وزارة الخزانة: ديون الولايات المتحدة ستصل إلى سقفها ليلة رأس السنة

السقف يبلغ 16.4 تريليون دولار.. والحكومة الفيدرالية تقترض 100 مليار دولار شهريا

TT

صرحت وزارة الخزانة الأميركية بأن الحكومة الأميركية سوف تصل يوم الاثنين المقبل 31 ديسمبر (كانون الأول) 2012 إلى سقف الدين الفيدرالي البالغ 16.4 تريليون دولار وستتجه إلى اتخاذ «تدابير استثنائية» لمواصلة الاقتراض، وهنا يبدأ العد التنازلي لتمرير الكونغرس تشريعا للسماح بمزيد من القروض أو ستعجز الحكومة عن سداد ديونها.

وفي خطاب تم إرساله إلى الكونغرس، قال وزير الخزانة تيموثي غايتنر إنه على الرغم من أنه سيتم الوصول لسقف الديون يوم 31 ديسمبر الحالي، فإن بمقدور الحكومة الحصول على فترة سماح لمدة شهرين إضافيين قبل أن يعلن عجزها عن الوفاء بالتزاماتها.

من المرجح أن يكون الجدل المثار حول سقف الديون قضية رئيسية أخرى في المفاوضات المضطربة في العاصمة بشأن الضرائب والإنفاق، حتى إذا كان المشرعون قادرين على تمرير تشريع لتجنب سلسلة من تخفيضات الإنفاق الضخمة والزيادات الضريبية الحادة المزمع تفعيلها نهاية هذا العام.

وقد طالب الرئيس أوباما بأن يتم طرح موضوع سقف الدين للتفاوض، غير أن الجمهوريين يقولون إنه يمثل جزءا مهمّا من الرفع المالي المطلوب لفرض تخفيضات الإنفاق وتقييد نمو الحكومة. كان النقاش حول الحد الأقصى للدين في صيف عام 2011، حينما أصبحت الدولة خلال أيام على شفا العجز عن سداد ديونها قبل إبرام اتفاق، هو الذي قاد إلى التشريع الذي ساهم في حدوث «الهاوية المالية» في نهاية العام.

سوف يؤثر الأسلوب المتبع في التغلب على الهاوية المالية وما إذا كان سيتم تطبيقه أم لا على الوقت الذي سيتوفر لوزارة الخزانة لتأجيل تاريخ العجز عن السداد.

وفي حالة ما إذا تغلبت الدولة على الهاوية المالية، فسوف تعمل قوتان متضادتان؛ إذ ستتم زيادة الضرائب وخفض الإنفاق، مما يلزم بتقليل الاقتراض واحتمال تأجيل موعد إعلان العجز عن سداد الديون. علاوة على ذلك، فسيكون من المحتمل أن يرتفع معدل البطالة وأن يحدث ركود، مما يخفض القسائم الضريبية ويلزم بزيادة الاقتراض.

وعلى النقيض من الهاوية المالية، فإن العجز عن سداد الدين من شأنه أن يحدث هزة مالية فورية، ربما تؤدي إلى تقلب حاد في الأسواق، بالنظر إلى الدور الخاص الذي لعبه الدين الحكومي الأميركي.

تقترض الحكومة الفيدرالية نحو 100 مليار دولار شهريا، وأشار خطاب غايتنر المرسل إلى الكونغرس إلى أن اتخاذ «تدابير استثنائية» - مثلما فعلت وزارة الخزانة في عام 2011 - قد يوفر غطاء ماليا قيمته نحو 200 مليار دولار يسمح بمواصلة الاقتراض.

وكتب إلى المشرعين: «على الرغم من ذلك، فإنه في وضع حالة الشك الهائلة الموجودة حاليا في ما يتعلق بالضرائب المعلقة وسياسات الإنفاق لعام 2013، لا يمكن التنبؤ بالمدة الفعلية لمثل هذه التدابير أو الإجراءات».

وفي إطار هذه الجهود، سوف توقف وزارة الخزانة يوم الجمعة برنامجا يساعد الولايات والمقاطعات في إدارة قروضها، مما يوفر مبلغا يتراوح بين 4 مليارات و17 مليار دولار لإنفاقه في مواضع أخرى.

