«المركزي الأوروبي» يؤكد أن الأسوأ في أزمة الديون «قد ولى»

تباين ردود الفعل الأوروبية بشأن قرار اعتماد ضريبة على المعاملات المالية

TT

تسبب قرارا وزراء المال الأوروبيين، بالموافقة لعدد من الدول الأعضاء، بفرض ضريبة على المعاملات المالية، في ردود أفعال متباينة ببروكسل عاصمة التكتل الأوروبي الموحد، فمن جهة، أثار مخاوف البعض، وحذر معهد أوروبي للأبحاث من مخاطر هذا الأمر على الاقتصادات الأوروبية، بينما أكدت المفوضية الأوروبية على أهمية هذه الخطوة، وترى أنه من المأمول أن تشجع هذه الخطوة باقي الدول في أوروبا وخارجها على تبني سياسة مالية أكثر تقاربا. وفي فرانكفورت بألمانيا، أكد محافظ البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي على أن «أسوأ ما في أزمة الديون الأوروبية» قد ولى، مشيراً إلى أن ذلك يعود إلى السياسات التي اتخذت في منطقة اليورو أواخر العام الماضي 2012. وقد شدد دراغي على أن العام الحالي 2013 يبدو أكثر قوة بالنسبة لاقتصاديات منطقة اليورو، وفي روما علق رئيس الوزراء الإيطالي ماريو مونتي فرص نجاة إيطاليا والخروج من أزمتها الاقتصادية الطاحنة على نتائج الانتخابات التشريعية منتقدا ضعف تأثير سلفه المتنافس سيلفيو بيرلسكوني «غير الليبرالي» في القرار الأوروبي. وقال مونتي في تصريحات إذاعية تتزامن مع تقديم قوائم المرشحين النهائية، إن نجاة الإيطاليين من أزمات مالية جديدة محتملة تتوقف على ما ستشهده الانتخابات، مشيرا إلى أن «إيطاليا تشهد حاليا استقرارا ماليا يدلل عليه مؤشر سندات الخزانة بعكس ما كان عليه الوضع قبل عام» عندما تسلم رئاسة حكومة الإنقاذ.

