قرارات قمة بروكسل تظهر بداية مرحلة جديدة من العمل الأوروبي لدعم القطاع المصرفي ومراقبته

انخفاض في معدلات التضخم وتراجع في نسبة التوظيف

TT

تبدأ مرحلة جديدة من العمل الأوروبي مع بداية العام الجديد، هذا ما أظهرته تصريحات قادة التكتل الأوروبي الموحد في ختام فعاليات القمة التي استضافتها بروكسل على مدى يومين، وجرى خلالها مناقشة الكثير من المسائل المتعلقة بتكريس فكرة الاتحاد المصرفي؛ حيث قرر الزعماء تكليف رئيس مجلس الاتحاد هرمان فان رومبوي بإعداد خطط متكاملة بهذا الشأن لتناقش في يونيو (حزيران) من العام المقبل. وتتمحور الأفكار الأوروبية حول إنشاء نوع من «عقود تعاون» بين المفوضية الأوروبية والدول الأعضاء التي ترغب بذلك، تتعهد فيها الأخيرة بإجراءات إصلاحات هيكلية بوتيرة أقل سرعة، ما يعني إجراء تقشف أقل، مقابل الحصول على دعم مالي أوروبي.

وعقب تصريحات قادة القارة العجوز، اتفق كثير من المراقبين على أن القمة الأوروبية انتهت إلى توافق يجعل من بداية العام المقبل موعدا لبدء مناقشات هادفة إلى دعم بعض المصارف والبنك المركزي الأوروبي سيتولى مهمة مراقبة المصارف الكبرى العاملة في أوروبا واليونان ستحصل على المساعدات المطلوبة. وتبقى أمور كثيرة تنتظر الرئاسة الآيرلندية المقبلة للاتحاد الأوروبي كما يقول رئيس وزراء آيرلندا ايندا كينني: «يجب أن لا ننسى أن المناقشات المالية السنوية تستغرق وقتا وبعد ذلك هنالك إصلاح السياسة الزراعية المشتركة، والإصلاحات في القطاعات المختلفة بالإضافة إلى أكثر من سبعين تشريعا للتصويت في البرلمان الأوروبي لأجل تحقيق اقتصاد ينمو». أما المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل فقد رفضت اقتراحا فرنسيا بإنشاء صندوق جديد لمساعدة الدول الأوروبية ذات الأوضاع المتأزمة وبينما مدريد مرتاحة للوضع المالي الإسباني يشير بعض الخبراء إلى أن الوضع مقلق وقد تطلب الحكومة الإسبانية المساعدة. ماريانو راخوي رئيس الوزراء الإسباني صرح بأن «الاقتصاد وبطالة الشباب هي في صلب أهداف السياسة العامة الأوروبية وهذا ما توصلنا إليه بعد أن انتهى الحديث عن الانضباط المالي وتوجهنا نحو النمو الاقتصادي والاتحاد المصرفي» وبعد انتهاء القمة يرى كثير من المراقبين في بروكسل أنه «على الرغم من إقرار خارطة طريق للوحدة المصرفية الأوروبية تنفذ العام المقبل يتم التساؤل حول أسباب تأجيل البت بميزانية خاصة بمنطقة اليورو وكذلك أسباب تأجيل موضوع آلية ضمان الودائع». وخلال المؤتمر الصحافي الختامي، تحدث هرمان فان رومبوي رئيس الاتحاد الأوروبي عن باقي المواضيع التي نوقشت خلال القمة، ومنها سياسة الدفاع الأوروبية، مشددا على تصميم الاتحاد على دعم سياساته الدفاعية، مع التركيز في مجال الأبحاث وأوضح أن تدعيم الصناعات الدفاعية في أنحاء أوروبا سوف تساعد في النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل، كما أنها ستؤدي إلى تقوية الحضور الأوروبي على الساحة الدولية وأكد فان رومبوي أن زعماء دول الاتحاد قد كلفوا المفوضية الأوروبية والممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون بإعداد أفكار واستراتيجيات لتحقيق الهدف. وقال: «ننتظر خطة مفصلة بشأن سياسة الدفاع والأمن في أوروبا في موعد أقصاه سبتمبر (أيلول) العام المقبل»، وفق كلام فان