العلم علمان

علي المزيد

TT

«العلم علمان، علم يُحمل وعلم يُستعمل.. فقليل من العلم يستعمل خير من كثير من العلم يحمل»، ابن عبد ربه «العقد الفريد»، الجمانة السابعة. هذه المقولة وردت في تراثنا العربي، مسجلة لابن عبد ربه، في كتابه العقد الفريد الجزء السابع. ولأنه عقد فريد، فقد سمى كل جزء منه جمانة - أي اللؤلؤة التي تتلألأ في هذا العقد - هذه المقولة تكتب بأحرف من نور، ورغم وجودها في تراثنا العربي فإن الجامعات العربية لم تأخذ بها، وذلك أن مخرجاتها لا تناسب سوق العمل، أو ربما لم تطلع عليها! أدعو جميع وزراء التعليم لوضع هذه العبارة على الجامعات ومدارسنا الثانوية والإعدادية؛ حتى يستعد طلابنا لتحصيل العلم الذي يستعمل.. وللأسف جامعاتنا لا تكسب مهارات، وتجد أعداد الطلاب في كليات العلوم المستعملة كالطب والهندسة والحاسب الآلي وغيرها أعدادا قليلة.

عدم تناسب مخرجات التعليم لسوق العمل يكلف اقتصادنا أموالا باهظة، إما لجلب أيد عاملة تقوم بالعمل، وأنتم تعرفون كم تكلفة هذه الأيدي!.. وإما لإعادة تأهيل أبنائنا الطلبة الخريجين؛ ليناسبوا سوق العمل، وهذا فيه هدر للوقت والمال معا، وتكلفته الاقتصادية عالية على الأمة بشكل عام.

الغريب أن مؤسساتنا المشتغلة في التدريب المهني والتقني لم نر منجزاتها على الأرض، لكننا بكل تأكيد نرى إنجازاتها على صدر صفحات الصحف. في السعودية لم تقم المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بدورها كما يجب، رغم توافر الإمكانيات لها؛ ذلك لأننا لا نرى مخرجاتها على الأرض، وأنا هنا أتكلم عن السعودية، أما في بقية عالمنا العربي فالمهنيون المحترفون تخرجوا على أيدي معلميهم، أي أنهم كانوا صبيانا في ورش معلميهم، فتعلموا المهنة وهم صغار، وأتقنوها وأصبحوا مهرة.. باختصار لا علاقة للمؤسسات التعليمية بتدريبهم.

لو كان ابن عبد ربه بيننا لانتحر؛ لأن مقولته لم تطبق، ولم ينجح أبناؤه وأحفاده في تطبيقها؛ رغم مضي مئات السنين عليها.

* كاتب اقتصادي