تجار الذهب في دبي يتجنبون شراء سبائك الذهب التركية خشية ارتباطها بإيران

حجم صادرات الذهب التركية إلى الإمارات وصل 621 مليون دولار في نوفمبر من مليون دولار فقط

TT

يتضاءل حجم التجارة في سبائك الذهب التركية مع إيران عبر دبي، في ظل رفض عدد متزايد من البنوك والتجار شراء سبائك الذهب بهدف تجنب المخاطر المرتبطة بتجارة الذهب مقابل صادرات الغاز الإيرانية إلى تركيا.

ويعرب مسؤولون أميركيون عن مخاوفهم من أن تزود التجارة بين البلدين إيران بحبل إنقاذ مالي. ويذكر أن إيران قد أقصيت من النظام المصرفي العالمي بسبب العقوبات الغربية.

وأشارت وزارة الخارجية الأميركية في ديسمبر (كانون الأول) إلى أن دبلوماسيين أميركيين كانوا يجرون محادثات مع أنقرة حول تدفق الذهب إلى إيران بعد تصديق مجلس الشيوخ على توسيع نطاق العقوبات المفروضة على التجارة مع إيران في قطاعي الطاقة والشحن، الأمر الذي من شأنه أيضا أن يعرقل التجارة في المعادن النفيسة. ولقد بدأ ذلك الضغط الأميركي المتزايد بالفعل يولد تداعيات مزعجة بالنسبة لمصدري الذهب التركي.

وحسب «رويترز» يرفض كثير من التجار في سوق الذهب بدبي المكتظة والصاخبة الآن أخذ سبائك الذهب التي تم إنتاجها في تركيا. ويطالب البعض بخصم كبير، قائلين إن عملاءهم مثل البنوك وغيرهم من التجار قد أوقفوا التعامل في سبائك الذهب التركية خلال الشهرين الماضيين. ولقد ساهم تسليط وسائل الإعلام الضوء على تجارة «الذهب مقابل الغاز» في زيادة حجم صادرات الذهب التركية إلى الإمارات العربية المتحدة إلى 621 مليون دولار في نوفمبر (تشرين الثاني) من مليون دولار في أغسطس (آب)، وفقا لآخر بيانات رسمية تجارية.

لقد كانت تركيا، أكبر مستورد للغاز الطبيعي من جمهورية إيران الإسلامية، مقابل واردات النفط والغاز بالليرة التركية، نظرا لأن العقوبات الغربية تمنعها من الدفع بالدولار أو اليورو. بعدها، يشتري الإيرانيون الذهب في تركيا، ويحمل المهربون ذهبا يقدر بملايين الدولارات في حقائب سفرهم إلى دبي، حيث يمكن أن يباع مقابل عملة أجنبية أو يتم شحنه إلى إيران. وأفاد مصدر مقيم في تركيا بأن حقيقة أن الإيرانيين يشترون الذهب التركي ويقومون بشحنه عبر دبي قد أقضت مضاجع البنوك والتجار الدوليين ودفعتهم لتعليق التجارة في سبائك الذهب التركية.

وأضاف: «هذا ليس أمرا معلنا. لقد كان هذا الأسلوب يتم في سرية تامة خلال الشهر الماضي وقد أخذت بعض البنوك الدولية زمام المبادرة في هذا الشأن وتتجنب بوضوح أي سبيكة ذهب آتية من تركيا». وقال متحدث مقيم في لندن باسم «ستاندرد بنك»، النشط في سوق الذهب في دبي، إن البنك لا يتعامل في أي ذهب تركي في الوقت الراهن ولم يكن يتعامل بشكل منتظم في سبائك الذهب التركية في الماضي. ورغم ذلك، قال إن البنك مستمر في التعامل في سبائك الذهب المسجلة من قبل رابطة سوق لندن للسبائك الذهبية، التي تحدد قائمة التسليم السليم خاصتها معيار الجودة لتكرير الذهب.

إن سبائك الذهب التي يتم إنتاجها في معملي التكرير - «نادر للمعادن» و«معمل ذهب إسطنبول» - مسجلة في قائمة التسليم السليم الخاصة برابطة سوق لندن للسبائك الذهبية.

