سعود الفيصل: المتغيرات في العالم العربي ذات بعد تنموي يجب عدم تجاهله

في افتتاح الاجتماع التحضيري لأعمال القمة العربية التنموية الاقتصادية التي تنطلق غدا في الرياض

سعود الفيصل خلال إلقائه كلمته في أعمال اللجنة التحضيرية لوزراء الخارجية العرب (واس)
TT

أكد الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، أن العالم العربي، شهد خلال العامين المنصرمين عددا من المتغيرات والتحديات، وأنها على الرغم من اتخاذها أشكالا سياسية في ظاهرها «فإن مسبباتها الحقيقية لا يمكن أن تخطئها العين بأي حال من الأحوال»، مشددا على أنه لا يمكن إغفال جوانبها التنموية أو تجاهل الطموحات التي تتطلع إليها الشعوب العربية وآمالها نحو حاضر مشرق ومستقبل مزدهر.

جاء ذلك في كلمة وزير الخارجية السعودي أمام الجلسة الافتتاحية للاجتماع المشترك لوزراء الخارجية ووزراء المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالدول العربية للتحضير لأعمال القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية الثالثة المقرر عقدها في الرياض غدا وبعد غد، حيث كشف الأمير سعود الفيصل أن هناك مقترحات محددة بخصوصها ستتناولها كلمة خادم الحرمين الشريفين في افتتاح القمة.

وطالب الفيصل بألا يكون اجتماع الرياض تقليديا، وقال «لا ينبغي أن يكون اجتماعنا هذا تقليديا لأنه يعالج أهم المواضيع والقضايا الرئيسية التي تلامس حياة شعوبنا مما يتطلب الارتقاء بقراراتنا إلى مستوى تطلعات شعوبنا وقياداتنا».

ورأى وزير الخارجية السعودي في كلمته، أن التعامل مع التنمية الاقتصادية والاجتماعية في العالم العربي «يتطلب منا معالجتها من منظور شامل يغطي جميع جوانبها مما يحتم علينا تفعيل ومتابعة مسيرة التكامل الاقتصادي العربي والمراجعة الشاملة والدقيقة لما سبق اتخاذه من قرارات في القمتين السابقتين لتكون منطلقا أساسيا للمضي في البناء وتحقيق الأهداف المنشودة».

وأكد على وجوب المصداقية وجدية العمل للتمكن من التغلب على ما قد يعترض مسيرة العمل العربي المشترك من عقبات وعوائق، خاصا بالذكر المساعي الرامية إلى استكمال متطلبات منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، علاوة على إتمام باقي متطلبات الاتحاد الجمركي وفق الإطار الزمني المتفق عليه لبلوغ التطبيق الكامل له في عام 2015م.

وقال الفيصل إن الوطن العربي «يزخر بثروات متعددة من موارد طبيعية وبشرية ورؤوس أموال وموقع استراتيجي» آملا في تيسير تدفقات الاستثمار والتجارة العربية البينية في سبيل بناء تكامل اقتصادي عربي قائم على أساس المنفعة المشتركة.

وأكد أن قمة الرياض «تسعى إلى اعتماد الاتفاقية الموحدة المعدلة لاستثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربية، التي تهدف في المقام الأول إلى تعزيز دور القطاع الخاص كشريك رئيسي يسهم في رسم وتنفيذ مسار مستقبل التنمية الاقتصادية والاجتماعية العربية»، وقال إن التنمية الاقتصادية الشاملة بما تمثله من تحديات وفرص «تتطلب ابتداء وضوح الرؤية والأهداف ومن ثم العمل المتواصل اعتمادا على الموارد المتاحة لبلوغ الغايات المنشودة في النمو والازدهار»، مبينا أن تحقيق الأهداف التنموية للألفية والوفاء بالتزاماتها «يعد أحد المواضيع المهمة التي ستبحث، خاصة ما يتعلق بتوفير موارد جديدة إضافية لدعم جهود الدول العربية الأقل نموا لتحقيق تلك الأهداف».

وأوضح وزير الخارجية السعودي، أن المنطقة العربية «تمتلك جميع المقومات الجغرافية والمناخية والاقتصادية المثلى لتطوير صناعة محلية مستدامة ورائدة في مجال الطاقة المتجددة، وبالتالي فإن استغلال مصادر الطاقة المتجددة المتاحة ونقل التقنيات الخاصة بتصنيع معداتها إلى الدول العربية يعد خيارا استراتيجيا للمنطقة العربية لضمان تأمين وتنويع مصادر الطاقة وإرساء قواعد صناعة أنظمتها عربيا، سعيا إلى تسويقها على المستوى الإقليمي في بادئ الأمر ومن ثم على المستوى العالمي في مرحلة لاحقة»، ومضى قائلا «وهو ما تبنته الاستراتيجية العربية لتطوير استخدامات الطاقة المتجددة المطروحة للاعتماد أمام قمة الرياض التنموية الاقتصادية الاجتماعية والتي تستشرف آفاق المستقبل للعالم العربي وتسعى نحو تلبية طموحات المواطن العربي في التنمية الشاملة».

