5 خطوات لتتحول شركات النفط العربية إلى دولية

«بوز أند كومباني»: الشركات بحاجة إلى إدارات متكاملة للتخطيط والأداء

ما ينقص شركات النفط الوطنية حاليا اعتماد إدارة متكاملة للتخطيط والأداء (رويترز)
TT

قال تقرير اقتصادي إن شركات النفط الوطنية في الشرق الأوسط، تستطيع أن تحتل مكانة تؤهلها لمواجهة التغييرات في سوق الطاقة، وذلك باعتبار أن شركات الطاقة في الشرق الأوسط، كانت لوقت طويل بطيئة الحركة وغير مؤهلة، في الوقت الذي تواجه فيه الكثير من التحديات بشكل فعّال، إذ إنها تتحول إلى شركات دولية أكثر انتشارا وتنوعا، معتمدة إجراءات رائدة.

وبين التقرير الصادر من شركة «بوز أند كومباني» للاستشارات العالمية - وحصلت الشرق الأوسط على نسخة منه - أن ما ينقص شركات النفط الوطنية حاليا اعتماد إدارة متكاملة للتخطيط والأداء، حيث إنه مع ازدياد تطورها، اعتمدت شركات النفط الوطنية أدوات، على غرار الخطط الاستراتيجية، ولوائح الأهداف المتوازنة ومؤشرات الأداء الرئيسية، غير أن استعمال هذه الأدوات، يتم بشكل منفصل ولا يتبع نهجا متكاملا، مما يقلل من آثارها الإيجابية.

وقال شون ويلر - شريك في شركة «بوز أند كومباني» - إن هناك حاجة لنهج تعاوني أكبر لإدارة أكثر فعالية للتخطيط والأداء في حال أرادت شركات النفط الوطنية تجنب سوء الأداء، وتحقيق خططها الاستراتيجية الطموحة، وأضاف «من شأن العجز عن تحقيق تخطيط متكامل أن يؤدي إلى سوء إدارة الاستثمارات وعدم تحقيق الأهداف، وحتى في بعض الأحيان إلى كوارث سلامة».

وتابع «يرتدي هذا الأمر أهمية خاصة أن تقديرات (بوز أند كومباني) تشير إلى أن البلدان العربية الرئيسية المنتجة للنفط ستستثمر أكثر من 800 مليار دولار في مشاريع رأسمالية كبيرة خلال هذا العقد». وبين إدوارد غراسيا - مدير في شركة «بوز أند كومباني» - أن شركات النفط في الشرق الأوسط، تواجه تحديات كبيرة، من ناحية أهميتها في سوق الطاقة العالمية، حيث إن ازدهار النفط الصخري في أميركا الشمالية، واحتمال حصول ازدهار مشابه في الصين، يهددان بالحد من أهمية الإمدادات النفطية لـ«الشرق الأوسط».

في الواقع، تتوقع وكالة الطاقة الدولية تحول الولايات المتحدة، إلى أكبر منتج للنفط في العالم، خلال الخمس سنوات المقبلة.

وزاد «بالإضافة إلى ذلك، هناك اضطرابات جمّة، في سوق الطاقة، تصعِّب الأمور على منتجي النفط في الشرق الأوسط، حيث إن تكاليف الإنتاج ترتفع، فيما تشدد حكومات العالم أنظمتها وقوانينها البيئية؛ ليصبح قطاع الطاقة أكثر تعقيدا في الآن نفسه».

وبين آلان ماسوي - مدير في شركة «بوز أند كومباني» - أن حكومات البلدان التي تتمركز فيها شركات النفط الوطنية تزيد من متطلباتها الضريبية، لذلك فإن الأيام التي كان النجاح فيها يأتي من مجرد حفر الآبار استراتيجية قد ولّت إلى غير رجعة.

وزاد «باستثناء ما تقدم، فإن الصورة ليست قاتمة كليا وليست أيضا بسيطة، فشركات النفط الوطنية في الشرق الأوسط، تحتل مكانة تؤهلها لمواجهة التغييرات في سوق الطاقة». ولفت جايمس توماس، مدير مشروع في «بوز أند كومباني»، أن ما ينقص شركات النفط الوطنية حاليا اعتماد إدارة متكاملة للتخطيط والأداء، فمع ازدياد تطورها، اعتمدت شركات النفط الوطنية أدوات، على غرار الخطط الاستراتيجية ولوائح الأهداف المتوازنة ومؤشرات الأداء الرئيسية، غير أن استعمال هذه الأدوات يتم بشكل منفصل ولا يتبع نهجا متكاملا، مما يقلل من آثارها الإيجابية.

