مصر: زيادة كبيرة في الطلب على الدولار وشح في المعروض.. وشركات الصرافة لا تستطيع تلبية رغبات التحويل

الجنيه يصل إلى أدنى مستوى له لأكثر من 8 أعوام وعدم تدخل «المركزي» يؤهله لمواصلة الصعود

TT

واصلت العملة المحلية المصرية «الجنيه» هبوطها أمام الدولار، ووصلت إلى أدنى مستوى لها منذ أكثر من 8 سنوات، وقال مسؤولون في السوق المصرية إن هناك أزمة بالفعل في سوق الصرف، وأصبحت محال الصرافة خاوية من العملة الصعبة، ولم تعد قادرة على تلبية طلبات عملائها.

وبلغ الدولار، في سوق الصرافة والإنتربنك (تعاملات البنوك بين بعضها البعض)، اليوم مستوى 6.13 جنيه للشراء و6.17 جنيه للبيع، بمتوسط بلغ 6.157 جنيه، بينما قفز اليورو إلى 8.004 جنيه للشراء و8.05 جنيه للبيع، والجنيه الإسترليني إلى 9.9 جنيه للشراء و9.96 جنيه للبيع.

وقال رئيس شعبة الصرافة باتحاد الغرف التجارية المصرية محمد الأبيض، إن السبب في ارتفاع أسعار العملات الأجنبية، وخاصة الدولار، يرجع إلى نقص المعروض بشكل كبير مع زيادة الطلب، مشيرا إلى أن الفجوة بينهما أصبحت كبيرة جدا.

وأضاف الأبيض لـ«الشرق الأوسط»: «ما يحدث الآن أمر طبيعي بسبب الظروف السياسية والاقتصادية السيئة التي تعيشها البلاد، فكلما شعر الناس بأن هناك نقصا في المعروض من الدولار زاد الطلب عليه بشكل كبير، وعلى الجانب الآخر فكل من لديه (دولارات) في مصر يصر على الاحتفاظ بها». وتابع: «إذا استمر الأمر على ما هو عليه سيزيد ارتفاع الدولار والعملات الأجنبية».

وأضاف: «لا تستطيع شركات الصرافة الآن توفير الدولارات في السوق، وطلبات تحويل الجنيه إلى الدولار تقابل بالرفض من قبل الشركات لعدم توافر العملة الصعبة لديها، وهذا الأمر ينطبق أيضا على البنوك التي لا تستطيع تلبية رغبات عملائها أو شركات الصرافة التي تلجأ إليها الآن للحصول على الدولار». وتابع: «كان البنك المركزي المصري يتدخل للمحافظة على سعر الصرف خلال الفترة الحالية، ولكن الظروف الآن اختلفت، فالاحتياطي من العملات الأجنبية لديه الآن يكفي فقط لتسديد ثمن غذاء المصريين».

وتراجع احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي المصري بنهاية العام الشهر الماضي إلى 15.035 مليار دولار، فاقدا نحو 448 مليون دولار، ليصل إلى مستويات حرجة تكفي فقط سد واردات البلاد السلعية لمدة ثلاثة أشهر.

وقال مسؤولون بالبنك المركزي في وقت سابق إن البنك تدخل منذ الثورة المصرية وحتى الآن مرة واحدة فقط للمحافظة على سعر صرف العملة المحلية من خلال ضخ نحو 300 مليون دولار في السوق، مؤكدين أن البنك أعاد جمعها مرة أخرى من السوق بعد عودة السوق إلى مستواها الطبيعي.

وقال محللون إن إعلان الحكومة عن تأجيل قرض صندوق النقد الدولي بقيمة 4.8 مليار دولار، قد أعطى نظرة متشائمة على أداء الاقتصاد المصري الذي يحتاج إلى سد فجوة تمويلية بقيمة 14.5 مليار دولار خلال العامين الماليين الجاري والمقبل، وتأجيل قرض الصندوق هذا يعني تأجيل الحصول على المساعدات الخارجية اللازمة لسد الفجوة التمويلية التي قال مسؤولون عنها إنها لن تأتي إلا بعد توقيع الاتفاقية مع صندوق النقد.

وأضافوا أنه في حالة عدم سد تلك الفجوة فإن الاقتصاد لن يحقق معدلات النمو المستهدفة التي يتطلع المسؤولون إليها خلال العام الحالي والبالغة 3.5 في المائة، وهذا سيؤثر على أداء الاقتصاد بشكل عام، بما فيه قيمة العملة المحلية.

وقالت شركة «فاروس للبحوث» في تقرير لها إن الإعلان عن تأجيل قرض صندوق النقد الدولي، تسبب في تغير تقييم مخاطر الجنيه من «متوسط» إلى «بارز».

ووضعت شركة «بلتون» المالية سيناريوهين لتحرك الجنيه المصري أمام الدولار خلال العام المالي الجاري المنتهي في يونيو (حزيران) المقبل، أحدهما دون قرض صندوق النقد الدولي والتمويل المصاحب له، والآخر بالقرض والتمويل المصاحب له، ومن المتوقع أن يستقر الجنيه المصري للدولار بانتقاص بسيط عند 6.02 خلال العام المالي الجاري، أما دون القرض والتمويل المصاحب له، فمن المفترض أن يشهد الجنيه المصري انتقاصا بقدر 15 في المائة مقابل الدولار ليصل لمتوسط 7 جنيه خلال العام المالي 2012 - 13. وأضاف التقرير أنه إذا شهد الجنيه المصري هذا الانتقاص فسيكون تدريجيا خلال العام بحسب التقرير.

وأشار إلى أنه في هذه الحالة ستزيد سلبيات التخلي عن التثبيت الفعال، لكن التقرير أشار في النهاية إلى أن مصر ستنجح في الحصول على التمويل اللازم للإبقاء على سعر العملة مستقرا مع العمل على انتقاص ضئيل في العملة المحلية.