منطقة اليورو تدخل في ركود «تقني» مع تراجع إجمالي الناتج المحلي

فشل أوروبي في التوصل لاتفاق حول الرقابة المصرفية المشتركة للمنطقة

منطقة اليورو وعملتها الموحدة على المحك
TT

قال مكتب الإحصاء الأوروبي، إن منطقة اليورو دخلت في ركود تقني لتراجع اقتصادها، بينما أبقى البنك المركزي الأوروبي فوائده بمعدل صفر فاصل خمسة وسبعين في المائة لكن رئيس البنك ماريو دراغي يرجح أن يخفض توقعاته بشأن النمو الاقتصادي في منطقة اليورو العام المقبل، بعدما سجلت منطقة اليورو تراجعا في نموها الاقتصادي في الربع المالي الثالث بمعدل صفر فاصل واحد في المائة، ما أدخلها في ركود، لكن يرجح أن يتوقع معاودة تسجيل المنطقة لنمو اقتصادي بمعدل واحد في المائة في عام ألفين وأربعة عشر. في بروكسل أكد مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات) دخول منطقة اليورو في مرحلة ركود تقني لتراجع اقتصاد دولها بنسبة 0.1% و0.2% خلال الربعين الثالث والثاني على التوالي من العام الجاري. وتفادت دول الاتحاد الأوروبي الـ27 الدخول في مرحلة ركود عبر تحقيق نمو طفيف بلغ 0.1% خلال الربع الثالث بعد ما انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.2% في الفترة ما بين أبريل(نيسان) ويونيو(حزيران). ولا تزال البيانات المعلنة خلال منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) تظهر استمرار انخفاض إجمالي الناتج المحلي لدول العملة الموحدة الـ17 بنسبة 0.6% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، بينما ارتفعت بنسبة 0.4% في إجمالي دول الاتحاد الأوروبي. وخلال الربع الثالث من عام 2012 ظل إنفاق الأسر مستقرا في دول العملة الموحدة بنسبة 0.1%. وكان مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات) قد أعلن عن تراجع إجمالي الناتج المحلي لمنطقة اليورو بواقع 0.1% خلال الربع الثالث من هذا العام مقارنة بالأشهر الثلاثة السابقة، ونموه بنسبة 0.1% بالاتحاد الأوروبي ومن جهته بدأ محافظ البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي المؤتمر الصحافي الذي قرر فيه إبقاء سعر الفائدة المرجعي عند مستويات 0.75%، بالتأكيد على أن المقبل سيكون أسوأ، خاصة بعد أن قام بتخفيض التوقعات المستقبلية المرتبطة بالنمو في الوقت الذي خفض فيه التوقعات المستقبلية للتضخم إلا أنها لا تزال ضمن المستويات المسيطر عليها. التوقعات المستقبلية المرتبطة بالتضخم بقيت قريبة من الهدف الأساسي للبنك المركزي الأوروبي حول 2.0% على المدى المتوسط، ويتوقع البنك المركزي بأن تهبط معدلات التضخم دون 2.0% خلال العام المقبل، ومع هذا فإن معدلات التضخم لا تزال ضمن المستويات المقبولة والمسيطرة عليها من البنك المركزي. إذ تم تخفيض التوقعات المستقبلية المرتبطة بالتضخم خلال عام 2013، وأكد أن المخاطر المحيطة بالتضخم لا تزال متوازنة، يتوقع البنك أن يتراوح معدل التضخم حول 2.5% خلال العام الجاري، وما بين 1.1 إلى 2.1% خلال 2013، وما بين 0.6% إلى 2.2% خلال عام 2014. ويتوقع البنك المركزي الأوروبي أن تستمر حالة الضعف العام في أداء اقتصاد منطقة اليورو خلال العام المقبل، وهذا بتأثير من حالة عدم التأكد المسيطرة على الأسواق المالية، ويرى دراغي أن الاقتصاد سوف يستطيع الانتعاش خلال عام 2013، قام البنك المركزي الأوروبي بتخفيض التوقعات المستقبلية المرتبطة بالنمو. ويرى البنك المركزي الأوروبي ارتفاع في المخاطر السلبية التي تحيط بوتيرة النمو الاقتصادي في المنطقة الأوروبية التي انكمشت خلال الربع الثالث بنسبة 0.1% متبوع بالانكماش بنسبة 0.2% خلال الربع الثاني، يتوقع البنك أن ينكمش الاقتصاد ما بين 0.6% إلى 0.4% خلال العام الجاري، وما بين ما نسبته - 0.9% إلى - 0.3% خلال 2013، أما عن التوقعات المرتبطة بعام 2014 التي تعد الأولى للبنك فهي بنمو ما بين ما نسبته 0.2% إلى 2.2%. وكان البنك المركزي الأوروبي قد توقع في التقرير الربع سنوي الماضي خلال سبتمبر (أيلول) الماضي بانكماش الناتج المحلي الإجمالي ما بين 0.6 إلى - 0.2% خلال العام الجاري، أما عن التوقعات المرتبطة بالنمو فهي - 0.4% إلى 1.4% خلال العام المقبل، أما عن التوقعات المرتبطة بالتضخم فكانت ما بين 2.4% إلى 2.6% خلال عام 2012 وما بين 1.3 إلى 2.5% خلال عام 2013. والبنك المركزي الأوروبي يرى الانفراجة بنهاية هذا العام مع التوقعات ببداية العودة إلى المسار الصحيح، إذ من المتوقع أن تبدأ الاقتصاديات العالمية بإظهار علامات