«القطاع الخاص» العربي يدعو الحكومات لانتهاج سياسة مغايرة حول طرق تمويل المشاريع

الأمين العام المساعد يشدد على أهمية حل الخلاف بشأن التعريفة الجمركية

شهد منتدى القطاع الخاص على أهمية إنشاء بنك مركزي عربي يخدم البنوك في الدول العربية (تصوير: خالد الخميس)
TT

توافق المشاركون في منتدى القطاع الخاص العربي، الذي اختتم أعماله أمس الأحد بالعاصمة السعودية الرياض، حول حزمة من التوصيات التي من المؤمل رفعها للقمة الاقتصادية العربية وسط ضبابية بمستقبل هذه التوصيات.

وتصدرت قائمة بـ65 مشروعا للاستثمار الصناعي والزراعي التوصيات بتنفيذها وتحميل القطاع الخاص المشاركة التمويلية لها جنبا إلى جنب مع القطاع العام العربي، وذلك في إطار تفعيل التجارة البينية وتوفير فرص عمل للشباب العربي وتحرير القيد الجمركي من روتينيته.

وطالب الدكتور محمد التويجري، مساعد الأمين العام لجامعة الدول العربية للشؤون الاقتصادية، بضرورة حل الخلاف حول التعريفة الجمركية، وتسهيل مرور السلع العربية بين دول المنطقة بشكل مرن، بالإضافة إلى أهمية الانتهاء من مشروعات الربط الكهربائي والمائي. وأوضح المهندس عبد الله المبطي، رئيس مجلس الغرف السعودية، أن التوصيات التي يزمع المنتدى رفعها للقمة الاقتصادية المقبلة كفيلة بسد الفجوة الغذائية ورفع مستوى التجارة البنية، وتمهد للاتحاد الجمركي العربي.

وشدد تجمع القطاع الخاص الاقتصادي في الرياض على ضرورة أن تنهج الحكومات العربية نهجا مغايرا، وذلك بتغيير فكرتها عن التمويلات التي تقدمها في المجالات المختلفة، في ظل مؤشرات توضح أن القطاع الخاص العربي يسهم بأكثر من 50 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية.

وتواصلت أمس الأحد أعمال «منتدى القطاع الخاص العربي» الذي ينظمه مجلس الغرف السعودية واتحاد الغرف العربية بالتنسيق مع جامعة الدول العربية، حيث تم عقد جلسة عمل بعنوان «نتائج قمتي الكويت وشرم الشيخ وقضايا أساسية أمام قمة الرياض الاقتصادية».

وركزت الجلسة على عدد من المحاور، أهمها دور المصارف العربية في تمويل مشروعات التنمية والتكامل الاقتصادي العربي، مع التأكيد على قدرة المصارف العربية على مواكبة توجهات التنمية، حيث يقدر حجم موجودات المصارف بـ3 تريليونات دولار تشكل 50 في المائة من حجم الاقتصاد العربي.

ودعا المشاركون في هذه الجلسة إلى تخفيف تكلفة التمويل لمساعدة المنشآت الصغيرة والمتوسطة على النمو، وبالتالي توفير فرص العمل للشباب ومحاربة البطالة.

وفي هذا الصدد، قال الدكتور عبد الرحمن الزامل، رئيس الغرفة التجارية الصناعية بالرياض «الدول العربية مدعوة أكثر من أي وقت مضى للتكاتف لإزالة المعوقات التي تؤثر على تدفقات السلع ورؤوس الأموال في ما بينها». ودعا الحكومات العربية إلى تشجيع القطاع الخاص العربي ودعمه، بجانب اتخاذ إجراءات احترازية وعمل تكتلات مصرفية عربية واعتماد المصارف العربية على توجيه أنشطتها تجاه الدول العربية، مشيرا إلى أن ذلك يعتبر أكثر مردودا وأقل مخاطر.

وانتقد الزامل الفريق الذي كلف بإدارة الصندوق العربي، متسائلا عما إذا كانت السعودية عاجزة عن تمويل الأمة العربية، مستدركا أن الدول العربية محتاجة إلى فكر جديد لتطوير العمل العربية المشترك، مشددا على أهمية إعادة تفكير إدارة الصندوق العربي في طريقة استثمار أموال دعم للدول.

