اقتصاد دبي يعول على ازدهار السفر بالطائرات العملاقة

محللون: هنالك مخاطر من هذا التوجه في المستقبل

TT

حين افتتحت دبي مبنى جديدا ضخما في مطار الإمارة الأسبوع الماضي أصبح مستقبلها الاقتصادي أكثر ارتباطا بأكبر طائرة ركاب في العالم. فقد بدأت «طيران الإمارات» شركة الطيران الرئيسية المملوكة لدبي تسيير رحلات من أول مبنى في العالم مخصص لطائرات إيرباص إيه - 380 العملاقة. وذلك وفقا لتقرير نشرته رويترز.

وبلغت تكلفة تشييد هذا المبنى - ومساحته 528 ألف متر مربع - أكثر من ثلاثة مليارات دولار وله 20 بوابة متصلة بجسور من طابقين لنقل الركاب من وإلى الطائرة العملاقة ذات الطابقين. وهذا رهان ضخم - ويقول البعض إنه ينطوي على مخاطرة - على طائرة واحدة. لكن بفضل حجمها أصبحت الطائرة إيه - 380 جزءا مهما من خطط دبي لدعم النمو الاقتصادي عن طريق تطوير قطاعات السياحة والتجزئة.

وقال ظفر خان محلل الطيران والدفاع في بنك الاستثمار سوستيه جنرال في بريطانيا «استراتيجية (طيران الإمارات) هي أن تصبح دبي مركزا للطيران بين أوروبا ومنطقة آسيا والمحيط الهادي». وتابع: «بطائرات مثل إيرباص إيه - 380 تستطيع شركات الطيران نقل أعداد كبيرة من الركاب. التحدي بالطبع هو ملء هذه الطائرات». وأصبحت «طيران الإمارات» - إحدى أكبر شركات الطيران في العالم وأسرعها نموا - مشتريا رئيسيا للطائرة إيه - 380 منذ أن بدأت الطائرة الطيران تجاريا عام 2007.

وهي أكبر مشتر منفرد للطائرة العملاقة وتشغل حاليا 31 طائرة منها وطلبت 59 طائرة أخرى لم تتسلمها بعد. وكانت حصة «طيران الإمارات» أكثر من الثلث من إجمالي الطائرات إيه - 380 التي باعتها شركة صناعة الطائرات الأوروبية «إيرباص» حتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وهي 257 طائرة. وقال تيم كلارك رئيس «طيران الإمارات» في سبتمبر (أيلول) الماضي إن الشركة مستعدة من حيث المبدأ لطلب 40 طائرة أخرى من هذا النوع لكن مطار دبي لا يتسع لها في الوقت الراهن.

وفي حين تحتاج دبي إلى الطائرة إيه - 380 لأن الخطط الاقتصادية للإمارة تعتمد على نقل أعداد متنامية من السائحين ورجال الأعمال والمتسوقين عبر مطاراتها. وتعافت دبي التي تفتقر إلى موارد نفطية كتلك التي يملكها جيرانها في الخليج من أزمة ديون الشركات والانهيار العقاري التي حدثت في 2009 - 2010 عن طريق جذب السياحة والاستثمارات من الشرق الأوسط والهند وأوروبا.

وأوضح حاكم الإمارة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أن هذه الاستراتيجية ستستمر حين أعلن في نوفمبر خططا لبناء مجمع للسياحة والتسوق سيضم أكبر مركز للتسوق في العالم لاستقبال 80 مليون زائر سنويا و100 فندق جديد.

وقال الشيخ محمد إن هذه الخطط تحتاج لتعزيز حركة المسافرين عبر مطارات دبي إلى أكثر من 90 مليون مسافر في غضون السنوات الست المقبلة. وبلغت أعداد المسافرين نحو 55 مليونا العام الماضي.

