3 جهات حكومية تتحرك للحد من عشوائية المكاتب العقارية في السعودية

50% من المكاتب الحالية مهددة بالخروج من السوق

قطاع المكاتب العقارية غير المنظم بات إحدى مشكلات السوق العقارية في السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

أفادت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أمس، بأن 3 جهات حكومية في السعودية ستتحرك خلال الأشهر الثلاثة المقبلة نحو وضع تنظيم جديد يقضي على مكاتب الوساطة وإدارة الممتلكات العقارية غير المنظمة، وهو الأمر الذي سيقود إلى إلغاء نحو 50 في المائة من المكاتب العقارية الموجودة في البلاد خلال الفترة الحالية.

وقالت المصادر ذاتها: «سيتم خلال الأشهر الثلاثة المقبلة عقد اجتماعات ثلاثية بين كل من وزارة التجارة والصناعة، ووزارة البلدية والشؤون القروية، ووزارة الإسكان، وذلك لدراسة وضع المكاتب العقارية الحالي في السوق السعودية، خصوصا أن الوضع الراهن للسوق يعج بالمكاتب غير المرخصة، وبشكل غير منظم، قاد إلى كثير من عمليات الفوضى».

وتوقعت المصادر ذاتها أن يتم حسم ملف المكاتب العقارية خلال العام الميلادي الجديد، يأتي ذلك في الوقت الذي ما زالت فيه المكاتب العقارية غير المرخصة، تقوم بدور الوساطة وإدارة الممتلكات في السوق العقارية، وهو الأمر الذي حذر منه مجلس الغرف السعودي في فترات سابقة.

وفي هذا السياق، أكد المهندس محمد الخليل نائب رئيس اللجنة الوطنية العقارية في مجلس الغرف السعودية أن التحرك الثلاثي المتوقع سيقود إلى الحد من عمليات الفوضى والعمل غير المرخص في قطاع المكاتب العقارية في السوق السعودية، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن كثيرا من المكاتب العقارية الموجودة في السوق غير مرخصة، وتعمل بشكل غير منظم.

وقال الخليل خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أمس: «تنظيم قطاع المكاتب العقارية في السعودية، يعني أن يكون النشاط العقاري المعني بقطاع الوساطة أو إدارة الممتلكات نشاطا رسميا، وهو ما يرفع بالتالي من مستوى الاحترافية، ويقود إلى إلغاء كثير من المشكلات التي يعاني منها القطاع خلال الفترة الحالية»، مبينا أنهم في مجلس الغرف السعودي اقترحوا على وزارة التجارة والصناعة في البلاد أن يكون هناك تصنيف خاص بالمكاتب العقارية.

وأوضح نائب رئيس اللجنة الوطنية العقارية في مجلس الغرف السعودية أن التصنيف المقترح لتنظيم المكاتب العقارية ينحصر في 3 فئات، وقال: «الفئات الثلاث هي أن يكون النشاط محصورا على التسويق العقاري فقط كتصنيف أول، أو أن يكون محصورا على التسويق وإدارة الممتلكات كتصنيف ثانٍ، أو أن يكون محصورا في التسويق وإدارة الممتلكات، بالإضافة إلى الاستثمار كتصنيف ثالث مخصص لفئة الشركات».

وأشار المهندس الخليل إلى أن تنظيم قطاع المكاتب العقارية في السعودية سيقضي كثيرا على عمليات التستر التجاري غير المشروعة، وقال: «كما أن التنظيم سيقود إلى نتائج إيجابية من النواحي الأمنية، والاقتصادية، والاجتماعية، وهو الأمر الذي ندعو إليه دائما».

واستبعد نائب رئيس اللجنة الوطنية العقارية في مجلس الغرف السعودية أن يتأثر قطاع التسويق العقاري وإدارة الممتلكات بخروج نحو 50 في المائة من المكاتب العقارية من السوق في حال إتمام عمليات التنظيم المتوقعة، مؤكدا في الوقت ذاته أن تنظيم قطاع المكاتب العقارية بات ضرورة ملحة لدعم مسيرة الإسكان والقضاء على عمليات الغش أو التلاعب غير المشروعة.