وكانت الجلسة التي رأسها علي الغانم، رئيس غرفة تجارة وصناعة الكويت، قد تناولت مشروع الربط الكهربائي بين الدول العربية، ومشروع الأمن الغذائي، ودعم التشغيل والعمل، وإنشاء شركة للنقل البحري ومنطقة التجارة الحرة العربية.

ونوه سعود البرير، رئيس اتحاد أصحاب العمل السوداني، بتشابه مخرجات الاقتصادات العربية وصناعاتها، مما يضعف حركة التجارة البينية بينها، داعيا لتنويع هياكل الإنتاج العربي، مشددا على الاعتماد على الصناعات المعرفية والتقنية، وإنشاء مؤسسة تمويل عربية، وتأسيس وحدات معنية بتشجيع استثمارات القطاع الخاص، وزيادة دور المؤسسة العربية لضمان الاستثمار.

ولفت البرير إلى استثمارات الطاقات الكامنة في السودان، خاصة في مجال الاستثمار الزراعي، لا سيما في ضوء مبادرة خادم الحرمين الشريفين للاستثمار الزراعي في الخارج، في ظل مؤشرات الفجوة الغذائية التي يمكن للسودان سدها.

وكشف عن 100 مليون فدان تقوم الحكومة السودانية بتحضيرها وتخصص للاستثمار الزراعي، لافتا إلى اقتراح قيام شراكة لمشروعات المراعي وتسمين الماشية للاستفادة من المساحات الشاسعة للمراعي في السودان، وذلك لتوفير اللحوم الحمراء للأسواق العربية. وتطرق البرير لمؤشرات سوق السلع الغذائية بالدول العربية، وعدم قدرتها على سد احتياجات الاستهلاك من هذه السلع، مما يعد مؤشرا على وجود فجوة غذائية تستوجب سدها.

وكان الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي حاول أن يؤسس لبنية مشروع الربط الكهربائي، حيث قام بتمويل وتنفيذ عدد من مشاريع البنية الأساسية بعدد من الدول العربية بقيمة 9 مليارات دولار من خلال 137 قرضا. وفي ما يتعلق بمخطط الربط بالسكك الحديدية، فقد تعاقد الصندوق لإنجاز دراسة لهذا المشروع، كما يوجد مشروع للأمن الغذائي في 8 دول عربية يركز على زيادة إنتاج القمح والاستخدام الأمثل للموارد المائية، وهو مشروع لمدة 3 أعوام، وقد تم تنفيذ عدد من المشروعات في بعض الدول العربية وهي تعطي نتائج جيدة.

من جهته، توقع الدكتور سعيد الشيخ، كبير الاستشاريين في البنك الأهلي التجاري، نموا قويا لقطاع الاتصالات والنقل والبناء في السعودية بشكل كبير، يقود بدوره النمو الاقتصادي غير النفطي، مبينا أن البنوك لديها 300 مليار ريال (80 مليار دولار) موارد مالية يمكن استخدامها في الاستثمارات، مؤكدا أن الاستهلاك المحلي للبنزين والغاز في السعودية بلغ 37 في المائة من إنتاج السعودية، مما يدل على أن النفط هو المحرك الرئيسي للاقتصاد السعودي.

إلى ذلك، قال فيصل بافرط، وكيل المحافظ لتطوير وترويج الاستثمار بالهيئة العامة للاستثمار بالسعودية، إن الاقتصاد السعودي يعتبر الأول على المستوى العربي والثالث والعشرين على المستوى العالمي، من حيث فرص الاستثمار، منوها بمضاعفته ثلاث مرات، خلال الأعوام العشرة الأخيرة.

وشدد الدكتور فيصل العقيل، مدير إدارة تطوير الأعمال، ورئيس دائرة المسؤولية الاجتماعية بشركة «مواد الإعمار القابضة»، على أن المناخ الاستثماري السعودي أسهم في زيادة الحركة الاستثمارية، منوها بدور صندوق الاستثمار في تنظيم عمليات الاستثمار وإصدار الرخص، وبالتالي قيام المدن الصناعية، مما أسهم في خفض البطالة وتحسين مستويات المعيشة.

