ترقب خفض أسعار وقود الطائرات المشغلة للرحلات الداخلية في السعودية

بعد دخول مشغلين جدد بين المدن

دخول ناقلين جويين سيحدث تنشيطا لسوق النقل الجوي في السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

كشفت مصادر عاملة في قطاع الطيران في السعودية عن ترقب وجود توجه للجهات المختصة لخفض أسعار وقود الطائرات المشغلة للرحلات المحلية، بعد دخول مشغلين جديدين للنقل الجوي بين المدن السعودية، من أجل دعمها وتشجيعها على تقديم أفضل العروض والأسعار للمسافرين.

وقالت مصادر في هيئة الطيران المدني السعودي لـ«الشرق الأوسط»، فضلت عدم ذكر اسمها: «من المتوقع أن تنتهي اللجنة المشكلة من وزارة المالية ووزارة البترول والثروة المعدنية ووزارة الاقتصاد والتخطيط والهيئة العامة للطيران المدني، من مراجعة أسعار الوقود في المطارات». وأوضح المستشار عبد الحليم فلمبان، الخبير في اقتصادات صناعة الطيران، لـ«الشرق الأوسط»، أن الخطورة هي في حالة التمييز في دعم أسعار الوقود بين الشركات العاملة في مجال النقل الجوي بالسعودية، حيث ستؤدي إلى إفلاس بعض الشركات، ودفعها للخروج من السوق مثلما حدث لشركتي «سما» و«الوفير» في الفترة الماضية، متوقعا أن تشهد الفترة المقبلة ارتفاع أسعار الرحلات الجوية الداخلية، بعد أن صمدت من دون تغيير على مدار 15 عاما.

وبين فلمبان أن «هناك خطوة لهيئة الطيران المدني باستقطاب شركات جديدة في النقل الجوي»، مضيفا أن السوق السعودية ستستقطب 25 مليار ريال (6.6 مليون دولار)، وتتيح أكثر من 50 ألف فرصة عمل بحلول عام 2020 عقب تحرير سوق النقل الجوي، مشيرا إلى أن منح ترخيص ناقل جوي وطني للخطوط القطرية وطيران الخليج، وفق الأنظمة السعودية مع مطلع العام الجاري، أمر إيجابي، وسيعزز من مكانة السعودية على خريطة هذه الصناعة الحيوية.

ولفت فلمبان إلى أن «دخول ناقلتين جويتين إلى السوق السعودية لا يعني بالضرورة التأثير السلبي على حصة الناقلين الحاليين، وقد يكون دخولهما سببا لتنشيط وتحريك سوق النقل الجوي، وهو ما يؤكده واقع سوق النقل العالمي، وكذلك الحال في المملكة، حيث وصل معدل النمو في السنة الأولى بعد الترخيص لشركتي (سما) و(ناس) إلى ما يقارب ضعف مستويات النمو في السنوات التي كانت قبل تحرير القطاع، ومما لا شك فيه أن زيادة الحركة تعني زيادة العوائد، سواء على قطاع الطيران بشكل خاص، أو الأنشطة التجارية المرتبطة بشكل غير مباشر بالطيران، كالفنادق وتأجير السيارات والأسواق، بالإضافة إلى الوظائف التي ستحدثها هذه الحركة، فقد أظهرت بعض الدراسات أن كل 4 آلاف راكب يحدث وظيفة واحدة، فبالتالي كلما ازداد عدد الركاب ازداد عدد الوظائف». وزاد أن «الهيئة مهدت الطريق قبل إعلانها عن الترخيص للناقلتين، خصوصا ما يتعلق بتعديل سقف أسعار التذاكر الداخلية، التي لم يجر عليها أي تعديل منذ ما يقارب خمسة عشر عاما، والذي يعتبر عنصرا أساسيا لجذب وتمكين المستثمرين، في مجال النقل الجوي من الدخول إلى سوق السعودية الداخلية والدولية، وخصوصا أن عناصر التكلفة التشغيلية قد زادت عما كانت عليه قبل خمسة عشر عاما، ولا يمكن تحقيق أهداف التحرير أو تطوير قطاع النقل الداخلي إذا لم يكن هناك تناسب بين التكلفة التشغيلية وأسعار التذاكر، ويؤدي ذلك إلى عزوف المستثمرين عن الدخول باستثماراتهم في هذا القطاع، ولا سيما أن الاستثمار في قطاع شركات الطيران يعتبر عالي المخاطرة، ومن يتابع أوضاع شركات الطيران حول العالم لا يستغرب توقف العديد من تلك الشركات عن تقديم الخدمة بسبب المشاكل المالية أو الإفلاس، فنأمل أن تحل هذه الخطوة الإيجابية بعض المصاعب التي تعاني منها شركات الطيران».