رومبوي. يأتي ذلك بينما أظهر تقرير حديث لمكتب الإحصاءات الأوروبية (يوروستات) انخفاضا طفيفا في معدلات التضخم المالي في منطقة اليورو، تضم 17 دولة أوروبية، وكذلك في مجمل دول الاتحاد الأوروبي وذلك لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي وجاء في التقرير، أن معدلات التضخم في منطقة اليورو بلغت 2.2 في المائة في شهر نوفمبر من العام الحالي مقابل 2.5 في المائة لشهر أكتوبر (تشرين الأول) من العام نفسه»، أما خلال العام الماضي، فقد بلغ معدل التضخم في هذه المنطقة 3 في المائة وسطيا»، وفق التقرير. أما بالنسبة لمعدلات التضخم المالي في دول الاتحاد الأوروبي عموما، بحسب تقرير يوروستات، فكانت2.4 في المائة في شهر نوفمبر من العام الحالي، مقابل 2.6 في المائة للشهر الذي سبقه، بينما بلغ وسطي معدل التضخم للعام الماضي 3.3 في المائة ويشير التقرير إلى أن معدلات التضخم الأكثر ضعفا في دول الاتحاد للشهر الماضي قد سجلت في كل من السويد 0.8 في المائة وقبرص 1.4 في المائة» أما أكثر معدلات التضخم ارتفاعا للفترة نفسها من العام الحالي فقد كانت من نصيب هنغاريا بنسبة 5.3 في المائة ورومانيا بنسبة 4.4 في المائة»، وفق الأرقام الواردة في التقرير من جهة أخرى ذكر مكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبي (يوروستات) أن عدد الأشخاص الذين جرى توظيفهم في الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو تراجع بنسبة 0.2 في المائة خلال الربع الثالث من العام الحالي مقارنة بالربع السابق عليه. وأوضح المكتب أن معدلات التوظيف تراجعت في معظم القطاعات إلا أن قطاع الإنشاءات سجل الانخفاض الأكبر. وأشار إلى أنه في حال المقارنة بالربع الثالث من العام الماضي فإن معدل التوظيف يسجل تراجعا بنسبة 0.7 في المائة في منطقة اليورو المشكلة من 17 دولة وبنسبة 0.5 في المائة في الاتحاد الأوروبي الذي يضم في عضويته 27 دولة. وقدر (يوروستات) عدد الرجال والنساء الذين جرى توظيفهم في الاتحاد الأوروبي خلال الربع الثالث من العام الحالي بإجمالي 222.6 مليون شخص من بينهم 146 مليون شخص في منطقة اليورو. يذكر أنه في ختام القمة توصل القادة إلى اتفاق بشأن المضي قدما على طريق إنقاذ منطقة اليورو، مع التركيز على عدة أمور، ومنها تعزيز النظام المصرفي، ووصف ما تحقق من اتفاق على إنشاء آلية مراقبة البنوك، بأنه انفراجة سوف تعزز القطاع المالي وتكسر الحلقة المفرغة بين البنوك والسلطات السيادية كما تساعد على ضمان الاستقرار وتحسين شروط الإقراض خاصة ما يقف وراءها من أهداف تتعلق بالنمو وخلق فرص العمل وأشار فان رومبوي إلى أن الشهور الأخيرة شهدت عملا كبيرا لإنجاز أمور كثيرة لم تكن موجودة حتى يونيو الماضي وفي غضون عدة أشهر أصبح هناك آلية مراقبة مالية في الموعد المطلوب أي قبل نهاية ديسمبر وهذا يظهر قدرة الاتحاد الأوروبي على اتخاذ الإجراءات الحاسمة في الوقت المناسب، والآلية ستخلق توازنا جيدا لأنها تخدم حاجة منطقة اليورو وأيضا تبقى مفتوحة للجميع وتعرف الآلية تقسيما معقولا للعمل بين المصرف المركزي الأوروبي والسلطات الوطنية وبالنسبة للمصرف المركزي الأوروبي ستضمن فصلا واضحا بين السياسة النقدية والمهام الإشرافية، كما أضاف فان رومبوي أن الاتفاق سيحافظ على سلامة السوق الموحدة للخدمات المالية.