وأضاف «يعتمد مفهوم الإدارة المتكاملة للتخطيط والأداء، على ملاءمة الخطط والأهداف والبيانات والتقارير، مع ما يفعله موظفو الشركة، وذلك بصورة متواصلة ومترابطة، وهذا الأمر مفيد بشكل خاص لشركات النفط والغاز؛ التي عادة ما تربط قرارات الاستثمار الرأسمالي الطويلة الأمد، بتعقيدات تشغيلية قريبة الأجل، وتعمل في بيئة من الريبة على صعيدي العرض، وهو ما يكمن في المخزون النفطي الجيولوجي، والطلب على الاقتصاد العالمي».

وأشار التقرير، إلى أن النهج المتكامل يبدأ بالتخطيط الاستراتيجي وإدارة المحافظ، ويرتكز هذا النهج على اعتماد هدف معين لمخرجات النفط مثلا، ويشير هذا الهدف إلى رؤية الشركة، وموقعها في السوق، بطريقة يمكن أن يفهمها الجميع، وتحديد مثل هذا الهدف يجبر شركات النفط الوطنية، على التفكير في قدراتها وأهدافها الداخلية، وهو الأمر الذي يساعدها على تجنب اعتماد أهداف غير واقعية، والتي يمكنها أن تقوّض الشركة.

في حين تكمن الخطوة الثانية، في التخطيط التشغيلي وإعداد الموازنة، وتعتمد على ملاءمة التخطيط الاستراتيجي، مع الوقائع والأهداف التشغيلية، وتتعثر الخطط غالبا عند هذه النقطة؛ لأن الموازنات والموارد البشرية والتكنولوجيا متلائمة مع الخطة التشغيلية فقط، ولتجنب مثل هذا التعثر؛ يجب أن تحدِّد الأهداف بالتفصيل استحقاق إضافات الإنتاج، متضمنة تواريخ بدء النشاطات المتعددة، الخاصة بالمشاريع اللازمة لتسليمها في الوقت.

وذكر التقرير «على سبيل المثال، يتطلّب طرح النفط في السوق سلسلة طويلة من النشاطات، من التنقيب وتطوير الحقول، مرورا بعمليات الإنتاج والصيانة، ووصولا إلى النقل. وتتطلب جميع هذه النشاطات في المقابل موارد بشرية، وخدمات وأموالا وتكنولوجيا؛ لذلك يجب أن تعرف الشركة جميع القيود الحالية، التي تحول دون توفّر الموارد اللازمة وتتكيف معها».

وأشارت «بوز أند كومباني» إلى أن الخطوة الثالثة هي تحديد الهدف، حيث إنه على شركات النفط الوطنية، المضي نحو تحقيق هدفها البعيد المدى، عبر تجزئته إلى خطوات قابلة للتحقيق، ويقتضي إدماج إجراءات التخطيط الاستراتيجي، والتخطيط التشغيلي أن تُستخدم المعلومات الصحيحة، لتحديد أهداف واقعية، وقابلة للتعقب بشكل يسهل إعطاء إشارات إنذار مبكرة، في حال بدأت الأمور بالخروج عن مسارها.

أما الخطوة الرابعة، فتقضي بتحويل معلومات الإدارة إلى محادثات ذات معنى في شأن الأداء، حيث إن الحصول على معلومات الإدارة أمر سهل، إذ بفضل اعتماد الأنظمة المكلفة لإعداد التقارير على مستوى الشركة، يمتلك كبار المديرين الكثير من الوقائع، لدرجة يصبحون عاجزين عن فهم ما هو مهم. وعليه فإن ما تحتاجه شركات النفط الوطنية، هو أن تكون قادرة على تفسير الوقائع، ودراسة الأسباب الجذرية الفعلية، لوضع توصيات التدخل؛ لتصليح الأمور الخارجة عن مسارها على أساسها. فالانخفاض البسيط في ضغط خط الأنابيب على سبيل المثال، قد يؤدي إلى خسائر نقل غير مهمة، أو قد ينذر بمشكلة سلامة وشيكة وخطرة.

وتربط الخطوة الأخيرة وفقا لـ«بوز أند كومباني» من خلال الحوافز بالمكافآت، لتعيد من ثم النتائج إلى الخطة الاستراتيجية، ويجب أن تعتمد تقييمات الشركة والموظفين على الأهداف، وأن تكون تعاونية وبناءة، مع الثناء على من يساهمون مباشرة في النجاح، بتحقيق الأهداف الاستراتيجية للشركة.

وشدد التقرير، على أن الإدارة المتكاملة للتخطيط والأداء، تسمح للمسؤولين التنفيذيين بالاطلاع على المعلومات الهامة؛ لتسهيل اندفاع شركات النفط الوطنية، بذكاء وبصورة بديهية، نحو بلوغ أهدافها الاستراتيجية.

وزاد «سوف يعرف هؤلاء المسؤولون، متى يجب عليهم التدخل لإصلاح الأمور. والأفضل من ذلك، فإن هكذا إدارة ستسهّل عليهم قيادة قوى عاملة محترفة متحمسة تريد تحقيق أهداف استراتيجية لشركاتها وبلدانها معا».