أميركا: خدمة مالية مجانا عبر الإنترنت للأفراد الذين سئموا المصارف

تمكن من مراجعة الحسابات المصرفية وتقدم تحليلا عن عادات الإنفاق

TT

كحال الكثيرين أصاب جوش ريك السأم من مصرفه بعدما طالبه برسوم السحب على المكشوف وتحمل اتصالات خدمة العملاء المؤلمة لمحاربتها، لكن على عكس غالبية الأفراد، قرر ريك، مهندس برمجيات من أستراليا، اختراع طريقة أفضل لإجراء التعاملات المصرفية.

أنشأ ريك ومؤسس مشارك شامير كاركال «سمبل»، شركة ناشئة للخدمات المصرفية على الإنترنت مقرها بورتلاند بولاية أوريغون، التي تقدم لعملائها إمكانية مراجعة الحسابات المصرفية بصورة مجانية وتقديم تحليل غني بالمعلومات للتحويلات المالية وعادات الإنفاق.

ويبدي عدد قليل من الشركات الناشئة جرأة في دخول صناعة بنفس ضخامة وقوة العمليات المصرفية وتحمل توقعات بالازدهار. لكن ريك، 34 عاما، خبير المعلومات الذي قام بتصنيع حاسبات وإصلاح الأجزاء الداخلية للكاميرات، يحمل درجة الماجستير في إدارة الأعمال ولديه خلفية قوية في تحليل المعلومات المالية. وهو على يقين من أن الأسلوب المعتدل لـ«سمبل» - التي تعد بعدم تقاضي أي رسوم مقابل أي خدمات - ستجذب الجمهور والعملاء. وقال ريك: «تجني المصارف الأموال من خلال إرباك العملاء بشكل دائم. ولا توجد حوافز لتحديث الخدمة».

قد تبدو دعوة الأفراد إلى الوثوق بشركة ناشئة على أموالهم، بطبيعة الحال، أمرا صعبا. لكن الشركة، التي بدأت في تسجيل العملاء أواخر العام الماضي بصورة بطيئة عن عمد، وصل عدد عملائها حتى الآن 20 ألف عميل وتعالج تحويلات مالية تصل إلى أكثر من 200 مليون دولار.

وتحظى الشركة الوليدة أيضا بدعم شركات رؤوس أموال رائدة مثل «شاستا فنشرز» و«إس في آنغل» و«إيه آي فنشرز»، وجمعت أكثر من 13 مليون دولار. تواجه «سمبل» عددا قليلا من المنافسين المباشرين، على الرغم من وجود بعض الخدمات المالية مثل «سمارتي بيغ» و«مينت» التي تقدم تحليلات لحسابات مصرفية ومعاملات مالية.

«سمبل» في الحقيقة ليست مصرفا، لكنها تتعامل مع مصرف «سي بي دبليو» و«بانكورب»، المصرفين المعتمدين بصورة فيدرالية، لإيداع أموال عملائها.

وقامت بإنشاء تطبيق ماهر يعمل على الويب والهواتف الجوالة لمنح العملاء نظرة عامة على حساباتهم ومعاملاتهم المصرفية. لكنها تشجع العملاء على التعامل معها كمصرف وإغلاق حساباتهم الأكثر تقليدية واستخدام «سمبل» فقط.

التحدي الأكبر الذي يواجه الشركة سيكون، بحسب التحليلات المصرفية، إقناع الأفراد بتجربة الخدمة الجديدة. ويقول جاكوب جيغر، المحلل في «سيلنت»، شركة الاستشارات والأبحاث: «إنها صعبة للغاية لحمل المستهلكين على تغيير وترك مصارفهم. إضافة إلى أنهم على الرغم من أن الشركة ليست مصرفا فإنهم لا يزالون يتصرفون كمؤسسة مالية وسوف يواجهون التحديات التي واجهتها المصارف الكبيرة قبل عقود».

جدير بالذكر أن المصارف المجتمعية الأصغر والاتحادات الائتمانية اجتذبت بعد الأزمة المالية العملاء الشغوفين بالحصول على بديل للمصارف الأكبر. ويرى الخبراء أن «سمبل» قادرة على جذب هؤلاء العملاء أيضا.

ويبدي مستخدمو الخدمة الأوائل حماسة أكبر للخدمة، وخلال الكلمة التي ألقاها خريف العام الماضي في مؤتمر وسط عشاق التكنولوجيا والمصممين والمبدعين، سأل ريك عن عدد عملاء «سمبل» بين الحضور. ورفع غالبية الحضور أيديهم.

وقال ريك إن «سمبل» حرصت على قلة أعداد أول مجموعة من عملائها كي تتمكن من تعديل أي أخطاء قد تظهر (هناك بالفعل بعض أوجه القصور، كتلك التي منعت الكثير من المستخدمين لفترة وجيزة عن حساباتهم المصرفية في نوفمبر «تشرين الثاني»). في هذه المرحلة كان على من يرغبون في الحصول على حسابات في «سمبل» أن يطلبوا دعوة على موقعها، رغم أن هذه توزع بصورة مجانية للأفراد الذي يستوفون أدنى شروط «سمبل» والمصارف التي تجمعها شراكة معها.