قال تاجر ذهب مقيم في إسطنبول: «بشكل عام، نشهد انخفاضا في وتيرة الطلب من دبي. وبعد آخر عقوبات أميركية، ربما يكون موردو الذهب قد باتوا أكثر حذرا بالمثل. إن السوق ليست محمومة مثلما كانت قبل ثلاثة أشهر».

وأشارت مصادر من دبي وتركيا إلى أن ممثلين من صناع المجوهرات في تركيا قد زاروا مركز دبي للسلع المتعددة، وهو مركز سلع تديره الحكومة، في ديسمبر (كانون الأول)، في إطار الجهود الرامية إلى قشع الغمامة المخيمة على سمعة الذهب التركي. وفي المقابل فإن رابطة سوق لندن للسبائك الذهبية هي سوق سلع توفر البنية التحتية اللازمة للأطراف المعنية للتجارة ولا تتحكم في من يتاجر مع من. ويقول مصدر مطلع على معلومات عن المناقشات التي دارت بين رابطة سوق لندن للسبائك الذهبية والمسؤولين الأتراك: «هذه ليست قضية متعلقة بدبي على وجه التحديد. لقد بدأت هنا بسبب تدفقات الذهب التركي، لكنها أصبحت الآن قضية عالمية متعلقة بالذهب التركي». ولا تعد شحنات الذهب المباشرة وغير المباشرة لإيران شحنات تنتهك العقوبات الغربية الحالية المفروضة على برنامجها النووي محل النزاع، لكنها تساعد طهران في إدارة مواردها المالية.

في دبي، صرح بنك «الإمارات دبي الوطني»، الذي يعتبر لاعبا نشطا في سوق سبائك الذهب المحلية، في مذكرة موجزة للعملاء في نوفمبر (تشرين الثاني) إنه سوف يقوم، كإجراء احترازي محض، بوقف شراء وبيع كل سبائك الذهب من معامل التكرير التركية، حتى مع احتمال أن تكون مسجلة على قائمة لندن للتسليم السليم أو قائمة دبي للتسليم السليم. وأشار مصدر بمكتب شركة «سكوتيا موكاتا»، أحد أبرز المتعاملين في سبائك الذهب، وهي وحدة تابعة لبنك «نوفا سكوشيا»، إلى أنه لم يكن يتعامل في الوقت الراهن في سبائك الذهب التركية.

تحقيق هادئ زادت صادرات سبائك الذهب التركية للإمارات العربية المتحدة في أغسطس مع تغيير المصدرين الأتراك مسار الذهب من إيران إلى دبي، في أعقاب الضغط المتزايد من قبل الولايات المتحدة. ولقد أقر الوزراء الأتراك بتجارة «الذهب مقابل الغاز»، لكنهم يقولون إنها تتم بالكامل من قبل القطاع الخاص وليست خاضعة للعقوبات الأميركية.

ويقول مسؤول حكومي تركي: «نحن لا نشعر بأننا مقيدون قانونا بأي عقوبات أحادية الجانب من قبل أي دولة، باستثناء تلك المصدق عليها من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بموجب المادة 7». وأضاف: «لدينا مطلب استهلاك (غاز طبيعي) ضخم من داخل تركيا.. وفي قضية الذهب.. في حالة اقتحام الإيرانيين السوق، لا يمكننا أن نمنعهم. وإذا ما قاموا بشراء ذهب هنا وإرساله لأي مكان آخر، فالأمر متروك لهم.. ليست الحكومة أو الهيئات الحكومية هي التي تبيع الذهب».

وفي دبي، قامت الحكومة بزيادة الضغط على التجار، مجبرة إياهم على توخي الحذر من التعامل في الذهب التركي، حسبما أفادت عدة مصادر من القطاع. ويقول مصدر مطلع على قطاع الذهب في دبي، والذي طلب عدم الكشف عن هويته نظرا لحساسية الموضوع: «نحن أيضا نعلم أن الحكومة المحلية تراقب هذا. لديها الأخبار وتقوم بجمع المعلومات؛ إضافة إلى ذلك، فإنهم يجرون تحقيقا من وراء الكواليس». وأضاف: «إذا ما خلصوا إلى استنتاج أن ثمة شيئا يسير على الوجه الخاطئ بالفعل، فربما يحققون مع بعض الشركات. ولكن ذلك كله سيتم بشكل سري، ومن ثم، فإذا ما ثبت ذلك، لن يضروا بسمعة الشركات».