زهير السراج: صناعة المعارض والملتقيات في السعودية مرهونة بمعالجة عوائق البنية التحتية

رئيس شركة «المختص» للمؤتمرات أكد لـ «الشرق الأوسط» أن استضافة مؤتمر «إيكان» نقطة تحول لهذه الصناعة

المعارض والمؤتمرات تعتبر ذات دور فاعل في الترويج لأي دولة على الصعيد العالمي وذلك لاستقطاب أكبر عدد من الشركات العاملة في مختلف المجالات الاقتصادية وفي الاطار زهير السراج
TT

دخلت صناعة المؤتمرات والمعارض في السعودية مرحلة المؤتمرات المتخصصة في عدد من القطاعات الحيوية لتتحول إلى عنصر جذب للزوار والمهتمين بهذا النوع من المؤتمرات إلى تحول كبير في هذه الصناعة التي ظلت محدودة في إقامة معارض السيارات والعقارات والمواد الاستهلاكية.

ويأتي تنظيم السعودية للمؤتمر الدول الخامس لمفاوضات الخدمات الجوية «إيكان» الذي يشارك فيه 73 دولة من الأعضاء في المنظمة الدولية للطيران المدني (إيكاو)، وتحتضنه مدينة جدة السعودية، ويحضره أكثر من 500 مختص في صناعة النقل الجوي يمثلون رؤوس سلطان الطيران المدني في العالم. نقطة تحول في توجه القطاعات الحكومية إلى إقامة مؤتمرات على المستوى الدولي.

ومنحت الهيئة العامة للطيران المدني التي تتولى تنظيم المؤتمر الفرصة لشركة «المختص» السعودية لتتولى إدارة المؤتمر في إطار منح القطاع الخاص الفرصة في المشاركة في مثل هذه الأحداث التي يتم تنظيمها على المستوى الدولي.

الدكتور زهير السراج الرئيس التنفيذي لـمجموعة «المختص» للمؤتمرات يكشف لـ«الشرق الأوسط» عن صناعة المعارض والمؤتمرات في السعودية وحجم النمو والمطالب التي تساهم في نجاح هذه الصناعة في البلاد.. وفي مايلي نص الحوار:

* كيف تنظر إلى استضافة السعودية لحدث في حجم المؤتمر الدولي للطيران المدني؟

- هذا النوع من المؤتمرات المتخصصة يعتبر نقطة تحول إيجابية في الصناعة التي كانت وما زالت تركز على المعارض دون الدخول في المؤتمرات، والتي تعتبر هي الأفضل من ناحية النتائج وانعكاساتها على الاقتصاد بما تقدمه من نقاشات تساهم في وضع الحلول وصناعة القرارات، بعكس المعارض التجارية التي تركز على الجانب الترويجي والتسويقي، والسعودية بدأت مرحلة جديدة في تنظيم المؤتمرات المتخصصة مثل قطاع الطيران المدني، الذي بدأ في تنظيم مؤتمرات على المستوى الدولي وتحقق نجاح ملموس، إضافة إلى عدد من المؤتمرات التي تنظمها الهيئة العامة للسياحة والآثار، وهذا يعطي مؤشرا على اهتمام المؤسسات الحكومية بفتح المجال أمام مشاركة القطاع الخاص ليقوم بدوره على الوجه المطلوب، ويساهم مساهمة فاعلة في دعم الاقتصاد.

* هل وصل قطاع المؤتمرات المتخصصة إلى حد الصناعة في السعودية؟

- تعتبر السعودية من الدول السباقة في المنطقة في اقتحام صناعة المعارض والمؤتمرات، وقد ظهرت صناعة المعارض في منتصف السبعينات، وقد بدأت عبر الشركات المتخصصة. وفي السنوات الأخيرة أصبح لدينا كثير من المعارض المسجلة على قائمة المعارض العالمية، التي تشهد حضورا قويا من خارج المنقطة، وبدأت تتطور طريقة تنظيمها بشكل أفضل؛ ففي الوقت التي كانت المعارض عبارة عن مساحات صغيرة وفي مدينة واحدة أصبحنا حاليا نشاهد كثيرا من المعارض الكبيرة المتخصصة في المدن الرئيسية، مثل الرياض وجدة والدمام ونتطلع إلى تقام معارض أخرى في المناطق السياحية التي تشهد كثافة في عدد الزوار في المواسم.

