الحكومة المصرية في مأزق بعد تأجيل قرض صندوق النقد وتعليق زيادة الضرائب

رئيس الوزراء يدعو الخبراء إلى حوار مجتمعي لمناقشة خطة الإصلاح الاقتصادي

الضرائب الجديدة لن تمس أسعار السكر ورغيف الخبز والسولار
TT

دخلت الحكومة المصرية في مأزق بعد تأجيل قرض صندوق النقد الدولي وتعليق زيادة الضرائب على بعض السلع التي أعلنت عنها الحكومة مطلع الأسبوع الحالي، وبدا تردد الحكومة في تطبيق بعض القرارات مقلقا لدى بعض الخبراء، وهاجم حزب الحرية والعدالة الذي ينتمي إليه الرئيس محمد مرسي بشدة أداء الحكومة الحالية التي يرى أنها مرتبكة في قراراتها وسياساتها.

وقال رئيس الوزراء المصري هشام قنديل إنه تم تأجيل قرض صندوق النقد الدولي لمدة شهر بسبب المستجدات الحالية في بلاده. وأضاف في لقائه الصحافيين أمس: «أرسلنا خطابا إلى صندوق النقد طلبنا فيه تأجيل القرض بعد الظروف والأجواء السياسية في البلاد». وأضاف في حديث له أمس أن قانون الضرائب الذي تم الإعلان عنه لا يحمل أعباء إضافية على المصريين، وهو ضمن البرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري الذي تم الإعلان عنه في وقت سابق، وتابع: «البديل عن تطبيق تلك القرارات سيكون سيئا على اقتصاد البلاد، وأن برنامج الضرائب الجديد تم تأجيله لمدة شهر لحين استقرار الظروف والأجواء السياسية التي تمر بها البلاد حاليا».

وأكد قنديل أن الضرائب الجديدة لن تمس أسعار السكر ورغيف الخبز والسولار والبنزين، مشيرا إلى أن البنزين الوحيد الذي زاد سعره هو بنزين 95، الذي يستخدمه الأغنياء، لافتا إلى أن جميع الإجراءات التي تتخذها الحكومة تهدف لتحقيق العدالة الاجتماعية. وأشار إلى إنه سيتم بدء حوار مجتمعي الأسبوع المقبل، وسوف يدعى له كبار الخبراء والسياسيين في مصر، لمناقشة خطة الإصلاح الاقتصادي التي قامت الحكومة المصرية بإعدادها.

ووضعت الحكومة المصرية برنامجا اقتصاديا طويل المدى تسعى من خلاله إلى تحقيق متوسط نمو يصل إلى 7 في المائة، وتسعى خلال العام المالي الجاري وفقا لبرنامجها أيضا إلى تحقيق معدل للنمو يصل إلى 3.5 في المائة و4 في المائة خلال العام المالي المقبل، ويتضمن تحقيق هذا النمو سد فجوة تمويلية تصل إلى 14.5 مليار دولار على مدار العامين الماليين الحالي والمقبل.

وعلى صعيد متصل، توقع وزير المالية ممتاز السعيد أن يعقد الصندوق في يناير (كانون الثاني) اجتماعا لإقرار هذا القرض إلا أن إدارة الصندوق لم تحدد موعدا فعليا حتى الآن. وأوضح وزير المالية أن الحكومة والصندوق اتفقا علي تأجيل الموافقة علي القرض لحين طرح بنود البرنامج الاقتصادي ومنها التعديلات الضريبة الأخيرة التي أجلها الرئيس المصري للحوار المجتمعي. وأضاف وزير المالية أن بعض وسائل الإعلام تسرعت في تفسير الزيادات الضريبية التي أقرتها الحكومة أول من أمس وأجلها الرئيس بعد ساعات من صدورها، وفسرت القوانين بشكل غير فني.

وتابع الوزير: «البعض قال إن هناك دمغة على الكهرباء والمياه وهذا لم يكن مقررا، والبعض قال إن السجائر ستزيد 10 جنيهات». وشدد وزير المالية على أن القرارات الضريبية الأخيرة المؤجلة لم تكن تمس محدودي الدخل على الإطلاق، وأن الحكومة تسعى لتجنيب الدولة أزمة اقتصادية.

في السياق ذاته قال محمد جودة رئيس اللجنة الاقتصادية بحزب الحرية والعدالة لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة الحالية مرتبكة وتعمل بعيدا عن الحوار المجتمعي، مشيرا إلى أن حزبه طلب أكثر من مرة الاطلاع علي ما يدور بشأن قرض الصندوق وما فيه من اشتراطات لكن الحكومة رفضت. ومعرفة بعض بنوده جاءت من خلال بعض التسريبات وليس بالمشاركة أو الاطلاع. وقال جودة إن وزير المالية أوقع الحكومة والرئاسة في الفخ، فمن الطبيعي أن يتراجع الصندوق عن القرض في حالة مخالفة الشروط التي تم الاتفاق عليها لضمان سداده، مشيرا إلى أن وزير المالية الذي كان مدير مكتب آخر وزير في عهد الرئيس المخلوع مبارك «بطرس غالي» لا يعدو أن يكون كبير موظفين ولا يرقى للانفراد بإعداد موازنة مصر. وأضاف جودة أنه حذر أحد الوزراء في حكومة قنديل قبل ثلاثة أسابيع من الخطوات التي اتخذتها الحكومة والمتعلقة بالضرائب والتفاوض بشكل بعيدا عن الحوار المجتمعي بشأن قرض الصندوق، مؤكدا أن بعض الأفراد من الدولة العميقة يضعون الجميع في الفخ لضمان أن يتعثر مستقبل تلك البلد. وقال: «الحكومة فاشلة ولن تساعد في تحقيق إنجازات على الأرض، والمجلس العسكري هو من طلب الإبقاء على وزير المالية الحالي في الوزارة الجديدة رغم اعتراضنا عليه».

ونفى جودة لـ«الشرق الأوسط» اطلاع حزبه على ما يدور في الحكومة التي لم تجتمع مع الحزب إلا مرة واحدة ولم تأخذ بأية نصيحة قدمت في الملف الاقتصادي المقدم إليها، والذي لا توجد فيه أية ضرائب مثل التي أعلنتها الحكومة قبل يومين، كما أنها تصر على عدم المضي قدما في تلك الإجراءات دون وجود مجلس لشعب منتخب يمتلك التشريع.

وقال خبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» أن البديل للحكومة في حالة تعثر الحصول على قرض صندوق النقد الدولي أن تزيد اعتمادها على سندات وأذون الخزانة سواء بالعملة المحلية والأجنبية، ولكنهم أكدوا أن الأموال التي ستحصل عليها من تلك الطروحات لم تمكنها من ضخ استثمارات كبيرة في البلاد كما كانت تستهدفها، مؤكدين أن إقرار قانون الصكوك الإسلامية الذي تم الانتهاء من إعداده قد يساعد في توفير سيولة للحكومة لإقامة مشاريع.

وتستهدف الحكومة المصرية ضخ استثمارات بنحو 276 مليار جنيه (45.3 مليار دولار) خلال العام المالي الجاري، يشارك القطاع الخاص بنسبة 55 في المائة فيها، وتنفذ الحكومة متمثلة في الشركات الحكومية والهيئات الاقتصادية والشركات العامة 45 في المائة منها.