتبر من القوى المحركة وراء الإقبال على استعمال الطاقة الشمسية هناك، أنه رغم أن الوفورات الموعودة على الكهرباء قد حفزت الكثير من المستهلكين على تركيب ألواح شمسية، فإن ذلك لم يكن هو كل ما شجعهم على ذلك، موضحا «لقد سمعت 10 أشخاص على الأقل يقولون: (لدي أكبر نظام للطاقة الشمسية في المنطقة). إنهم لا يقولون: (لدي أقل فاتورة كهرباء)».