* هل هناك عوامل تدعم السعودية لتكون دولة ذات جذب لهذه الصناعة في المستقبل؟

- توجد كثير من العوامل التي تجعل السعودية موقع جذب لكثير من المعارض والمؤتمرات الدولية، ويأتي على قائمة هذه العوامل الاهتمام الذي تولية الحكومة السعودية لحركة المعارض وأهميتها الاقتصادية، بالإضافة إلى توفير البنية الأساسية المتكاملة لحركة المعارض.

* ماذا تحتاج إليه المملكة لتكون «عاصمة» المعارض والمؤتمرات على مستوى المنطقة؟

- سوق المعارض والمؤتمرات في السعودية تحتاج إلى بنية تحتية كبيرة سواء فيما يتعلق بإدارة هذه الصناعة كإنشاء جهة مختصة لإدارة هذه الإحداث وتنظيمها وإجراءاتها، إذ لا يزال موضوع التراخيص غير واضح، فالكثير من المؤتمرات ترخص على أنها معارض، وهذا غير صحيح فالمعارض تختلف عن المؤتمرات، إضافة إلى دعم الخدمات اللوجيستية، مثل بناء مقرات ومرافق ومواقع على مستوى متقدم لعقد هذه المؤتمرات.

* ما توقعاتكم فيما يخص نمو هذه الصناعة في المنطقة؟

- من المتوقع أن تشهد السعودية نموا ملحوظا في فعاليات المعارض والمؤتمرات، حيث تشهد هذه الفعاليات نموا يتجاوز 15 في المائة، ومن الملاحظ أن هناك ارتفاعا في الطلب على إقامة كثير من المؤتمرات والمعارض في السعودية، نظرا لأنها مستهدفة تسويقا من كثير من الشركات الأجنبية التي تجد رواجا لمنتجاتها في المنطقة.

* كيف تقيم المؤتمرات التي يتم عقدها؟ وما أهم تلك المؤتمرات والمعارض من وجهة نظركم؟

- المشاهَد أن لدينا زيادة في الطلب على المعارض المتخصصة والاهتمام بها، مثل معارض الحج والعمرة، معارض المشاريع الصغيرة والمتوسطة، معارض الجودة ومواصفاتها، معارض المحافظة على البيئة ومنع التلوث. بالإضافة إلى الطلب على المعارض التجارية الإسلامية، وبصفة خاصة في منطقة مكة المكرمة.

* كيف تقيم دور الغرف في دعم صناعة المعارض والمؤتمرات؟

- ما زالت هناك كثير من التشريعات والتنظيمات المطلوب تطبيقها خاصة فيما يخص التراخيص والتصنيف والمعايير النهائية. ومن الملاحظ أن الغرف السعودية ممثلة في مجلسها تقوم بدور كبير في عقد بعض المؤتمرات والندوات التي تناقش كثيرا من القضايا، إلا أن المطلوب تكاتف الجهود من الجميع سواء في وزارة التجارة أو القطاع الخاص، وتنمية روح الشراكة للخروج بعمل يكون له انعكاس إيجابي على صناعة المعارض والمؤتمرات في السعودية، ويساهم في رفع نسبة الإشغال للمعارض والخدمات السياحية المساندة لها.

* ما الانعكاسات الاقتصادية لهذه الصناعة على الاقتصاد في المملكة؟

- المعارض والمؤتمرات تعتبر ذات دور فاعل في الترويج لأي دولة على الصعيد العالمي، وذلك لاستقطاب أكبر عدد من الشركات العاملة في مختلف المجالات الاقتصادية، مما سيكون له دور في تحريك الاقتصاد الوطني، لذا فإن الحراك الحالي يعد إيجابيا بكل المقاييس، إلا أنه من الأفضل أن تعمل الجهات الاقتصادية على دعم وتشجيع هذه الصناعة لتعزيز مركز السعودية في صناعة المعارض والمؤتمرات في المنطقة.