للتحسن والأمر الذي سوف يعزز من مستويات الثقة في الأسواق. كان أثر تصريحات دراغي على اليورو سلبي جدا، إذ انخفض زوج اليورو مقابل الدولار الأميركي لمستويات 1.3030 مقارنة بسعر الافتتاح الذي سجل 1.3065 وكان الزوج صباح أمس قد ارتفع محققا مستويات 1.3085 وسجل مستويات دنيا 1.3024. ويأتي كل هذا بعد أن فشل وزراء مالية الاتحاد الأوروبي مؤخرا في التوصل إلى اتفاق بشأن إنشاء هيئة الرقابة المصرفية المشتركة لمنطقة اليورو مع الأمل في التوصل إلى الاتفاق الأسبوع المقبل. وقال ميشال بارنيه مفوض شؤون تنظيم الأسواق في الاتحاد الأوروبي «لسنا في نهاية الطريق» وذلك بعد مناقشات وزراء الاتحاد الأوروبي وعددهم 27 وزيرا. أما وزير مالية قبرص فاسوس شيرلي الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي فقال «هناك دليل على وجود قدر كبير من حسن النوايا بين كل الحاضرين، المسألة مجرد قدر قليل من الوقت» لكي يتم التوصل إلى اتفاق. ومن المتوقع اجتماع وزراء مالية الاتحاد الأوروبي مرة أخرى الأسبوع المقبل على أمل التوصل إلى اتفاق قبل القمة الأوروبية المقرر عقدها مطلع الأسبوع بعد المقبل. ويشكل فرض الإشراف المشترك على المصارف في منطقة اليورو الذي عهد به إلى البنك المركزي الأوروبي بدعم من مشرفين في كل بلد، المرحلة الأولى من الاتحاد المصرفي الذي يرغب فيه القادة الأوروبيون لمنع حدوث أزمات جديدة. وتمر هذه الخطوة بإنشاء مجلس داخل البنك المركزي الأوروبي يكلف مراقبة كل مصارف منطقة اليورو. وتأمل المفوضية الأوروبية في التوصل إلى اتفاق سياسي قبل نهاية السنة لتطبيق تدريجي للاتفاق طوال 2013، ولكن المفاوضات تتعثر أمام صعوبات كثيرة. فبرلين ترغب في أن يركز البنك المركزي الأوروبي على الإشراف على المصارف الكبرى، وتلك التي تشكل خطرا على مجمل الاقتصاد. لكن موسكوفيسي قال «من وجهة النظر الفرنسية نريد نظاما يطبق على كل المصارف، ويكون فيه البنك المركزي الأوروبي صاحب القرار الأخير». وعشية الاجتماع، اعترف موسكوفيسي بأن فرنسا وألمانيا «تواجهان بعض نقاط الخلاف» في هذا الشأن، وإن كانت باريس مستعدة لإبداء بعض الليونة، والاعتراف بأن إشراف البنك المركزي الأوروبي «يمكن أن يمارس بطريقة مباشرة إلى حد ما». والمشكلة الأخرى تتمثل في تسوية مسألة وزن البنك المركزي الأوروبي في السلطة المصرفية الأوروبية. من وجهة نظر البعض، إذا صوت البنك المركزي الأوروبي بصفته المشرف الوحيد على منطقة اليورو، باسم الهيئات الـ17 الممثلة في السلطة المصرفية الأوروبية، تخشى الهيئات العشر الأخرى أن تجد نفسها معزولة بشكل تلقائي. لكن بالنسبة لباريس من غير الوارد البحث عن نظام تصويت يسمح للبريطانيين بامتلاك حق تعطيل القرارات. وفي هذا السياق، فإن التصريحات الأخيرة لحاكم البنك المركزي الفرنسي كريستيان نواييه الذي قال إن الجزء الأكبر من الصفقات باليورو يجب ألا يجرى في لندن بل في منطقة اليورو، قد تدفع بريطانيا، أي التشدد أكثر في موقفها الدفاعي. وأخيرا يفترض أن تجد الدول الـ27 تسوية تأخذ في الاعتبار رغبات الدول غير الأعضاء في منطقة اليورو التي تريد المشاركة في آلية الإشراف مثل السويد. وقال وزير المال السويدي أندرس بورغ «نعتقد أنه يجب أن تكون هناك مساواة في المعاملة بين كل دول الاتحاد الأوروبي التي تريد الانضمام إلى مجلس الإشراف». وصرحت نظيرته الدنماركية مارغريتي فيستاغر أن «هذا الأمر سيشكل قوة هائلة إذا استطاعت الدول غير الأعضاء في منطقة اليورو المشاركة على أساس المساواة، لأن ذلك سيكون عاملا موحدا للبلدان الـ27». لكن بورغ رأى أن هذا يعني أيضا أنه يجب التأكد من الفصل الصارم بين وظائف الإشراف للبنك المركزي الأوروبي ووظائفه التقليدية كضامن للسياسة النقدية لمنطقة اليورو. وصرح المفوض الأوروبي للخدمات المالية ميشال بارنييه بأن «النص المقترح يتمتع بضمانات كافية» من أجل تحقيق هذا الفصل. من جهة أخرى، على الأوروبيين السعي إلى الاتفاق حول الإطار التنظيمي الجديد للقطاع المصرفي المعروف باسم «بازل 3»، ويفترض نظريا أن يدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير 2013 لكنه تأخر. وكانت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وعددها 27 دولة، قد تعهدت بالتوصل إلى مبادئ اتفاقية الرقابة المصرفية المشتركة بنهاية العام الحالي، بحيث يمكن بدء تفعيل هذه الرقابة خلال العام التالي. وقال دبلوماسي أوروبي إن هذا يضع الدول الأعضاء تحت ضغط من أجل التوصل إلى اتفاق.