مصر: الأنظار تتجه نحو «البنك المركزي» وترقب لخليفة المحافظ الحالي

رئاسة الوزراء: الوضع الاقتصادي خطير ويتطلب إجراءات يشارك فيها الجميع

TT

حالة من الارتباك شهدتها الأوساط الاقتصادية في مصر مساء أول من أمس عقب الإعلان عن استقالة محافظ البنك المركزي فاروق العقدة، إلى أن قام العقدة بنفي تقديم استقالته عقب عودته من العاصمة الفرنسية باريس أول من أمس، ومشاركته في اجتماع المجموعة الوزارية الاقتصادية أمس التي أكدت أن الوضع المالي والاقتصادي المصري في الوقت الحالي بالغ الخطورة، يتطلب اتخاذ قرارات يتحمل أعباءها جميع أطراف المجتمع باستثناء الفقراء فقط.

ولا تزال الأنباء متضاربة حول بقاء العقدة الذي جلس على كرسي البنك المركزي لمدة تسع سنوات متصلة، خاصة بعد تأكيد مصادر مختلفة تحدثت إلى «الشرق الأوسط» أن الرجل يستعد لمغادرة مكتبه، وأن الساعات القليلة المقبلة ستكون الأخيرة له في المنصب.

واستندت المصادر إلى عدة أمور عززت خروج العقدة، منها أنه جمع متعلقاته الشخصية من مكتبه في المقر الرئيسي للبنك المركزي بوسط القاهرة عقب خروجه من مقر رئاسة الوزراء أمس، الأمر الثاني هو اجتماع رئيس الجمهورية محمد مرسي ظهر أول من أمس مع المصرفي البارز «هشام رامز» العضو المنتدب للتجاري الدولي أكبر بنوك القطاع الخاص، ووفقا للمصادر فمن المقرر أن يصدر قرارا بتولي رامز منصب محافظ البنك المركزي بعد إعلان نتيجة الاستفتاء علي الدستور.

وحسب المعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصادر مصرفية وحزبية رفيعة المستوى، فإن العقدة تقدم بالفعل باستقالته إلى رئيس الجمهورية محمد مرسي، وهي الاستقالة الثالثة التي قدمها منذ اندلاع ثورة يناير؛ حيث سبق أن قام العقدة بتقديم الاستقالة مرتين إلى المجلس العسكري، الذي جدد له في منصبه لمدة ثالثة تنتهي في 2015، ثم تقدم باستقالته مع تولي مرسي رئاسة الجمهورية مطلع يوليو «تموز» الماضي.

وأكدت المصادر نفسها، أن الاستقالة لم يتم البت فيها، خاصة مع وجود اتفاق بين الرئاسة والعقدة على أن تفعل تلك الاستقالة بعد الانتهاء مع المفاوضات مع الصندوق الدولي، وهو ما أجل الإعلان عن الاستقالة بعد تأجيل طلب مصر للحصول على 4.8 مليار دولار من صندوق النقد بحلول يناير (كانون الثاني) المقبل.

وترجع المصادر استقالة العقدة التي تكررت أكثر من مرة في الفترة الأخيرة لأسباب صحية وعدم رغبة في الاستمرار في العمل العام، بحسب أحد القريبين منه، خاصة مع الهجوم المستمر عليه لكونه أحد المحسوبين علي النظام السابق.

وأضافت المصادر إلى أن العقدة يصر منذ فترة على ترك منصبه نظرا لعدد كبير من الأسباب على رأسها الضغوط الاقتصادية الكبيرة التي تواجهها الدولة نتيجة حالة عدم الاستقرار والتخبط في قرارات الحكومة، وعدم تماشيها مع الإجراءات اللازمة للخروج من نفق التردي الاقتصادي، ومخافة أن تؤثر تلك الأحداث على ما حققه من نجاحات طوال السنوات الماضية، والتي جعلت البنوك المصرية تتفادى الكثير من الكوارث المالية التي عاناها الاقتصاد العالمي علي حد قولهم.

وقالت المصادر إن وجود مادة في الدستور الجديد والمقرر إعلان نتائجه النهائية خلال الساعات تنص المادة 202 من الباب الرابع والمعروفة بـ«الهيئات المستقلة»، على أن رئيس الجمهورية يعين رؤساء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية، بعد موافقة مجلس الشورى، وذلك لمدة 4 سنوات، قابلة للتجديد لمرة واحدة، ولا يعزلون إلا بموافقة أغلبية أعضاء المجلس، ويحظر عليهم ما يحظر على الوزراء.

وتعنى هذه المادة أن «العقدة» الذي يقضي فترته الثالثة منذ 2003 سيكون خارج منصبه مع إقرار الدستور.. وحول تأثير خروج العقدة على عمل البنك المركزي المصري، قال مصدر حزبي مطلع على عمل البنوك أن المركزي يعمل وفقا لآليات منضبطة لن تتأثر بخروج شخص حتى لو كان طرفا أصيلا في وضع تلك الآليات، وهو ما حدث إبان خروج هشام رامز النائب السابق للمركزي، والذي ينسب له الفضل في إدارة ملف السياسة النقدية في السنوات السابقة.

وعلى صعيد آخر، قالت المجموعة الاقتصادية بالحكومة المصرية خلال اجتماع لها أمس إن الاقتصاد المصري لديه القدرة على معاودة النمو والتشغيل فور عودة الاستقرار، إلا أن الوضع المالي والاقتصادي في الوقت الحالي في خطورة عالية. وقال علاء الحديدي المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء: إن «مناقشات الوزراء أكدت على ضرورة تطبيق حزمة متكاملة من الإجراءات الاقتصادية والاجتماعية، وأن هناك إجراءات اقتصادية لا بد أن يشارك في أعبائها الجميع عدا الفقراء».

وأكد الحديدي أنه لن يكون هناك إجراء اقتصادي إلا ويقابله إجراء اجتماعي مناظر يضمن حماية الفقراء، ومحدودي الدخل ويطبق أهداف الحكومة في تحقيق العدالة الاجتماعية.

وأشار إلى أنه بانتهاء عملية الاستفتاء على الدستور الجديد، فمن المنتظر أن تستحوذ الموضوعات الاقتصادية على بؤرة الاهتمام خلال الفترة المقبلة، خاصة مع تنامي اهتمام المستثمرين والقطاع الخاص بفرص الاستثمار.

وأعلنت الحكومة المصرية عن زيادة في الضريبة على بعض السلع، ولكنها علقتها لحين الانتهاء من الاستفتاء، وتأجيل تلك الزيادة أدى إلى إرجاء بحث صندوق النقد الدولي إقراض مصر نحو 4.8 مليار دولار، الذي تتخذه البلاد وسيلة لسداد فجوة تمويلية تقدر بنحو 14.5 مليار دولار على مدار العامين الماليين الحالي والمقبل، كون الاتفاق مع صندوق النقد سيحفز المانحين الدوليين لتقديم مساعدات لمصر.