بعد 50 عاما من العلاقات.. السعودية وكوريا تتطلعان للانتقال من مرحلة التجارة والعقود لمرحلة الاستثمار الاستراتيجي

رغبة من الرياض وسيول في رفع مستوى العلاقات الاقتصادية

د. الجاسر والمهندس العثمان خلال زيارتهما لأحد المصانع في كوريا («الشرق الأوسط»)
TT

تتطلع السعودية وكوريا الجنوبية إلى رفع مستوى العلاقات الاقتصادية بينهما من مرحلة التجارة والعقود إلى مرحلة الاستثمار التجاري، وذلك تزامنا مع الاحتفال بمرور 50 عاما على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وسيول. وقال الدكتور محمد الجاسر، وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي، إن بلاده تهتم وتحرص على الاستفادة من إيجابيات وسلبيات التجارب التنموية الناجحة التي تحققها دول العالم المختلفة، ومنها كوريا، إضافة إلى اهتمامها بتبادل الخبرات بين مسؤولي البلدين الصديقين سواء في القطاع الحكومي أو الخاص.

وبين الجاسر، الذي كان يتحدث على هامش زيارة قام بها مع وفد رسمي سعودي إلى العاصمة الكورية سيول، العوامل المشتركة بين السعودية وكوريا باعتبارهما من دول مجموعة العشرين الأكبر اقتصادا في العالم، وأن المملكة أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط ومصدر أساسي للطاقة في العالم، وتتسم سياستها المالية والاقتصادية دائما بالاتزان.

وأضاف «المملكة استطاعت خلال السنوات القليلة الماضية أن تخفض الدين العام وتواصل دعم البنية التحتية والتعليم والصحة». وأشار إلى برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للابتعاث الخارجي، الذي تم إطلاقه منذ سنوات، وما تشهده المملكة من زيادة مطردة في عدد الجامعات التي تركز على التخصصات العلمية والتقنية.

وكان الجاسر، وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي، قد تلقى دعوة من سوك وو هونغ، وزير اقتصاد المعرفة في كوريا، وذلك لمناقشة آفاق جديدة من التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين والانتقال بذلك التعاون من آفاق التجارة وعقود الإنشاءات إلى آفاق أوسع من الاستثمار المشترك القابل للاستدامة.

وتمثل هذه الزيارة، وفقا لتقرير حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أهمية خاصة لكلا البلدين، كونها تتزامن مع الاحتفال بمرور 50 عاما على تأسيس العلاقات الدبلوماسية السعودية الكورية. وقد ضم الوفد السعودي عددا من كبار المسؤولين التنفيذيين في وزارة الاقتصاد والتخطيط والهيئة العامة للاستثمار.

وبالعودة إلى وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي الذي فإنه أشار إلى أن القطاع الخاص السعودي بدأ في الآونة الأخيرة يتميز بدخول أجيال جديدة من رواد الأعمال الشباب المؤهلين الطامحين لتحقيق الريادة القائمة على الإبداع والابتكار، داعيا الشركات الكورية إلى اغتنام هذه الفرصة الثمينة لإقامة شراكات حقيقية معهم للخروج بقصص نجاح مشتركة، حيث إن «الرياض» مصممة على الاستفادة من الإمكانات الكبيرة التي يمتلكها الاقتصاد السعودي للتحول إلى اقتصاد معرفي في العقدين المقبلين.

من جانبه، شدد المهندس عبد اللطيف العثمان، محافظ هيئة الاستثمار، في كلمته أثناء الحفل، على أهمية دور القطاع الخاص السعودي والكوري في الاستفادة من الفرص الاستثمارية التي تزخر بها السعودية وكوريا في ظل العلاقات المتميزة بين البلدين سياسيا واقتصاديا وعلميا.

وذكر العثمان أن البيئة الاستثمارية في المملكة هي بيئة مواتية وخصبة جدا لاستقطاب مزيد من الاستثمارات، حيث تحتل موقعا متميزا على خارطة الاستثمار الدولية، والاقتصاد السعودي من أفضل الاقتصادات تنافسية على مستوى الشرق الأوسط.

ولفت إلى زيارة الوفد السعودي إلى كوريا والالتقاء بعدد من الشركات الكورية التي تتميز بريادتها العالمية في مجالات تتوافق تماما مع القطاعات المستهدفة في الاقتصاد السعودي مثل قطاعات تقنية المعلومات والصحة والتعليم والنقل والخدمات اللوجيستية والبنى التحتية وغيرها، وعن عزم المملكة المضي قدما في مجال تطوير المناخ الاستثماري وإيجاد بيئة صديقة لقطاع الأعمال بشكل عام، إضافة إلى وجود اتفاقية تشجيع وتبادل حماية الاستثمارات والازدواج الضريبي الموقعة بين البلدين.

وأكد أنها عوامل إيجابية لاستقطاب مزيد من الاستثمارات الكورية التي شهدت نموا لافتا في السنوات الماضية، حيث أوضح العثمان أن الاستثمارات الكورية في المملكة نمت خلال أعوام 2006 إلى 2010، من 45 مشروعا إلى 99 مشروعا، وبحجم استثمارات زاد 400 في المائة، وهو مؤشر واضح وجلي على قدرة الاقتصاد السعودي على استيعاب مريد استثمارات القطاع الخاص بشقيه المحلي والأجنبي باعتباره اقتصادا قويا وواعدا في الوقت نفسه ويملك كل المقومات اللازمة لتحقيق مزيد من النمو والازدهار.

والتقى الوفد السعودي، وفقا للتقرير، بممثلي ورؤساء عدد من الشركات الكورية ذات الصلة بتقنية المعلومات وبناء السفن وصناعة السيارات وغيرها ذات المحتوى المعرفي، وكذلك بعض الشركات المهتمة بالاستثمار في المملكة. كما اشتمل برنامج الزيارة على جولات مختلفة قام بها الوفد اطلع فيها على الجهود التي قامت بها جمهورية كوريا لتحقيق النهضة الصناعية والاقتصادية والبشرية التي تشهدها كوريا حاليا، إذ زار الوفد المعهد الكوري للتطوير التكنولوجي وعددا من مواقع الشركات الرائدة في المجالات الصناعية والتقنية والصحية والخدمات اللوجيستية وغيرها.

كما شهدت الزيارة مناقشة أوجه التعاون المناسبة بين هيئة الاستثمار السعودية وهيئة التجارة والاستثمار الكورية لتنمية الاستثمارات بين البلدين. وجرى التوقيع على برنامج للتعاون بينهما يتضمن أطرا وآليات محددة لتنسيق العمل بين الجهتين بما يسهم في زيادة حجم التبادل الاستثماري في القطاعات المستهدفة في كلا البلدين.