وأشار المسؤول الأوروبي إلى أن القادة اتفقوا على إنشاء إطار تنفيذي في النصف الأول من العام المقبل؛ حيث إنه بعد إنشاء آلية المراقبة البنكية سوف يكون هناك إمكانية لإنشاء آلية لإعادة رسملة البنوك، وسوف تكون هناك حاجة إلى آلية واحدة للقرار مع الصلاحيات اللازمة وتوفير الضمانات المطلوبة، وسوف تقدم المفوضية الأوروبية مقترحات حول هذا الصدد في عام 2013، والهدف من ذلك هو الحد من المخاطر على الاقتصاد والمودعين ودافعي الضرائب، بحيث يكون هناك آلية للتعامل مع الأمور في حالة فشل أي من البنوك في عملها، على أن تتم هذه الأمور بصورة سريعة وعملية وفي مصلحة الجميع.

، أما بالنسبة للموضوع الثاني وهو تعزيز الوحدة الاقتصادية، سيقوم رئيس المجلس الأوروبي بتقديم التدابير المطلوبة والمحددة زمنيا في قمة يونيو من العام المقبل، بالتعاون مع المفوضية الأوروبية، والدول الأعضاء، ويتعلق الأمر بأربعة أمور، وهي، تنسيق الإصلاحات الاقتصادية الرئيسية، وثانيا البعد الاجتماعي لآلية الإنقاذ الأوروبية، وثالثا ما يتعلق بالقدرة التنافسية والاتفاقات بين الدول الأعضاء والمؤسسات الاتحادية حول هذا الصدد، ورابعا آليات التضامن التي يمكن أن تعزز الجهود التي تبذلها الدول الأعضاء من أجل تحقيق النمو وخلق فرص العمل، واختتم يقول لقد تحققت أمور كثيرة ولكن لا يزال ينتظرنا عمل كبير. ومن وجهة نظر الكثير من المراقبين اتفق These four issues are: قادة الاتحاد الأوروبي على تعميق الوحدة الاقتصادية والنقدية لهذا التكتل الذي يعاني أزمة مالية تهدد مستقبله واتفقوا أيضا، على مبدأ اتخاذ تدابير موحدة لتطهير الأوضاع المالية للاتحاد وإنقاذ البنوك المتعثرة. رئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي وعد من جهته بتقديم مذكرة في يونيو المقبل جدول الإصلاحات التي سيقوم بها الاتحاد لتعميق تكامله الاقتصادي والنقدي. وقال: «بالنسبة للآلية الموحدة للمتابعة، ولتوخي الفعالية، قررنا أنه عندما ننشئ هذه الآلية، سنتخذ قرارا واحدا لنمدها بالسلطة الضرورية لضمان أن أي بنك من بنوك الدول الأعضاء المشاركة يمكن معالجة مشاكله بالأدوات الملائمة له». القمة السادسة والأخيرة للاتحاد الأوروبي خلال العام الحالي، تأتي بعد التوصل إلى اتفاق لتسليم اليونان قرابة خمسين مليار يورو بعد مفاوضات شاقة ومع تسلم قادة الاتحاد جائزة نوبل للسلام.. وكانت قمة يونيو الماضي قد كلفت رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي بالتعاون مع رؤساء المفوضية والمصرف المركزي ومجموعة اليورو، في إعداد تقرير على أن يتضمن معلومات أساسية تتعلق بخارطة طريق تشمل إطار زمني لمراحل الانتهاء من الاتحاد النقدي والاقتصادي، وتناول التقرير الأخير أمورا جاءت كنقاط أساسية في تقرير آخر كان