أي أفق للعملة الخليجية الموحدة؟

خبراء يؤكدون أنها تسهل التجارة البينية

TT

تشير توقعات عدد من المحللين لأسواق العملات، إلى أن عام 2013 سيكون عاما ذهبيا للعملة الأوروبية الموحدة (اليورو)، واستمرارا في مستويات صعودها أمام الدولار، التي ستصل إلى مستوى الدولار و36.85 سنت، الأمر الذي يؤكد أن العملة الموحدة لاقتصاديات أوروبا تعتبر الأقوى.

وهنا يطرح تساؤل عن مدى قوة العملة الخليجية الموحدة، في حال طرحها في ظل اتحاد وكيان خليجي اقتصادي موحد خاصة أن هناك تجربة حية بالاتحاد الأوروبي وعملة موحدة «اليورو»، وهو ما أشار إليه حسام جخلب محلل العملات؛ بأن تحديد مسار العملة الأوروبية (اليورو) في الربع الأول من عام 2013، سيكون ما بين مستويات الدولار و28.50 سنت، إلى دولار 36.85 سنت، ما يعني وجود تذبذب نقدي حاد على تلك المسافة ما بين العملتين، الأمر المرتبط بأداء الاقتصاد العالمي، ومعدلات النمو في الربع الأول من عام 2013 حتى يتم تحديد مسار الفترة المقبلة.

ويتفق عصام خليفة عضو جمعية الاقتصاد السعودي، مع ما قاله جخلب، مشيرا إلى أن مسار العملة الأوروبية في عام 2013 يعتمد على كثير من المعطيات الخاصة بالبنك المركزي الأوروبي، خاصة في تعاطيه مع أزمة ديون اليونان وإيطاليا وإسبانيا.

وتساءل حسام جخلب عن إمكانية وجود دعم واتفاق بين فرنسا وألمانيا، لإعادة هيكلة الديون وطريق الإقراض واستعادة الأموال المقرضة، أم هل سيكون هناك مد وجزر على هذه المواضيع، سيؤثر سلبا على العملة الأوروبية الموحدة؟

وتهدف العملة الأوروبية الموحدة إلى خلق نوع من المنافسة مع الدولار في الأسواق العالمية، وجذب ثقة الأوروبيين وغيرهم للتعامل بهذه العملة، الأمر الذي دفع بالمستشار الاقتصادي عصام خليفة، لأن يحلم بكيان سياسي واقتصادي خليجي موحد على غرار الاتحاد الأوروبي، كأحد أبرز إنجازات مجلس التعاون الخليجي منذ تأسيسه، على الرغم من العقبات والعثرات التي تحول دون إقامة كثير من المشاريع الخليجية الكبرى، منذ نشأة مجلس التعاون الخليجي، غير أن التطورات السياسية والاقتصادية المتسارعة إقليميا وعالميا تفرض تحديات على دول الخليج، تجاه الإسراع في وحدتها السياسية والاقتصادية، لذلك جاء قرار القمة الخليجية بإجازة مرحلة جديدة بإقامة اتحاد نقدي بين دول المجلس، من خلال إقرار الدولار الأميركي كمثبت للعملات الخليجية.

ويرى خليفة أن العملة الخليجية الموحدة ستجعل من الدول الأعضاء كتلة اقتصادية واحدة، لها ثقلها في مواجهة تكتلات اقتصادية عالمية، مثل الاتحاد الأوروبي الذي سيجد نفسه مضطرا إلى إعادة النظر في علاقته الاقتصادية مع دول الخليج.

وذكر خليفة أن الوصول إلى العملة الخليجية الموحدة، وإقامة الاتحاد النقدي لدول مجلس التعاون تتويجا لما تم إنجازه من مراحل التكامل الاقتصادي، سيزيد من إيجابياتها ويقوي مكاسب الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة، وستترتب على قيام هذا الاتحاد وإصدار العملة الخليجية الموحدة، آثار متعددة على مختلف القطاعات الاقتصادية، لا سيما التجارة البينية والسياحة والاستثمارات، وستلاحظ آثاره بشكل أكبر على قطاع الخدمات المالية، والأسواق المالية والتي ستشهد نموا مطردا وتطورات متسارعة.

وأشار خليفة إلى أن التعامل بعملة خليجية واحدة سيقضي على المخاطر المتعلقة بأسعار صرف العملات الخليجية، ويعمق مفهوم السوق الواحدة، ويسهم بشكل فعال في تطوير وتكامل الأسواق المالية الخليجية، خاصة سوق السندات، ويساعد على تطوير أسواق الأسهم، ويؤثر فيها تأثيرا ملحوظا من حيث الحجم والعمق والسيولة.