* ما التحديات التي تواجهكم في هذه الصناعة ؟ وما الحلول؟

- من المهم جدا إصدار تنظيم وتشريعات يشارك في وضعها أهل الصناعة لبناء قاعدة لصناعة المعارض في البلاد، من خلال بناء مدن جديدة للمعارض تكون مشاريع استراتيجية مشتركة بين الحكومة والقطاع الخاص، إذ إن مثل هذه الخطوة ستخلق آفاقا جديدة تعزز موقع السعودية على خريطة المعارض الدولية سوف تكون جاذبة للشركات والاستثمارات.

* هل هناك منافسة خارجية تواجه الشركات السعودية المتخصصة في تنظيم وإدارة المؤتمرات والمعارض؟

- في ظل الانفتاح الاقتصادي الذي تعيشه منطقة الشرق الأوسط وخاصة دول الخليج، فإن ذلك استقطب كثيرا من المستثمرين الأجانب من الشركات المتخصصة في تنظيم المعارض والمؤتمرات، ولاحظنا في الفترة الأخيرة دخول خبرات سعودية في هذه الصناعة استطاعت تقديم نموذج منافس لتلك الشركات، وأصبحنا نشاهد أن كثيرا من الشركات الأجنبية العاملة في المنطقة تدخل في تحالف استراتيجي لإنجاح كثير من المعارض التي يتم تنظيمها في المنطقة. وفيما يخص المنافسة فهي موجودة، ولكنها ليست بالحجم الذي سيشكل خطرا مع الشركات السعودية.

* في ظل وجود المنافسة، ألا ترى أن الدخول في تحالف مع الشركات الأجنبية التي تملك الخبرات يدعم الشركات المحلية أو الخليجية؟

- المنافسة القوية في الأسواق العالمية دفعت إلى ظهور ما يعرف بالتحالفات بين الشركات، وهذه الخطوة إيجابية تدعم صناعة المؤتمرات والمنتديات في السعودية، خاصة في مثل هذه الصناعة التي تعتبر حديثة في المنطقة، وهي تشهد نموا كبيرا في السنوات الأخيرة لا سيما في ظل تنامي سياحة الأعمال في البلاد، التي تهتم بها كل من وزارة التجارة والصناعة ومجالس الغرف التجارية. وسوف تعزز النمو الاقتصادي من خلال المعارض والمؤتمرات، باعتبار أن المعارض والمؤتمرات بوابة النمو الاقتصادي.

* هل لديكم تقديرات لحجم سوق المعارض والمؤتمرات في السعودية؟ وكيف تنظرون لمستقبل هذه الصناعة؟

- تعتبر سوق المعارض والمؤتمر في السعودية متعددة وواسعة ومغذية لنجاح سياحة المؤتمرات والمعارض. وقوة السوق السعودية تجعل منها سوقا مستهدفة لمختلف مصادر الإنتاج والتسويق، وتشكل السوق السعودية أكثر من 65 في المائة من حجم السوق الخليجية، مما يعتبر من الخصائص المميزة للسوق السعودية، ومن المتوقع أن تشهد دول مجلس التعاون الخليجي، وليس السعودية فحسب، مركزا متقدما على المستوى العالمي، وسوف تشهد طفرة كبيرة في صناعة المعارض خلال السنوات المقبلة. وذلك نظرا لما تشهده أسواق المنطقة من توسع كبير بفضل نمو قطاع المعارض وإقبال الشركات العالمية، وهذه الصناعة بكل تأكيد تعتبر تعد البوابة الاقتصادية التي تعزز فرص زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية في ظل الخطط الرامية لزيادة تلك الاستثمارات في كل المجالات. والسعودية تعتبر من الأسواق الهامة ضمن استراتيجية التوسع والنمو العالمي، ويتزامن مع ذلك أيضا العمل أن عدد من المستثمرين يعملون على مشاريع تهدف إلى استقطاب المزيد من الفعاليات والمعارض الدولية إلى السعودية، ويدعم ذلك المبادرات التي تطلقها الحكومة السعودية لجذب الاستثمارات والأعمال الأجنبية، مما يؤكد أن هذا التوقيت يعد الأنسب لدخول الشركات المتخصصة في هذا المجال، خاصة إذا علمنا أن السوق السعودية تشكل أهمية كبيرة لكثير من الشركات في المنطقة مع تصاعد نمو كثير من القطاعات الاقتصادية المتنوعة، وهذا ما يدفع الشركات العالمية للمساهمة في دعم هذا النمو والتوجه إلى أسواق المنطقة.