يحمل عنوان «نحو اتحاد حقيقي نقدي واقتصادي» جرى عرضه على مجلس قادة أوروبا في قمة صيف العام الحالي، ويركز التقرير الذي عرض على القادة، على دول منطقة اليورو والتي تواجه تحديات، ويحدد التقرير الإجراءات المطلوبة لضمان استقرار وسلامة آلية الإنقاذ الأوروبية ويدعو إلى الالتزام السياسي لتنفيذ خارطة الطريق المقترحة والحاجة الضرورية للعمل من منطلق التحديات الداخلية والخارجية التي تواجهها حاليا منطقة اليورو، ويقول التقرير إن منطقة اليورو تحتاج إلى آليات أقوى لضمان سياسات وطنية سليمة، بحيث تضمن استفادة كاملة للدول الأعضاء من الاتحاد النقدي والاقتصادي وهذا أمر أساسي لضمان الثقة في فعالية السياسات الوطنية والأوروبية لتحقيق المهام العامة الحيوية مثل استقرار الاقتصادات والأنظمة المصرفية ولحماية المواطنين من الآثار المترتبة على السياسات غير السليمة سواء الاقتصادية أو المالية، وفي الوقت نفسه ضمان مستوى عال من النمو والرعاية الاجتماعية، وينوه التقرير إلى أن منطقة اليورو تواجهه عالم متغير وسريع التطور ويتميز بصعود الاقتصادات الناشئة ولا بد من جعل آلية الإنقاذ الأوروبية أكثر مرونة وتشكل جدارا عازلا لدول منطقة اليورو ضد الصدمات الاقتصادية العالمية، وأيضا الحفاظ على التماسك الاجتماعي وفي الوقت نفسه الحفاظ على النفوذ الأوروبي على المستوى العالمي، وتؤكد خارطة الطريق على أن تكوين اتحاد نقدي واقتصادي حقيقي يسهم في ترسيخ مبدأ أن أوروبا ليست الهدف وإنما الأولية لخدمة مواطني أوروبا وزيادة الازدهار. ويشير التقرير إلى أن المقترحات المقدمة في مجال السياسة المالية والاقتصادية تتشابك بشكل وثيق وتنطوي على تعميق التكامل والشرعية والديمقراطية والمساءلة، ويرى التقرير أن الاتحاد النقدي يمكن أن يتم على ثلاثة مراحل الأولى ضمان الاستدامة المالية من خلال الإدارة السليمة للمالية العامة، وتشمل هذه المرحلة خمسة عناصر أساسية أولا استكمال تنفيذ ما يعرف بحزمة التشريعات الست للحوكمة المالية، وما يعرف بمعاهدة الاستقرار والتقارب، ووضع إطار منهجي لعمليات إصلاح السياسات الاقتصادية، وإنشاء آلية واحدة وفعالة لرقابة القطاع المصرفي واتفاق بشأن توحيد القرارات الوطنية فيما يتعلق بأطر ضمان الودائع والتمويل المناسب للقطاع المالي، وإنشاء إطار تشغيلي لإعادة رسملة البنوك مباشرة من خلال آلية الاستقرار الأوروبي. والمرحلة الثانية استكمال الإطار المالي المتكامل وتعزيز السياسات الهيكلية السليمة، وتتكون من عنصرين أولا، الانتهاء من إطار مالي متكامل يضمن تنفيذ سريع للقرارات، وإنشاء آلية أقوى للتقارب والتنسيق وإعادة الهيكلة، أما المرحلة الثالثة ستكون لتحسين قدرة الاتحاد النقدي الأوروبي من خلال تحسين القدرة على امتصاص الصدمات على المستوى المركزي.