أما المهندس فهد النويصر، مدير عام إدارة تمويل الصادرات بالصندوق السعودي للتنمية، فأكد أن السعودية صرفت خلال العقود الماضية 100 مليار دولار في تنظيم العون الإنمائي والإنساني، فيما قام الصندوق بدعم 200 مشروع وبرنامج في الدول العربية بتكلفة تقدر بـ17 مليار ريال (4.5 مليار دولار)، موضحا أن المبالغ التي صرفها صندوق الصادرات السعودية للسلع غير النفطية، خلال الأعوام العشرة الماضية بلغت 28 مليار ريال (7.4 مليار دولار).

إلى ذلك، تطرقت ورشة العمل الخاصة بمنظمة العمل العربية إلى حزمة من الأطروحات، خاصة في ما يتعلق بتشغيل الشباب العربي وتفعيل دور القطاع الخاص في استحداث فرص لهم. ونوهت بأن التقارير التي أصدرتها المنظمة لعبت دورا مهما في عملية دعم وتشغيل الشباب، لا سيما في ضوء التحديات الاقتصادية الراهنة، مستعرضة مشروع الشبكة المعلوماتية لسوق العمل، إضافة إلى مبادرتها لتدريب وتشغيل مليون شاب عربي في الأنشطة المعتمدة على الإنترنت في كل القطاعات.

وأكدت المنظمة أن نجاح برامج مكافحة البطالة يعتمد على معلومات دقيقة لسوق العمل، مقدمة تصورات تمثلت في استحداث نظام كامل لسوق العمل العربية، وإنشاء مراكز وطنية للمعلومات بكل بلد عربي. كما اقترحت أن تتبنى الغرف التجارية العربية إنشاء مثل هذه المراكز، إضافة إلى اقتراح توقيع مذكرة تفاهم بين اتحاد الغرف العربية والمنظمة لإنفاذ مشروعات تشغيل الشباب، مشيرة إلى أن 9 وظائف في مجال التجارة الإلكترونية يمكنها استيعاب 200 ألف شاب سنويا على المستوى العربي. إلى ذلك، أكد عدنان أحمد يوسف، رئيس اتحاد المصارف العربية، على أهمية إنشاء بنك مركزي عربي يخدم البنوك في الدول العربية، ويسهم في حماية رؤوس الأموال وتنقلاتها بين الدول. وأوضح يوسف أن البنك المركزي العربي سيقوم بإدارة السيولة بين البنوك في الدول العربية، مبينا أن من شأن البنك المركزي حماية رجال الأعمال المستثمرين في الدول، ويسهم في الحد من تذبذب العملات.

وحول واقع البنوك العربية في 2012، أوضح عدنان يوسف أن تقييم البنوك العربية العام الماضي بحسب ما يسمع من خارج المنطقة العربية جيد، وقال «في بداية عام 2012 أكدت على أن البنوك العربية ستختم عامها بنتائج جيدة، وهو ما بدأ يظهر مع بداية العام الحالي، ورأينا نتائج بعض البنوك السعودية الجيدة». وتابع «البنوك العربية في 2012 نمت في صافي الأرباح بحدود 8 في المائة، وهذا يعتبر في المتوسط مع انتظار نتائج الربع الأخير من العام الماضي».

ولفت رئيس اتحاد المصارف العربية إلى أن هناك معوقات تعوق توسع البنوك العربية في الدول، تتضمن قفل بعض الأسواق مثل دول الخليج التي لديها تشديد على وجود البنوك العربية في المنطقة، وعند بعض الدول عدد المؤسسات المالية كثير، وهذا ليس مقياسا بل يجب أن يتم دمج البنوك الصغيرة وإنشاء كيانات مالية قوية، مشيرا إلى أنه على سبيل المثال في السعودية نجد هناك معوقات كثيرة رغم الاتفاق بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.