وأفاد أن تلك الاستراتيجية تضمنت آليات لمشاركة القطاع الخاص بشكل أكثر فاعلية في الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة واقتراح مصادر مناسبة للتمويل تسهم في بناء سوق عربية للطاقة المتجددة إلى جانب وضع خطة عمل تنفيذية للبرامج والأنشطة التي تتناسب مع الأولويات التي تضعها الدول العربية.

وقال وزير الخارجية السعودي إن الأمراض غير المعدية والتي يأتي في مقدمتها «أمراض القلب والشرايين وداء السكري والأمراض السرطانية والأمراض التنفسية المزمنة تمثل تحديا تنمويا وعبئا كبيرا على الاقتصاديات والنظم الصحية في الدول العربية»، وأشار إلى أن إحصاءات منظمة الصحة العالمية لعام 2010م توضح أن الوفيات الناجمة عن الأمراض غير المعدية تراوحت نسبتها في الدول العربية ما بين 27 في المائة إلى 84 في المائة من إجمالي الوفيات.

وأكد أن الإنسان العربي «يمثل محور الارتكاز والهدف الأساسي للتنمية المنشودة، ولذلك فإن قمة الرياض الاقتصادية والاجتماعية قد أولت اهتماما كبيرا بموضوع التصدي للأمراض غير المعدية في وطننا العربي».

ولفت الأمير سعود الفيصل النظر في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية إلى أن مشروع قرار اعتماد إعلان الرياض الصادر عن المؤتمر الدولي لأنماط الحياة الصحية والأمراض غير السارية في العالم العربي مطروح أمام الوزراء في اجتماعهم «يوم أمس» كمنهاج عمل تلتزم به الدول الأعضاء للتصدي لتلك الأمراض مع تكليف الأمانة الفنية لمجلس وزراء الصحة العرب بمتابعة تنفيذ توصيات الإعلان.

وأضاف أن من المهم «إشراك المؤسسات الحكومية وغير الحكومية والمؤسسات الأكاديمية المعنية في الجهود الوطنية الرامية للحد من انتشار الأمراض غير المعدية في وطننا العربي في سبيل خفض العوامل المؤدية لهذه الأمراض».

وجدد الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية في ختام كلمته الترحيب بالوزراء المشاركين في الاجتماع التحضيري، متمنيا للاجتماع كل النجاح وأن تحقق القمة ما تصبو إليه نحو تفعيل مسيرة العمل العربي المشترك.

وكان وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو، استهل افتتاح الاجتماع التحضيري بكلمة تناول فيها ما صدر عن أعمال القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في دورتها الأولى في الكويت والثانية بمصر من نتائج تصب في مصلحة الشعوب العربية.

وأكد أنه على الرغم مما حققته الدول العربية من مكتسبات على صعيد العمل العربي المشترك خلال السنوات الماضية فإنه من المهم التأكيد على أن واقع هذا التعاون وما حققه من إنجازات ملموسة على الأرض لا يزال قاصرا عن تلبية طموحات شعوبنا التي تدرك تماما أن لديها من الموارد والمقدرات ما يكفل لها حاضرا أفضل ومستقبلا أكثر إشراقا.

ودعا الوزير المصري الذي سلم رئاسة الدورة الحالية للأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، إلى الاستمرار في طرح الأفكار الخلاقة والرؤى الحديثة التي تكفل المضي قدما لهذه المسيرة والتصدي بكفاءة وفعالية لما يعترض طريقها من صعوبات وتحديات، مؤكدا ثقته في أن تولي المملكة رئاسة الدورة الثالثة للقمة سيعطي دفعة قوية لمستوى العمل العربي المشترك، كما قدم شكره للأمانة العامة لجامعة الدول العربية وعلى رأسها الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي وطاقم مساعديه على أدائهم المتميز والمعهود.

من جانبه ثمن الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، حرصه على انعقاد القمة في موعدها «وسط التحولات الكبرى التي يعيشها العالم العربي، وما أفرزته من تداعيات وتحديات غير مسبوقة، الأمر الذي تطلب من قادة الدول العربية اتخاذ المواقف المطلوبة لمواجهة هذه التحديات والتعامل معها وتعزيز التضامن والتكاتف العربي لتجاوزها».

وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية «إن جدول أعمال القمة العربية التنموية والاقتصادية سيشهد الكثير من المواضيع المهمة المدرجة على جدول أعمالها ومن أهمها الاستثمار في الوطن العربي المرتبط بارتفاع معدلات البطالة وضعف نتائج برامج التشغيل والعمل في معظم الدول العربية»، وأكد أن أهمية تعديل الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال بالدول العربية، تأتي لتتواءم مع المتغيرات الجديدة على الساحتين الدولية والإقليمية لتوفير المناخ الملائم لزيادة الاستثمارات العربية البينية والمساهمة في توجيه الاستثمارات العربية إلى داخل المنطقة العربية بدلا من الخارج بهدف الحد من البطالة والفقر وزيادة رفاهية المواطن العربي.