دبي تسعى للحصول على لقب «عاصمة الاقتصاد الإسلامي»

محمد بن راشد: واثقون من نجاحنا وذلك لا يتعارض مع الانفتاح واقتصاد السوق الحرة

جانب من دبي
TT

أعلنت دبي رسميا عن إضافة قطاع «الاقتصاد الإسلامي» إلى هيكل القطاعات الرئيسية المكونة لاقتصاد الإمارة، الأمر الذي يفتح الباب واسعا لأن تصبح عاصمة للاقتصاد الإسلامي، بينما تبدو الإمارة مستعدة لنيل حصة الأسد من مجموع تقديري لمنتجات الاقتصاد الإسلامي يساوي نحو 2.3 تريليون دولار، خاصة أنها شهدت توجها ملحوظا باتجاهها من فعاليات الاقتصاد الإسلامي خلال السنوات الخمس الماضية، فيما يبدو أن صعود اقتصاد دبي السريع في مجال اجتذاب الأعمال والصفقات التجارية الكبرى المتوافقة مع الشريعة جعلها تتصدر المكانة المفضلة وتحديدا في الاقتصاد الإسلامي، لتنازع بذلك ماليزيا على موقعها والتي كانت حتى وقت قريب المركز المالي الأهم بالمنطقة الآسيوية.

وأكد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أن ما تتمتع به دبي بوجه خاص من اقتصاد حر مرن ومفتوح قادر على استيعاب المتغيرات وفتح آفاق جديدة ورحبة باستمرار وتنوع اقتصادها وما تمتلكه من بنية تحتية وتقنية ولوجيستية تؤهلها لأن تستوعب إضافة قطاع الاقتصاد الإسلامي إلى باقة القطاعات الاقتصادية الفاعلة في الإمارة. وأضاف أمام حشد من الشيوخ والوزراء والأعيان والفعاليات الاقتصادية والمالية في الإمارات أن «النموذج الاقتصادي للإمارات بشكل عام ودبي بشكل خاص وامتلاكها لمنظومة الحلول المتكاملة ومقومات النمو السريع والقدرة على الاستيعاب والتطوير قد أرسى دعائم قوية لتبوؤ الإمارات موقعا اقتصاديا إقليميا وعالميا بارزا ووجهة آمنة في المنطقة لتأسيس وتطوير الأعمال».

وشدد الشيخ محمد بن راشد على ثقته في أن هذا القطاع «سينجح ويحقق ما هو منتظر منه وأكثر، وثقتنا هذه تستند إلى حقائق ومعطيات لا لبس فيها، في مقدمتها ما تتمتع به الإمارة من مكانة مرموقة وموقع رئيسي ومحوري على خريطة الاقتصاد العالمي»، لافتا إلى أن إضافة قطاع الاقتصاد الإسلامي إلى هيكل القطاعات الرئيسية المكونة لاقتصاد الإمارة سيشكل إضافة نوعية لخريطتها الاقتصادية المتكاملة، مما يؤهلها بقوة لأن تصبح عاصمة للاقتصاد الإسلامي، منوها في الوقت ذاته بأن ذلك «لا يتعارض في أي مرحلة من المراحل مع سياسة الانفتاح واقتصاد السوق الحرة السائدة في الإمارات، بل يتقاطع معه ويتكامل لصالح كل القطاعات».

وسيتم من خلال قطاع الاقتصاد الإسلامي التركيز على عدة مسارات رئيسية تتمحور ضمن مسارات التمويل الإسلامي، والتأمين الإسلامي، والتحكيم في العقود الإسلامية، وتطوير صناعات الأغذية الحلال، والمعايير التجارية والصناعية الإسلامية، بالإضافة إلى مسار معايير الجودة الإسلامية. وسيتم من خلال كل مسار من هذه المسارات تأمين عدد من الحلول المتكاملة والتسهيلات لدعم قطاع الاقتصاد الإسلامي وتفعيل العمل به، حيث سيتم من خلال مسار التمويل الإسلامي تطوير أدوات التمويل الإسلامي والصكوك الإسلامية ضمن أسواق دبي، وإنشاء مجلس شرعي لاعتماد المنتجات الجديدة حسب المعايير التجارية الإسلامية.

