النمو والبطالة والاستقرار.. أبرز نقاط برنامج الرئاسة الآيرلندية الجديدة للاتحاد الأوروبي

ترغب في تحقيق الاندماج المصرفي الأوروبي خلال فترة رئاستها

TT

تتولى آيرلندا رئاسة الاتحاد الأوروبي لمدة ستة أشهر اعتبارا من 1 يناير (كانون الثاني) المقبل وفي برنامج الحكومة الآيرلندية تركيز على مشكلتي النمو والبطالة. وترغب آيرلندا أن تحقق خلال فترة رئاستها الاندماج المصرفي الأوروبي. أما موضوع الميزانية الأوروبية الموحدة، فتسعى آيرلندا لجعله استحقاقا مبرما من قبل كل دول الاتحاد لكي يعرض في ما بعد على البرلمان الأوروبي للتصويت.

من جانبه، توقع ماريو دراغي رئيس المصرف المركزي الأوروبي أن يؤدي تفعيل سلطة البنك المركزي الأوروبي على رقابة مصارف منطقة اليورو إلى تعزيز الثقة في النظام المالي الأوروبي.

يأتي ذلك، فيما أظهرت بيانات رسمية في بروكسل أن ميزان التجارة في الاتحاد الأوروبي في قطاع السلع مع بقية العالم سجل عجزا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بقيمة 9.4 مليار يورو مقابل عجز قدره 12.5 مليار يورو في سبتمبر (أيلول) الماضي.

وخلال مؤتمر صحافي في عاصمة أوروبا الموحدة، قال وزير الخارجية والتجارة الآيرلندي إيمون غيلمور إن إعادة الاقتصاد الأوروبي إلى مساره ستكون محور اهتمام رئاسة بلاده للاتحاد الأوروبي التي ستتولاها مطلع العام المقبل. وأوضح غيلمور أن «التعامل بفعالية مع الأزمة المالية والاقتصادية يظل محل قلق مركزي للاتحاد الأوروبي».

وأكد أن شعار الرئاسة الآيرلندية للاتحاد الأوروبي يتكون من ثلاث كلمات؛ هي: «الاستقرار، والوظائف، والنمو»، مشيرا إلى أن العام المقبل سيكون مهما لبلاده على الصعيد الاقتصادي. وأضاف: «نهدف إلى أن نكون أول دولة تخرج من برنامج للاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي.. لقد عملنا على استقرار اقتصادنا ونحن الآن في المرحلة التالية من التعافي». وقال وزير الخارجية الآيرلندي إنه يتطلع للعمل مع المنسقة العليا للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون بشأن حفظ السلام العالمي والسياسات الإنمائية والإنسانية.

من جانبها، قالت وزيرة الدولة الآيرلندية للشؤون الأوروبية لوسيندا كرينتون إنها ستكرس اهتماما كبيرا لإحراز تقدم سريع في المفاوضات مع آيسلندا بشأن نيلها عضوية الاتحاد الأوروبي فضلا عن تجديد المفاوضات مع تركيا في هذا الشأن. وخلال المؤتمر الصحافي كان الحديث أيضا عن أهمية محادثات التجارة الحرة مع الولايات المتحدة وأنها ستتم خلال الرئاسة الآيرلندية للاتحاد الأوروبي. وقال المسؤول الآيرلندي: «قدرة الاقتصادين على التفاعل مهمة لكل سكان الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على السواء، وإن اتفاقا للمبادلات التجارية الحرة سيؤثر ازدهارا على الاقتصادين خاصة لخلق فرص العمل والنمو».

ويرى مراقبون أن اتفاق التجارة الحرة مفيد للاتحاد الأوروبي وللولايات المتحدة وسيضيف لقيمة تجارتهما نحو مائة وثلاثين مليار يورو خلال السنوات الخمس المقبلة.

وكانت آيرلندا تلقت عام 2010 حزمة إنقاذ مالي بقيمة 85 مليار يورو من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي لمواجهة أزمتها الاقتصادية. في الخامس من الشهر الحالي الحكومة الآيرلندية أقرت إجراءات تقشفية جديدة لتوفير ما يعادل ثلاثة مليارات وخمسمائة مليون يورو لدى عرضها للميزانية. الإجراءات تتضمن ضرائب على الأملاك، ومقتطعات على أرباح رأس المال ومعاشات التقاعد، وضرائب جديدة على النقليات. هذه الإجراءات أقرت على الرغم من تسجيل قطاع الخدمات الذي يعادل ستين في المائة من الاقتصاد أكبر نمو منذ خمس سنوات. أما البطالة، فسجلت أدنى معدل منذ سبعة عشر شهرا.