بعد ذلك، وبعد يوم الاثنين، بإمكان وزارة الخزانة استغلال مجموعة صناديق فيدرالية تفيد الموظفين الحكوميين؛ أهمها صندوق سوق المال الذي يستثمر فيه العديد من الموظفين الفيدراليين بوصفه جزءا من برامج ادخارهم. وهذه الجهود من شأنها أن توفر مبلغا قيمته 185 مليار دولار بوصفه غطاء للقروض. لن يتأثر الموظفون الفيدراليون ما دام الكونغرس سيرفع سقف الدين في الموعد النهائي الأخير.

في النهاية، بإمكان وزارة الخزانة استغلال صندوق مستخدم في شراء وبيع عملات أجنبية معروفة مثل صندوق استقرار أسعار الصرف، الذي سيوفر قرابة 23 مليار دولار في صورة حد أقصى للأموال التي يتم إيداعها في نظام ادخار.

وفي عام 2011، درست وزارة الخزانة مجموعة من الخيارات المتاحة لتأجيل الموعد النهائي حتى يمكن تحقيق إنجازات باتباع هذه «التدابير الاستثنائية»؛ بما في ذلك بيع مخزون الذهب الذي تملكه الدولة أو غير ذلك من الأصول الفيدرالية.

في هذا الوقت، خلص مسؤولو وزارة الخزانة إلى أن أفضل خيار، إذا فقدوا قدرتهم على الاقتراض، هو عدم سداد مدفوعات فيدرالية في يوم معين إلى أن تملك وزارة الخزانة الأموال الكافية لكتابة شيكات للوفاء بجميع الالتزامات لهذا اليوم.

(حتى لو لم يكن في مقدور وزارة الخزانة اقتراض أموال، فإنها دائما ما تتلقى إيرادات ضريبية).

«وصلت وزارة الخزانة إلى الاستنتاج نفسه الذي توصلت إليه الإدارات الأخرى بشأن هذه الخيارات، ألا وهو أنه لا يمكن لأي منها أن يحمي كامل قوة وتأثير الولايات المتحدة أو الاقتصاد الأميركي أو المواطنين الأفراد من الأضرار الخطيرة الناتجة»، هذا ما كتبه المفتش العام لوزارة الخزانة في تحليل تم إجراؤه.

بعد أزمة سقف الدين العام الماضي، قامت وكالة التصنيفات «ستاندارد آند بورز» بخفض تصنيف الدين الحكومي الأميركي لأول مرة، موضحة أن شلل صناعة السياسة في واشنطن يلقي بمخاطر جديدة على كاهل المستثمرين في السندات الحكومية الأميركية.

ولم يؤثر ذلك بصورة كبيرة على أسعار الفائدة الأميركية.

لقد هددت «ستاندارد آند بورز» وغيرها من شركات التصنيفات الائتمانية الأخرى بتخفيض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة مجددا في حالة فشل المشرعين في إيجاد حل معقول لتفادي الهاوية المالية وأزمة سقف الدين.

وجزءا من الحل للنزاع الذي دار العام الماضي، اتفق البيت الأبيض والكونغرس على وضع خطة لرفع سقف الدين خلال انتخابات عام 2012 بطريقة يحدث معها ذلك بشكل تلقائي ما لم يرفض الكونغرس.

وقد اقترح أوباما تكرار ذلك النهج، إلا أن الجمهوريين رفضوا. وفي أحدث عرض مقدم للبيت الأبيض، عرض رئيس مجلس النواب جون بوينر (الجمهوري عن ولاية أوهايو) رفع سقف الدين لمدة عام لمبلغ مكافئ لحجم تخفيضات الإنفاق. وطالب أوباما بعامين؛ على الرغم من وجود بعض الإشارات الدالة على أنه سيكون راضيا عن عام واحد. وقد حث بعض الديمقراطيين أوباما - كبديل - على استحضار جزء من التعديل الرابع عشر في الدستور الأميركي، الذي ينص على أنه «لا يجوز الطعن في صحة دين عام على الولايات المتحدة أجازه القانون». غير أن الرئيس قد أوضح جليا أنه لا ينظر له على أنه خيار متاح.

*خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»