تدهور التبادل التجاري بين الهند وباكستان بسبب التوترات الحدودية

توقعات بانخفاض التبادل التجاري 20% خلال العام الحالي

TT

تقف نحو 100 شاحنة محملة بالخضراوات والقطن الخام وفول الصويا في طابور طويل على طول الحدود الهندية - الباكستانية، على خلفية التوترات بين البلدين خلال الثلاثة أسابيع الماضية، والتي أدت إلى انخفاض التبادل التجاري بين البلدين بشكل كبير، حسب البيانات الصادرة عن غرفة التجارة والصناعة الهندية.

وقد شهد العامان الماضيان عددا من التطورات المبشرة فيما يتعلق بالعلاقات التجارية بين البلدين، حيث اتخذت كل دولة مجموعة من الخطوات الإيجابية بهدف تعزيز العلاقات التجارية، قبل أن تنهار هذه الخطوات المبدئية بين البلدين اللذين خاضا ثلاث حروب ضد بعضهما البعض منذ استقلالهما عن بريطانيا عام 1947، عقب مقتل جندي هندي على يد باكستاني على الحدود المتنازع عليها في جامو وكشمير.

وأصبح مصدرو الخضراوات الذين ينقلون بضائعهم عبر ميناء أتاري، أكثر حذرا عقب تلك التوترات الحدودية والوضع السياسي المتقلب في باكستان. ويستخدم معظم مصدري الخضراوات نظام تسليم البضائع مقابل الحصول على وثائق مالية، وهو نظام محفوف بالمخاطر، لأنه في حالة تدهور العلاقات بين البلدين، فقد لا يحصل هؤلاء المصدرون على ثمن تلك البضائع.

وتقول غرفة التجارة والصناعة الهندية إن حجم التجارة البينية بين البلدين خلال النصف الأول من العام الحالي قد وصل إلى 1.1 مليار دولار، وقد ينخفض بنسبة 20 في المائة خلال 2012 - 2013.

وأصدرت الغرفة تقريرا قالت فيه: «الأجواء الحالية سيكون لها تداعيات على التجارة البينية، علاوة على أن رجال الأعمال وصغار التجار الهنود الذين كانوا يفكرون في الاستثمار في باكستان قد أجلوا تلك الفكرة».

وقال الأمين العام للغرفة: «لو لم تتم معالجة تلك المشكلة عن طريق الوسائل الدبلوماسية، فقد يكون لذلك تداعيات خطيرة على التجارة في باكستان على وجه التحديد».

وفي نفس الوقت، تلقى قطاع السياحة العلاجية الهندي، والذي يصل حجم أعماله إلى نحو ملياري دولار وينمو بنسبة 20 في المائة سنويا، ضربة قوية للغاية، بعدما قررت الهند تعليق إصدار تأشيرات الدخول للمواطنين الباكستانيين، بما في ذلك تأشيرات دخول كبار السن والمرضى. ويشكل الباكستانيون ما يتراوح بين 15 و20 في المائة من إجمالي عدد المسافرين إلى الهند للسياحة العلاجية. وتجذب سلاسل المستشفيات مثل أبولو وميدانتا وماكس وغانغارام عددا كبيرا من المرضى الباكستانيين.

ووفقا لمصادر بارزة من داخل تلك المستشفيات، يأتي المرضى الباكستانيون في الأساس من أجل نقل الأعضاء (مثل الكبد والكلى)، والعلاجات المتعلقة بالأورام والعمليات الجراحية ذات الصلة بالقلب والعظام. وقد بدأت أعداد المرضى الباكستانيين تقل بالفعل، ولكن تأثير ذلك على السياحة العلاجية الهندية سوف يظهر بقوة بعد نحو شهر من الآن، إذا ما استمر الوضع في التدهور، وفقا لتلك المصادر. وعلى سبيل المثال، انخفض عدد المرضى الباكستانيين في مستشفى غانغارام بدلهي من أربعة أو خمسة مرضى في اليوم إلى مريض واحد أو اثنين طوال الأسبوع.

وقال راج راينا، وهو المدير العام لمستشفى أبولو الذي يملك أكبر سلسلة مستشفيات خاصة في الهند: «كان يتم حجز أسرة المستشفى بالكامل مقدما لمدة تتراوح بين ثلاثة وأربعة أسابيع. وتعد أبولو من أكثر المستشفيات جذبا للمرضى الباكستانيين، حيث تجذب ما يتراوح بين 50 و60 باكستانيا شهريا، ويأتي 90 في المائة منهم لإجراء عمليات نقل الكبد. وقد استقبل مستشفى ميدانتا بدلهي أربعة مرضى باكستانيين خلال الثلاثة أسابيع الأخيرة».

وقد وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى ملياري دولار في 2011 - 2012. وقال مسؤولون إن «كل شيء ليس على ما يرام»، حيث قام الجانب الهندي بإلغاء كافة الاجتماعات المتعلقة بالتعامل التجاري في مجالي الطاقة والنفط. وعلى الجانب الآخر، ألغى وفد باكستاني تجاري رفيع المستوى مشاركته في المؤتمر التجاري الذي سينظمه اتحاد الصناعات الهندية في أغرا.

وفي وقت لاحق، ألغى وزير التجارة الباكستاني مخدوم أمين فهيم زيارته إلى الهند لحضور اجتماع تجاري، على خلفية التوترات بين البلدين بشأن انتهاكات وقف إطلاق النار على طول خط السيطرة.

وفي وقت سابق، أكد وزير التجارة والصناعة الهندي أناند شارما، أن التوترات الحالية سوف تؤثر على العلاقات التجارية بين البلدين، لأنه لا يمكن تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين إلا في ظل بيئة تتمتع بالسلام والاستقرار، مؤكدا أن «أي شيء قد يعكر صفو تلك الأجواء لن يكون مثمرا بالنسبة للعلاقات الاقتصادية».

وخلال الأسابيع الأخيرة، توترت العلاقات التجارية بين الجانبين حول مسألة قيام باكستان بمنح وضع الدولة الأولى بالرعاية للهند، على الرغم من أن الهند قد قامت بالشيء نفسه قبل أكثر من عقدين من الزمان. ولم تلتزم باكستان بالموعد النهائي لمنح الهند وضع الدولة الأولى بالرعاية، والذي كان محددا في الحادي والثلاثين من شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.