وأكد الشيخ محمد أن التحولات الجديدة في موازين القوى المالية العالمية والتغيير الذي طرأ على خريطة الاقتصاد العالمي قد عززا من مكانة دولة الإمارات والثقة المعهودة فيها كبلد يتمتع بنظام سياسي واقتصادي قوي ومستقر، موضحا أن هذا التوجه «ليس بطارئ أو جديد، فدبي انتبهت منذ البداية لأهمية هذا القطاع الذي يعززه وجود أكثر من مليار ونصف المليار مسلم حول العالم، بالإضافة إلى مجموع تقديري لمنتجات الاقتصاد الإسلامي يساوي نحو 2.3 تريليون دولار، مضيفا «حرصت دبي على أن تكون الرائدة والسباقة في إنشاء أول مصرف إسلامي على مستوى العالم في سبعينيات القرن الماضي، بالإضافة لوجود أول سوق مالية إسلامية فيها، عزز من ذلك ثقافتها الإسلامية والدينية المنفتحة على الثقافات، مما يتماشى مع ما يمتاز به الاقتصاد الإسلامي من مبادئ نبيلة متكاملة كالتشجيع على العمل، وتعزيز التكافل الاجتماعي، وتوجيه المشاريع إلى رعاية الأولويات المجتمعية، وما لذلك من انعكاسات إيجابية على الفرد والمجتمع والاقتصاد الوطني».

وسيركز مسار التأمين الإسلامي على جذب كبرى الشركات العالمية للتأمين الإسلامي لتتخذ دبي مقرا لها، وتطوير أدوات التأمين على مستوى الأفراد والمؤسسات. وسيعمل مسار التحكيم في العقود الإسلامية على إنشاء مركز لتسوية النزاعات والتحكيم في العقود الإسلامية، في حين سيقوم مسار تطوير صناعات الأغذية الحلال بتشجيع الصناعات الغذائية، والتصديق على المنتجات الغذائية والتأكد من مطابقتها للشريعة، أما مسار المعايير التجارية والصناعية الإسلامية فسيقوم بإنشاء مركز مستقل يقوم بالتصديق على المنتجات المصنعة حسب المعايير التجارية الإسلامية، وتنظيم عمل الشركات العاملة في هذا المجال، في حين سيقوم مسار معايير الجودة الإسلامية على تطوير صناعة معايير الجودة للمنتجات الإسلامية من خلال تطوير معايير إسلامية للجودة مشابهة للمعايير العالمية، بالإضافة لوضع معايير التعامل مع المتعاملين.

ونجحت إمارة دبي في فرض نفسها كمركز رئيسي للتجارة العالمية عبر تفوقها في الكثير من القطاعات كالقطاع التجاري المزدهر في الإمارة، حيث بلغ حجم تجارتها الخارجية في عام 2011 أكثر من 1.1 تريليون درهم، والقطاع المالي بامتلاكها لمركز دبي المالي العالمي واحتضانها لسلسة من البنوك وشركات التأمين العالمية الرائدة. وتستقبل موانئ دبي 100 حاوية في الدقيقة، بينما يستقبل مطارها أكثر من 55 مليون زائر كل عام، فيما تسير شركات طيران أكثر من 52000 رحلة سنويا، كما تتمتع دبي بشبكة طرق حديثة ومنظومة مواصلات يستفيد منها نحو مليون مستخدم يوميا.

إلى ذلك، أصدر الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم قرارا بتكليف الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، بالإشراف على تطوير قطاع الاقتصاد الإسلامي ليكون أحد القطاعات الأساسية في اقتصاد إمارة دبي. كما اعتمد تشكيل اللجنة العليا لتطوير قطاع الاقتصاد الإسلامي بدبي والتي ستعمل وفق منظومة متكاملة لتطوير هذا القطاع خلال الفترة المقبلة، إلى جانب 6 مبادرات أساسية ستعمل عليها اللجنة بشكل فوري لتحقيق رؤية جعل دبي عاصمة عالمية للاقتصاد الإسلامي.

وتضم اللجنة العليا لتطوير قطاع الاقتصاد الإسلامي بدبي كلا من محمد عبد الله القرقاوي رئيس المكتب التنفيذي للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم رئيسا للجنة، وسامي القمزي مدير عام دائرة التنمية الاقتصادية نائبا للرئيس. وتضم اللجنة في عضويتها أيضا كلا من عبد العزيز الغرير نائب رئيس مجلس إدارة مركز دبي المالي العالمي، وحسين ناصر لوتاه مدير عام بلدية دبي، والدكتور حمد بن الشيخ أحمد الشيباني مدير عام دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، وعبد الرحمن سيف الغرير رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة دبي، وحسين القمزي الرئيس التنفيذي لبنك نور الإسلامي، بالإضافة لعيسى كاظم الرئيس التنفيذي لسوق دبي المالية أمينا عاما للجنة.