الأوروبيون يواجهون مخاطر الفقر والتهميش الاجتماعي

مع استمرار أزمة الديون

جيوش الفقراء تنتظر الحصول على الصدقات من جمعية الصليب الاحمر في وسط أثينا (رويترز)
TT

تتزايد فرص مواجهة الأوروبيين للفقر والتهميش الاجتماعي، حسب ما أكد الجهاز التنفيذي للتكتل الأوروبي الموحد من خلال لاتسيو آندور مفوض العمل والشؤون الاجتماعية، وأضاف أن المواطن ليس في حاجة لأن يسمع من جديد أن عام 2012 كان عاما سيئا على أوروبا مثل السنوات القليلة التي سبقته، وبالتزامن مع ذلك جرى تسجيل تراجع في النشاط الاقتصادي الألماني خلال الثلث الأخير من العام الماضي. وحسب وزارة الاقتصاد، هذا التراجع سببه انخفاض إنتاج الشركات الناجم عن تراجع الطلب في أوروبا. وتأمل ألمانيا عودة النمو الاقتصادي حيث يتوقع الخبراء نمو الناتج المحلي بنسبة صفر فاصل 8 في المائة هذا العام. وتراجع إجمالي الناتج المحلي لفرنسا بواقع 0.1 في المائة خلال الربع الرابع من 2012. ووفقا لتقديرات أعلن عنها البنك المركزي الفرنسي اليوم، الأمر الذي يؤكد دخول البلاد في حالة ركود. وكان البنك المركزي الفرنسي قد أشار إلى أن اقتصاد البلاد انخفض بنسبة 0.1 في المائة أيضا خلال الربع الثالث من 2012. في بروكسل جرى الإعلان عن ازدياد حالات الفقر والاستبعاد الاجتماعي في الاتحاد الأوروبي، خاصة لدى الشباب، والأمهات العازبات والنساء اللاتي فقدن وظائفهن. هذا ما أبرزته دراسة شاملة صادرة عن المفوضية الأوروبية، تظهر الفروقات الشاسعة فتبدو بعض دول الجنوب الأوروبي والأطراف الشمالية والغربية متأثرة بالفقر والبطالة أكثر من باقي دول الاتحاد. ويقول لاتسيو آندور المفوض الأوروبي للشؤون الاجتماعية والعمل: «إن السياسات الاجتماعية لن تتمكن لوحدها من إصلاح حالات البطالة والفقر في البلدان الواقعة بأزمات ديون ما لم تقدم لها وسائل داعمة وما لم تعط هذه البلدان مهلا إضافية لتسديد ديونها». مواطنو دول الاتحاد الأوروبي الأكثر تأثرا بالفقر والبطالة في منطقة اليورو يوجدون في اليونان وإسبانيا وقبرص وآيرلندا التي ترأس حاليا الاتحاد الأوروبي. وتقول سيان جونز وهي منسقة في المنظمة الأوروبية لمكافحة الفقر: «منذ عشرين عاما ونحن ندعوا إلى اعتماد نظام أوروبي لمساعدة المعوزين فيحصلون على دخل بالحد الأدنى وهذا أمر مفيد شعبيا لو أقره الاتحاد الأوروبي». الجدير بالذكر أنه خلال شهر فبراير (شباط) المقبل ستقترح المفوضية الأوروبية برنامجا اجتماعيا لتفعيل التشجيع على العمل وستطرح مشروعا يهدف إلى تأمين حد أدنى من الدخل للمعوزين، وفي برلين تراجع في النشاط الاقتصادي الألماني خلال الثلاثي الأخير من العام الماضي، حسب وزارة الاقتصاد، هذا التراجع سببه انخفاض إنتاج الشركات الناجم عن تراجع الطلب في أوروبا. وتأمل ألمانيا عودة النمو الاقتصادي حيث يتوقع الخبراء نمو الناتج المحلي بنسبة صفر فاصل 8 في المائة هذا العام. وفي باريس تراجع إجمالي الناتج المحلي لفرنسا بواقع 0.1 في المائة خلال الربع الرابع من 2012، وفقا لتقديرات أعلن عنها البنك المركزي الفرنسي اليوم، الأمر الذي يؤكد دخول البلاد في حالة ركود. وكان البنك المركزي الفرنسي قد أشار إلى أن اقتصاد البلاد انخفض بنسبة 0.1 في المائة أيضا خلال الربع الثالث من 2012. إلا أن تقديرات المركزي الفرنسي لا تتوافق مع بيانات معهد الإحصاء الوطني الفرنسي، الذي أعلن نهاية الشهر الماضي أن إجمالي الناتج المحلي للبلاد ارتفع بقدر 0.1 في المائة خلال الربع الثالث من 2012. وتوقع معهد الإحصاء الوطني خلال تقديراته الأخيرة انكماش الاقتصاد الفرنسي بمقدار 0.2 في المائة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من 2012. ومن ناحية أخرى، ارتفعت الأسعار بفرنسا بنسبة 0.3 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وسجل معدل التضخم السنوي 1.3 في المائة، بانخفاض قدره 1.3 في المائة مقارنة بالشهر السابق، حسبما أعلن معهد الإحصاء الوطني يأتي ذلك بعد أن كرر السيد ماريو دراغي - رئيس البنك المركزي الأوروبي - في مؤتمر صحافي الذي عقد نهاية الأسبوع الماضي على نفس التصريحات التي أعلن عنها في مؤتمر الشهر السابق بشأن توقعات نمو منطقة اليورو والتي قد تظل تحت وطأة الضغوط السلبية ومن ثم بقاء اقتصاد المنطقة ضعيفا خلال عام 2013 وذلك بفعل مواجهة المنطقة لمخاطر أزمة الديون السياسة والتوترات الجيوسياسية في المنطقة.