في بروكسل، حذر معهد «نيودايركشن» الأوروبي للأبحاث من مخاطر فرض ضرائب جديدة على المعاملات المالية لما سيلحق بالاقتصادات الأوروبية من أضرار بدلا من مساعدتها على تعزيز قدرتها التنافسية وقال توم مايرز مدير معهد «نيودايركشن» الذي يتخذ من العاصمة البلجيكية مقرا له في تصريحات صحافية إن فرض ضرائب على المعاملات المالية يعد «خطوة إلى الوراء» مشيرا إلى أن «هذه الضرائب لن تسهم في الحد من المخاطر التجارية، بل ستحيد بالأعمال إلى مناطق أخرى». وأضاف مايرز: «نأمل من الدول الموقعة بالموافقة على تطبيق تلك الضريبة أن تنظر إلى الفائدة وتمتنع عن فرضها لا سيما أن عددا قليلا من دول الاتحاد الأوروبي قد وافق عليها». جاء ذلك بعد أن تبنى وزراء مالية واقتصاد الاتحاد الأوروبي قرارا يتيح أمام 11 دولة عضوا المضي قدما في فرض ضريبة على المعاملات المالية من خلال إبرام اتفاقات «تعزيز التعاون». وتشمل قائمة الدول الأوروبية بلجيكا وألمانيا وأستونيا واليونان وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا والنمسا والبرتغال وسلوفينيا وسلوفاكيا. ومن المقرر أن تقدم المفوضية الأوروبية، وهي الهيئة التنفيذية للاتحاد الأوروبي اقتراحا بهدف تحديد مضمون مصطلح «تعزيز التعاون» وهو الأمر الذي يتعين الحصول على موافقة جماعية عليه من جانب الدول الأعضاء المعنية، وقد وافقت كل الدول الإحدى عشر على انتهاج هذا السلوك كخطوة من أجل تنسيق السياسة الضريبية والمالية في أوروبا، وقد كلف الوزراء، المفوضية الأوروبية بإعداد مقترح تنفيذي لهذه الخطوة، حيث ستدخل حيز التنفيذ بعد الحصول على إجماع الدول المشاركة، وفي هذا الإطار، أكد المفوض الأوروبي المكلف بالشؤون الضريبية الغيرداس سيميثا، على أهمية هذه الخطوة، حيث «من المأمول أن تشجع هذه الخطوة باقي الدول في أوروبا وخارجها على تبني سياسة مالية أكثر تقاربا»، وكانت فكرة فرض ضريبة على التعاملات المالية قد طرحت في عام 2011 وتمت مواجهتها بالرفض من قبل الدول غير الراغبة بتعريض «سيادتها المالية للخطر» مثل بريطانيا. من جهته أكد محافظ البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي على أن «أسوأ ما في أزمة الديون الأوروبية» قد ولى، مشيرا إلى أن ذلك يعود إلى السياسات التي اتخذت في منطقة اليورو أواخر العام الماضي 2012. وقد شدد دراغي على أن العام الحالي 2013 يبدو أكثر قوة بالنسبة لاقتصاديات منطقة اليورو، مؤكداً على أن الاقتصاد الأوروبي أحرز تقدما حقيقيا خلال العام 2012. الأمر الذي انعكس على مستويات الثقة في منطقة اليورو بشكل جيد. هذا وقد أكد دراغي على أن مراقبة البنك المركزي الأوروبي للأوضاع عن كثب في منطقة اليورو أسهم وبشكل جيد في حل المشكلات وبالأخص فيما يتعلق بأداء اقتصاديات منطقة اليورو واستقرار الأسعار، مشدداً على أهمية استمرار حكومات منطقة اليورو في الشروع بإصلاحات اقتصادية. ومن ناحية أخرى فقد أشاد دراغي بأداء كل من الحكومات والبرلمانات الأوروبية، ناهيك عن أداء كل من البنك المركزي الأوروبي والاتحاد الأوروبي، وذلك حيال التعاطي مع أزمة الديون الأوروبية، والتي وصفها دراغي في خطابه على أنها «سحابة داكنة» مرت على اقتصاديات منطقة اليورو ورحلت. دراغي أشار من خلال خطابه إلى أن البنك المركزي الأوروبي نجح في مهمته على مدار الـ14 عاماً الماضية، مؤكداً على أن ذلك سيستمر كما كان الحال دوماً. وعلى صعيد آخر، عاد دراغي للتأكيد على أن البنك المركزي الأوروبي ملتزم بضمان استقرار الأسعار، مشيراً إلى أن البنك يتخذ كافة التدابير من أجل الحفاظ على ذلك الهدف، ومؤكدا على أن البنك المركزي الأوروبي أظهر خلال الأزمة التزاما حقيقيا لحماية اليورو. وقد اختتم دراغي حديثه بالتأكيد على أن الاقتصاد الأوروبي سيعود للنمو بشكل تدريجي ومعتدل، مؤكدا على أن كل ما يحتاجه البنك المركزي الأوروبي هو بعض الصبر، ومعربا عن ثقته بتخطي هذه المرحلة، وبأن الدول المعنية في منطقة اليورو تسير في الطريق الصحيح لعملية الإصلاح المنشودة. وفي نفس الصدد، قال اقتصادي بلجيكي كبير إنه لا يجب على الحكومات الأوروبية أن تنتظر من المصرف المركزي الأوروبي مساعدتها في إيجاد الحلول لازمة الديون السيادية، بل يجب على تلك الحكومات أن تعتمد على نفسها في هذا الصدد، لأن المركزي الأوروبي لعب دوره وعمل ما في وسعه هذا ما أكده البلجيكي بيتر برايت كبير الاقتصاديين بالمصرف المركزي الأوروبي، في تصريحات نشرت له ببروكسل.