واستطرد قائلا: «لا أتوقع أن هناك ما يدعو للقلق من ارتفاع أسعار التذاكر بشكل كبير، وخصوصا أنه قد تم وضع بعض الضوابط من قبل الهيئة للحفاظ على الأسعار بشكل منطقي، وإن كان ذلك لا يتسق مع ما هو معمول به في العديد من دول العالم، حيث تترك تلك الدول مسألة تنظيم الأسعار للقوة السوقية الشرائية أو العرض والطلب، ولا يمكن لناقل جوي في سوق محررة بشكل كامل أن يرفع الأسعار بشكل غير معقول، لأن ذلك يعني إعطاء الفرصة للمنافسين باستحواذ حصة أكبر في السوق، وعلى وجه الخصوص شريحة المسافرين الذين يحرصون على الأسعار المنخفضة وهم الغالبية من الركاب».

وشدد فلمبان على ضرورة تطبيق مبدأ المساواة لضمان نجاح واستمرار الناقلات الوطنية، وضمان سوق تنافسية عادلة، وقال: «المساواة تأتي من ثلاث جهات: الأولى حقوق النقل، والثانية الدعم الحكومي، والثالثة ميزات توفير الخدمات في المطارات، حيث لا يمكن لشركات الطيران (غير الحكومية) أن تسهم بشكل فاعل في قطاع النقل الجوي، من خلال توفير المقاعد الكافية، وزيادة أعداد الرحلات ورفع مستويات الخدمة، إذا لم تحقق الربحية الكفيلة باستمرارها في تقديم الخدمة، وهو مطلب يصعب تحقيقه إلا إذا توفرت عناصر البيئة التنافسية العادلة، سواء على مستوى حقوق التشغيل أو الدعم الحكومي، أو توفير الخدمات في المطارات».

واختتم خبير الطيران قائلا: «إن الدعم الحكومي يأتي بصور مختلفة، فأحيانا يكون بصورة دعم مالي يتم بواسطته شراء الأصول باهظة الثمن (الطائرات)، سواء في مرحلة التأسيس أو التطوير، أو من خلال الدعم في أسعار الوقود الذي يشكل ما يعادل 35 إلى 40 في المائة من تكلفة التشغيل».

من جهته، قال خالد الخيبري المتحدث الرسمي في الهيئة العامة للطيران المدني لـ«الشرق الأوسط»: «سيتم معرفة أسعار الوقود عند انتهاء اللجنة بهذا الخصوص، بعد أن أقر مجلس الوزراء تنفيذ خطة استراتيجية شاملة للنهوض بصناعة الطيران في السعودية، والاتفاق على برنامج عملي مرحلي وآلية زمنية لتحقيقه، وتمكين الهيئة العامة للطيران المدني من ممارسة مسؤولياتها واختصاصاتها لإدارة وتشغيل المطارات، والتحقق من أن الممارسات العملية التي تنفذها الجهات العاملة فيها لا تتعارض مع التوصيات والقواعد القياسية الدولية التي وافقت عليها البلاد».