يذكر أنه على الرغم من إجراءات آيرلندا التقشفية، فإنها لم تشهد بعد احتجاجات قوية كغيرها من باقي الدول الأوروبية، لذا فإن بعض المحللين اعتبروا الإجراءات الجديدة بمثابة اختبار لصبر الآيرلنديين.

على جانب آخر، قدم نائب وزير الشؤون الأوروبية القبرصي آندرياس مافرويانيس خلال المؤتمر الصحافي المشترك ملخصا للنجاحات التي حققتها بلاده خلال فترة رئاستها الدورية للاتحاد الأوروبي خلال الأشهر الستة الماضية. ولكن من وجهة نظر العديد من المراقبين هنا في بروكسل هل يمكن أن تحقق دول تعاني من أزمات وصعوبات اقتصادية ومالية أي نجاحات تذكر في رئاسة التكتل الأوروبي الموحد.

وتأتي رئاسة آيرلندا، وهي إحدى الدول التي تعاني من أزمة الديون السيادية، بعد انتهاء فترة رئاسة قبرص التي تعاني بدورها من صعوبات. وفي مطلع الشهر الحالي حث رئيس مجموعة اليورو جان كلود يونكر قبرص على سرعة إبرام اتفاق مع الترويكا بشأن بنود برنامج المساعدة المالية الذي تتلقاه لإعادة رسملة قطاعها المصرفي. وأشار يونكر في ختام اجتماع مع وزراء مالية دول منطقة اليورو: «أدعو قبرص والترويكا إلى إبرام اتفاق بشأن بنود البرنامج المقترحة بهدف سرعة التوصل إلى اتفاق بشأن حزمة التقشف».

وتجري نيقوسيا مفاوضات مع الترويكا (المؤلفة من المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي) بشأن شروط حصولها على خطة إنقاذ. وأثنى يونكر على «الخطوات الأولى المهمة» التي اتخذتها قبرص لتنفيذ الإجراءات الأولية التي تم الاتفاق عليها مع الترويكا في إطار المفاوضات، مثل إجراءات تعزيز مالي. ومن المقرر أن تنظر منطقة اليورو في نتائج مراجعة الحسابات التي تجريها جهة مستقلة للقطاع المصرفي القبرصي تمهيدا لإعادة رسملته، وحاجاتها من رأس المال.

من جانبه، أثنى نائب رئيس المفوضية الأوروبية للشؤون الاقتصادية أولي رين، على «التقدم الجيد» الذي تحرزه قبرص، في الوقت الذي أعرب فيه لنيقوسيا عن رغبته بأن يتم التوصل إلى اتفاق مع الترويكا في القضايا العالقة فور نشر نتائج التدقيق المالي.

وفي الإطار نفسه وخلال جلسة نقاشات داخل البرلمان الأوروبي، توقع ماريو دراغي رئيس المصرف المركزي الأوروبي أن يساهم تفعيل سلطة البنك المركزي الأوروبي على رقابة مصارف منطقة اليورو في تعزيز الثقة في النظام المالي الأوروبي، وهذا ما توقعه أمام أعضاء لجنة الشؤون النقدية والاقتصادية في المؤسسة التشريعية الأوروبية ببروكسل، قائلا: «نحن ننهي العام بتصنيف إيجابي بعدما بنينا مخططا طويل الأمد وبعدما توصلنا إلى اتفاق بالإجماع لتفعيل آلية فردية للرقابة.. ذلك يثبت أنه لدى المؤسسات الأوروبية الإرادة القوية للتحرك في الوقت المناسب وبطريقة حاسمة لاستكمال الاتحاد النقدي الأوروبي». دراغي توقع أن «يؤدي تفعيل هيئة الرقابة المصرفية إلى إنعاش تبادل القروض بين المصارف، فغالبية المصارف تقترض من البنك المركزي الأوروبي».

وفي بروكسل أيضا أظهرت بيانات رسمية أن ميزان التجارة في الاتحاد الأوروبي في قطاع السلع مع بقية العالم سجل عجزا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بقيمة 9.4 مليار يورو مقابل عجز قدره 12.5 مليار يورو في سبتمبر. وأشارت البيانات التي أصدرها مكتب الاتحاد الأوروبي للإحصاءات إلى أن العجز في قطاع الطاقة بالاتحاد الأوروبي ارتفع إلى 310.3 مليار يورو في الفترة ما بين يناير (كانون الثاني) وسبتمبر 2012 مقابل عجز قدره 286 مليار يورو في الفترة نفسها من 2011. وارتفعت صادرات الاتحاد الأوروبي إلى معظم شركائه الرئيسيين في الفترة ما بين يناير وسبتمبر 2012 مقارنة بالفترة نفسها من 2011 باستثناء الهند (سالب 5 في المائة) وسويسرا (سالب 1 في المائة).