نيران الجدل حول السلاح «تطال» شركات «وول ستريت» التي تستثمر في صناعته

في أعقاب مذبحة المدرسة المروعة في نيوتاون الأميركية

TT

في أعقاب احتدام الجدل حول حيازة السلاح في أعقاب المأساة المروعة في نيوتاون بولاية كونتيكت، يتوقع أن تلعب صناعة إدارة الأسهم الخاصة دورا رئيسيا في معارضة أي إصلاح محتمل.

عادة ما كان يتم تجاهلها، لكن بعض أضخم شركات صناعة الأسلحة في الولايات المتحدة تعود ملكيتها إلى صناديق الأسهم الخاصة التي يملكها عمالقة «وول ستريت»، فبندقية «بوش ماستر 223» نصف الأوتوماتيكية التي استخدمها آدم لانزا يوم الجمعة لقتل 20 طفلا في مدرسة تصنعها شركة «فريدوم غروب»، عملاق صناعة الأسلحة التي تسيطر عليها شركة «سيربريوس لإدارة رؤوس الأموال»، التي سميت باسم الكلب ذي الرؤوس الثلاثة الذي يضطلع بحماية بوابات الجحيم في الأساطير اليونانية. أسس الشركة ستيفن فينبيرغ، الذي يمارس الصيد بانتظام في أيام العطلات باستخدام بندقية «ريمنغتون» موديل 700.

إلى جانب «سيربريوس، هناك «كولت للأسلحة الدفاعية»، التي تشتهر بصناعة المسدس «44-40 كولت» الذي ساهم في ذيوع صيته الممثل جون وين، ويتشارك في ملكيتها «ساينس لإدارة رؤوس الأموال»، الصندوق الذي يحصل على استشاراته من مجموعة «بلاكستون»، وصندوق آخر يديره مصرف «كريدت سويس».

وتروج شركة «كولت» على موقعها أسلحة يستخدمها رجال الشرطة والجيش، مثل بندقية آلية صغيرة 9 ملليمتر تبدو مثل أسلحة ألعاب الفيديو، لكن هذه الأسلحة من تلك النوعية التي تأمل في ألا تقع في أيدي العملاء.

هناك أيضا شركة «ميداوشن بارتنرز»، شركة إدارة الأسهم الخاصة التي كانت تمتلك في السابق شركة «جيني كريغ للمنتجات الغذائية» التي تمتلك الآن شركة «بوشنل أوت دوور برودكتس». وتقوم «بوشنل» بصناعة كل شيء في المسدسات عدا البندقية ذاتها لأسواق أسلحة الصيد والأسلحة الهجومية.

فإذا كنت بحاجة إلى نطاق ليزر لمسدسك الآلي، فقد قامت شركة «بوشنل» بإطلاق أحدها يدعى «تاكتيكال رد دوت»، «فرست سترايك».. ولكن ماذا بشأن نظارات الرؤية الليلية التي يستخدمها الجيش؟ نعم، لديها فرع يقوم على تصنيع هذه النظارات.

وإذا كنت تبحث عن «ملقم» لبندقية «إي كيه 47»، فيمكن للشركة تلبية طلبك. وماذا عن خزينة الطلقات في البندقية؟ يبيع أحد فروع الشركة خزنة البندقية «هوت ليبس» التي تسع عشر طلقات، التي روجت كالآتي: «ضع عشر رصاصات في بندقيتك 10-22 في أسرع من طرفة عين وأعد تلقيمها بسهولة مذهلة».

ربما ينبغي ألا يكون ذلك مثار دهشة، لكن «وول ستريت» لن تأخذ موقفا قياديا في المحادثات بشأن الحد من الأسلحة، وقد يصدر الموقف الأكثر إثارة للضجة عن صناديق معاشات التقاعد حول استثماراتها في شركات صناعة الأسلحة رغم أنها قد تكون كارهة لاتخاذ موقف معين.

ومنذ وقوع عملية القتل يوم الجمعة، لم تعلق مجموعة «فريدوم» وشركات صناعة أسلحة مميزة أخرى على المأساة ولو بكلمات قليلة، مثل «ندين مثل هذا العنف وندعو لعائلات نيوتاون».

عندما اتصلت بفينبيرغ، رفض التعليق، مثلما فعل آخرون. وقبل نحو عام أصدر اتحاد البندق الوطني هذا البيان بشأن «فريدوم» و«سيربريوس»: «المالكون والمستثمرون المعنيون يدعمون التعديل الثاني للدستور، وهم صيادون ورماة متعطشون».