الجدير بالذكر أن السعودية بدأت، خلال الآونة الأخيرة، بعقد خطوات متقدمة نحو تنظيم ودعم قطاع العقارات في البلاد، يأتي ذلك عقب إقرار أنظمة الرهن العقاري قبل نحو 6 أشهر، وهي الأنظمة التي من المتوقع العمل بها خلال العام الميلادي الجديد.

وكان قد نفى مسؤول رفيع المستوى باللجنة الوطنية العقارية في السعودية احتكار الأراضي البيضاء في السوق المحلية من قبل مجموعة من تجار القطاع، مطالبا خلال تصريحه لـ«الشرق الأوسط» قبل شهرين، البنوك التجارية في البلاد بالتوجه خلال الفترة المقبلة نحو توفير السيولة النقدية اللازمة لتمويل شراء المساكن للمواطنين عقب إقرار أنظمة الرهن والتمويل العقاري، بدلا من التوسع في القروض الاستهلاكية.

وقال المهندس محمد الخليل نائب رئيس اللجنة الوطنية العقارية السعودية في حديث لـ«الشرق الأوسط» حينها: «نتمنى أن توازن أنظمة الرهن والتمويل العقارية التي تم إقرارها مؤخرا بين مستويات العرض والطلب في السوق السعودية، وهو الأمر الذي يحتاج إليه القطاع العقاري خلال الفترة الحالية والمقبلة أيضا».

وأشار المهندس الخليل إلى أن التوقع بانخفاض أسعار العقارات من عدمه عقب إقرار أنظمة الرهن العقاري أمر لا يمكن الحديث به، وقال: «السوق عرض وطلب، وهناك مجموعة من العوامل التي تؤثر على الأسعار، لذلك ليس من الممكن أن نتوقع ارتفاع أو انخفاض الأسعار خلال الفترة المقبلة، لأن موضوع الأسعار يحتاج إلى أن يبنى على أسس اقتصادية ومالية صحيحة».

وأوضح نائب رئيس اللجنة الوطنية العقارية في السعودية، أن أنظمة الرهن العقاري ستنجح في ضبط العلاقة وحفظ الحقوق ما بين المالك والبائع والممول، مشيرا إلى أن إقرار هذه الأنظمة سيعزز من فرصة نمو القطاع العقاري خلال السنوات المقبلة بشكل جيّد.

يشار إلى أنه كان قد قالت شركة «جدوى» للاستثمار في وقت سابق، إن جني الفوائد الكاملة لنظام الرهن العقاري سيستغرق بعض الوقت، مشيرة إلى أن الأثر المباشر ربما يكون محدودا على المدى القصير.

وأشارت «جدوى» في تقريرها عن نظام الرهن العقاري الذي صادق عليه مجلس الوزراء السعودي بتاريخ 2 يوليو (تموز) إلى أنه يعتبر خطوة مهمة في توسيع المقدرة على امتلاك المساكن، والتعاطي مع إحدى القضايا الاجتماعية الملحة للكثيرين في السعودية، فضلا عن فوائده الكثيرة للاقتصاد.

وقالت: «إن إجازة قانون الرهن العقاري استغرق عدة سنوات، وكان من بين أسباب ذلك أن القانون اقتضى تشريعا معقدا، فبدلا عن قانون واحد تمت المصادقة على حزمة من 5 قوانين لا توفر الإطار العام لتطبيق عقود الرهن العقاري فحسب، بل تعالج مسألة التسجيل العقاري وإنشاء شركات التمويل».

وأكد تقرير «جدوى» للاستثمار أن التقديرات حول ملكية المساكن تتباين في السعودية، لكن تشير بصفة عامة إلى أن أقل من نصف سكان المملكة يملكون مساكن خاصة بهم، ويعزى ذلك في الأساس إلى أنه ليس في مقدور المواطنين من ذوي الدخل المنخفض والمتوسط تحمل تكلفة امتلاك مسكن خاص، مما ساهم في خلق عجز في المساكن لهذه الشرائح من السكان.