ولفت إلى ما سينتج من زيادة في قدرة الشركات الخليجية على الاندماج أو الاستحواذ على شركات أخرى في مختلف دول المجلـس، الأمر الذي سيكون له آثار إيجابية على صعيد الاقتصاد الكلي والكفاءة الاقتصادية، كما أنها ستؤدي إلى تكوين سوق خليجية واحدة، مما سيسهل عملية التجارة البينية، ويسرّع حركة الرساميل فيما بينها، وسيؤدي هذا بالتالي إلى توسيع السوق، بالنسبة إلى كل المنتجين في هذه الدول، مما سيزيد من حجم المشاريع الإنتاجية في المنطقة.

وبالعودة إلى عصام جخلب، يرى أن وضع العملة الأوروبية الموحدة وما مرت به، منذ إصدارها وحتى هذه اللحظة، يؤكد أن إصدار العملة الخليجية الموحدة سيجعلها ثالث عملة تنافسية تسجل تعاملات تجارية مع الدولار واليورو.

وبين أن هذه العملة تخدم مصالح الاتحاد الأوروبي، وتخلق نوعا من زيادة التبادلات التجارية، لتكون ثاني عملة تسجل تعاملات تجارية بعد الدولار، مما يعني أن العملة الأوروبية ذات ثقة، وتستطيع جذب كثير من رؤوس الأموال، للتعامل بها في الأزمات، ويلجأ إليها المستثمرون في الوقت الذي ترفع فيه أسعار الفوائد.

وذكر أنه عند نزول اليورو في الأسواق، وانسحاب كثير من العملات الأوروبية كالمارك الألماني والليرة الإيطالي والفرنك الفرنسي، حدث نوع من المنافسة بين الاتحاد الأوروبي، والاحتياط الفيدرالي الأميركي في تحديد مسار العملتين.

وأشار إلى أنه عندما كان (ألان جريستيان) رئيس المجلس الاحتياطي الفيدرالي في رئاسة الاتحاد، كان معدل سعر الفائدة ما بين المستويات الأربعة، واستطاعت في عام واحد وصول سعر الفائدة إلى معدلات الستة، مما أدى إلى هبوط اليورو إلى مستوى دولار و5 إلى 10 سنتات.

وأوضح أن ما قبل أحداث 11 سبتمبر (أيلول)، سجلت أميركا نوعا من البيانات الاقتصادية الإيجابية، سواء في معدل النمو الذي كان يسجل مستويات قياسية، أو مستويات التضخم التي كانت تحت السيطرة، مما أدى إلى هبوط اليورو لما تحت مستويات الدولار، عند مستويات الـ90 سنتا في تلك الفترة، ليسجل في تلك الفترة أدنى مستوى في تاريخ اليورو، عند مستويات 79.85 سنت.

وبين جخلب أن «اليورو» بعد أحداث 11 سبتمبر بدأ يسلك اتجاها آخر، ويكسب كثيرا من الثقة المنبثقة من خلال استفادة اليورو من الضعف الموجود في الدولار، واستطاع في عام 2001/ 2002 العودة إلى مستويات الدولار، ومنافسته.

وأوضح أنه في فترة حرب العراق وحرب أفغانستان، استطاع اليورو العودة إلى مستويات الدولار، ليسجل بداية العودة مرة أخرى إلى المسار الصاعد، ما فوق مستويات الدولار، وتم تسجيل تلك الأرقام حتى يكون هناك اطلاع على تقلبات أسعار صرف اليورو مقابل العملة الأميركية.

وفي عام 2003، حدث نوع من إعادة الثقة للعملة الأوروبية ووجود نوع من رفع الفوائد على اليورو، وفي ذلك الوقت خسر الدولار الثقة، التي ظل يحتفظ بها على مدى بعيد، مما أدى إلى تسجيل مستويات قياسية متدنية على الدولار ليعاود اليورو مستويات الدولار 20 إلى 30 سنتا.

ومنذ عام 2005 إلى 2008 سجل اليورو إغلاقات مرتفعة متتالية ليثبت القدرة على منافسة الدولار، إلى مستويات قياسية، حيث سجل في عام 2008 أعلى مستوى تاريخي وهو دولار و60 سنتا، مما جعل المنافسة بين هاتين العملتين قائمة، وتعتمد على الكثير من السياسات المالية النقدية لتلك الدول، وحجم صادراتها ومعدلات نموها، إضافة إلى حجم الإنفاق والدعم المقدم بالخطط الإصلاحية لتلك الدول، وأن مسار تلك العملتين يعتمد على إعادة الثقة للصناعة والقطاع المصرفي، الذي يعتمد على اتباع نمط جديد عما كان قائما في السنوات السابقة.