«سيربريوس» والصناديق الأخرى التي تمتلك نصيبا في صناعة السلاح ستكون في موقف محرج إذا ما سعوا إلى إجراء إصلاحات يمكن أن تضر باستثماراتها، حيث يستثمر «سيربريوس» المال في شركات مثل «فريدوم» لمستثمرين آخرين، مثل صناديق معاشات التقاعد، ولديها واجب ائتماني بزيادة دخل المستثمرين.

بيد أن بعض مستثمريها قد يعيدون التفكير في موقفهم بشأن الاستثمار في شركات مثل «فريدوم»، التي استخدمت كأداة استحواذ لشراء علامات تجارية معروفة، مثل «ريمنغتون آرمز» وشركة «بوشماستر فاير آرمز» و«دي بي إم إس فاير آرمز»، الشركة الرائدة المصنعة للأسلحة العسكرية شبه الأوتوماتيكية.

وقال صندوق تقاعد معلمي ولاية كاليفورنيا الذي يمتلك استثمارات عبر «فريدوم» بقيمة 751.4 مليون دولار في صندوق «سيربريوس»، يوم الاثنين إنه يعيد النظر في استثماراته. وقالت الشركة في تصريح لوكالة رويترز: «يدرس فرع استثماراتنا في هذه المرحلة الاستثمار في (سيربريوس) لتحديد السبيل المثلى للمضي قدما بالنظر إلى الحادث المأساوي الذي وقع الجمعة الماضية في نيوتاون بولاية كونتيكت».

وتمتلك شركات الأسهم الخاصة تاريخا طويلا من الاستثمار في شركات «الرذيلة، مثل الأسلحة والكحول والقمار والتبغ» بصورة جزئية؛ فقد استحوذت شركة «كولبرغ كرافيس روبرتس» على شركة «آر جيه بي بابيسكو» عام 1988، وخرج عنهما شركة «رينولدز للتبغ» في مرحلة لاحقة.

وطالب إليوت سبيتزر الحاكم الأسبق لولاية نيويورك والمحامي العام الأسبق للولاية، يوم الاثنين، مستثمري «سيربريوس» بالضغط على الشركة لمحاولة إصلاح صناعة الأسلحة.

وقال سبيتزر في مجلة «سلات»: «رغم الحصانة التي تتمتع بها (سيربريوس) التي تمتلك عددا كبيرا من حملة الأسلحة، في مواجهة الضغط الشعبي والازدراء بسبب التجارة في المنتجات التي برغم قانونيتها ربما تسوق بصورة كريهة، لن تكون (سيربريوس) محصنة أمام الضغوط التي يمارسها مستثمروها».

وأضاف: «ينبغي على كل طالب جامعي أن يسأل الجامعة إذا ما كانت تستثمر أموالها في (سيربريوس). وعضو في نقابة ينبغي عليه أن يسأل مدير صندوق معاشاته عما إذا كانوا يستثمرون فيها، فالمعلومات هي الخطوة الرئيسية، وانطلاقا من هذه المعلومات يمكن أن نتحرك سريعا».

إذا كان سبيتزر محقا، فربما يكون التأثير الاقتصادي لهذا الإصلاح مؤلما بالنسبة إلى المستثمرين. منذ نحو عامين عندما سعت مجموعة «فريدوم» إلى طرح أسهمها للاكتتاب الأولي العام، أكدت أن السيطرة على الأسلحة واحدة من أكبر «عوامل الخطر». وصرحت الشركة أمام المستثمرين المحتملين: «ربما يصبح القانون الخاص بالأسلحة النارية والذخيرة أكثر صرامة في المستقبل. وقد تحدث هذه الخطوة تأثيرا عكسيا على مجال المال والأعمال ومخرجات العمليات والتدفق النقدي. إضافة إلى ذلك، ربما يؤثر الانتظام في طرح المقترحات، حتى إن لم يتم تنفيذها، على مبيعات الأسلحة النارية والذخيرة بسبب مفاهيم المستهلك».

بعد نشر هذا العمود، الذي انتقد تأثير امتلاك شركات إدارة الأسهم الخاصة لشركات مصنعة للأسلحة، أعلن صندوق «سيربريوس» عن اعتزامه بيع حصته في مجموعة «فريدوم غروب». وصرح الصندوق في بيان يوم الثلاثاء الماضي: «من الواضح أن مأساة مدرسة (ساندي هوك) كانت حدثا جللا أثار جدلا مجتمعيا واسعا بشكل غير مسبوق حول السيطرة على الأسلحة».

* خدمة «نيويورك تايمز»