تحذيرات للشركات الخليجية من مغبة أزمة مالية جديدة بسبب ضعف حوكمة الشركات

غياب المساءلة والشفافية يكبد شركات العالم خسائر تقدر بـ«تريليون» دولار سنويا

TT

دعا خبراء خليجيون الجهات المعنية بصناعة وحماية الاقتصاد الخليجي العام والخاص، بضرورة استباق أزمة مالية جديدة محتملة، بإيجاد سبل جديدة لخلق القيمة المضافة من خلال اعتماد آليات حوكمة الشركات، والمساءلة والشفافية في كل القطاعات الاقتصادية. وقال جمال فخرو رئيس مجلس إدارة «كي بي إم جي» في منطقة الشرق الأوسط وجنوب آسيا لـ«الشرق الأوسط»: إن «بعض التقديرات العالمية، تشير إلى أن قيمة ما يدفع سنويا على شكل تسهيلات غير معلنة في عالم الشركات، يصل إلى تريليون دولار، مما يؤكد على الحاجة إلى التصدي لهذه الظاهرة، من خلال تطبيق أفضل ممارسات الحوكمة، والشفافية والمساءلة». وأكد أن قادة الأعمال في العالم العربي، يواجهون تحديات وفرصا جديدة كل يوم، مما يتطلب تحقيق تكامل استراتيجي بين العوامل المالية وغير المالية، والممارسات التجارية المسؤولة. ومع ذلك قال: «هناك بعض الأمثلة الرائعة على شركات رائدة في المنطقة، تطبق أعلى معايير حوكمة الشركات والسلوك الأخلاقي والمساءلة في جميع نشاطاتها وسلسلة خلق القيمة المضافة فيها، حيث تصدر تقارير مالية شفافة وعميقة ومتكاملة غير أنه لا بد لها من جسم مسؤول يراقب ويتابع ويدقق في مثل هذه المواضيع». وأوضح أن هذه الآليات المطلوبة، لم تعد ترفا أو خيارا إضافيا لدى الشركات، مبينا أن قيمة الشركات تعتمد في عالم اليوم بشكل أساسي على سمعتها، وقدرتها على التعاون مع غيرها من الشركات لمكافحة الفساد. وقال فخرو: «لا تزال أجواء التشكك وعدم الاستقرار، التي سادت مع ظهور الأزمة المالية سائدة في جميع أنحاء العالم، ونجد أن مفاصل العمل الاقتصادي الخليجي، بصفته جزءا لا يتجزأ من مجتمع الاقتصاد العالمي، أننا على مفترق طرق نواجه فيه تحديات وفرصا تتطلب منا تفكيرا استراتيجيا واضحا وطويل الأمد».

ويتطلب هذا الوضع وفق فخرو، التفكير في أساليب لمضاعفة خلق القيمة الاقتصادية على المدى الطويل، وتخفيف حالة عدم اليقين والتعرض للمخاطر بشكل فعال، من خلال دمج العوامل البيئية والاجتماعية وضوابط الحوكمة في عملية صنع القرار داخل الشركات. وأضاف: «لا يخفى على أي مراقب أن هذا التحدي، وما يمثله من نهج جديد في التعامل مع الشركات وطرق خلق القيمة المضافة، أصبح يحظى بشعبية كبيرة. فقد بدأ مجتمع الأعمال في إدراك أن الشركات يمكن أن تلعب دورا محوريا في الاستجابة لأكثر التحديات الاجتماعية والبيئية والسياسية إلحاحا على المستوى العالمي».

من ناحيته أكد الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الرحمن باعشن لـ«الشرق الأوسط»، أن على مجتمع الأعمال مسؤولية القيام بدور ملموس يقضي على ظاهرة عمالة الأطفال، مبينا أن مسألة تطوير الأعمال هي المعنية بخلق فرص العمل، والأعمال التي من شأنها المساعدة في تحقيق النمو الاقتصادي للعالم النامي وتخفيف حدة الفقر والبطالة وحماية الأطفال من الاستغلال في حقل الأعمال. واتفق باعشن مع فخرو في أن هذا النهج يعتبر جوهر الشكل جديدا من الرأسمالية المسؤولة، مبينا أن يرتكز على فهم الشركات للدور، الذي لا بد من أن تلعبه في المجتمع، والمتمثل في خلق القيمة الاجتماعية والاقتصادية وإيجاد سبل جديدة لتغذية النمو دون الإضرار بالبيئة. ولفت إلى أن هذه الشركات، تدرك أن بقاءها يعتمد على إيجاد حلول عملية لكثير من المشاكل التي تواجه المجتمع، وتحويل الطريقة التي تعمل بها إلى نموذج قوي قائم على «القيم» مع مستويات أعلى من النزاهة والشفافية. من ناحية أخرى قال فخرو: «لكل من الشفافية والمساءلة ضرورة كبيرة في ضمان نزاهة الشركات والمؤسسات المالية والأسواق المالية واستقرار الاقتصادات، وبالتالي في تحقيق رفاهية المواطنين في كل مكان، خاصة ونحن نسعى جاهدين لتحقيق الانتعاش الاقتصادي العالمي». وأضاف أن الاستثمارات ورؤوس الأموال، ستتوفر بسهولة للشركات والدول التي تلتزم بمعايير عالية من الشفافية والمساءلة. إلى ذلك نوه فخرو إلى أن هذه السياسة الاقتصادية، تتماشى مع قيم مبادرة بيرل، وهي المبادرة الإقليمية غير الربحية التي أنشئت بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة للشراكات لتعزيز ثقافة الشفافية والمساءلة والحكم الرشيد والممارسات التجارية المسؤولة في الشركات الناشطة في الدول العربية والعالم.

وتتمثل واحدة من أهم نشاطات مبادرة «بيرل» في إصدار سلسلة تقاريرها حول «أفضل ممارسات الشركات في مجالي المساءلة والشفافية»، التي تبحث من خلالها وتحلل كثيرا من دراسات الحالة المتميزة في المنطقة، من أجل تبادل الخبرات والدروس المستفادة، وتشجيع مجتمع الأعمال الأوسع على تبني مزيد من الممارسات الجيدة.