ويرى دراغي أن منطقة اليورو قد تشهد تعافيا تدريجيا في وقت لاحق من العام الحالي فيما إذا لاقت الدعم من ارتفاع مستويات الطلب الخارجي من ثم دعم الصادرات. وبالنسبة للتضخم فإن دراغي يرى أن المخاطر التصاعدية للتضخم نابعة من ضغط ارتفاع الأسعار الناجم من ارتفاع أسعار الطاقة والضرائب، لكن بشكل عام يتوقع أن يشهد التضخم المزيد من الانخفاض خلال الفترة المقبلة. جدير بالذكر أن البنك أبقى على نفس السياسة النقدية دون تغيير ليظل سعر الفائدة الأساسي عند 0.75 في المائة وعلى حسب تصريحات دراغي فإن قرار سعر الفائدة اليوم جاء بإجماع أعضاء البنك على أساس أنه لا يوجد داع أو أمر ملح لخفض سعر الفائدة في ظل عدم تغير النظرة المستقبلية إزاء المنطقة. هذا التصريح يقلص من التوقعات التي تزايدت في الآونة الأخيرة بأن يقوم البنك بخفض سعر الفائدة على المدى القصير. في الوقت نفسه يؤكد دراغي على أنه لا يوجد سبب في سحب خطط التحفيز غير العادية في ظل عدم تغير النظرة المستقبلية على المدى المتوسط، بينما يتوجب الانتظار حتى تشهد المنطقة تعافيا بشكل كبير وحقيقي. ومن وجهة نظر الكثير من المراقبين وبناء على ما سبق فإنه وعلى ما يبدو أن دراغي يريد إرسال رسالة قوية وواضحة إلى المراهنين حول أن يقوم البنك بخفض سعر الفائدة. وقد تكون تصريحاته خيبت آمالهم. على الجانب الآخر يرى دراغي أن الأسواق المالية وأسواق الأسهم شهدت تحسنا في الآونة الأخيرة بجانب تقلص حدة التقلبات في الوقت الذي تراجع فيه العائد على السندات وفروق مخاطر التأمين ضد الإفلاس. ويعزو سبب ضعف مستويات الإقراض إلى ارتفاع مخاطر الائتمان والركود الذي يضرب المنطقة مؤكدا أن أزمة الديون السيادية لم تنته بعد ولم تصل إلى نقطة تحول جديدة، لكن في الوقت نفسه يتوقع أن تشهد عمليات الائتمان تكون في حال أفضل خلال عام 2013 فيما إذا استقرت الأسواق وتعافى الاقتصاد.