وذكر الشيخ محمد أن مبادرات تنمية البنية الأساسية في كل القطاعات ينبغي أن تواكب هذا المعدل من النمو. ونظرا لأن الطائرة إيه - 380 تستوعب أكثر من 500 راكب مقارنة مع نحو 450 في معظم طرز الطائرة بوينغ 747 فهي ملائمة جدا لحركة الركاب الكثيفة التي تتطلع إليها دبي.

وقال عدنان كاظم النائب الأول لرئيس الشركة للتخطيط في «طيران الإمارات» إن المبنى الجديد عند تشغيله بالكامل سيخدم نحو عشرة آلاف راكب في الساعة. وأضاف أن هذه «ميزة لا تتمتع بها مراكز أخرى في العالم». غير أن هذه الاستراتيجية التي تعتمد على الأحجام الكبيرة تنطوي على مخاطر. فإذا لم يكن نمو حركة النقل الجوي عبر دبي موافقا للتوقعات ستبني بنية تحتية للمطارات قيمتها مليارات الدولارات وأسطولا ضخما من الطائرات دون أن تستطيع تشغيلها بمستوى يقترب من طاقتها الكاملة.

وبالإضافة إلى مطار دبي الدولي تتطلع الإمارة إلى افتتاح مطار آل مكتوم الدولي الجديد للركاب بنهاية هذا العام. وهذا المطار الذي بدأ عمليات الشحن قبل عامين مصمم لخدمة 160 مليون راكب سنويا في نهاية المطاف.

وتنمو أعداد المسافرين عبر دبي حاليا بمعدلات سنوية أعلى من 10% وهو ما يكفي لبلوغ مستوى 90 مليونا الذي يستهدفه الشيخ محمد خلال ست سنوات. لكن معدلات النمو قد تتغير إذا تباطأ الاقتصاد العالمي مثلا بسبب انعدام الاستقرار المالي أو ارتفاع أسعار النفط. وفي الأجل الطويل قد تمثل التقنيات الجديدة خطرا. فشركة «بوينغ» تعمل على إنتاج الطائرة 777 - إكس التي من المتوقع أن تطير لمسافات أبعد من دون إعادة التزود بالوقود. ووفقا لمواصفات الطائرة قد يؤدي هذا إلى تقليل جاذبية دبي كمحطة بين آسيا وأوروبا.

وقال نيك كنينجهام محلل الطيران لدى «اجينسي بارتنرز» ومقرها بريطانيا «النقطة المثيرة للاهتمام فيما يتعلق بنظرية إقامة محطة بين مكانين هو أن هذه الميزة قد تتلاشى قريبا. الطائرات الجديدة قد تتجاوز هذه المحطات وقد لا تحتاج للتوقف في أي مكان».

في الوقت نفسه تواجه دبي منافسة متنامية من بعض جيرانها. فلدى كل من أبوظبي التي فيها شركة «الاتحاد» للطيران وقطر التي تدير الخطوط الجوية القطرية طموحات للتحول إلى مركز إقليمي للنقل الجوي. ولديهما بالفعل شركتان تحققان نموا متسارعا وتعملان على توسيع مطاراتهما.

وقال مسؤول تنفيذي كبير في شركة طيران خليجية طلب عدم نشر اسمه بسبب حساسية تعليقاته «توجد ثلاث شركات طيران تحاول التنافس في نفس المنطقة. المعول عليه في النهاية هو الحجم وقوة المنافسة. إذا تخلفت عن الركب فقد انتهى أمرك». غير أن كاظم نائب رئيس «طيران الإمارات» يقول: إن شركات الطيران الخليجية الكبرى تكمل بعضها بعضا لذلك فالمنافسة ليست خطرا.

وأضاف أنه نظرا لأن الطائرة إيه - 380 ستشكل جزءا كبيرا من أسطول «طيران الإمارات» في المستقبل ستواصل الشركة العمل مع «إيرباص» لإنتاج طرز من الطائرة تلائم احتياجاتها.

وقال: «هذا سيستمر في المستقبل من حيث تطوير هذه الطائرة وتقليل وزنها ونوع المهمات التي قد تقوم بها في المستقبل».