يتلقى العملاء بطاقة بيضاء عادية يمكن استخدامها كبطاقة سحب آلي. وتقدم الشركة أغلب الخدمات المصرفية التقليدية مثل الإيداع المباشر والتحويلات المالية، غير أن هناك الكثير من الخدمات التي لا تقدمها الشركة مثل مراجعة حسابات الشركات أو الحسابات المشتركة أو الشيكات الورقية، التي قد تشكل عامل حسم في إنهاء الصفقات بالنسبة للبعض.

لا تملك الشركة الجديدة أي فروع مصرفية أو ماكينات صرف آلي ولا تنوي القيام بأي من ذلك، ونتيجة لذلك لا يستطيع عملاء «سمبل» القيام بأي ودائع، وينبغي عليهم الاعتماد علي الإنترنت والهاتف للقيام بهذه الخدمات.

وتحاول «سمبل» تعويض ما لا تملكه بتصميم البرامج الحديثة وتحليل البيانات. وترافق كل معاملة مالية تقوم بها «سمبل» معلومات مفصلة تسمح للعملاء بالبحث في حساباتهم المصرفية بأوامر بسيطة باللغة الإنجليزية مثل: «أظهر لي المبالغ التي أنفقتها على الوجبات في ما يزيد على 30 دولارا الشهر الماضي»، أو «اعرض لي كم المال الذي أنفقته على الهدايا في شهر ديسمبر (كانون الأول)».

ويمكن للعملاء مشاهدة معاملاتهم المصرفية منقطة على خريطة أو بحث كل المعاملات المالية في ولاية أو دولة بعينها، وهو أمر يصعب حدوثه في حساب مصرفي تقليدي.

وقال ريك: «يتجاهل المصرف الكثير من المعلومات. وهناك ثمانون مجالا من المعلومات في كل معاملة بنكية. المصارف تظهر لك فقط عددا محدودا منها مثل عدد الدولارات التي أنفقت والمكان والتاريخ، لكننا قادرون على تقديم ما هو أكثر من ذلك بالسماح للأفراد بالحصول على المعلومات المالية بصورة آنية. ويهدف النظام بشكل عام إلى اجتذاب الأفراد المتمرسين تقنيا، الذين يظهرون اهتماما متزايدا بتحليل المعلومات الشخصية والسلوكية للفرد، التي تقيسها أدوات مثل (نايك بلاس) و(سوار جوبونز آب) التي تساعد الأفراد في معرفة المزيد بشأن نشاطهم البدني وعدد ساعات النوم أثناء الليل، وتأمل (سمبل) في أن تتيح فهما أعمق لسلوك الإنفاق».

ستضطر «سمبل» إلى التوسع كي تتمكن من الصمود، فهي تجني المال من الفائدة التي تحصل عليها عن التدفقات النقدية ورسوم التبادل التي تحصل عليها مع كل استخدام للبطاقات، وستكون بحاجة أيضا إلى قاعدة ضخمة من العملاء والودائع لتغطية النفقات.

ويرى ميغر، المحلل في «سيلنت»، أن الشركة تواجه الخطر الذي يشكل أكبر ميزة لها - أدوات معلوماتها - وهو إمكانية تقديم خدمة مماثلة من منافسين. فهل سيمكنهم تشكيل كتلة حرجة قبل أن تتمكن المصارف من تطوير أدواتها الرقمية لتقديم خدمة منافسة؟

ويبدي أحد عملاء «سمبل» الأوائل شغفا كبيرا بالخدمة، مثل كريس لانفير، 30 عاما، مطور شبكات في «فورت كولينز» بولاية كولورادو، الذي اشترك في الخدمة في يوليو (تموز). وأشار لانفير إلى أنه كان مترددا في تجربة «سمبل» في البداية لأن الشركة تفتقر إلى البنية المادية، «لكنني أدركت حينئذ أن رؤية وجه الشخص الذي تتحدث معه لا يضمن خدمة أفضل».

وأوضح أنه تأثر بالاستجابة السريعة لـ«سمبل» عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني على الأسئلة بشأن المعاملات المالية والنفقات. وقد ساعدته أدوات التعقب في إدراك أنه كان ينفق مبالغ طائلة على العشاء، ولذا قرر خفض الإنفاق.

وأبدى لانفير رغبة في الانتقال إلى «سمبل» وقريبا من حسابه المصرفي القديم. وقال: «اكتشفت أنها لا يمكن أن تكون أسوأ من البدائل، لكنها في الحقيقة تشهد كثيرا من التحسن».

*خدمة «نيويورك تايمز»